يوم فلسطين

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

يوم فلسطين

​يوم فلسطين​ المؤلف علي محمود طه


فلسطين لا راعتك صيحة مغتال
سلمت لأجيال و عشت لأبطال
و لا عزّك الجيل المفدّى و لا خبت
لقومك نار في ذوائب أجبال
صحت باديات الشّرق تحت غبارهم
على خلجات الرّوح تربك الغالي
فورارس يستهدي أعنّة خيلهم
دم العرب الفادين و السؤدد العالي
بكلّ طرق منه صخر منضّر
و كلّ سماء جمرة ذات إشعال
غداة أذاعو أنك اليوم قسمة
لكلّ غريب دائم التّيه جوّال
قضى عمره، جمّ المواطن – و اسمه
مواطنها – مابين حلّ و ترحال
و ما حلّ دارا فيك يوما، و لا هفت
على قلبه ذكراك من عهد إسرال
محا الله وعدا جطّه الظام لم يكن
سوى حلم من عالم الوهم ختّال
حمته القنا كيما يكون حقيقة
فكان نذيرا من خطوب و أهوال
و فتّح بين القوم أبواب فتنة
تطلّ بأحداث و تومي بأوجال
أراد ليمحو آية الله مثلما
أراد ليمحو اللّيل نور الضّحى العالي
فيا شمس كفّي عن مدارك و اخمدي
و يا شهب غوري في دياجير آجال
و يا أرض شقّي من أديمك و ارجعي
كم كنت قبل الرّسل في ليلك الخالي
ضلالا رأوا أن يسلموا الشرق مجده
و ماهو بالغافي و ما هو بالسّالي
ألا يا ابنة الفتح الذي نوّره الثّرى
و طهّر دنيا من طغاة و ضلاّل
و اكرم قوما فيك كانوا أذّلة
فحرّرهم من بعد رقّ و إذلال
لك الشّرق، يا مهد القداسة و الهدى
قلوبا تلبّي في خشوع و إجلال
لك الشّرق، يا أرض العروبة و العلى
شعوبا تفدّي فيك ميراث أجيال
و ماهو من مستعمر جاء بالهوى
و لا هو من مستثمر في قيود و أغلال
سليه، تهج ما بين عينيك أرضه
مخالب نسر أو براثن رئبال
سليه، يمج ما بين سمعيك أفقه
زئير أسود أو زماجر أشبال
سليه الدّم المهراق بذله غاليا
و يضرب به الحقّ أروع أمثال
ألا أيّها الشّادي الذي طرب الورى
بحلو حديث عن حقوق و آمال
و قال لنا: في عالم الغد جنّة
غزيرة أنهار و ريفة أظلال
سمعنا خدعنا، و انتبهنا، فحسبنا
لقد ملّت الأسماع قيثارك البالي
و ياأيّها الغرب المواعد لا تزد
كفى الشّرق زادا من وعود و أقوال
شبعنا و جعنا من خيال منمّق
ز منه اكتسينا، ثم عدنا بأسمال
فلا تندب الضّعفى و تغصب حقوقهم
فتلك إذا كانت، شريعة أدغال!!