تفسير المراغي/مقدمة التفسير

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ملاحظات:



مقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم

المحمود الله، جلت آلاؤه، والمصلى عليه محمد وآله.

وبعد: فإنا لنشاهد في عصرنا الحاضر ميل الناس إلى التزيد في الثقافة الدينية، ولا سيما تفسير الكتاب الكريم والسنة النبوية، وكثيرا ما سئلت أي التفاسير أسهل منالا، وأجدى فائدة للقارئ في الزمن القليل؟ فكنت أقف واجما حائرا لا أجد جوابا عن سؤال السائل، علما مني بأن كتب التفسير على ما فيها من فوائد جمة، وأسرار دينية عظيمة وإيضاح لمغازي الكتاب الكريم، قد حشيت بالكثير من مصطلحات الفنون: من بلاغة ونحو وصرف وفقه وأصول وتوحيد إلى نحو أولئك مما كان عقبة كأداء أمام قارئيها، إلى ما فيها من أقاصيص مجانفة، لوجه الصواب متنكّبة عن حظيرة العقل ووجوه المعارف التي يصح تصديقها، إلى تفسير للقضايا العلمية التي أشار إليها القرآن العزيز بحسب ما أيده العلم في تلك العصور، وقد أثبت العلم في هذا العصر وأيد الدليل والبرهان أنه لا ينبغي التعويل على مثل ما كان معروفا حينئذ، إلى أن هذه المؤلفات وضعت - في عصور قد خلت - بأساليب تناسب أهلها، وكان مؤلفوها يتباهون بإيجازها ويرون ذلك مفخرة لهم، ولكن الزمان وهو الحوّل القلّب غيّر آراء الناس في الموسوعات العلمية، فرأوا أن الكتاب الذي لا يناجيك معناه لدى قراءة لفظه، أولى لك ألا تضيع وقتك في قراءته وكدّ الفكر في الوصول إلى المعمّى من معناه.

ومن ثم نهج الناس في التأليف منهج السهولة والسلاسة مع تحقيق المسائل العلمية حتى تعتز بمظاهرة الدليل والبرهان لها، ونفى الزائف الذي لا يقوم على ساقين، أو يستند إلى عضوين، من تجربة واختبار، وحجة وبرهان.

من جراء هذا رأينا مسيس الحاجة إلى وضع تفسير للكتاب العزيز يشاكل حاجة الناس في عصرنا في أسلوبه وطريق رصفه ووضعه، ويكون داني القطوف، سهل المأخذ يحوى ما تطمئن إليه النفس من تحقيق علمي تدعمه الحجة والبرهان، وتؤيده التجربة والاختبار، ويضم إلى آراء مؤلفه آراء أهل الذكر من الباحثين في مختلف الفنون التي ألمع إليها القرآن على نحو ما أثبته العلم في عصرنا، وتركنا الروايات التي أثبتت في كتب التفسير، وهي بعيدة عن وجه الحق مجانفة للصواب، والله أسأل أن يوفقنا للرشاد، ويهدينا إلى سواء السبيل؟

أول المحرم عام 1365 هـ أحمد مصطفى المراغي

عناية المسلمين بتفسير الكتاب الكريم[عدل]

كتاب الله هو دستور التشريع، ومنبع الأحكام التي طلب إلى المسلمين أن يعملوا بها، ففيه بيان الحلال والحرام والأمر والنهي، هو معين الآداب والأخلاق التي أمروا أن يستمسكوا بها، لتكون مصدر سعادتهم، ومنبع هدايتهم، ونيلهم الزّلفى عند ربهم في جنات النعيم فهي الوسيلة لإصلاح حال المجتمع الإسلامي إذا أخذوا بها ولم يحيدوا عن طريقها، وينحرفوا عن سننها.

ومما ساعد على العمل بها أنه نزل منجّما بحسب الحوادث والوقائع في نيف وعشرين سنة، وقد كانت تنزل على الرسول الآية أو الآيات في واقعة بعينها فيتدارسها مع صحبه، ويفصل لهم مجملها، ويوضح لهم مبهمها، ويفسر لهم مشكلها، حتى لا تبقى في النفس بقية من لبس، وكان عليه الصلاة السلام الهادي لهم إلى سواء السبيل، والفاتح لهم ما استغلق من أمر دينهم، والمفسر لكتاب الله بسنته القولية وسنته الفعلية كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) وظلّ دائبا هكذا حتى لحق بالرفيق الأعلى.

فلا غرو أن كان تفسيره وإيضاح ما أشكل عليهم فهمه منه - هجيراهم من بدء التنزيل في حياة الرسول وبعد وفاته، وما زال الأمر كذلك في كل العصور حتى عصرنا، وما طفقت التفاسير تترى وهي مختلفة المناجى والمناهج، فما من عصر إلا جدّت فيه تفاسير تشاكل حاجة ذلك العصر ما بين مطوّل ومختصر كما نشاهد ذلك رأي العين، وإن كتاب الله لفيه من الأسرار ما لم يقف على كنهه جهابذة المفسرين وسيفسره الزمن وتقدم العلوم والفنون، ورقي الفكر الإنساني كما قال سبحانه وتعالى: (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).

طبقات المفسرين[عدل]

1 - التفسير في عصر الصحابة:

طفق المسلمون بعد وفاة الرسول يتدارسون القرآن، ويتفهمون معناه بطريق الرواية عن صحبه الذين كانوا يجلسون في حضرته كثيرا.

وقد اشتهر بالتفسير عشرة من الصحابة: الخلفاء الراشدون الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير وأكثر من روى عنه التفسير من الخلفاء علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة الباقين نادرة، وروي عن ابن مسعود المتوفى بالمدينة سنة 32 هـ أكثر مما روى عن علي رضي الله عنه.

أما عبد الله بن عباس المتوفى بالطائف سنة 68 هـ فهو ترجمان القرآن، وحبر الأمة، وشيخ المفسرين، فقد روى عنه في التفسير ما لا يحصى كثرة، دعا له النبي فقال: اللهمّ فقّهه في الدين وعلّمه التأويل.

قال صاحب كشف الظنون ما نصه:

وأصح الطرق في الرواية عنه:

(1) طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي المتوفى سنة 143 هـ، وعليها اعتمد البخاري في صحيحه.

(2) طريق قيس بن مسلم الكوفي المتوفى سنة 120 هـ عن عطاء بن السائب.

(3) طريق ابن إسحاق صاحب السيرة.

(4) طريق أبى النصر محمد بن السائب الكلبي المتوفى سنة 146 هـ وهي أوهى الطرق، ولا سيما إذا وافقتها طريق محمد بن مروان السدي الصغير المتوفى سنة 186 هـ.

وقد طبع تفسير ينسب إلى ابن عباس برواية الفيروزبادي صاحب القاموس، سماه (تنوير المقباس من تفسير ابن عباس).

وروي عن أبيّ بن كعب المتوفى سنة 20 هـ تفسير كبير رواه عنه أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية، وهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن في عهد النبي ، وكان أقرأ الصحابة وسيد القراء.

وزيد بن ثابت الأنصاري المتوفى سنة 45 هـ أحد كتاب الوحي، وهو الذي جمع المصحف أولا في عهد أبي بكر، ثم كان رئيس الجماعة الذين كتبوا المصحف في عهد عثمان.

وأبو موسى الأشعري هو عبد الله بن قيس الأشعري المتوفي سنة 44 هـ.

2 - التفسير في عهد التابعين

أعلم الناس بالتفسير في هذا العصر:

(ا) علماء مكة أصحاب عبد الله بن عباس، وأشهرهم:

(1) مجاهد بن جبر المتوفى سنة 103 هـ وقد قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة، واعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري.

(2) سعيد بن جبير المتوفى سنة 94 هـ.

(3) عكرمة مولى ابن عباس المتوفى بمكة سنة 105 هـ.

(4) طاوس بن كيسان اليماني المتوفى بمكة سنة 106 هـ.

(5) عطاء بن أبي رباح المكي المتوفى سنة 114 هـ.

قال سفيان الثوري: خذوا التفسير عن أربعة: عن سعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك. وقال قتادة: كان أعلم التابعين أربعة، كان عطاء بن أبي رباح أعلمهم بالمناسك، وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير، وكان عكرمة أعلمهم بالسير، وكان الحسن 1 أعلمهم بالحلال والحرام.

(ب) علماء الكوفة أصحاب ابن مسعود، وأشهرهم:

(1) علقمة بن قيس المتوفى سنة 102 هـ.

(2) الأسود بن يزيد المتوفى سنة 75 هـ.

(3) إبراهيم النخعي المتوفى سنة 95 هـ.

(4) الشعبي المتوفى سنة 105 هـ.

(ح) علماء المدينة أصحاب زيد بن أسلم العدوي المدني المتوفى سنة 136 هـ، وله تفسير يعدّ من أمهات التفاسير، ومن أشهرهم:

(1) ابنه عبد الرحمن بن زيد المتوفى سنة 182 هـ.

(2) مالك بن أنس المتوفى سنة 179 هـ.

(3) الحسن البصري المتوفى سنة 121 هـ.

(4) عطاء بن أبي مسلم الخراساني المتوفى سنة 135 هـ.

(5) محمد بن كعب القرظي المتوفى سنة 117 هـ.

(6) أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي المتوفى سنة 90 هـ.

(7) الضحاك بن مزاحم المتوفى سنة 105 هـ.

(8) عطية بن سعيد العوفي المتوفى سنة 111 هـ.

(9) قتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة 117 هـ.

(10) الربيع بن أنس المتوفي سنة 139 هـ.

(11) إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير المتوفى سنة 127 هـ.

3 - طبقة ثالثة جمعت أقوال الصحابة والتابعين:

وأشهر هؤلاء:

(1) سفيان بن عيينة المتوفى سنة 198 هـ.

(2) وكيع بن الجراح الكوفي المتوفى سنة 197 هـ.

(3) شعبة بن الحجاج المتوفى سنة 160 هـ.

(4) يزيد بن هرون السلمي.

(5) عبد الرزاق المتوفى سنة 211 هـ.

(6) آدم بن أبي إياس المتوفى سنة 221 هـ.

(7) إسحاق بن راهويه الإمام الحافظ النيسابوري المتوفى سنة 238 هـ.

(8) روح بن عبادة المتوفى سنة 205 هـ.

(9) عبد الله بن حميد الجهني.

(10) أبو بكر بن أبي شيبة الإمام الحافظ الكوفي المتوفى سنة 335 هـ.

4 - الطبقة الرابعة طبقة ابن جرير:

تلت هؤلاء طبقة أخرى، منها:

(1) علي بن أبي طلحة المتوفى سنة 343 هـ.

(2) ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد الرازي المتوفى سنة 327 هـ.

(3) ابن ماجه الحافظ أبو عبد الله محمد القزويني المتوفى سنة 273 هـ.

(4) ابن مردويه أبو بكر أحمد بن موسى الأصفهاني المتوفى سنة 410 هـ.

(5) أبو الشيخ بن حبان البستي المتوفى سنة 354 هـ.

(6) إبراهيم بن المنذر المتوفى سنة 236 هـ.

(7) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هـ وهو من أشهر مفسرى هذا العصر. قال السيوطي في الإتقان: وكتابه أجل التفاسير وأعظمها، فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض وللإعراب، والاستنباط، فهو يفوق بذلك تفاسير الأقدمين ا هـ. وقال النووي النيسابوري الشافعي في تهذيبه: كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنف أحد مثله، وقال أبو إسحاق الاسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل له تفسير ابن جرير لم يكن ذلك كثيرا، وروى أن ابن جرير قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا كم يكون قدره؟ قال: ثلاثين ألف ورقة. قالوا هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ذكر ذلك السبكي في طبقاته.

5 - الطبقة الخامسة طبقة المفسرين بحذف الأسانيد:

ألف بعد هؤلاء جماعة من المفسرين لهم تفاسير مشحونة بالفوائد محذوفة الأسانيد، من أشهرهم:

(1) أبو إسحاق الزجاج إبراهيم بن السري النحوي المتوفي سنة 310 هـ وقد سمى تفسيره (معاني القرآن).

(2) أبو على الفارسي الحجة الثبت في اللغة والبلاغة، وصاحب المؤلفات الكثيرة في مختلف الفنون، توفى سنة 377 هـ.

(3) أبو بكر محمد بن الحسن المعروف بالنقاش الموصلي المتوفى سنة 351 هـ.

(4) أبو جعفر النحاس النحوي المصري المتوفى سنة 338 هـ.

(5) مكي بن أبي طالب القيسي النحوي المغربي المتوفى سنة 437 هـ.

(6) أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي المتوفى سنة 430 هـ وله تفسير يسمى (التفصيل الجامع لعلوم التنزيل).

وقد دخل في التفسير في هذه الفترة الدخيل، إذ نقلت الأقوال بترا محذوفة الأسانيد، فالتبس الصحيح بالعليل، وصار كل من سنح له قول يورده، ومن خطر بباله شيء يعتمده، غير ملتفت إلى ما روى عن السلف الصالح في ذلك، ومن هم القدوة في هذا الباب.

6 - عصر المعرفة الإسلامية:

التقت في البلاد الإسلامية تيارات العقل البشرى حاملة تراث المدنيات والحضارات اليونانية والفارسية والهندية، ومرت بأهلها أعاصير من جدل أهل الكتاب يهودهم ونصاراهم، فكان كل أولئك حافزا للعلماء على أن يؤلفوا موسوعات في التفسير تجمع بين دفتيها فنونا من المعرفة لم يكن لهم بها سابقة عهد، وسار الفكر الإسلامي حرّا طليقا في معرفتها حينا، ومقيدا حينا آخر، يحكّم العقل مرة، ويسلس قياده للنص أخرى، ويميل إلى التقليد حين الضعف والانحلال والركود الفكري.

ولما كان القرآن كتابا سماويا تنزل على قلب أكمل الأنبياء، مشتملا على معارف عالية ومطالب سامية، يجد المنقّب عنها من الهيبة والجلال ما يكاد يحول بينه وبين الوصول إليها - سهل سبحانه الأمر علينا، فلم يطلب منا إلا الفهم والتدبر في كلامه، لأنه نزّله نورا وهدى للناس، وجعله حاويا للشرائع والأحكام التي لا يمكن العمل بها إلا إذا فهمت حق الفهم، واستوضحت مغازيها، وكشفت أسرارها ومراميها، من حيث هي دين إلهي، وهدى سماوي، ترشد الناس إلى ما فيه سعادتهم في حياتيهم الدنيوية والأخروية، وما سوى ذلك من وجوه النظر والبحث، فتابع لذلك، ووسيلة إليه في التحصيل، ولا يعنينا العناية التي نهتم لها اهتمامنا بالمطلب الأول، لكنّ كثيرا من المفسرين، جعلوا عنايتهم تكاد تكون وقفا على الوسائل دون المقاصد:

(1) فمنهم من وجه النظر إلى البحث في أساليب الكتاب ومعانيه، وبيان ما احتوى عليه من بلاغة وفصاحة، وأطنب في ذلك وجعل مقصده بيان ميزته عن غيره من الكلام وإظهار إعجازه للناس، ليتبين لهم كيف أعجز مقاويل العرب وفصحاءهم، وكيف استخذوا أمامه ووقفوا وأجمعين؟ وكيف لجئوا إلى السيف والسنان، دون مقابلة البرهان بالبرهان؟ وكيف عمّى عليهم الأمر؟ فلم يجدوا لرد التحدي سبيلا.

وقد سلك هذا المسلك الزمخشري في كشافه، فألمّ بالكثير من مقاصد البلاغة، وأبدع فيها أيّما إبداع، ونحا نحوه خلق كثير.

(2) ومنهم من وجه النظر إلى إعرابه وتوسع في بيان وجوهه، حتى كأن القرآن لهذا أنزل، وممن سلك هذا المسلك الزجاج في تفسيره معاني القرآن، والواحدي النيسابوري في تفسيره (البسيط) وأبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي في البحر المحيط

(3) ومنهم من وجه النظر إلى القصص والأخبار عمن سلف، وقد نحا هذا النحو أقوام زادوا في قصص القرآن ما شاءوا من كتب التاريخ والإسرائيليات. وليتهم اقتصروا على النقل من التوراة والإنجيل والكتب المعتمدة لدى أهل الكتاب، لكنهم أخذوا جميع ما سمعوه عنهم من غير تفريق بين غث وسمين، ولا تنقيح لما يخالف الشرع ولا يطابق العقل، ومن أشهر هؤلاء الثعلبي، وصاحب الخازن علاء الدين بن محمد البغدادي المتوفى سنة 741 هـ.

(4) ومنهم من وجّه همه إلى الأحكام الشرعية من عبادات ومعاملات وكيفية استنباطها من الآيات، وربما استطردوا إلى إقامة الأدلة عليها، والرد على المخالفين مما لا تعلق له بالتفسير كما فعل القرطبي في تفسيره.

(5) ومنهم من عنى بالكلام في أصول العقائد ومقارعة الزائغين، ومحاجة المخالفين وللإمام الرازي المتوفى سنة 610 هـ في ذلك القدح المعلّى في تفسيره الكبير المسمى بمفاتيح الغيب، فقد خرج فيه من باب إلى باب، حتى ليقضى الناظر العجب من صنيعه. ومن ثمّ قال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط: جمع الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة إليها في علم التفسير، ولذلك قال بعض العلماء: تفسيره فيه كل شيء إلا التفسير ا هـ.

(6) ومنهم من اتجه إلى الوعظ والرقائق ممزوجة بحكايات المتصوفة والعبّاد، وفى بعضها خروج عن حدود الفضائل والآداب التي جرى عليها القرآن.

(7) ومنهم من سلك طريق التفسير بالإشارة إلى دقائق لا تنكشف إلا لأرباب السلوك، ويمكن إرادتها مع إرادة ظاهر المعنى، وقال إن ذلك من كمال الإيمان ومحض العرفان.

ولقد نعلم أن الإكثار في مقصد من هذه المقاصد يدخل النقص على الغرض الأصلي من تفسير الكتاب الكريم، وهو فهم الكتاب من حيث هو دين وهداية للناس في دنياهم وآخرتهم.

7 - طريق كتابة القرآن الكريم:[عدل]

من المعروف أن لكتابة القرآن طريقا خاصة تخالف الطريق التي اتبعها العلماء فيما بعد ودرجوا عليها، ودوّنوا فيها كتبا تعرف بعلم رسم الحروف، أو علم الإملاء، وبه كتبت جميع المؤلفات من القرن الثالث فما بعده إلى اليوم.

أما كتابة المصحف فهي تابعة للطريق التي كتب بها المصحف في عهد عثمان ابن عفان الخليفة الثالث على يد جماعة من كبار الصحابة وتسمى (الرسم العثماني) وقد اتبع فيها نهج خاص يخالف ما اتبع فيما بعد في كثير من المواضع، ومن ثم قيل: خطان لا يقاس عليهما: خط العروض، وخط المصحف العثماني.

آراء العلماء في التزام الرسم العثماني في كتابة المصاحف[عدل]

الرأي الأول - عبر عنه الإمام أحمد بقوله: تحرم مخالفة خط عثمان في واو أو ألف أو ياء أو غير ذلك. وقال أبو عمرو الداني: لا مخالف لما حكى عن مالك من وجوب الكتابة على الكتبة الأولى من علماء الأمة.

الرأي الثاني: أن رسم المصاحف اصطلاحي لا توقيفي، وعليه فتجوز مخالفته، ومن جنح إلى هذا الرأي ابن خلدون في مقدمته، وممن تحمس له القاضي أبو بكر في الانتصار، إذ قال: وأما الكتابة فلم يفرض الله على الأمة فيها شيئا، إذ لم يأخذ على كتّاب القرآن وخطاطي المصاحف رسما بعينه دون غيره أوجبه عليهم وترك ما عداه، إذ وجوب ذلك لا يدرك إلا بالسمع والتوقيف، وليس في نصوص الكتاب ولا مفهومه أن رسم القرآن وضبطه لا يجوز إلا على وجه مخصوص وحدّ محدود لا يجوز تجاوزه، ولا في نص السنة ما يوجب ذلك ويدل عليه، ولا في إجماع الأمة ما يوجب ذلك، ولا دلت عليه القياسات الشرعية، بل السنة دلت على جواز رسمه بأي وجه سهل، لأن رسول الله كان يأمر برسمه ولم يبين لهم وجها معينا، ولا نهى عن كتابته بغيره.

ولذلك اختلفت خطوط المصاحف، فمنهم من كان يكتب الكلمة على مخرج اللفظ، ومنهم من كان يزيد وينقص لعلمه أن ذلك اصطلاح، وأن الناس لا يخفى عليهم الحال، ولأجل هذا بعينه جاز أن يكتب بالحروف الكوفية والخط الأول، وأن يجعل اللام على صورة الكاف، وأن تعوّج الألفات، وأن يكتب على غير هذه الوجوه، وجاز أن يكتب المصحف بالخط والهجاء القديمين، وجاز أن يكتب بالخطوط والهجاء المحدثة، وجاز أن يكتب بين ذلك.

وإذا كانت خطوط المصاحف، وكثير من حروفها مختلفة متغايرة الصورة، وكان الناس قد أجازوا ذلك، وأجازوا أن يكتب كل واحد منهم بما هو عادته، وما هو أسهل وأشهر وأولى، من غير تأثيم ولا تناكر، علم أنه لم يؤخذ في ذلك على الناس حدّ محدود مخصوص، كما أخذ عليهم في القراءة والأذان.

والسبب في ذلك أن الخطوط إنما هي علامات ورسوم تجرى مجرى الإشارات والعقود والرموز، فكل رسم دالّ على الكلمة مفيد لوجه قراءتها تجب صحته وتصويب الكتابة به على أي صورة كانت.

وبالجملة فكل من ادعى أنه يجب على الناس رسم مخصوص وجب عليه أن يقيم الحجة على دعواه، وإني له ذنك؟ ا هـ.

الرأي الثالث: يميل صاحب التبيان ومن قبله صاحب البرهان إلى ما يفهم من كلام العز بن عبد السلام، من أنه يجوز بل يجب كتابة المصحف الآن لعامة الناس على الاصطلاحات المعروفة الشائعة عندهم، ولا تجوز كتابته لهم بالرسم العثماني الأول، لئلا يوقع في تغيير من الجهال، ولكن يجب في الوقت نفسه المحافظة على الرسم العثماني كأثر من الآثار النفيسة الموروثة عن سلفنا الصالح، فلا يهمل مراعاته لجهل الجاهلين، بل يبقى في أيدي العارفين الذين لا تخلو منهم الأرض. وهاك عبارة التبيان قال:

واما كتابته (المصحف) على ما أحدث الناس من الهجاء فقد جرى عليه أهل الشرق بناء على كونها أبعد من اللبس، وثحاماه أهل المغرب بناء على قول الإمام مالك، وقد سئل هل يكتب المصحف على ما أحدث الناس من الهجاء؟ فقال: لا. إلا على الكتبة الأولى.

قال في البرهان: قلت وهذا كان في الصدر الأول والعلم حي غض، وأما الآن فقد يخشى الالتباس، ولهذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسم الأول باصطلاح الأئمة، لئلا يوقع في تغيير من الجهال، ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه، لئلا يؤدى إلى دروس العلم، وشىء قد أحكمه القدماء لا يترك مراعاة لجهل الجاهلين، ولن تخلو الأرض من قائم لله بهجته ا هـ.

وقد جرينا على الرأي الذي أوجبه العز بن عبد السلام في كتابة الآيات أثناء التفسير العلة التي ذكرها، وهي في عصرنا أشد حاجة إليها من تلك العصور، على أن الخلاف بينهم في المصحف لا في القرآن ولو أثناء التفسير كما فعلنا.

خدمتي للغة العربية والكتاب الكريم[عدل]

لقد سعدت بخدمتي للغة العربية نحو نصف قرن درسا وتدريسا، وتأليفا وتصنيفا، أتتبع أساليبها في آي القرآن الحكيم، وحديث رسول الله ، والشعر والنثر، حتى وجدتني كلفا، بأن أتوج خدمتي لهذه اللغة بتفسير آي الذكر الحكيم مع تسميته « تفسير المراغي ».

وقصاراي أن أسير في قافلة الحاملين لمشعل المعرفة الإسلامية، مؤديا بعض ما يجب علي نحو الكتاب الكريم من الكشف عن بعض أسراره ومغازيه.

نهجنا الذي سلكناه في هذا التفسير[عدل]

رأينا أن ندلى إليك أيها القارئ الكريم، بالنهج الذي اتبعناه في التأليف، لتكون على بينة من أمره:

(1) ذكر الآيات في صدر البحث:

صدّرنا كل بحث بآية أو آيتين أو آيات من الكتاب الكريم، سيقت لتؤدى غرضا واحدا.

(2) شرح المفردات:

أردفنا ذلك تفسير مفرداتها اللغوية، إن كان فيها بعض الخفاء على كثير من القارئين.

(3) المعنى الجملي للآيات:

أتبعنا ذلك بذكر المعنى الجملي لهذه الآية أو الآيات ليتجلّى للقارئ منها صورة مجملة حتى إذا جاء التفسير وضح ذاك المجمل.

(4) أسباب النزول:

أعقبنا ذلك بما ورد من أسباب النزول لهذه الآيات، إن صح شيء من ذلك لدى المفسرين بالمأثور.

(5) الإعراض عن ذكر مصطلحات العلوم:

ضربنا صفحا عن ذكر مصطلحات العلوم: من نحو وصرف وبلاغة إلى أشباه ذلك، مما أدخله المفسرون في تفاسيرهم، فكان من العوائق التي حالت بين جمهرة الناس وقراءة كتب التفسير، فقد وجدوا طلّسمات وألغازا يصعب عليهم فهمها والسير قدما في استيعاب قراءة التفسير، لأنها من ألوان الصناعات التي يخصّ بها قوم من الناس، وتكون عونا لهم على فهم الأساليب العربية فهم دراسة وتعمق، كما يخصّ قوم من الأمة بالحياكة والنجارة والحدادة إلى أشباه ذلك.

(6) أسلوب المفسرين:

رأينا أن الأساليب التي كتبت بها كتب التفسير وضعت في عهود سحيقة بأساليب تناسب أهل العصور التي ألفت فيها ويسهل عليهم فهمها، وأن جمهرتهم أوجزوا في القول وعدّوا ذلك مفخرة لهم.

ولما كان لكل عصر طابع خاص يمتاز به عن غيره في آداب أهله وأخلاقهم وعاداتهم وطرائق تفكيرهم - وجب على الباحثين في هذا العصر مجاراة أهله في كل ما نقدّم، فكان لزاما علينا أن نتلمس لونا من التفسير لكتاب الله بأسلوب عصرنا موافقا لأمزجة أهله، فأساس التخاطب أن لكل مقام مقالا، وأن الناس يخاطبون على قدر عقولهم، وقد رأينا أن نشيد فيه بجهود السابقين معترفين بفضلهم، مستندين إلى آرائهم.

وقد سلكنا في الوصول إلى فهم الآيات التي أشارت إلى بعض نظريات في مختلف الفنون استطلاع آراء العارفين بها، فاستطلعنا آراء الطبيب النطاسي، والفلكي العارف والمؤرخ الثّبت، والحكيم البصير ليدلى كل برأيه فيما تمهّر فيه، لنعلم ما أثبته العلم وأنتجه الفكر، فيكون كلامنا معتزا بكرامة المعرفة التي تشرف بتفهم كتاب الله، فرجل الدين حامل لوائها، عليه أن يسأل العلم دائما ليستبصر بما ثبت لديه، ويساير عصره ما وجد إلى ذلك سبيلا، فإن قعدت به همته إلى الموروث من قضاياه لدى الماضين ركب شططا وازداد بعدا عن الحقيقة، وتضاءل أمام نفسه وأمام قارئي بحوثه ومؤلفاته.

(7) ميزة العصر الحاضر في وسائل التفاهم:

يمتاز هذا العصر بميل أهله لسهولة الكلام ليفهم الغرض المراد منه حين التخاطب، دون احتياج إلى النقاش وصنوف التأويل، ومن ثم كان أهم ما عنيت به أن أقرأ في الموضوع الواحد ما كتبه أعلام المفسرين على اختلاف نزعاتهم وتباين أزمنتهم حتى إذا اطمأننت إلى فهم ما قرأت وتمثلته وهضمته، كتبته بأسلوب العصر الحاضر، وهذا هو نهجي في تأليف هذا التفسير.

وما حملني على ركوب هذا المركب الخشن، واقتحام هذه العقبات إلا انصراف القارئين عن قراءة كتب التفسير التي بين أيدينا، بدعوى أنها صعبة المدخل مفعمة بكثير من المصطلحات التي لا يعلمها إلا من أتقن هذه الفنون، واستبدلت بأساليب المؤلفين أسلوبا سهل المأخذ قليل الكلفة في الفهم، حتى يستطيع القارئ أن يلمّ بأسرار كتاب الله دون كدّ ولا نصب.

(8) تمحيص روايات كتب التفسير:

أشار الكتاب الكريم إلى كثير من تاريخ الأمم الغابرة التي حلّ بها العذاب على ما اجترحت من الآثام، وإلى بدء الخلق وتكوين الأرض والسموات، ولم يكن لدى العرب من المعرفة ما يستطيعون به شرح هذه المجملات التي أشار إليها الكتاب، إذ كانوا أمة أمية في صحراء نائية عن مناهل العلم والمعرفة، والإنسان بطبعه حريص على استكناه المجهول، واستيضاح ما عزّت عليه معرفته، فألجأتهم الحاجة إلى الاستفسار من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ولا سيما مسلمتهم كعبد الله بن سلام وكعب الأحبار، ووهب بن منبّه، فقصّوا عليهم من القصص ما ظنوه تفسيرا لما خفي عليهم فهمه من كتابهم، ولكنهم كانوا في ذلك كحاطب ليل، يجمع بين الشذرة والبعرة، والذهب والشبه، إذ لم تكن علوم القصّاص ممحّصة ولا مهذبة، بل كان ينقصها الميزان العلمي الذي به يتعرّف جيّد الرأي من بهرجه، وصحيحه من سقيمه، فساقوا إلى المسلمين من الآراء في تفسير كتابهم ما ينبذه العقل، وينافيه الدين، وتكذبه المشاهدة، ويبعده كل البعد ما أثبته العلم في العصور اللاحقة.

وما كان مثلهم ومثل العرب الذين استوضحوهم بعض ما استعصى عليهم فهمه، إلا مثل السائح الأوربي إذا جاء إلى سفح الأهرام بمصر، وسأل العرب الضاربين خيامهم حولها. لم بنيت الأهرام؟ ومن بناها؟ ومتى بنيت؟ وكيف بنيت؟ فيجيبونه إجابات بعيدة عن الحقيقة ومجانفة وجه الصواب.

ومن ثم رأينا ألا نذكر رواية مأثورة إلا إذا تلقاها العلم بالقبول، ولم نر فيها ما يتنافر مع قضايا الدين التي لا خلاف فيها بين أهله، وقد وجدنا أن ذلك أسلم لصادق المعرفة، وأشرف لتفسير كتاب الله، وأجذب لقلوب المثقفين ثقافة علمية، لا يقنعها إلا الدليل والبرهان ونور المعرفة الصادقة.

(9) عدد أجزاء هذا التفسير:

جعلت تفسيري ثلاثين جزءا، لكل جزء من القرآن الكريم جزء خاص من التفسير، ليسهل على القارئ حمل هذا الجزء واستصحابه معه في حله وترحاله، في قطر السكك الحديدية، وفى الترام، وفى كل مكان ينتقل إليه.

وكان من فأل الطالع أن بدئ بطبع هذا التفسير في أول العام الهجري الجديد عام 1365 هـ.

والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يوفقنا لخدمة دينه ولغة كتابه الكريم؟

أحمد مصطفى المراغي

مراجع التفسير[عدل]

(1) تفسير أبى جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هـ.

(2) تفسير الكشاف عن حقائق التنزيل لأبي القاسم جار الله الزمخشري المتوفى سنة 538 هـ.

(3) حاشية شرف الدين الحسن بن محمد الطيبي المتوفى سنة 713 هـ على الكشاف.

(4) أنوار التنزيل للقاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي المتوفى سنة 692 هـ.

(5) تفسير أبي القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني المتوفي في رأس المائة الخامسة.

(6) تفسير البسيط للإمام أبى الحسن الواحدي النيسابوري المتوفى سنة 468 هـ.

(7) التفسير الكبير المسمى بمفاتيح الغيب للإمام فخر الدين الرازي، المتوفي سنة 610 هـ.

(8) تفسير الحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة 516 هـ.

(9) غرائب القرآن لنظام الدين الحسن بن محمد القمي.

(10) تفسير الحافظ عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ.

(11) البحر المحيط لأثير الدين أبى حيان محمد بن يوسف الأندلسي المتوفى سنة 745 هـ.

(12) نظم الدرر في تناسب الآي والسور لبرهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي المتوفى سنة 885 هـ.

(13) تفسير أبي مسلم الأصفهاني المتوفى سنة 459 هـ.

(14) تفسير القاضي أبي بكر الباقلاني.

(15) تفسير الخطيب الشربيني المسمى بالسراج المنير.

(16) روح المعاني للعلامة الآلوسي.

(17) تفسير المنار للسيد محمد رشيد رضا وهو تفسير مقتبس من دروس الأستاذ الإمام محمد عبده، وقد كان له فضل كبير فيما اقتبسناه أثناء تفسير الأجزاء التي فسرها.

(18) تفسير الجواهر للأستاذ طنطاوي جوهري.

(19) سيرة ابن هشام.

(20) شرح العلامة ابن حجر للبخاري

(21) شرح العلامة العيني للبخاري.

(22) لسان العرب لابن منظور الإفريقي المتوفى سنة 711 هـ.

(23) شرح القاموس للفيروزبادي المتوفى سنة 816 هـ.

(24) أساس البلاغة للزمخشري المتوفى سنة 548 هـ.

(25) الأحاديث المختارة للضياء المقدسي.

(26) طبقات الشافعية لابن السبكي.

(27) الزواجر لابن حجر.

(28) أعلام الموقعين لابن تيمية.

(29) الإتقان في علوم القرآن للعلامة السيوطي.

(30) مقدمة ابن خلدون.


هامش

  1. الحسن البصري.
تفسير المراغي
مقدمة التفسير | الفاتحة | البقرة | آل عمران | النساء | المائدة | الأنعام | الأعراف | الأنفال | التوبة | يونس | هود | يوسف | الرعد | إبراهيم | الحجر | النحل | الإسراء | الكهف | مريم | طه | الأنبياء | الحج | المؤمنون | النور | الفرقان | الشعراء | النمل | القصص | العنكبوت | الروم | لقمان | السجدة | الأحزاب | سبأ | فاطر | يس | الصافات | ص | الزمر | غافر | فصلت | الشورى | الزخرف | الدخان | الجاثية | الأحقاف | محمد | الفتح | الحجرات | ق | الذاريات | الطور | النجم | القمر | الرحمن | الواقعة | الحديد | المجادلة | الحشر | الممتحنة | الصف | الجمعة | المنافقون | التغابن | الطلاق | التحريم | الملك | القلم | الحاقة | المعارج | نوح | الجن | المزمل | المدثر | القيامة | الإنسان | المرسلات | النبأ | النازعات | عبس | التكوير | الانفطار | المطففين | الانشقاق | البروج | الطارق | الأعلى | الغاشية | الفجر | البلد | الشمس | الليل | الضحى | الشرح | التين | العلق | القدر | البينة | الزلزلة | العاديات | القارعة | التكاثر | العصر | الهمزة | الفيل | قريش | الماعون | الكوثر | الكافرون | النصر | المسد | الإخلاص | الفلق | الناس | خاتمة التفسير | فهارس الأجزاء