هجرت كأن الوصل أعقب وحشة
المظهر
هجرت كأن الوصل أعقب وحشة
هجَرْتَ، كأنّ الوَصْلَ أعقَبَ وحشة،
ولم أر وصلاً قبله يعقب الهجرَا
فتى مَذحِجٍ عَفواً، فتى مَذحِجٍ غَفَرا،
لمُعْتَذِرٍ جاءَتْ إساءَتُهُ تَتْرَى
وَمَنْ يَهَبُ النَّيلَ الذي سَمَحتْ بهِ
يَداكَ بلا مَنٍّ، فَلَنْ يَمنَعَ العُذْرَا
فإنْ قُلتَ بي كِبْرٌ، فمِثلُ الذي أرَى
على النّاسِ مِنْ نُعمَاكَ يَملأُني كِبرَا
مَوَاهبُ لي منها الغِنى، فمتى التَقَى
بساحَتِها حَمدٌ، فلي حَمدُها طُرَا
تُضَافُ إلى مجْدي، وَتجرِي إلى يَدي،
فأملِكُها مالاً، وَأملِكُها فَخرَا
أتَاني قَرِيضٌ مِنكَ يَحدوهُ نَائِلٌ،
فأنْطَقَني جُوداً، وَأفحَمَني شِعرَا
وعأكسَبَني شُغلاً عنِ الوَصْلِ شاغِلاً
يُعاتِبُني فيهِ، وتَعتَدُّهُ هَجْرَا
فإن كُنْتَ مَشْغُوفاً بقُرْبيَ آنِساً
بشَخصِي، فَلِمْ خَوّلتَني ذلكَ البدرَا
لَئِنْ كَانَ إسعافي بهِ منكَ قَبْلَها
وَفَاءً، لقَد كانَ انفرَادي به غَدرَا
وَمَا هُوَ إلاّ دُرّةٌ لَمْ أجِدْ لها
سوَى جودِكَ الأمسِيّ، إذ بَرَزَتْ بحرَا
حَمَلْتَ عَلَيْهِ في سَبيلِ فُتُوّةٍ،
هيَ الثّغرُ خَلفَ المجدِ بل تفضلُ الثّغرَا
فأنتَ تُصِيبُ الَمجدَ حيثُ تلألأتْ
كَوَاكِبُهُ، إنْ أنتَ لم تُصِبِ الأجرَا
وَجَدْتُ نَداكَ اليَوْمَ ألطَفَ مَوْقعاً،
وَقد كانَ لي خِلاًّ فأصْبَحَ لي صِهْرَا
فإنْ أنا لم أشكُرْكَ نُعماكَ جَاهِداً،
فلا نِلْتُ نُعمَى بَعدَها توجبُ الشكرَا