انتقل إلى المحتوى

وجه تعدد في المرائي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

وجه تعدد في المرائي

​وجه تعدد في المرائي​ المؤلف عبد الغني النابلسي


وجه تعدد في المرائي
وبه تحير كل رائي
والكائنات بأمره
موج على صفحات ماء
والأمر أمر واحد
فيه التقارب والتنائي
إن العوالم كلها
بظهورها والاختفاء
في سرعة وتقلب
مثل الكتابة في الهواء
قد خطها القلم الذي
هو باب ديوان العطاء
بمداد أنوار الوجود
الحق من يد ذي العلا
قلم له عدد الورى
أسنان رقم وانتشاء
صبغ الإرادة طبق ما
في الأرض يظهر والسماء
يا باطنا هو ظاهر
في كل ختم وابتداء
إني وإنك واحد
وإثنان عند الإنثناء
من لي بمجهول العدا
عرفته كل الأولياء
إن غاب عن أغيارنا
هو عندنا ملء الإناء
يشقي ويسعد من يشا
بالداء جاء وبالدواء
هو بالتكبر في الشعار
وبالتعاظم في الرداء
وهو الجليس بذكره
للعارفين وبالثناء
غنى بمن غنى وقد
طبنا به لا بالغناء
وبدا بكل مهفهف
زاكي الملاح والبهاء
وبه القلوب تهيمت
لا بالموشح في القباء
قمر محا ظلماتنا
بطلوعه وقت اللقاء
حتى رأيناه به
في كل أنواع الضياء
شمس وكل الخلق في
أنوارها مثل الهباء
طلعت فأعدمت السوى
والكون آل إلى الفناء
حتى تجلى في غمائم
باطل غيب العماء
والكشف جاء بعسكر
والكون خفاق اللواء
والطبل أجسام الملا
والزمر أرواح الفضاء
وبموكب الأملاك حفف
الغيب سلطان الوفاء
هذا فكيف عقولنا
لا تضمحل من
صائر غاب
من حيث ما هو ظاهر للرائي
لا تدرك الأبصار منه سوى السوى
وهي الحوادث جملة الأفياء
والفيء يكشف أن ثمة شاخصا
متحكما فيه بغير مراء
فاحذر تظن بأن ما أدركته
ذاك الوجود وكن من العلماء
فجميع ما أدركته الموجود لا
هو ذا الوجود الحق ذو الآلاء
إن الوجود الحق عنك ممنع
في عزة وترفع وعلاء
وجميع ما أدركته هو حادث
فإن وأنت كذاك رهن فناء
لكنه بك قد تجلى ظاهرا
وبسائر الأشياء باستقصاء
فرأيته من حيث لم تعلم به
وعلمته في رتبة الأسماء
فعلمت رتبته وأنت لذاته
راء وتنكر أنت أنك رائي
إذ لم تكن تعلم به من حيث ما
هو في تدان للورى وتناء
ولقد أتى هو ظاهر هو باطن
فافطن له في محكم الأنباء