وإذا أزار الطرس نقس دواته

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

وَإِذَا أَزَارَ الطِّرْسَ نِقْسَ دَوَاتِهِ

​وَإِذَا أَزَارَ الطِّرْسَ نِقْسَ دَوَاتِهِ​ المؤلف ابن حيوس


وَإِذَا أَزَارَ الطِّرْسَ نِقْسَ دَوَاتِهِ
خوِّلْتَهُ فَالصَّبْرُ مِنْ آلاَتِهِ
لَكَ مِنْ سَدَادِكَ مُخْبِرٌ بَلْ مُذِكْرٌ
أَنَّ الزَّمَانَ جَرى عَلَى عَادَاتِهِ
اثكلتهُ أحداثهُ وَخطوبهُ
فَکصْبِرْ لَهُ إِنْ نَالَ بَعْضَ تِرَاتِهِ
صدعَ القلوبَ بما أتى مستيقناً
أنْ لا يذمَّ وَأنتَ منْ حسناتهِ
إنَّ الذي عمَّ الأنامَ مصابهُ
وَ تشعبتْ شعبُ المنى بوفاتهِ
أَمَلُوا شَتَاتَ الشَّمْلِ خُيِّبَ ظَنُّهُمُ
أَنّى وَقَدْ مُلِّكْتَ جَمْعَ شَتَاتِهِ
لَمَّا رَأَى أَنَّ الشَّبِيبَةَ لِلْعُلى
وَزرٌ وَبانَ الضعفُ في حركاتهِ
وَلاَّكَ مِنْها ما تَوَلَّى بُرْهَةً
وَفَدى حَياتَكَ رَاضِياً بِحَياتِهِ
فلذاكَ لاقى يومهُ مستبشراً
حتى ظننا الموتَ بعضَ عفاتهِ
وَقضى عليماً أنْ تقومَ مقامهُ
بعدَ الفراقِ فلمْ يفهْ بوصاتهِ
مليتَ ما ورثتهُ منْ عزهِ
وَوُقِيْتَ بِالمَسْمُوْعِ مِنْ دَعَوَاتِهِ
فلقدْ مضى ترجو الممالكُ ردهُ
فتسومهُ وَتخافُ منْ سطواتهِ
فبكاهُ ثغرٌ كانَ عصمةَ أهلهِ
وَمعاذَ قاصدهِ وَعزَّ ولاتهِ
أجناهُ ربُّ العرشِ غرسَ فعالهِ
وَقضى لهُ بالخلدِ في جناتهِ
بالرفقِ أدركَ وادعاً ما لمْ ينلْ
أَنْخى المُلُوكِ بِكُمْتِهِ وَكُمَاتِهِ
حتى لحلناهُ نبياً مرسلاً
وَمحاسنُ الأخلاقِ منْ آياتهِ
فَامْلِكْ بِمَا مَلَكَ القُلُوبَ مُكَذِّباً
منْ ظنَّ أنَّ مماتها بمماتهِ
مالِي ظَلِلْتُ مُنَبِّهَاً ذَا يَقْظَةٍ
يَأْتِي مِنَ الإِحْسانِ ما لَمْ آتِهِ
أمْوَالُهُ مَرْفُوضَةٌ كَعُدَاتِهِ
وَصلاتهُ مفروضةٌ كصلاتهِ
وَإذا أزارَ الطرسَ نفسَ دواتهِ
أيقنتَ أنَّ الفضلَ منْ أدواتهِ
ما زَالَ يَثْنِي الدَّهْرَ عَنْ عَزَمَاتِهِ
فيفلها وَيجودُ في أزماتهِ
تمسي كرامُ العصرِ بعضَ ضيوفهِ
وَيَبِيْتُ فِعْلُ الخَيْرِ مِنْ صَبَوَاتِهِ
وَأسدُّ منْ أسدى يداً مأثورةً
مَنْ أَوْدَعَ المَعْرُوفَ عِنْدَ ثِقاتِهِ
صَبْراً جَلاَلَ المُلْكِ تَحْمَدْ غِبَّ ما
هخولتهُ فالصبرُ منْ آلاتهِ
لاَ تشعرنَّ الدهرَ أنكَ جازعٌ
مِنْ فِعْلِهِ فَيَلَجَّ فِي غَدَرَاتِهِ
فلأنتَ مجدُ ملوكِ دهركَ فليعدْ
عَنْ قَوْلِهِ مَنْ قالَ مَجْدُ قُضاتِهِ
وَلَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ بَيْنَكُمُ الَّذي
لاَ تَرْحَلُ العَلْياءُ عَنْ حُجُرَاتِهِ
وَافاكَ مني ذا الكلامُ مغرياً
بَلْ رَاغِباً في الصَفْحِ عَنْ زَلاَّتِهِ
قولٌ أتى عنْ علةٍ وَفجيعةٍ
فاقبلهُ مستوراً على علاتهِ