ولا تأخذ عن الأعراب لهوا
المظهر
ولا تأخُذْ عن الأعْرابِ لهْواً
دَعِ الأَطلالَ تَسفيها الجَنوبُ
وَتُبلي عَهدَ جِدَّتِها الخُطوبُ
وخَلّ لِراكِبِ الوَجْناءِ أرْضاً
تَخُبُّ بها النَّجيبةُ والنّجيبُ
بلادٌ نَبْتُها عُشَرٌ وطَلْحٌ،
وأكثرُ صيْدِها ضَبُعٌ وذيبُ
و لا تأخُذْ عن الأعرابِ لهْواً،
ولا عيْشاً فعيشُهُمُ جَديبُ
دَعِ الألبانَ يشْرَبُها رِجالٌ،
رقيقُ العيشِ بينهُم غريبُ
إذا رابَ الْحَلِيبُ فبُلْ عليهِ،
و لا تُحرَجْ فما في ذاك حُوبُ
فأطْيَبُ منْه صَافِيةٌ شَمُولٌ،
يطوفُ بكأسها ساقٍ أديبُ
يسْعى بها، مثل قرنِ الشَّمس، ذو كفلٍ
يشْفي الضَّجيعَ بذي ظَلْمِ وتَشْنيبِ
أقامَتْ حِقْبَةً في قَعْرِ دَنٍّ،
تفورُ، وما يُحَسُّ لها لهيبُ
كأنّ هديرَها في الدّنّ يَحْكي
قِرَاةَ القَسّ قابلَهُ الصّليبُ
تَمُدُّ بها إليكَ يدَا غُلامٍ
أغَنّ، كأنّهُ رَشأٌ رَبيبُ
غذّتهُ صنْعةُ الدّاياتِ حتّى،
زَها، فَزَهَا به دَلٌّ وطيبُ
يَجُرُّ لكَ العِنانَ، إذا حَساها،
و يفتحُ عقد تكّته الدّبيبُ
و إن جَمّشْتهُ خَلَبَتْكَ منهُ
طَرَائِفُ تُسْتَخَفّ لَها القُلوبُ
ينوءُ برِدْفهِ، فإذا تمشّى
تَثَنّى، في غَلائِلِهِ، قَضِيبُ
يكادُ من الدّلالِ، إذا تَثَنّى
عليْكَ، ومن تساقطهِ، يذوبُ
و أحمقَ من مُغيّبةٍ تـراءى
إذا ما اخْتانَ لَحْظَتَها مرِيبُ
أعاذِلَتي اقْصُري عن بعْضِ لوْمي،
فراجي توبتي عندي يخيبُ
تَعيّبين الذّنوبَ، وأيّ حُرٍّ،
مِن الفِتيانِ، ليسَ لَهُ ذنوبُ
فهذا العيشُ لا خِيمُ البوادي،
و هذا العيشُ لا اللبن الحليبُ
فأيْنَ البدْوُ من إيوان كِسْرَى،
وأيْنَ منَ المَيادينِ الزُّرُوبُ؟
غرِرْتِ بتوبتي، ولججْتِ فيها،
فشُقّي اليومَ جيبَكِ لا أتوبُ