هبي فقـد طلـع النهـار

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

هُبّي فقـد طلـع النهـارْ

​هُبّي فقـد طلـع النهـارْ​ المؤلف ابن شيخان السالمي


هُبّي فقـد طلـع النهـارْ
والحـبُّ أحـلاهُ جِهـارْ
والعيش في كَشْف الهوى
والعذر في خلع العِـذارْ
والصُّبح يهـزأ بالدُّجـى
والغصن يرقص بالهزارْ
صاغ الغمامُ من النـدى
درراً بأجيـاد البَـهـارْ
وغـدا النسيـم الرطـب
ينسـم للأزاهيـر الأزار
يسري فيَحـدث للجسُـو
مِ بضَعفه منـه اقتـدارْ
والجلنـار لـذوب تِبْـر
الزهر يُوقد جُـلّ نـارْ
قم يـا نديـم فعاطِنـي
بالـود كاسـاتِ العُقـارْ
فعسى حديثك لي يُخَفِّـفُ
مـا بقلبـي مــن أوارْ
بعلايـة الجـرداءِ لـي
عربٌ لهم لم تَخْبُ نـارْ
للضيف ممـا أنضجَتْـهُ
وللقـلـوب الاستِـعـارْ
جعلوا قلـوب العاشقيـنَ
لخيـل ودّهـم مَـغَـارْ
أظِبـاءَ وادي المنحنـى
باللَّهِ مـا هـذَا النِّفـارْ
قلبي لكـم جـارٌ وَلـي
دمع على العَرَصات جارْ
بنتـم فبـان لبُعـدكـم
من بَعدكم جُلّ اصطبـارْ
كَم أنّةٍ لي فـي الربـوع
وَحنّةٍ لـي فـي الديـارْ
جزتـم مِنـي فجزيتُـم
خَير المنى في خيـر دارْ
وَسَرَيتـمُ ووجوهـكـم
تغزو الدُّجُنَّـة بالنهـارْ
سِرتـم وعندكـم القلـو
بُ بأسرها تحت الإِسارْ
غـادرتـمُ أجسامـنـا
أبيـاتَ سُهْـدٍ واعتبـارْ
لـم يهدِنـا لنسيمـكـم
غير الخُزَامى والعَـرارْ
هـلاّ رحمتـم مُغرَمـاً
لا يستقـر لـهُ قــرارْ
فإذا أضَا بـرق هَمَـتْ
من أجفني الدِيم الغِـزارْ
فلذا اكتسى وادي الأراك
بأدمعي ثوب اخضـرارْ
جئنـاهُ وَهْنـاً والنجـوم
لنـا بأعينـهـا ازورارْ
مـا رابنـا إلا علـيـل
نسيمـه فيـه انكـسـارْ
وهـو العليـل وَبـرْدُه
يشفي العليلَ المستطـارْ
بحشاي فيـه مَهـاة رم
لٍ لا تـزور ولا تـزارْ
كم طعنـةٍ مـن لحظهـا
في العاشقين مضت جُبَارْ
كم عشتُ أرغـدَ عِيشـة
في ظلهـا فَحْـمَ العِـذارْ
فتقضّـتِ اللـذات فيهَـا
والصَّبـا ثـوب مُعـارْ
ندمي على زمن الصِّبـا
ندَمَ الفرزدقِ فـي نَـوارْ
فَدِمايَ منهُ فـي إنهمـا
لٍ والمدامع في انهمـارْ
كمواهِب السُلطان فيـص
ل لا السُّيول ولا البحارْ
مـلـكٌ إذا شـاهـدتَـه
أيقنـت إنَّ الـدهـر دارْ
ملك يسيـر الجـود وال
علياء مَعْهُ حيـث سَـارْ
تعنو لـهُ اليمـن العَبـا
هِلُ والغطارفـة النـزارْ
متهلـل بالبشـر مــر
تاح لدى فيض النُّضـارْ
رحب تضيق الأرض من
رجفاتـه يـوم المَثَـارْ
كشاف خطـب تنجلـي
بوجوده الفِتَـن الكبـارْ
متفـردٌ بالحلـم لـكـنْ
حِلمُـهُ معـه اقـتـدارْ
متـوحـدٌ بـالـرأي لا
يفضي إلى نظر المشـارْ
غوَّاص دأمـاء التدبـر
فــارس بالإِعتـبـارْ
متقـسـمٌ مـعـروفـه
متبسـم وقـت الكـرارْ
متقـدم فـي مـوضـعٍ
منه الشجاعُ رأى الفِرارْ
متواضع للنـاس يحنـو
للصـغـار وللكـبـارْ
متفـرس فيهـم فـلـم
تحجبه غامضة اختبـارْ
أسدٌ أبـو الأشبـال تيـم
ور ونـادر والضـوارْ
جبلان بل بحـران بـل
بدران بل كنـزا يسـارْ
لمـا دعـانـي جئـتـه
أطوي الفدافـد والقفـارْ
طوراً أخوض لظى الس
رابِ وتارةً لجج البحـارْ
وافيتُ مَعْقِلـه المطنَّـبَ
بالعـوالـي والشِـفـارْ
ما السِيب إلا سَيْبُ راحته
وإن كـانـت ديـــارْ
لمـا تـوقـد عـزمـه
سيـراً تنـادوا بالمثـارْ
سَارُوا وهم لا يعلمـونَ
القصد منـه أيـن سـارْ
وتنافسـت فيـه القـرى
كل تحـب بـأن تـزارْ
ملؤوا الفضـا والخيـل
تَقْدح من سنابكها الشرارْ
فكأنمـا بـرق تـألـق
فـي الشآبيـب الغـزارْ
وكأنمـا العَنْـدَم طــمَّ
على الروابي والصحـارْ
وكأنما قِطَـعُ السحـاب
سَرَت فأَخْضَبَتْ الديـارْ
وكـأنَّ عِيسَهـم صقـو
رٌ أو سفائِنُ فـي بحـارْ
وكأنما السلطـان غـي
ثٌ مرَّ صفحاً فاستـدارْ
حتى أتـى بلـد الفليـج
ضحىً وقد هجر النهـارْ
وامتدت الأعنـاق مـن
نخل وتاهـت بالفخـارْ
فأبى زيارتها وأعـرض
لليميـن عـن اليـسـارْ
فتبركـت بركـا ولكـن
كوكـب الحفـري نـارْ
فلـرب محتقَـر عــلا
والعزُّ يبـدأ بالصَّغـارْ
حتى أتى بلد المصنعـة
فاحتوت شرفِ المـزارْ
ثم استقلّ إلـى السويـق
فَسِيقَـتِ النِعـم الكبـارْ
كشفت لهُ الخابورة العلياء
أخـبــاراً فـسَــارْ
حتى لقي صحماً عروساً
فوق صحنٍ من نُضـارْ
فمضى بموكبه الشريـف
وحلَّ في عُليـا صحـارْ
فشكت إليـه حـال مـا
تجد الرعايا من ضـرارْ
وأميرها الوالي سليمـان
الفتـى الحامـي الذمـارْ
وافـى بموكبـه وقــد
حنّت إليـه لأخـذ ثـارْ
لم يبق عفريت من البـل
دان إلاَّ مـنـهُ طــارْ
قد سلَّهُ السُّلطـان سيفـاً
لا يفـلُّ كـذي الفقِـارْ
وقبائلُ البلـدان جاءتـه
بـــذُلٍّ وانـكـسَـارْ
ترجُو رضـاهُ وعفـوَهُ
والأمنَ منه مـن بـوارْ
وَلَـرُبَّ قــوم دَلَّـهـم
للبطش جهـل واغتـرارْ
أمِنُوا العقوبة فاستخـف
بِهِـمُ هواهـم للخَسـارْ
فأتوهُ إذ ضاقَ الفسيح به
م وظـنـوا لا فــرارْ
فكسَاهم العفـو المسكِّـن
إذ أتــوهُ بـاعـتـذارْ
يا أيهـا الملـكُ الـذي
فضحت مكارمهُ البحـارْ
عبـدٌ أتــاكَ يـقـودُه
حُسنُ الرَّجا والانتظـارْ
حاشا جميلُـك أن يَـرد
يدَيَّ عنـكَ باصفـرارْ
وندى يديكَ همـى وروَّ
ض وانتهى في كـل دارْ