وجد الجميم فعافه وتبقلا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

وجد الجميمَ فعافه وتبقَّلا

​وجد الجميمَ فعافه وتبقَّلا​ المؤلف مهيار الديلمي


وجد الجميمَ فعافه وتبقَّلا
وجرى له الوادي فصدَّ وأوشلا
ورأى الكثير مع المذلّة هادما
حسبَ الكريم وعرضه فتقلَّلا
يا ضلَّ تغرير الحريص بنفسه
وهوى المطامع ما أرقَّ وأخملا
يلحى على البخل الضنينُ بمالهِ
أفلا تكونُ بماء وجهك أبخلا
أكرمْ يديك عن السؤال فإنما
قدرُ الحياة أقلُّ من أن تسألا
وإذا نزعتَ إلى أرومةِ مخصبٍ
زاكٍ فصنْ أغصانها أن تبذلا
ولقد أضمُّ إليَّ فضلَ قناعتي
وأبيتُ مشتملا بها متزمّلا
وأرى الغدوَّ على الخصاصة شارةً
تصف الغنى فتخالني متموِّلا
وإذا امرؤ أفنى اللياليَ حسرةً
وأمانياً أفنيتهنَّ توكُّلا
قعد المدجَّج وانيا عن نصرتي
فعلامَ أنتصر الألفَّ الأعزلا
لو أنَّ من ملك النوالَ حلا له
عزُّ القناعةِ جاءني متنوِّلا
الناسُ عندك من يكن أغنى يدا
فيهم وإن لم تعطِ كان الأفضلا
والعارُ كلّ العارِ في أديانهم
أن يقتر الرجلُ الشريفُ ويُرملا
اصنع لهم ملقا كما يرضونه
وتنحَّ عنهم سامريّاً قلقلا
كم صاحبٍ والنارُ لي في قلبه
خالبتُ بارقَ وجهه المتهلّلا
وأريته أنّي وإيّاه يدٌ
مع أختها فيما أهمَّ وأعضلا
فإذا ظفرتَ من الزمانِ بماجدٍ
فأنخْ إليه وكنْ عليه معوِّلا
واشددْ يديك بودِّه واقنع به
سكناً كما سكن العلاءُ إلى العلا
نقل الرياسةَ كابرا عن كابرٍ
قرمٌ إذا عثر العجولُ تمهَّلا
وإذا الملوكُ تدارست أنسابها
ألفيته فيها المعتم المخولا
في ذروة الشرفِ التي لو حلَّها
سعدُ الكواكب لم يُرد متحوَّلا
بيتا عتيقاً في السماء بناؤه
قدما ومجدا كسرويّا أوّلا
جارى مساعيهم وجاء مبرِّزا
فرعٌ أبرَّ على الأصول وأفضلا
أقسمت بالمتمطِّراتِ شوائلا
يذرعن بالأعضادِ أدراجَ الفلا
ينصبن للإشخاص حولاً عوَّدا
مثل الذكيِّ يرى الخفيَّ المشكلا
عوج الرقاب كما اعترضتَ أهلَّةً
صمّ الرءوس كما قرعتَ الجندلا
من كلِّ تاركةٍ ولم تعطف له
بوّا وطارحةٍ بمضيعة سلا
يحملن أشباهَ العصيّ تجنّبوا
لغوا الحديث مكبّرا ومهلّلا
لا يفرقون مكدِّرا صعدت به
لهم الدلاءُ إذا استقوا أم سلسلا
يرجون من أيّام مكة ساعةً
إدراكها أو أن تفوت كلا ولا
لو لم تعوِّذْ نسلها أمُّ العلا
بأبي عليٍّ أوشكت أن تثكلا
وجهٌ كما وضح النهارُ وهمَّةٌ
أمرتْ نجومَ الليل أن تتزيَّلا
وكفايةٌ تقضى الملوكُ أمورهم
بنفاذها أخذا بها وتقبُّلا
وإذا الخطوبُ تقلَّبت أحوالها
وجدوه فيها القُلَّبيَّ الحوَّلا
يبرى لهم ويريشُ من آرائه
سهما إذا علقِ الرميّةَ أشكلا
وتنوبُ عن بيض الظُّبا في كفِّه
سودُ المضاربِ لا تكذِّبُ مقتلا
تمضى أذيّتها إذا هي جُرِّدتْ
في حيث لا تجدُ السيوفُ توغُّلا
من كل خاوى الصدرِ أجوفَ لو رمى
بلعابه الصخرَ الأصمَّ لزلزلا
يتناول الغرضَ البعيدَ ولم يرمْ
وطنا ولم يقطع لسيرٍ منزلا
يمضي وريقتهُ المدادُ وينثى
وقد استعاض مكانها ماءَ الطُّلى
سمَّوه بالعاداتِ في أمثاله
قلماً ولولا الظلمُ سمِّيَ منصلا
تعبَ الرجالُ مراهنين وراءه
فتناكصوا لا يلحقون الشمألا
يفديك معتلُّ المكارمِ جوده
قولٌ إذا ما أنت قلتَ لتفعلا
ومزنَّد الكفّين غايةُ رأيه
عجزٌ وغاية وعده أن يمطُلا
أنا من أسرَّ لك المودّةَ قلبه
وطوى لذاك لسانه متجمّلا
ورأى بقربك ما يرى بحبيبه
صبُّ الفؤاد شفاؤه أن يوصلا
وإذا ذكرتَ له تحفّزَ قلبه
طربا إليك ومرَّ نحوك مجفلا
ورأى جنابك للفضائلِ روضةً
أنفا ودارك للمكارم موثلا
وصوارف الحظّ القصير تعوقه
من طالبٍ إعجالَ أمرٍ أجِّلا
وأظنّ إصرارَ الزمان قد ارعوى
شيئا ومعرضَ وجهه قد أقبلا
وأظنّ أنّ محاسنا سأرودها
نظرا وتجريها لديّ تفضُّلا
وأبيت أعلق من يديك مودّةً
تأبى مرائرُ فتلها أن تسحلا
وتسير فيك مع الرياح شواردٌ
لا يأتلين إقامةً وتنقُّلا
يحملن عرضك كلّما أدّينه
في منزلٍ عطَّرن منه المنزلا
موسومةً بعلاك فوق جباههم
ما ضاع شعرُ الخاملين وأُغفلا
ومصونةٍ منهنّ قد أعجلتُها
لك لم تكن لولا هواك لتبذلا
قدّمتُ بين يديّ عندك جاهها
قبل اللقاء ممهَّدا ومؤثَّلا
ومنحتُ جيدَ المهرجان قلادةً
منها فحلَّتهُ وكان معطَّلا
فاستجله فيها وقلْ من بعده
ما كان أحسنها عليه وأجملا
وتملَّه ذكرا لقومك باقيا
يصفُ العلا علما لهم متمثّلا
من غبَّر السِّيرِ التي سلفتْ لكم
والمجدِ آخرهم يريك الأوّلا
واصحب مدى الأيام ما عدَّتْ مدىً
واسلم إذا أفنت عزيزا مقبلا