نيل المطالب بالهندية البتر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

نَيْلُ المطالب بالهندية البتْرِ

​نَيْلُ المطالب بالهندية البتْرِ​ المؤلف الخالديان


نَيْلُ المطالب بالهندية البتْرِ
لا بالأمانيّ والتأميل للقدَرِ
فإنْ عَفَا طَلَلٌ أو باد ساكِنُهُ
فلا تَقِفْ فيه بين البَثِّ والفِكَرِ
في شَمِّكَ المسكَ شغلٌ عن مذاقتهِ
وفي سنا الشمس ما يُغني عن القَمَرِ
لوْ لم أكُنْ مشبهاً للنّاس في خُلُقي
لَقُلْتُ إِنّيَ من جيلٍ سوى البَشَرِ
أَولم يكن ماء علمي قاهراً فكري
لأحْرقتني في نيرانِها فِكَري
تزيدُني قسوةُ الأيَّام طيبَ ثناً
كأنني المِسكُ بين الفِهْرِ والحجرِ
ألفتُ من حادثات الدهر أكبرها
فما أعوج على أطفالها الأُخَرِ
لا شيء أعجبُ عندي في تباينِهِ
إذا تأمَّلتُهُ من هذه الصُّورِ
أرى ثياباً وفي أثنائها بقرٌ
بلا قُرُونٍ وذا عَيْبٌ على البَقَرِ
قالت: رَقَدْتَ! فقلت: الهمُّ أَرقدني
والهمُّ يمنع أَحياناً من السَّهَرِ
كم قد وَقَعْتُ وُقُوعَ الطَّيْرَ في شرَكٍ
فضعْضَعَتْ مُنَّتي منه قوى المِرَرِ
أصفو وأكدر أحياناً لمختبري
وليس مستحسناً صَفْوٌ بلا كَدَرِ
إِنّي لأَسْيَرُ في الآفاق من مَثَلٍ
سارٍ وأَملأُ للأَبصار مِنْ قَمَرِ
إذا تشكَّكْتَ فيما أنت مبصرُهُ
فلا تَقُلْ إِنّني في النّاس ذُو بَصَرِ
وكيف يفرحُ إِنسانٌ بغرّته
إذا نضاها فلم تصدقْهُ في النّظرِ
لَقَدْ فَرِحْتُ بما عاينتُ من عدم
خوف القبيحين من كبر ومن بَطَرِ
وربما ابتهج الأعمى بحالتِهِ
لأنَّهُ قد نجا من طيرَةِ العوَرِ
ولستُ أَبكي لشيبٍ قد مُنيتُ به
يبكي على الشيب من يأْسي على العُمُرِ
كن من صديقك لا من غيره حَذِراً
إنْ كان ينجيكَ منه شدَّة الحذَرِ
ما اطمَئِنُّ إلى خَلْقٍ فأخبرهُ
إلاَّ تكشَّفَ لي عن لؤم مُخْتَبَرِ
وقد نظرتُ إلى الدُّنْيا بمُقْلَتها
فاسْتَصْغَرَتْها جفوني غاية الصّغَرِ
وما شَكَرْتُ زماني وَهْوَ يَصْعَدُ بي
فكيفَ أشكُرُه في حَالِ مُنْحَدري
لا عار يلحقني أني بلا نَشَبٍ
وأيّ عار على عَيْنٍ بلا حَوَرِ
فإن بلغْتُ الذي أهوى فعَنْ قَدَرٍ
وإِنْ حُرِمْتُ الذي أَهوى فَعَنْ عُذُرِ