يا خليلي تيمتني وحيد
المظهر
يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَتْني وَحيدُ
يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَتْني وَحيدُ
ففؤادي بها معنَّى عميدُ
غادةٌ زانها من الغصن قدٌّ
ومن الظَّبي مُقلتان وجِيدُ
وزهاها من فرعها ومن الخديـ
ن ذاك السواد والتوريد
أوقد الحسْنُ نارَه من وحيدٍ
فوق خدٍّ ما شَانَهُ تخْدِيدُ
فَهْيَ برْدٌ بخدِّها وسلامٌ
وهي للعاشقين جُهْدٌ جهيدُ
لم تَضِرْ قَطُّ وجهها وهْو ماءٌ
وتُذيبُ القلوبَ وهْيَ حديدُ
ما لما تصطليه من وجنتَيْها
غير تَرْشافِ رِيقِها تَبْريدُ
مثْلُ ذاك الرضابِ أطفأ ذاك ال
وَجد لَوْلا الإباءُ والتَّصرِيدُ
وغَريرٍ بحسنها قال صِفْها
قلت أمْران هَيِّنٌ وشديدُ
يسهل القول إنها أحسن الأشْ
ياءِ طُرّاً ويعْسرُ التحديدُ
شمسُ دَجْنٍ كِلا المنيرَيْن من شم
سٍ وبدْرٍ من نُورها يستفيدُ
تتجلَّى للناظرين إليها
فشقى ّ بحسنها وسعيد
ظبية تسكن القلوب وترعا
ها، وقُمْرِيَّةٌ لها تغريدُ
تتغنّى، كأنها لاتغنّى
من سكونِ الأوصالِ وهي تُجيدِ
لا تَراها هناك تَجْحَظُ عينٌ
لك منها ولا يَدِرُّ وريدُ
من هُدُوٍّ وليس فيه انقطاع
وسجوٍّ وما به تبليد
مَدَّ في شأو صوتها نَفَسٌ كا
فٍ كأنفاس عاشقيها مَديدُ
وأرقَّ الدلالُ والغُنْجُ منه
وبَراهُ الشَّجا فكاد يبيدُ
فتراه يموت طَوْراً ويحيا
مستلذٌّ بسيطُه والنشيد
فيه وَشْيٌ وفيه حَلْيٌ من النَّغْ
مِ مَصوغٌ يختال فيه القصيدُ
طاب فُوها وما تُرَجِّعُ فيه
كلُّ شَيْءٍ لها بذاك شهيدُ
ثغبٌ ينقع الصدى وغناءٌ
عنده يوجد السرورُ الفقيد
فلها الدَّهْرَ لاثِمٌ مُسْتَزيدٌ
ولها الدهر سامع مُسْتَعيدُ
في هوى مثْلِها يَخفُّ حَليمٌ
راجحٌ حلْمُه، ويَغْوى رشيدُ
ماتُعاطى القلوب الا أصابت
بهواها منهُنَّ حيْثُ تُرِيدُ
وَتَرُ العَزْفِ في يَدَيْها مُضَاهٍ
وَتَرَ الزَّحْف فِيهِ سهمٌ شَديدُ
وإذا أنْبَضَتْهُ للشَّرْبِ يوماً
أيقن القومُ أنها ستصيد
مَعْبَدٌ في الغناء، وابنُ سُرَيْجٍ
وهي في الضرب زلزلٌ وعقيد
عَيْبُها أنَّها إذا غنَّتِ الأحْـ
ـرَار ظلُّوا وهُمْ لديها عَبيدُ
واستزادت قلوبَهم من هواها
بِرُقاها، وما لَدَيْهِمْ مَزيدُ
وحسان عرضن لي، قلت: مهلًا
عن وحيدٍ فحقُّها التوحيد
حسنُها في العيون حسنٌ وحيد
فلها في القلوب حبٌ وحيد
ونصيح يلومني في هواها
ضلّ عنه التوفيق والتسديد
لو رأى من يلُوم فيه لأضحى
وهو لي المستريثُ والمستزيد
ضلة للفؤاد يحنو عليها
وهي تَزْهُو حَياتَه وتَكيدُ
سحرته بمقلتيها فأضحت
عنده والذميمُ منها حميد
خُلِقَتْ فِتْنةً: غِناءً وحُسْناً
مالها فيهما جميعاً نديد
فَهْيَ نُعْمَى يميدُ منها كَبيرٌ
وهيَ بلْوى يشيب منها وليدُ
لِيَ حيْث انصرَفتُ عنها رفيقٌ
من هواها وحيث حَلَّتْ قَعِيدُ
عن يميني وعن شمالي وقُدّا
مي وخلفي، فأين عنه أحيدُ
سدَّ شيطانُ حبّها كلَّ فجٌ
إنَّ شيطان حبِّها لَمَرِيدُ
ليت شعري إذا أدام إليها
كَرَّةَ الطَّرْف مُبدىءٌ ومُعِيدُ
أهي شئٌ لاتسأم العين منه؟
أم لها كلَّ ساعة تجْديدُ
بل هي العيش لا يزال متى استُعْـ
ـرِض يملي غرائباً ويُفِيدُ
مَنْظَرٌ، مَسْمَعٌ، مَعانٌ، من اللهـ
ـوعتادٌ لما يُحَبّ عتيد
لا يَدبُّ الملالُ فيها ولا يُنْـ
ـقِض من عَقْد سحْرِها تَوْكيدُ
حسنُها في العيون حسنٌ جديد
فلها في القلوب حبٌ جديد
أخذ الله يا وحيدُ لقلبي
منكِ ما يأخذ المديلُ المقيد
حَظُّ غيري من وصلكُمْ قُرَّةُ العيْ
ن وحظيِّ البكاءُ والتَّسْهيدُ
غير أني مُعَلِّلٌ منك نفسي
بعداتٍ خَلا لهنّ وعيد
ما تزالينَ نظرةٌ منك مَوْتٌ
لي مميتٌ، ونظرة تخليد
نتلاقى فلحْظَةٌ منك وعْدٌ
بوصال ولحظةٌ تهديدُ
قد تركْتِ الصِّحاح مرْضى يميدُو
ن نُحولاً وأنت خُوطٌ يميدُ
والهوى لا يزال فيه ضعيفٌ
بين ألحاظِهِ صريعٌ جليدُ
ضافَنِي حُبُّك الغريبُ فألوى
بالرقاد النسيب فهو طريد
عجباً لي، إنَّ الغريبَ مقيمٌ
بين جنبى ّ، والنسيب شريد
قد مللنا من ستر شيْ مليح
نشتهيه، فهلْ له تجريدُ
هو في القلب وهو أبعد من نجـ
ـم الثريا فهو القريب البعيد