نيل السول من تاريخ الأمم وسيرة الرسول

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
نيل السول من تاريخ الأمم وسيرة الرسول
الحمد لله المهيمن الأحد
باري البرايا الواحد الفرد الصّمد
ذي العدل والحكمة فيما أبدعه
كما هو الحكيم فيما شرعه
لا شيء قبله لأوّليته
كلا ولا انتها لآخريته
كما هو الظاهر فوق كل شيء
وباطن ما دونه يحول شيء
يفعل ما يشا ويختار ولا
يسأل جل الله عما فعلا
له جميع الخلق والأمر فلا
منازعا له تعالى وعلا
أشهد أنه الإله الحق
وما سواه باطل لا حق
وأن خير خلقه محمدا
رسوله إلى العباد بالهدى
عليه صلى الله ثم سلما
والآل والصحب و تابع سما
وبعد فاعلم أن أعلى الرتب
مرتبة العلوم ميراث النبي
من نبإ فيما مضى أخبر به
أو ما سيأتي بعد فاحفظ وانتبه
أو كان في حكم عبادة وفي
حكم الحلال والحرام فاعرف
وكان في التاريخ ما به دُري
موارد الشرع مع المصادر
وأوضح الطريق في الوصول
لسابق ما جا عن الرسول
أعني به نص الكتاب المحكم
وسنة النبي بإسناد نمي
وما يكن من بعده قد صدرا
فالنقل في ذلك قد توافرا
وهاك نبذة بها إلى المهم
أشير فاستمعه واحفظ يا فهم
والله أرجو المن بالإتمام
فإنه ذو الفضل والإنعام

ذكر بدء الخلق

اعلم بأن الله لا سواه
رب و لا إله إلا الله
وكل ما سواه مربوب له
مفترض عليهم التأله
وكلهم خلق له مقدر
ولم يكن من قبل شيئًا يذكر
أجرى بما قدر في اللوح القلم
بعلمه السابق من قبل القدم
فكل شيء واقع كما عَلِم
موافقا مطابقا لما رسم
سبع سموات بنى طباقا
والأرض سبعا مثلها وفاقا
في ستة الأيام أبداها سوا
بقدرة ثم على العرش استوى
وكان عرشه على الماء كما
قد جاء في الوحيين نصًّا محكما
وأنشأ الأملاك من أنوار
والجن قل من مارج من نار
هذا ولما شاء خلق صفوته
آدم مظهرًا بديع حكمته
فقال معلنا لهم تشريفه
إني بأرضي جاعل خليفه
صوره بيده من طين
وفيه ألقى الروح بعد حين
علمه الأسماء كلها لكي
يعلمهم حكمته في كل شي
وأمر الأملاك بالسجود له
فامتثلوا الأمر بلا مجادله
واستكبر الملعون إبليس الغوي
إمامُ كل عابد لما هوي
عارض أمر ربه بعقله
وردّه مفتخرًا بأصله
وكان في ذلك طاعنا على
ذي العدل والحكمة فيما فعلا
فباء باللعنة ثم النار
بعد تمام مدة الإنظار
وقال مقسما على إغوائه
جميع من صار من أوليائه
وما له والله من سلطان
على ولي كان للرحمن
وغر آدمًا بأكل الشجره
وظن أن قد نال منه وطره
فاعترف الصفي بالذّنب وتاب
وآب واستغفر قابل المتاب
فتاب ربه عليه وهدى
وخاب إبليس الذي قد حسدا
لكنه أهبطهم ليبتلي
ويعلم العاصي من الممتثل
وقد أتت قصته مقرره
بينة مبسوطة في البقره
والحجر والأعراف والإسرا وصاد
والكهف مع طه فأبدى وأعاد
محذّرًا عباده من فتنته
وعن توليه وعن ذريته
وهم لنا من أخبث الأعداء
وإنما يدعون للإغواء
وهكذا في الموقف الموعود
يذكر الظالم بالعهود
فانظره في يس نصا محكما
بعد (سلام) إذ يميز المجرما
ثم سرى ودبّ داء الحسد
بقتل قابيل أخاه أن هدي
من كان مقتولا عليه حملا
كفل بحيث القتل سنَّ أولا
وشيث صح كونه نبيا
ولأبيه قد غدا وصيا
وبعده إدريس من قد رفعه
خالقه إلى السماء الرابعه
وبين ذاك أمم لا يعلم
تفصيلها إلا العلي الأعظم
وقد جرى الأمر على السداد
والناس كلهم على الرشاد
حتى إذا ما اختلفوا و أشركوا
بالله جلّ الله عمّا ائتفكوا
أرسل رسله مبشرينا
ومن عقابه محذرينا
فدعوا الناس إلى التوحيد
وأن يجلّ الله عن نديد
أولهم نوح الذي قد أرسلا
لكل من في الصالحين قد غلا
وُدًّا سواعا ويغوث معهموا
يعوق نسرًا صالحون منهموا
فكذبوا فأهلكوا بالغرق
ثم نجا نوح مع المصدق
فانظر لبسط ذاك في الأعراف
يونس مع هود بيان كافي
والأنبيا والمؤمنين الشعرا
والعنكبوت فيه أيضًا ذكرا
والصافات اقتربت وأُنزلت
في ذاك سورة به قد كملت
واستخلف الرحمن عادًا بعدهم
واستكبروا عما له أرشدهم
وكذبوا بالوعد و الإيعاد
وأنكروا قيامة الأجساد
وعبدوا هرًا صدًا صمودا
فأرسل الله إليهم هودا
فكذبوه فنجا ومن معه
من مؤمن أجابه واتبعه
وأخذوا أخذ عزيز مقتدر
بصرصر في يوم نحس مستمر
فانظره في هود وفي الأعراف
كذا بقد أفلح والأحقاف
والشعرا والذاريات فصلت
والفجر نجم تلو نون اقتربت
ثم ثمود بعد عاد استخلفوا
حتى بغوا وأنكروا ماعرفوا
فأرسل الله إليهم صالحا
فقام بالتوحيد فيهم صارخا
فاستكبروا وكذبوا رسولهم
فأرسل الناقة فتنة لهم
فعقروها وعتوا فدمدما
عليهموا بصيحة من السما
وقد نجا صالح مع من آمنا
من قومه برحمة من ربنا
فاقرأه في الأعراف مع هود وفي
نمل كذاك الشعرا به تفي
وغيرها من سور القرآن
مفصلا بأوضح التبيان
كذا خليل الله إبراهيم قد
بعثه الله وآتاه الرشد
والناس إذ ذاك على أقسام
فبين عاكف على الأصنام
وعابد هياكل النجوم
دون الإله الصمد القيوم
وبين من لنفسه قد ادعا
بأنه رب وللناس دعا
فقام فيهم بإقام الحجه
عليهموا وأوضح المحجه
بأنه لا رب إلا الله
ولا إله أبدًا سواه
فكان ما قد قص في الأنباء
عنه كالانعام و الأنبياء
بل ذكره قد جاء في مواضع
فوق الثلاثين من الوحي فع
كان حنيفا دينه الإسلام
وهو لكل مسلم إمام
فضله خالقه تفضيلا
يكفي أن اتخذه خليلا
وكل مَنْ مِنْ بعده قد أُرسلا
فهو بلا مرية ممن نسلا
لا لوط فهو ابن أخيه فاعرف
والخلف في يونس بين السلف
وكان في حياة إبراهيم ما
عن قوم لوط قصه الله كما
في سورة الأعراف هود الشعرا
والنمل ثم العنكبوت ذكرا
والذاريات مع سواها فاعلم
أعظم بها موعظة للفهم
وجاء في القرآن من بعدهموا
ذكر شعيب منذرًا من ظلموا
إذ عبدوا الأصنام والأوثانا
وبخسوا المكيال والميزانا
هم أهل مدين وكان الأيكةُ
اسمًا لطاغوتهم الذي أتوا
ومن يقل هم أمّتان غلطا
وجا حديث فيه رفعه خطا
ومدين من ولد الخليل
أخ لإسحاق واسماعيل
فكذبوا نبيهم وأنكروا
ما جاءهم به وعنه استكبروا
فأهلكوا برِجْز يوم الظُّلة
بصيحة من فوق مع زلزلة
فينبغي للخلف مِنْ بعدهموا
تَفَكُّرٌ مع اعتبارٍ بهموا
وخوفُ ما أصابهم إذا ارتُكِبْ
مثل الذي قد ركبوا فليُجتنَبْ
فإنما قص علينا الله
أنباءهم في الوحي كي نخشاه
ونعلم الأسباب للنجاة
ونتقِيْ مصارع الغواة
فادَّكِرُوا بذكر ذي الوقائع
واعتبروا بِتِلْكُمُ المصارع
فسنة الإله لا تبدَّلُ
فأين شئتم بعد هذا فَانْزِلوا

ذكر ذرية إبراهيم عليه السلام

الأشهر من بنيه إسماعيلُ
إسحاقُ كلٌّ منهما رسولُ
وكان إسماعيل والدَ العربْ
كما سيأتي عند ذِكرِنا النَّسَبْ
وهْوَ الذبيحُ دونما مجادلهْ
ومن يقل إسحاقُ لا برهان لهْ
وهْوَ الذي أبوه قد أسكنهُ
في حرم الله الذي آمنهُ
وقد بنى الكعبة معْ أبيه عن
أمر الإله ذي الجلال والمِنَنْ
وقد رُويْ بناؤه من قبل ذا
وذاك عن أهل الكتاب أُخِذَا
وكان من إسحاق الأنبياءُ في
أولاد إسرائيل لم يُختلفِ
فمنه يعقوبُ الذي بُشِّرَ بهْ
ومنه يوسفُ الكريم فانتبهْ
إبنُ الكريم بن الكريم بن الكريم
الكل أنبياء بالنصّ العظيم
وقد أتت قصته مفصّله
في سورةٍ من المِئِينِ كامله
ومنه أيوب الصبور المبتلى
من ولد العيصِ كما قد فُصّلا
ومنه ذو الكفل وفي نبوتهْ
قولان والجل على نبوتهْ
ومنهموا موسى الكليمُ المصطفى
من سِبْطِ لاوَى وهو صِنْوُ يوسُفا
أرسله الله إلى فرعونا
و قومه الطغاة أجمعينا
من بعد أن في حِجرهِ قد رُبِّيْ
وذاك من أعجبِ آي رَبِّيْ
لينقذ الله الذين استُضْعِفُوا
به ويقصم الذين أسرفوا
وجعل الله له وزيرا
أخاه هارون فكن خبيرا
فجاءهم بأوضح الآياتِ
وأقوم البرهان والعظاتِ
فلم يُجِبْ ويَرْعَوِي عن ظلمه
إلا قليل ضُعَفَا من قومه
وإن تُرِد قِصّته مُستكملَهْ
بيِّنةً مبسوطةً مفصّلهْ
فانظره في العَوانِ أعلى قصص
الأعرافِ طه النمل ثم القصصِ
والشعراء وغافرٍ وغيرِها
لم يأت بسط قصة كذكرها
والمقصدُ الآن انتهاءُ الأمرِ
بأنه إهلاكُ حزبِ الكفرِ
إذ أمر اللهُ النبيْ أنْ أسرِ
بالمؤمنين لجواز البحرِ
ثم نَجَوا إذ لهم البحر انفرقْ
وباء كل المجرمين بالغرقْ
وهكذا سنة رب العرش
في الكافرين بشديد البطش
هذا ولما أن نجى موسى بمنْ
آمن معْه بامتنان ذي المِننْ
وبعد ما رأوا من الآياتِ
وشاهدوا من أبلغ العظاتِ
قد سألوا سفاهةً وجهلا
منه إلها غيرَ ربِّي الأعْلى
وفي ذهابه إلى الميعادِ
كلَّمه الله بلا تِردادِ
وكتب التوراة بالتبيانِ لهْ
موعظةً بيِّنةً مفصَّلهْ
وخالفوهُ سفها فعبدوا
ما السامريُّ صاغَهُ وندَّدُوا
معْ أنَّ فيهم بعده هارونا
عليهموا خليفة مأمونا
فاستَضعَفُوهُ وعَتَوا وكادوا
أن يقتلوه ساء ما قد كادوا
وحينما قد جاء بالكتابِ
عاتبهُمْ بأبلغِ العتابِ
وأحرق العجل الذي قد عبدوا
وعاينوا لعجزِه وشاهدوا
ومعَ ذا حادُوا عن الإيمانِ
وسألوهُ رؤية الرحمنِ
فصُعِقوا وبعد ذا أحياهم
رب السما من بعد ما أفناهم
وكان من توبتهم أن يَقْتلا
بعضهموا بعضا جزاء وابتلا
وقد تولَّوا عن قبول ما أتى
موسى عن الله به و ثبتا
إلا برفع الطور فوقِهم إلى
أن شاهدوا وقوعه لا جدلا
وبعد ذاك امتَنَعُوا أن يدخُلوا
معه إلى القرية بل تخاذلُوا
فعُوقِبوا بالتِّيهِ أربعينَا
عاما وما كانوا بمُهتدينَا
ثم عليهم الغمام ظُلِّلا
والمنُّ والسّلوى عليهم أُنزِلا
وفَجّر اللهُ لهم من الحجرْ
من العيون مشربًا ثِنْتيْ عشَرْ
ومع ذا تعنّتوا في الطلب
وسألوا خلاف ذا من النبي
ومنه ما تعنّتوا عليه بِهْ
في قصّة القتيلِ فيهم فانتبهْ
من السؤال عن صفاتِ البقرهْ
كما أتى تفصيلُه في البقرهْ
وغير من اختلافِهم على
نبيّهم حال حياته ولا
تسألْ عن اختلافهم من بعده
فذاك لا إحاطةٌ بحده
إذْ أُمِرُوا عند دخول القريةِ
بسجدة ثم بقول حطَّةِ
فبدّلوا غير الذي قِيل لهم
فعُوقبوا بالرجز تنكيلا لهم
ومنه ما في قصة السَّبت أتَوْا
من احتيالٍ للحرام فأتَوْا
من ذلك الذّنب فعُوقبوا بما
قد قصّه الله جَزَا من ظَلما
ومنه تكذيبُهُمُوا للرّسلِ
من بعد موسى بافتراءِ الباطلِ
وقتلُهم لأنبياء الله معْ
تبديلهمْ نَصَّ الكتاب بالبدعْ
وغيرِ ذاكَ من أمورٍ قَصَّها
في وحيهِ اللهُ عليكَ نصَّها
فانظر إلى تلاعب الشيطانِ
بهمْ وعُذْ بالله ذي السلطانِ
وبعد موسى يوشع ثم اليسع
شمويل داوود سليمان اتبع
والخلف في عزير هل نبيا
أو كان عبدًا صالحا وليا
وزكريا بعدهم ويحيى
قد حاز كلٌّ حكمة ووحيا
واستشهدا كلاهما إذ قتلا
ظلما وعدوانا عليهما ابتلا
وابن البتول كائن من غير أب
وليس في قدرة ربي بعجب
كلمة الله وروح منه
عبد رسول للبلاغ عنه
خلقه الله الذي قد أوجدا
لكل شيء خلقه ثم هدى
نوع هذا العالم الإنساني
أربعة الأنواع بامتنانِ
فآدم من غير والدين
ومنه حواء بدون مين
وكان من مريم عيسى دون أب
وسائر الخلق فمن أم وأب
ليعلم الخلق شمول قدرته
وفعله ما شاء في خليقته
أرسله الله تعالى منذرا
مصدقا مَن قبله مبشرا
بأن بعده يجيء أحمدُ
فكذبوه جهرة و جحدوا
إلا الحواريين ثم كادوا
يهود إياه وقد أرادوا
أن يقتلوه مثل من تقدما
والله شاء رفعه إلى السما
حيا وسوف دون شك ينزل
لقتل دجال وفينا يعدل
وقتل اليهود شبهه وقد
ظنوه إياه ولله المرد
واختلفوا في شأنه الكفار
وكلهم ظلمة فجار
فبهت اليهود أمه بما
برأها منه الإله في السما
ثم النصارى قد غلوا وضاهوا
وأقبح الكفر به قد فاهوا
وافترقوا في كفرهم أحزابا
عليهم اللعنة لا حسابا
فبين قائل هو الله الصمد
وقائل بل هو لله ولد
وقائل ثلاثة وعدهم
عيسى وأمه ومن أوجدهم
قد كذبوا ليس لربي من ولد
ولم يكن له شريكًا من أحد
تنزه الله وجل وعلا
عن إفكهم وهو العلي ذو العلا
ولم يكن من بعد عيسى من نبي
إلا محمدًا رسول العربي
مفخر هذا العالم الإنساني
وخاتم الرسل بلا نكران
من ولد الذبيح اسماعيلا
وشرعه لا يقبل التبديلا
مادامت الدنيا ولا ناسخ له
فلاتطع زخارف الدجاجله
ثم إلى نوعين يمتاز العرب
وبعضهم إلى ثلاثة ذهب
فعرب الحجاز من عدنان
ثم اليمانيون من قحطان
والخلف في قضاعة هل تتصل
بواحد من ذين أم هل تستقل
وكلهم من ولد الذبيح
على الأصح وهو في الصحيح
والنظم لا يسمح بالتعداد
لنسب الآباء و الأجداد
فارجع إلى كتب بذا الفن تفي
لتعلم الراجح من مختلف

ذكر أحوال الجاهلية وما كان عليه العرب في زمن الفترة

اعلم بأن الله قد أخبرنا
عن شأن إبليس وقد حذرنا
فتنته وأنه قد آلى
ليغوين من له قد والى
وكان من إغوائه أتباعه
تزيينه الشرك لمن أطاعه
فافترقت أحزابه الغاوونا
كلا أتى من حيث ما يهوونا
ففرقة قد عبدوا النيرانا
وآخرون عبدوا الثيرانا
وآخرون عبدوا الأملاكا
وآخرون عبدوا الأفلاكا
وآخرون عبدوا الأشجارا
وآخرون ألهوا الأحجارا
وآخرون عبدوا الإنسانا
بعضهموا بعضًا رأوا إحسانا
وآخرون الرب جهرًا جحدوا
وللوجود خالقين اعتقدوا
وقال قوم مثلهم و زادوا
لا بدء للخلق ولا معاد
وغير هذا من ضلال وردى
وطرق بعيدة عن الهدى
وقد مضت أزمنة و العرب
على الحنيفية لم ينقلبوا
حتى إذا ما جاء عمرو بن لحي
وسوس إبليس له من كل غي
فأدخل الإشراك في تلبته
واستخرج الأصنام من كنانته
وهي التي في قوم نوح عبدت
وبعد إغراقهموا قد فقدت
ودّا سواعا ويغوث نسرا
يعوق قد دعى إليها جهرا
فكل من أجابه لما دعا
إليها منها واحدًا قد دفعا
وشرع النذر لأجل النصب
كالحام والبحيرة السوائب
وعمت البلوى بها وكثرت
وبين أكثر العباد انتشرت
كنحو عزى ومناة وهبل
وكم سواها كان يدعى ويجل
ونصبوا من ذاك حول الكعبة
ستين من بعد ثلاثمائة
بل كل دار أهلها لهم صنم
يرجون خيره وكشف ما ألم
هذا وهم يدرون أن الله لا
ربًّا سواه خالقا مفتعلا
وأنه البارئ والمصور
وكل ما يشا عليه قادر
وأن كل هذه الأصنام لا
تملك من خير ولا دفع بلا
بل زعموا وسائطا وشفعا
تزلفهم من ربهم فشنّعا
عليهموا الله وسمى ذلك
شركًا صريحًا بالعزيز المالك
وكان من أكبر شبهة لهم
أن قد عليها وجدوا أولهم
فكان ذا جواب كل الأمم
عن ما له قد أنكرت رسلهم
قالوا وجدنا هكذا آباءنا
وقد جعلنا بهموا اقتداءنا
وقد نفى شبهتم تعالى
بكون آبائهموا ضلالا
وكان من أمرهم التحاكم
إلى الطواغيت وأن يستقسموا
في أي أمر ناب بالأزلام
ويسألوا الكهان باستعلام
عن غائب وما يقولوا صدقوا
يرون نصحا مابه قد نطقوا
ومنه الاستنكار للميعاد
وجحدهم قيامة الأجساد
ومنه الافتخار بالأحسابِ
والطّعن إن أمكن في الأنسابِ
ونخوة الجهال كالتعصب
للشعب لو بباطل مرتكب
والوأد للبنات خوف العار
وللذكور خوف الافتقار
ومنه رد الحق إن جاء معا
من يكرهونه و لو متبَعَا
ومنه الافتخار بالمظالم
وبعضهم كان يعين الظالم
ومنه الاستسقاء بالأنواء
والحلف بالأولاد والآباء
والنوح والتعداد للمحاسن
من ميت لو كذبا للفتن
وغير ذي مما لها الله ذكر
في الوحي تحذيرًا لأرباب البصر
وقد بقي من دين إبراهيما
وحسن خلْقٍ لم يكن ذميما
كالحج والطواف والتعظيم
للبيت والسعي بلا توهيم
والصدق في الغالب والإكرام
لوافد وصلة الأرحام
كذا مواساة الضعيف فاعلم
والعتق مع تصدق لاتِهِم
ونصرة المظلوم والشجاعه
والصبر في اللقا والاستطاعه
كذا إبا الضّيم وغير ذلك
وذمّهم من لم يكن كذلك
مع كونهم قد غيروا الكيفيه
من بعضها وأصلها شرعيه
نحو وقوفهم بدون عرفه
بل ألفوا الوقوف بالمزدلفه
وكالتعري حالة الطواف
و غيره هذا مثال كافي
فبعث الله محمدًا إلى
جميعهم إنسًا وجنا مرسلا
ثم عليه أنزل القرآنا
لكل شيء كائنٍ تبيانا
فقام فيهم آمرًا وناهيا
وللصراط المستقيم هاديا
وكل خير فبه قد أمرا
إياهموا وكل شرّ حذرا

{كتاب سيرة نبينا محمد }

ذكر نسبه الشريف المطهر

هو الرسول الهاشمي المصطفى
خير الأنام محتدًا وشرفا
أبوه عبد الله عبد المطلب
فهاشم عبد مناف ينتسب
ابن قصي بن كلاب وانسب
مرة كعب بن لؤي غالب
هو ابن فهر بن مالك إلى
نضر كنانة خزيمة علا
مدركة إلياس وهو بن مضر
ابن نزار بن معدٍّ اشتهر
هو ابن عدنان إلى الذبيح
ينسب قطعًا وهو في الصحيح
وأمه آمنة تنتسب
لوهب من عبدمناف نسبوا
لزهرة ابن كلاب اتصلا
بالنسب الذي ذكرنا أولا
وقد حمى الله أصول المصطفى
من السفاح الجاهلي حتى صفا

ذكر مولده

مولده كان بعام الفيل
ونقل الخلاف عن قليل
ثاني عشْر من ربيع الأول
في يوم الاثنين بلا تحوّل
مات أبوه في زمان حمله
على أصحّ ما أتى في نقله
وكم بدا في ليلة الميلاد
من آية في سائر البلاد
منها سطوع النور في الأقطار
إضاءة كذا خمود النار
وارتجّ إيوان لكسرى وسقط
منه الشرافات إلى الأرض تحط

ذكر حواضنه

له ثويبة من الحواضن
مولاة عمِّه وأم أيمن
وظئره بعد بدون ريب
حليمة بنت أبي ذؤيب
حتى أقام عندها حولين أو
أكثر من ذلك أقوال رووا
وشقَّ صدره هناك وغسل
ثمَّ ملي بحكمة نصًّا نقل
ثم لأمه أعيد آمنا
ينبته اللهُ نباتا حسنا
وقبضت وهو ابن ستٍّ ونقَل
ابن ثمان الأموي وهو معل
ثم ربي في حجر جدِّه إلى
أن مات وهو ابن ثمان كملا
لمَّا قضى أوصى أبا طالب به
فلم يزل أحنى عليه من أبه
حتى إذا جاء بحيرا الرَّاهب
حار لما رأى من المواهب
إذ نزلوا مال إليه الظلُّ
كذا له غمامة تظلُّ
وقد رأى فيه من الصفات
ما جاء في الإنجيل والتوراة
وقد خشي عليه من حُسَّدِه
ولم يزل مناشدا بردِّه
وكان سنِّهُ اثنتا عشرة في
سفرته تلك بلا توقف
وكان حرب الأمة الفجار
وهو لدى العشرين في آثار
وجاء عنه أنه قد شهدا
حلف الفضول وبذاك شهدا
تحالفت قريش سكان الحرم
أن ينصفوا المظلوم ممَّن قد ظلم
وثانيا سفرته متّجرا
للشام مع خديجةٍ مستأجرا
وهو ابن عشرين وخمس عمره
ومعه كان الغلام ميسره
وقد رأى له من الآيات ما
يزيد عمّا قبله تقدَّما
وبعد أن قد آب إياها خطب
وهي من أوساط قريش في النسب
وهي التي قد بادرت تصديقهْ
عن ربهِ وكانت الصِّدِّيقَهْ
وهي التي منها جميع من ولدْ
ما غير إبراهيم فافهم ما وردْ
وقد بَنَتْ قريش البيت ولهْ
إذ ذا ثلاثون وخمس كاملهْ
واختلفوا في شأْنِ وضع الحجر
فحكّموهُ فيه نصُّ الأثر
بحيث في ردائه قد وضعهْ
وكلُّهم بطرف قد رفعهْ
وبينهم كان اسمه الأمينا
لخلق قد حازه مبينا

ذكر بدء الوحي إليه

قد بشرت به جميع الرُّسل
كذاك في كلِّ كتاب منزل
عناه بالدعوة إبراهيم
كذا به قد بشَّر الكليم
ثم به عيسى المسيح بشَّرا
بأنه من بعده بلا مرا
وفي الكتابين صفاته أتى
تفصيلها بلا ارتياب ثبتا
وأخبر الأحبار والرهبان
عنه بما جاء به التبيان
هواتف الجن به قد نطقوا
وقد رمي بالشهب المسترق
كذا عليه سلم الأحجار
من قبل أن يبعث والأشجار
وكان في غار حراء يعبد
مولاه مدة لها يزود
حتى أتاه الحق في غار حرا
وهو على ذاك وكان لا يرى
رؤيا لدى المنام إلا تاتي
كفلق الصبح على استثبات
ثم أتى جبريل بالتنزيل
إليه تبليغا عن الجليل
أول ما أنزل صدر القلم
إلى انتها آية مالم يعلم
فعاد راجفا فؤاده بها
إلى خديجة فإذ أنبأها
فصدقت بادئ بدء خبره
ولابن نوفل غدت مبشره
ثم دعا به فلما أن تلا
قال ابشرن هذا الذي قد أنزلا
على الكليم والذي نجزم به
إيمانه بالوحي حقا فانتبه
وبعد ذا فالوحي عنه فترا
في سنتين أو ثلاث أثرا
وبعدها أرسل بالمدثر
للناس كلا جنهم والبشر
فقام بالتبليغ للرسالة
بالحق منذرًا أولي الضلالة
مبشرًا لمن أطاعه بأن
يسعد في الدارين فضل ذي المنن
أول مؤمن من الرجال
به أبو بكر ومن موالي
زيد ومن غلمانهم عليُّ
بلال من رقيقهم وليُّ
كذا خديجة من النساء
أول من حاز ذرى العلياء
وآمنوا بدعوة الصديق
لله قوم من أولي التوفيق
كسعد والزبير طلحة كذا
عثمان وابن عوف ثم بعد ذا
أبو عبيدة وغيرهم إلى
أن كان في الإسلام جمع دخلا
وكانت الدعوة سرًّا أولا
نحو ثلاث من سنين كملا

ذكر جهره بالدعوة إلى الله تعالى وما ناله من الأذى من أجل ذلك ومن آمن به

وبعدها بالصدع جهرًا أُمرا
فقام بين الأقربين منذرا
حتى إذا جاء الصفا وصعدا
أعلاه ناداهم بأبلغ الندا
فعم ثم خص بالتحذير
نذارة من نقمة القدير
ولم يكن أسوأ من أبي لهب
ردًّا على ابن أخيه المنتخب
وبالغ الكفار في أذيته
وفي إذاء مستجيب دعوته
ضربا وحبسا وإهانةً وقد
حماه ذو العرش المهيمن الصمد
هذا ولما ازداد ظلم الظلمه
آذن أن يهاجروا لأصحمه
هو النجاشي فسار منهموا
إليه من فوق الثمانين هم
وقد تمالأت قريش أجمعا
أن يقتلوا النبي فلما اجتمعا
شعبا بني هاشم والمطلب
مع عمه على حماية النبي
أجمع كلهم على قطعهموا
فمكثوا ثلاثا في شعبهموا
فاشتد جدًّا بهم البلاء
والجهد والغلاء والعناء
فقام رهط هم من الكرام
وأنكروا قطيعة الأرحام
ومزقوا صحيفة الظلم التي
قد أجمعوا فيها على القطيعة
وذاك عام العشر بعد بعثته
وفيه قد كان وفاة زوجته
كذا وفاة عمه الذي به
قد حاطه الرحمن من طلابه
وقد تلا النجم فلما سجدا
تابعه مسلمهم ومن عدا
وحينما قد شاع ذلك النبا
آب إليه بعض من قد غربا
ودخلوا مكة بالجوار
وبعضهم معذب في الباري

ذكر الإسراء والمعراج وعرضه نفسه على قبائل العرب ليؤاووه حتى يبلغ رسالة ربه عز وجل

وبعد ذا قد كان الإسراء كما
جاء الكتاب والعروج للسما
لمستوى وحيث شاء الله
كما هو الأدرى بمنتهاه
وكان ذا بالروح وبالجسم بلا
شك وكم نص به قد نقلا
وفرضت هنالك الصلاة
عليه وانجلت له الآيات
وفي صباح ذلك اليوم أتى
جبريل للخمس غدا موقّتا
وعندما أخبر بالإسراء
ناديهم زادوا بالافتراء
وبعد ذا كان انشقاق القمر
قد جاء في الآي وبالتواتر
هذا وقد نالت قريش منه ما
لم تك من قبل تنال سيما
من بعد موت عمه وقد ذهب
يدعو ثقيفا للهدى فلم تجب
ولم يكن أقبح منهم ردّا
عليه في شأن الذي قد أدّى
وفي مآبه استماع الجن له
كما بالأحقاف وأخرى كامله
وعاد غير آمن للحرم
بل بالدخول في جوار المطعم
وذاك أعلى أسوة لمن دعا
إلى سبيله أيا من قد وعى
ولم يزل يعرض نفسه على
كل قبيلة ويدعوهم إلى
هداية الله فكل أنكرا
لِمَا للأنصار الإله ادخرا

ذكر وفد الأنصار الذين هم كتيبة الإيمان وأنصار الرحمن

لما أراد الله للإنجاز
موعده الرسول بالإعزاز
بينا النبي يدعو الوفود إذ وجد
رهطًا من الخزرج أرباب الرشد
هم ستة أو فوقهم فوفقوا
لما دعاهم آمنوا فصدقوا
ثم دعوا قومهموا إذ آبوا
إلى الهدى الذي له استجابوا
فجاءه من قابل اثنا عشرا
فبايعوه صادقين لا افترا
وهم من الخزرج عشرة ومن
أولاد أوس اثنان نقل من فطن
وطلبوا معلما فأرسلا
مصعب مقرئا لهم ما أنزلا
حتى فشى الإسلام فيهم ودخل
في كل أهل دارهم بلا جدل
هذا ولما كان عاما قابلا
جاء ثلاثة وسبعون ولا
وامرأتان اتعدوا بالعقبة
لبيعة الهادي على ماطلبه
والنقباء منهم اثنا عشرا
كالنقبا من قوم موسى الأمرا
فبايعوه ثم كان القيل
لا نستقيلها ولا نقيل
وبعد أن آبوا إليهم هاجرا
من كان مسلما من الشرك برا
ليعبدوا الله بدار الأمن في
يثرب واثقون بالوعد الوفي

ذكر هجرته إلى المدينة مصداقا لما في الصحف الأولى أنه يهاجر إلى ذات نخل بين حرتين

وهاجر النبي بعد الإذن له
من قبل الله الذي قد أرسله
بعد ثلاث عشرة من بعثته
ربيع أول و أصل هجرته
مكر قريش به ليثبتوه
أو يقتلوه أو ليخرجوه
وأجمعوا لقتله فأرصدوا
رجالهم للفتك حين يرقد
فجاءه الروح الأمين مخبرا
عن مكر الأعداء له محذرا
فبات في مكانه علي
ثم عليهم خرج النبي
ونثر الترب على رؤوسهم
وخاب ما راموه في نفوسهم
ثم مضى النبي والصديق
للغار والكفار لم يفيقوا
فمكثوا فيه ثلاثا ريثما
تخفى على العدو أخبارهما
حتى إذا أدركهم سراقه
أتاه ما ليس به من طاقه
حيث به جواده قد عثرا
لو لم يفق ساخ لأطباق الثرى
لكنه الأمان منهما طلب
بشرط أن يرد عنهما الطلب
هذا وقد جازا بأم معبد
وشاهدت من معجزات أحمد
وقدما قباء لاثني عشرا
من ذلك الشهر كما قد أثرا
وقام فيهم بضع عشرة وقيل
أقل أو أكثر من ذا بقليل
وأسس المسجد إذ ذاك على
تقوى من الله كما قد أنزلا
وقدم المدينة الرسول في
دار أبي أيوب خالد الوفي
ولم يزل في داره حتى بنا
مسجده والحجرات ساكنا
وكان في ذلك للأنصار
في الدين والدنيا على الفخار
وفضلت بذلك المدينه
في الأرض لا عن مكة الأمينه
وأظهر اليهود للشقاق
بين مجاهر وذي نفاق
حتى استفزوا من عليه قدروا
وجحدوا ما عندهم مسطر
من صفة النبي في التوراة
وأنه بدون شكٍّ آت
فشاهدوا الحق وعنه انصرفوا
وأنكروا بالبغي ما قد عرفوا
وهم قريظة كذا النظير
وقينقاع كلهم مبير
فانتقم الله تعالى منهم
كما سيأتي ما نقص عنهم
بالسبي والجلاء و الإذلال
وقتل آخرين في الأغلال
وبعد هجرة النبي ليثربا
عليهم الجهاد فرضًا كتبا
ليدخل العباد في الإسلام
طوعًا وكرهًا دونما ملام
حتى له انقادوا وفيه دخلوا
ونكسوا أعداءه و زُلزِلوا
ومبتدا التاريخ في الإسلام
من هجرة النبي وذا في عام
سبعة عشر أو ثمان عشر
في دولة الفاروق كان فادر

السنة الأولى من الهجرة

في صدرها كان بناء المسجد
واستقبلوا المقدس عندما ابتدي
كذا المؤاخاة بلا إنكار
بين المهاجرين و الأنصار
تسعون نصفهم من الأنصار
والنصف أهل هجرة المختار
وقد بنا الرسول بالصديقه
في شهر شوال فخذ تحقيقه
وكان عقده بها من قبل ذا
بسنتين بعد سودة خذا
كذاك زيد في صلاة الحضر
ثاني عشر من ربيع الآخر
كذاك مشروعية الأذان
عند المواقيت بلا نكران
وفيه بعث حمزة للعير
في رمضان دونما نكير
وهم ثلاثون مهاجرون ما
فيهم من الأنصار شخص علما
ثم عبيدة بشوال إلى
رابغ كان بعثه قد نقلا
ستون كلّهم مهاجري
ما فيهموا يذكر أنصاري
وبعث سعد كان في ذي القعدة
معترضا لعير أهل مكة
ومعه عشرون راجلًا وهم
فيما روي مهاجرون كلّهم
وآخرون ذي السرايا ذكروا
ثاني عام ذا لديهم يؤثر

السنة الثانية من الهجرة

فيها وقوع غزوة الأبواء
حمزة فيها صاحب اللواء
فوادعته ضمرة بدون شر
وكان هذا الأمر في شهر صفر
وكان في شهر ربيع الأول
غزا بواط وهو موضع يلي
رضوى بنحو مائتين راكبا
معترضا عير قريش طالبا
وكان مع سعد لواؤه ولم
يكن بها حرب ولم يلق ألم
وبعد ذا بمدة يسيره
أي في جمادي غزوة العشيره
مع حمزة لواؤه ووادعا
فيها بني مدلج ثم رجعا
وبليال بعدها أغارا
كرز على سرحهموا فسارا
يطلبه الرسول حتى وصلا
بدرًا ففاته فكر مقبلا
وسميت غزوة بدر الأولى
لما سيأتي فافهم المنقولا
وبعدها بعث ابن جحش ومعه
من المهاجرين ضعف الأربعه
وكان قتل عمرو بن الحضرمي
فيها وأخذ عيره في المغنم
وكان في أول يوم من رجب
فاستعظم النبي ذا وهو السبب
لآية الجواب عن سؤال
أئمة الكفر عن القتال
في الأشهر الحرم وكانت سببا
للبطشة الكبرى كما جاء النبا
وبعد ذا القبلة حولت إلى
كعبة إبراهيم حيث نزلا
بذلك الأمر من الله الصمد
يوم الثلاثاء نصف شعبان ورد
واعترضت في ذلك اليهود
سفاهة فليرغم الحسود
مع علمهم وليس منهم بعجب
هم الأذلون وأمة الغضب
كذاك فيه فرض الصيام
أي رمضان مابه إيهام
وقبله المفروض عاشوراء
فصار بعده لمن يشاء
وبعده فرض زكاة الفطر
شرعية الصلاة للعيد ادر
والفرض للزكاة ذات النصب
قرينة الصلاة فافهم تصب
وبعدها غزوة بدر كانت
وهي التي الأعدا بها استكانت
أعني بذاك غزوة الفرقان
يوم اللزام والتقا الجمعان
والبطشة الكبرى التي بها انتقم
ربُّ السما والأرض من آل الصنم
وذاك أن المصطفى قد سمعا
قدوم عير لقريش فدعا
إليهموا وقد مضت ليالي
من رمضان ثم في الأموال
كان أبو سفيان لمّا أخبرا
أرسل ضمضمًا قريشًا مخبرا
لأيِّ أمر قد قضاه الله
جل ولا دفع لما قضاه
فالتقيا من غير ما ميعاد
إذ شاء قطع دابر الفساد
وكان من مع الرسول قد نفر
فوق الثلاثمائة بضع عشر
والمشركون فوق تسعمائة
ودون ألف صحَّ في الرواية
وقد أري الرسول حين ناما
في قلِّة أعداءه اللئاما
وقد رأى كل من الخصمين
قلَّة ضدِّه برأي العين
وحالة اللقا قريش عاينوا
صحب الرسول ضعفهم فوهنوا
وكان ذاك يوم سابع عشر
من رمضان فادره ممَّن أثر
وحينما تقابل الصفان
واصطدما في المعرك الخصمان
رفع الرسول كفي الدعا
إلى المهيمن المجيب من دعا
فجاءه من السماء المدد
فلم يفد حزب اللّعين العدد
وانهزم الجمع وولَّوا الدبر
كما قضى الرحمن ذاك في الزبر
ونكص الشيطان للفرار
وقال ما أنا لكم بجار
فانكشف الغبار عن سبعينا
قد قتلوا وأسروا سبعينا
وقذفوا ببئر بدر كلهم
ووقف النبي مبكتا لهم
أن قد وجدنا ما وُعدنا حقا
فهل وجدتم ما وعدتم حقا
وسمعوا القول ولو أجابوا
لكان قول نعم الجواب
وقد مضت سنَّة ذي العرش بذا
فكل باغ فجزاءه كذا
ومن صحابة النبي استشهدا
عشرة مع أربعة لا أزْيدا
وسورة الأنفال فيها أنزلت
وهي على تفصيل ذاك اشتملت
وبينت تفصيل قسم المغنم
والخمس تبيانا مزيح الغمم
وعوتب الرسول في أخذ الفدا
ثم أحلَّه الرحيم أبدا
وكان في ذا أوضح الدَّلالة
قطعا بصدق صاحب الرسالة
وكم من الوحي صريحا وردا
في فضل من غزوة بدر شهدا
وبعدها قد نجم النفاق
في حسّد وانكَمَت الشقاق
وكان بعد ذاك غزوة إلى
بني سُلَيم ثم عاد قافلا
بعد مقامه ثلاثة على
ماء لهم فلم يجد مقاتلا
وبعد ذاك غزوة السَّويق في
ذي الحجَّة افهمه بلا توقُّف
وكان طالبا أبا سفيان ثم
لم يدركوه إذ فرارًا فاتهم

السنة الثالثة من الهجرة

في صدرها غزوته لذي أمر
وعاد من بعد مقامه صفر
ثم غزا بعد لنحو الفرع
آخر أول الربيعين فع
وكان غزوة إلى اليهود
من قينقاع أمَّة الجحود
لكنه أطلقهم لمّا اعترض
في أمرهم ابن سلول ذو المرض
لأنه له ادعاهم أوليا
أما عبادة فمنهم بريا
وأنزلت في ذاك آي واعظه
في رابع الطوال من أقوى عظه
وفي جمادي بعث النّبي إلى
عير قريش وعليها حصلا
وكان في البعث الأمير زيدا
فغنموها لم يلاقوا كيدا
وكان فيها قتل ابن الأشرف
أذاقه الأنصار حدّ المشرف
وبعد ذاك أحد قد وقعا
للمسلمين الحسنيين اجتمعا
فأولًا للانتصار حازوا
وبشهادةٍ أخيرًا فازوا
سبعون منهم أكرموا والله لا
يضيع أجر المحسنين عملا
ونيل فيه من رسول الله ما
يكفيك أسوة أيا من فهما
وآخرون بالجراحات ابتلوا
ليعظم الله جزا من عملوا
وكل ذا كان بإذن الله
لا غافلًا عنهم ولا بساه
ولو يشا عز وجل لانتصر
منهم ولم ينل ذوي الإيمان شر
لكنه أراد أن يمتحنا
ويعلم المرتاب ممن آمنا
ثم تكون بعد ذاك الدائرة
على الكفور اليوم أو في الآخرة
ولأولي الإيمان عقبى الدار
والظفر الأعلى بالانتصار
واثنين أو فوق بقبر دفنوا
ضرورة إذ غير ذا لا يمكن
ولم يكن صلّى عليهم في الأصح
ودفنهم لم يغسلوا بالنصِّ صح
وقد دعى الرسول من قد شهدا
فانتدبوا إلى اللحوق بالعدا
فسار حتى جاء حمراء الأسد
وعاد مصحوبًا بنعمة الصمد
وجاء في تفصيل ذا آيات
من آل عمران مبينات
من قوله ﴿وإذ غدوت من﴾ إلى
﴿ما كان﴾ أي تسعًا وخمسون ولا
وكان يوم النصف من شوال
ذا الأمر في السبت بلا جدال

السنة الرابعة من الهجرة

فيها سرية إلى بني أسد
هم مائة من بعد خمسين فقد
فيها أبو سلمة أميرا
فاستاق فيها مغنما كثيرا
وكان في محرّم ثم قضى
بجرحه في أحد إذ نقضا
ثم سرية الرجيع في صفر
بهم عدوّ من هذيل قد غدر
ثم سرية لعمرو الضمري
للفتك بابن حرب إن لم يخبر
وبعدها سرية القراء
في صفر أيضا بلا مراء
فقتلوا بغدر ذكوان معا
رعل عصيّة عصاة أجمعا
وعدهم سبعون ثم قد ثبت
أن النبي بعد ذا شهرًا قنت
يدعو على قاتلهم ثم ترك
وذا بكلّ نازل افعل بدون شك
وكان إجلاء بني النضير
من بعد ذا بزمن يسير
لمّا أرادوا بالرسول مكرا
والله بالذي أسرّوا أدرى
أتاه جبريل سريعًا بالخبر
أن قم وصبِّح بالجيوش من غدر
حاصرهم ستا فأنزلوا على
حكمه فكان ذلك الحكم الجلا
وسورة الحشر بذاك أنزلت
كذا لحكم كلّ فيء فصّلت
وذاك في شهر ربيع الأول
وجاء في الخمور تحريم جلي
ثمّ إلى غطفان غزوة تلي
وسميت ذات الرقاع فاعقل
وكان فيها قصة الذي أراد
بالمصطفى فتكًا فخاب ما أراد
وقصة الحالف أن يهريق في
صحب النبي دمًا وفا بالحلف
حيث رمى حرس النبي بأسهم
وهو يصلي مع نزف بالدم
وجابر قد باع فيها جمله
من النبي وردّوا القيمة له
وذاك في أثنا جماد الأولى
وفيه إشكال فع المنقولا
على الذي رواه أهل السير
وقال آخرون بعد خيبر
منهم محمد هو البخاري
وهو إمام ناقلي الأخبار
وذا يرى أوجه مما قدّما
ولاح في الأول أن قد وهما
برهاننا فيها شهود الأشعري
ووفده بعد انقضاء خيبر
كذا أبو هريرة وكانا
إسلامه في خيبر استبانا
كذلك ابن عُمَر وأول
مشهده الخندق فيما نقلوا
كذا صلاة الخوف فيها ذكروا
وكان الأحزاب وليست تذكر
بل كان في عسفان شرعيتها
بدءً ولا تعلم قط قبلها
وكان فيها غزوة بدر الموعد
في شهر شعبان بلا تردد
لكن أبو سفيان عنها اختلفا
والجيش ردّ وبوعد ما وفى
فيها ثمان قام ثمّ انقلبا
بنعمة من ربه ليثربا
وزيد فيها أخذ الكتابا
عن اليهود ليعي الخطابا

السنة الخامسة من الهجرة

فيها غزا أثنا ربيع الأول
لنحو دومة أضف للجندل
ولم يكن فيها قتال ورجع
من بعد شهر غانمًا كذا وقع
وكان فيها غزوة الأحزاب
في شهر شوال بلا ارتياب
أسبابها اليهود أمة الغضب
إذ بعثوا إلى قريش من ذهب
يحثّهم على القتال للنبي
وغزوه مع حزبه بيثرب
ونقضوا العهد الذي قد عقدوا
مع الرسول فاعتدوا واتعدوا
بزعمهم للدّين أن يستأصلوا
والله لا يهمل لكن يمهل
فبادر النبي بحفر الخندق
برأي سلمان الصدوق المتّقي
وكم بحفره من الآيات قد
أظهرها الله لأرباب الرشد
وجاءهم من فوقهم وأسفلا
عدوّهم واشتدّ إذ ذاك البلا
وزاغت الأبصار واشتدّ القلق
وعظم الزلزال للأمر الأشق
ونجم النفاق واستبانا
وازداد كلّ مؤمن إيمانا
وقد أساء الشَّاك الظنونا
بالله وازداد التقي يقينا
واقتحم الخندق عمرو إذ حضر
ميقات حتفه فساقه القدر
نازله عليٌّ دون الخندق
فكان ضربة بها مات الشّقي
وانقلبت خيوله منهزمه
والرمح ألقى حين فر عكرمه
وكان قدر مدة الحصار
عشرين ثم جاء نصر الباري
بأن تخاذل العدا واختلفوا
وكان في ذا لنُعَيم شرف
وأرسل الله عليهم ريحا
كذا جنودًا لم ترى صريحا
وقد دعا النبي مستغيثا
ربَّ السما فعاجلًا أغيثا
فردّهم بالغيظ لم ينالوا
خيرًا وقد أعناهم الزلزال
هذا ولما انقلب الرسول
لأهله إذ جاءه جبريل
فقال هل وضعتم السلاح لا
والله إنا لم نضعه اذهب إلى
بني قريضة الألى قد نكثوا
أيمانهم غدرًا ولم يكترثوا
فأذن الرسول يا من أسلموا
أن لاتصلوا العصر إلا فيهموا
حاصرهم خمسا تلي عشرينا
ونزلوا من بعد خاسئينا
لحكم سعد بن معاذ فيهموا
بالقتل والسبي ومال يغنم
وكان قد وافق ذا الحكم الجلي
حكم الإله فوق عرشه العلي
فضربت أعناق كل محتلم
منهم بحكم الله والمال قسم
وأنزلت من أول الأحزاب
آي اعتبار لأولي الألباب
من قوله ﴿يا أيها الذينَ﴾
إلى ﴿قدير﴾ جاء مستبينا
ومات سعد بعد ذا شهيدا
كان النبي له بذا شهيدا
وكان قتل ابن أبي الحقيق
بعد قريظة على التحقيق
وقتله كان بأيدي الخزرج
ليلًا ولم يكن له من مخرج
وكان بعد ذاك قتل خالد
ابن نبيح الهذلي المارد
عبد الإله ابن أنيس قتله
ففاز بالوعد الذي لا خلف له
ثم تزوج النبي بنت أبي
سفيان ثم بعدها بزينب
وقد تولى الله عقدها كما
يتلى،بذي القعدة لا توهما
وأنزلت فيها من الأحزاب
آي ومنها آية الحجاب

السنة السادسة من الهجرة

فيها غزا إلى بني لحيانا
ومال إذ فروا إلى عسفانا
وهي التي صلى بها الخوف كما
ذكرت في البحث الذي تقدما
أولى جمادى بعد ستة أشهر
بعد بني قريظة فليحصر
وكان فيها غزوة لذي قرد
وقيل صدر عام سابع ورد
وهي التي عيينة أغارا
فيها على سرح النبي فسارا
في أثرهم سلمة بن الأكوع
إذ ليس منه فارس بأسرع
فاستنقذ السرح وفروا هربا
ومنهموا بعض المتاع استلبا
من قبل أن تدركه الخيول
وبعد في الجمع أتى الرسول
وبعدها غزا بني المصطلق
في شهر شعبان لدى المحقق
وقُتل المقتول منهم وسبي
باقيهموا وقسموا في النصب
ومنهموا زوج النبي جويريه
وسبب العتق لسبيهم هيه
وقال فيها ابن سلول بئسما
قال لأصحاب الرسول الكرما
وسورة المنافقين أنزلت
في شأنه فأوضحت وفصلت
وجاء فيها عصبة بالإفك
وأنزلت فيه بدون شك
خمس تلي عشرًا من الآيات
من سورة النور مفصلات
من قوله: ﴿إن الذين جاؤوا﴾
إلى ﴿كريم﴾ ساء الإفتراء
وبرئت من ذلك الصديقه
كما هي البراء في الحقيقه
وضُرب الحد الذين أفصحوا
في شأنها بإفكهم وصرحوا
والرافضي يكفر حتى الآن
بهذه الآي من القرآن
وخرج الرسول كي يعتمرا
في شهر ذي القعدة من غير مرا
و صده قريش بالعدوان
وكان فيها بيعة الرضوان
وكان من أسبابها فيما أثر
لما النبي أرسل عثمان ذكر
أن قريشا قتلوه فندب
للبيعة النبي فكلّ انتدب
لها وهم من بعد ألف أربع
من المئين فالجميع بايعوا
وانعقد الصلح بوضع الحرب في
عشر سنين وهو فتح ما خفي
وأن يعود عامه ويعتمر
من قابل وأن يرد من يفر
منهم إليه والذي إليهموا
يفر لا رد له عليهموا
ومن يشأ في أحد العقدين
يدخل لا بأس بأي ذين
فكان في عقد قريش دخلا
بكر وللنبي خزاعة تلا
وختم الكتاب ثم نحرا
هديًا مع التحليق حيث أحصرا
واشتد ذا على الذين أسلموا
والله والرسول منهم أعلم
وسورة الفتح المبين كلها
قد نزلت في شأن ذاك فاتلها
وحرَّم الله على النيران
جميع أهل بيعة الرِّضوان
ومنهم استثني صاحب الجمل
إذ لم يبايع معهم بل اعتزل
ونزلت آيات الإمتحان
في هجرة النساء بالتبيان
ولا يحلُّ ردُّهنَّ أبدا
لمشرك مع صدق إيمان بدا
فيها سرية أبي عبيدة
في أربعين قاصدا ذا القصة
وبعث زيد وهو ابن حارثه
ثلاث مرَّات النَّبي باعثه
أولها إلى بني سليم
فرجعوا بمغنم عظيم
وثانيا إلى بني ثعلبة
أولى جمادي كان دون مرية
وغنموا فيها وثالثا إلى
عير أبي العاص بذا الشهر انجلا
وقد أجاره النبيُّ لابنته
زينب ثمَّ رد مع تجارته
وذاك قبل الصلح فاعلمنه
ممَّا مضى دون ذهول عنه
كذا سرية ابن عوف تعلم
لدومة الجندل ثم أسلموا
ثم حديث العرنيين الأولى
قد حاربوا الله ومن قد أرسلا
وكفروا من بعد ما قد أسلموا
وقتلوا الراعي وسيق النعم
فأدركوا فصلبوا و قتلوا
وقطعت أيديهم والأرجل
والحجُّ فيها عند قوم فرضا
كما نحاه الشافعيُّ وارتضى
وأرسل الرسول في ذي الحجة
إلى الملوك في سبيل الدعوة
فحاطب منهم إلى المقوقس
وابن حذافة لكسرى فارس
وهب لحارث هو الغسّاني
ودحية لقيصر النصراني
لهوذة سُلَيط أعني العامري
وللنجاشي عمرو وهو الضمري

السنة السابعة من الهجرة

في صدرها غزوته لذي قرد
عند البخاري وللأول رد
وبعدها غزوته لخيبرا
كما به فتحا قريبا فسِّرا
وما تخلَّف عنه من إنسان
من المبايعين في الرِّضوان
إلا ابن عبدالله جابرًا وقد
أعطي سهمه وفي الأجر بعد
وفتحت حصونها و غنمت
أموالهم بالقهر ثم قسمت
على ثلاثين وستة أسهم
وكل سهم مائة فليفهم
فقسم النصف لفارس على
ثلاثة والرَّاجل السهم انجلا
وذاك بعد الخمس ثم فصلا
فيها ابن اسحاق الذي قد أجملا
وأسهم النبي لبعض ما شهد
لكن بإذن الشاهدين فاعتمد
والنصف قد أعد للنوائب
كالوفد والعدة فافهم تصب
وعامل النبيُّ أهلها على
شطر وإن شا فعليهم الجلا
وحرِّمت فيها لحوم الحمر
أعني به الإنسية افهم وأْثر
وأطعم السم رسول الله في
شاة بإذن الله منه قد كفي
وكان بعدها قدوم جعفر
ومن معه منهم وفد الأشعري
وفي رجوع بصفية بنا
وهي أمُّ كل من قد آمنا
وفيه أيضًا حصره وادي القرى
وفتحه وقسم مغنم جرى
وعامل اليهود فيه مثلما
عامل أهل خيبر وحينما
جاء النبا يهود تيما بذلوا
صلحا بجزية كذا قد نقلوا
وفيه إشكال إذ الجزية في
تاسع عام شرعت فليعرف
وفدك ممَّا أفاء الله
على رسوله و مصطفاه
كذا بها سرية الصديق
إلى فزارة و للفاروق
سرية إلى هوازن كذا
سرية لابن رواحة خذا
إلى يسير بن رزام الغادر
وأخذوا أخذ العزيز القادر
بعث إلى جهينة وقتلا
فيها أسامة الذي قد هللا
كذا أبو حَدْرد نحو الغابه
فعاد غانما بلا كآبه
كذا سرية الذي قد أمرا
من معه دخول نار سجرا
قال النبي في ذاك ليس لأحد
طاعة في معصية الله الصمد
وكان فيها عمرة القضاء
كما مضى العقد بلا مراء
وفي رجوعه الرسول قد نكح
ميمونة وهو حلال في الأصح
وبعث النبي سرية إلى
بني سليم وبها رد على
ابن الربيع زينبا بالعقد
الأول عند علماء النقد

السنة الثامنة من الهجرة

أسلم فيها عمرو بن العاص مع
خالد عثمان بن طلحة ووقع
بعث شجاع بن وهب الأسدي
إلى هوازن ففا بالرشد
وبعث كعب بن عمير لبني
قضاعة واستشهدوا فاستبن
وكان في أولى جمادي منها
غزوة مؤتة فحققنها
وزيد مع جعفر فيها استشهدا
وابن رواحة فنعم الشهدا
وأخبر الرسول باستشهادهم
من قبل أن يجيء مخبر بهم
وفتح الله لهم على يد
خالد سيف الله غير مغمد
وبعث عمرو ولد العاص إلى
ذات السلاسل هنا قد نقلا
وقد أمده الرسول آخرا
بعصبة المهاجرين أمرا
عليهموا أمين هذي الأمه
أبو عبيدة بنص السنه
وفيهم الصديق والفاروق ثم
إذ لحقوا عمرًا غدا أميرهم
وجنبًا صلى بهم عمرو لما
كان من البرد شديدًا مؤلما
وقد أقره الرسول حينما
أخبره بعذره فليفهما
ثم سرية لسيف البحر
عليهموا عبيدة في الأمر
وكان فيها قصة الحوت كما
جا في الصحيحين بإسناد سما
هذا و لما أن أراد الله
إنجاز وعده لمصطفاه
بفتح مكة كما قد أنزله
في سورة الفتح بلا مجادله
عدا بنو بكر على خزاعه
ونكثوا الميثاق تلك الساعه
وساعدوهم من قريش السفها
بغيا وعدوًا ليس فيهم من نهى
فأخبر الرسول عن ذا الأمر
ثم غزاهموا جزاء الغدر
في عشرة الآلاف فيما أثرا
وقيل بل قد سار في اثني عشرا
مخرجه لليلتين خلتا
من رمضان هكذا قد ثبتا
وثبت الفطر بأثناء السفر
من فعله ثم به الجيش أمر
والله أخفى عن قريش الخبر
حتى أتاهم النبي على قدر
ودخل الرسول فيها ساجدا
شكرًا لذي العرش على فتح بدا
وركز الراية بالحجون
فكان فتحًا قرة العيون
فتحًا به كسرت الأصنام
والشرك ذل وعلا الإسلام
فتحًا به استبشر أجمع الأنام
وطهر الله به البيت الحرام
وخطب النبي ثم أطلقا
قريشًا إذ ذاك وسمّوا الطلقا
ودخلوا في السلم منقادينا
لكل حكمه ومذعنينا
وكل أمر جاهلي وضعه
ورد حكمه إلى ما شرعه
وأخبر الأمة أن الحرما
حرمته عادت كما تقدما
وللنبي ما حل إلا ساعه
وهو حرام لقيام الساعه
وأرسل الرسول خالدًا إلى
جذيمة ليس لهم مقاتلا
بل داعيًا فلم يعوا الإسلاما
قالوا صبأنا فاستباح الهاما
ضربًا وأسرًا فانتهى الأمر إلى
محمد الرسول ثم أرسلا
لهم عليا فودي من قتلا
منهم ورد مالهم وأكملا
وقد تبرأ الرسول معلنا
من صنع خالد بهم وما جنى
وبعد ذا أرسله ليهدما
لصنم العزى فلما هدما
وعقرت شيطانه ثم غنم
ما كان من مال بيته علم
ومكث الرسول باقي الشهر
بمكة مع قصره والفطر
وأمر المقيم بالإتمام
كذاك لا عذر من الصيام
وللفراش قد قضى بالولد
كما استبان في الحديث المسند
وحرمت شفاعة الحدود من
بعد بلوغها الإمام فاستبن
وبعدها غزا هوازنًا وفي
ذاك حُنينا يومه غير خفي
وكان فيها بعض من تؤلفا
فانجفلوا عن الرسول المصطفى
وقوله أنا النبي لا كذب
منتسبًا أنا ابن عبد المطلب
ومعه أكابر الأخيار
من المهاجرين والأنصار
ناداهم العباس حين أمره
يا آخذي البيعة تحت الشجره
فانحدروا كل يؤم الصوتا
وآثروا على الحياة الموتا
فعند ذلك الوطيس قد حمي
واشتد في معركة المزدحم
ثم رمى الرسول بالحصباء
وجوههم أي أوجه الأعداء
فانهزموا إذ ذاك مدبرينا
وتركوا الأموال والأهلينا
وأصبحت للمسلمين مغنما
و للخيول والرجال أسهما
وبعدها الطائف شهرًا حوصرا
ولم يكن فتح لأمر قدرا
وهو قدومهم بثاني العام
جميعهم سعيًا إلى الإسلام
وفي رجوعه الرسول أطلقا
سبي هوازن كما قد حققا
وقسم الأموال ثم آثرا
قوما تألّفا لهم بما يرى
لم ينل الأنصار شيئا منها
بحيث كانوا أغنياء عنها
فالناس يرجعون بالحطام
وهم بحوز سيد الأنام
واعترض المنافقون والجفاه
عليه في قسمته بما رآه
لكن على أذاهموا قد صبرا
وما إليه نسبوا منه برا
وبعدها أهل بالعمرة من
جعرانة وسميت بها فدن
في شهر ذي القعدة من غير مرا
ولم يحلق النبي بل قصّرا
ثم انثنى منها إلى المدينةِ
فيما بقي من بعض شهر الحجةِ

السنة التاسعة من الهجرة

كان بها غزو تبوك في رجب
وقصده الروم فإذ ذاك انتدب
معه ثلاثون من الآلاف
مقاتلون كلّ ذي خلاف
وابن سلول عنه قد تخلفا
في حزبه وبعض من قد خلفا
عذرهم الحاجة إذ لم يجدوا
نفقة وآخرون وجدوا
لكن لبطئ نية تأخروا
مثل الثلاثة الذين ذكروا
وآخرون أغنيا فاختاروا
تخلفا ما لهم اعتذار
ورغب النبي ذوي اليسار
في أن يجهزوا ذوي الإقتار
وقد أتى أن ابن عفان على
ثلاثمائة بعير حملا
كلا مع الأحلاس والأقتاب
وكل لازم بلا ارتياب
ولعلي الرسول استخلفا
في أهله من أجل ذا تخلفا
أنزله النبي ذو التكريم
منزل هارون من الكليم
لا في النبوة التي قد ختما
بناؤها بأحمد وتمما
فلا نبيّ بعده ومدعي
ذا كافر مع مؤمن به فع
وأهل أيلة الرسول صالحا
وأهل جرباء وأهل أذرحا
ولأكيدر النبي قد أرسلا
خالد ثم صلحه قد نقلا
أقام عشرين وبعدها قفل
لدار هجرة وبأسا لم ينل
وكان في طريقه قد راموا
فتكًا به الأخابث اللئام
من المنافقين لكن قد كفي
منهم بإذن الله ذي الوعد الوفي
وافتضحوا قضية لا تستر
ولعذاب في الجحيم أكبر
ومسجد الضرار أيضًا هدما
لأمره بذاك حين قدما
وتاب ذو العرش على من صدقا
من المخلفين لا من نافقا
وللثلاثة الذين خُلّفوا
طول حديث في الصحيح يُعرف
وبعدها في رمضان قدموا
وفد ثقيف للنبي فأسلموا
وبعث الرسول معهم من هدم
طاغوتهم وبيت ماله قسم
وأمر النبي على الحج أبا
بكر وبعده عليّ صحبا
مبلّغا عن الرّسول أوّلا
سورة توبة ليتلوها على
مجامع الناس لدى المواسم
ولا يحج بعد غير مسلم
ولا يحلّ أن يطوف أبدا
بالبيت عريان كذاك أسندا
وكثر الوفود في ذا العام
لرغبة الدخول في الإسلام
فلنسرد الآن الذي تيسّرا
مبين سابق وما تأخرا
وفد تميم ثم فيهم نزلت
في الحجرات آيتان إذ علت
أصواتهم على النبيّ بالندا
ووفد عبدالقيس لكن قد بدا
أن قدومهم على الأصح
على النبيّ كان قبل الفتح
ثم بنو حنيفة وفيهموا
كذابهم وأمروا أن يهدموا
بيعتهم مع اتخاذ المسجد
مكانها للصلوات فاقتد
و وفد نجران وفيهم نزلا
من ابتداء آل عمران إلى
رأس ثلاث وثمانين و قد
صالحهم نبينا كما ورد
وفد بني عامر فيهم عامر
أصابه الطاعون وهو غادر
ومعه أربد في المشاققه
فأرسل الله عليه الصاعقه
فأهلكا جزاء ما قد أجرما
وأسلم الباقون من قومهما
وأنزلت في ذلك الآيات
من سورة الرعد مبينات
ثم ضمام ذو الفلاح وافدا
عن قومه سعد بن بكر فغدا
أبرك وافد بحيث أسلموا
من يومهم كلا وما تلعثموا
ووفد طيء مع زيد الخيل
وأسلموا لله دون ميل
قدوم نجل حاتم وهو عدي
بعد فراره إلى الحق هدي
ووفد دوس وهو فيما ثبتا
بخيبر حيث الطفيل قد أتى
إلى النبي بمكة وأسلما
ثم دعا دوسا إلى أن تسلما
كذا قدوم الأشعريين الغرر
وهم أُهيل الهجرتين بالأثر
إذ هاجروا إلى النجاشي أولا
ثم ليثرب بخيبر تلا
وابن مسيك فروة المرادي
أي وافدًا عن قومه مراد
ووفد عمرو بن معد يكربا
خلفًا لنا في كونه قد صحبا
كذا قدوم صرد في الأزد
ووفد الأشعث بن قيس الكندي
رسل ملوك حمير بأنهم
قد أسلموا بلا امتراء كلهم
وذاك حين قدم الرسول من
تبوك والكاتب عنهم ذو يزن
وكتب النبي لهم كتابا
وبيّن الأحكام والنصابا
وهو كتاب عمرو بن حزم
وذاك أصل عند أهل العلم
وجاء مسلما جرير البجلي
كذاك مقدم ابن حجر وائل
وفد أبي رزين العُقَيلي
وهو راوي النّبا الطويل
وهو حديث واضح التبيين
فيه كثير من أصول الدين
زياد بن الحارث الصدائي
وفدًا أتى عن قومه صداء
والحارث البكري إذ يشكو الملا
وابن أبي عقيل جاء في الملا
قدوم طارق بن عبد الله
مع قومه فأسلموا لله
قدوم فروة الجذامي مسلما
وقتلته الروم لما أسلما
كذا تميم بن أوس الداري
إذ جاء مسلما بلا إنكار
وفد فزارة و وفد أسد
ومنهموا وابصة بن معبد
وفد بني عبس قُبيل الفتح
بل إنهم لا شك قبل الصلح
وفد بني مرة واستسقى النبي
لهم لكونهم في أرض جدب
وفد بني ثعلبة في سنة
ثمان والرسول بالجعرانة
وفد بني محارب في عشر
في حجة الوداع دون نكر
وفد بني كلاب ثم سلّموا
على النبي تحية وأسلموا
وفد بني رؤاس من كلاب
ثم بني البكا بلا ارتياب
وفد بني عقيل بن كعب
كذا بنو قشير بن كعب
وفد كنانة ووفد أشجع
بأهله هم عقب الفتح فع
وفد بني سُليم قبل الفتح ثم
قد شهدوه وحنينًا كلهم
وفد بني هلال بن عامر
وفد بني بكر وتغلب دري
وفد تجيب من أهيل اليمن
ووفد خولان بعشر فافطن
ووفد جعفي ووفد الأزد
وكان فيهم من خصال الرشد
وفد بني سعد هذيم وفد
بهرًا ووفد عذرة وبعد
وفد بلي وفيهم السائل عن
ملتقطٍ ما حكمه و ما يسن
ووفد غسان بعام العاشر
وكتموا إيمانهم في الأثر
ووفد غامد بعشر قدموا
والنخع آخر الوفود يعلم
في حادي العشرة في المحرم
وأسلموا من قبل ذاك فاعلم

السنة العاشرة من الهجرة

فيها النبيّ أرسل خالدا إلى
نجران ثم أسلموا وأقبلا
خالد مع وفدهموا فآبوا
في صدر ذي القعدة لا ارتياب
وبعث النبي عليًّا لليمن
من قبل حجة الوداع فاعلمن
وأدرك الحج مع النبي ثم
عاد لصحبه ليستقبلهم
كذا أبو موسى بن قيس الأشعري
معه معاذ عاملين فأثر
لليمن الميمون ثم أمرا
بأن ييسّرا ولا يعسّرا
وأن يبشّرا ولا ينفّرا
ويتطاوعا على ما أمرا

(صفة حجة الوداع)

تقدم القول بأن الحج في
ست أتى الأمر به وقيل في
تسع وقيل بل بعام عاشر
وقيل قبل هجرة وذا عري
عن حُجة وقصدنا الآن البيان
عن وصف حجة النبيّ كالعيان
فبعد أن قد بلَّغ الرسول ما
يفرض في الشرع بيانًا محكما
ولم يكن بقي من الدعائم
يحتاج تبيانًا سوى الحج افهم
سار النبيّ له بجمع لم يرى
في مثله من قبل فيما أثرا
في عام عاشر لخمس بقيت
من شهر ذي القعدة بالسبت ثبت
والظهر في يثرب صلى أربعا
والعصر ركعتين بعد دفعا
لوادي العقيق ذي الحليفة
وفيه صلى الخمس دون مرية
ومنه قد أهل من مسجده
كذاك مع ركوبه من بعده
ثمَّ إذا استوى على البيداء
أهل ثالثا بلا مراء
من أجل ذاك اختلفوا أين أهل
كل لما شاهده منه نقل
واختلف النقل لما أهل به
على روايات ثلاث فانتبه
فجاء أنه أهل مفردا
وكونه تمتعًا قد أسندا
وجاء فيه قارنًا وهو الأصح
نحو ثلاثين حديثًا فيه صح
والطيب للإحرام كان استعملا
وطاف في نسائه واغتسلا
ورأسه لبّده بالعسل
وأشعر الهدي وتقليد يلي
وكان يُعلي الصوت بالتلبية
ويأمر الصحب بدون مرية
وبات في قدومه بذي طوى
وفيه صلى الصبح مسلم روى
وبعد ذاك مكة قد دخلا
وكان من قبل الدخول اغتسلا
وبالطهور في قدومه بدا
وطاف بالبيت وبالركن ابتدا
سبعة أشواط ثلاثًا رملا
وما بقي فيه مشى ما رملا
مضطبعًا كان ببرد أخضر
مستلمًا في كلها للحجر
وبين ركنيه اليمانيين
يمشي جميعها بدون مين
لأنه كليهما يستلم
ومشيه لذا روي فليفهم
وقد نهى القويّ في استلام
أن يؤذي الضعيف بازدحام
فليستلمه خاليًا وإن يرى
زحمة استقبله وكبرا
وبعد أن تممه تتميما
جاء إلى مقام إبراهيما
وفيه صلى ركعتين وقرا
سورتي التوحيد من غير مرا
وعاد بعد لاستلام الحجر
ثم أتى الصفا كما في الأثر
ثم تلا الآية وابتدا به
ثم عليه قد رقى فانتبه
مهللا مكبرا ثم دعا
ثلاث مرات وبعد ذا سعى
منه إلى المروة ثم فعلا
كفعله على الصفا مكملا
سبعة أشواط جميعًا رملا
بطن المسيل ومشى فيما خلا
وكان في ذا السعي والطواف
يمشي ولا التفات للخلاف
هذا ولما أن أتمّ السعيا
آذن من لم يك ساق الهديا
بالحلق والتقصير وليحلوا
وما بالإحرام حرام حل
فقيل هل هذا لنا أو للأبد
أجابهم نبينا بل للأبد
وكان ذاك رابع الأيام
من شهر ذي الحجة لا إيهام
وقد أقام أربعا لم يطف
بالبيت غير ذا الطواف فاعرف
والقصد ذكر فعله لا المنع من
طواف من شاء متى شاء فدن
ويوم ثامن إلى منى دفع
بعد الزوال في الخميس ذا وقع
مع كل محرم ومن قد كان حل
أمره إذ ذاك بالحج أهل
والظهر ثم العصر والمغرب به
صلى كذا العشا وفجر فانتبه
ودفعه بعد طلوع الشمس في
تاسع ذي الحجة غير منتف
وقال في نمرة إلى الزوالْ
ثم أتى الوادي راكبا فقالْ
خطبته هناك ثم أذنا
بلال وابتدا بأخرى فهنا
كان انتهاؤها مع انتهاء
من الأذان دونما مراء
ثم أقام لصلاة الظهر
ثم أقام بعدها للعصر
ثم أتى من بعد ذاك الموقفا
واستقبل القبلة من غير خفا
وكان عند الصخرات جاعلا
بين يديه في الوقوف الجبلا
وراكبًا كان وكان مفطرا
لشربه الحِلاب فيما أثرا
وأنزلت عليه إذ ذلكمو
﴿اليوم أكملت لكم دينكمُ﴾
ولم يزل وقوفه مع الدعا
حتى إذا كان الغروب دفعا
من عرفات مردفا أسامه
وشانقًا مركبه زمامه
ويأمر الناس بأن لا يسرعوا
وقال ليس البر في أن توضعوا
حتى إذا ما جاء جمعًا نزلا
وأسبغ الوضوء نصًّا نقلا
وبالأذان عند ذاك أمرا
ثم أقيم مغرب بلا مرا
ووضعوا رحالهم ثم أقام
أي للعشاء ثانيًا بلا ملام
ولم يكن بينهما قد سبّحا
وجاء نص في البخاري أفصحا
فيه بتأذين لكل منهما
وذكر التسبيح ما بينهما
لكنه على ابن مسعود وقف
والراجح المرفوع فاجزم لاتقف
وقدم النبي بعض الثقل
ليقفوا ويدفعوا بالليل
ولم يكن لغير ثقل رخصا
في ذلكم لكن بهم قد خصصا
هذا وقد صلى النبي الفجر مع
بزوغه مبادرًا حين طلع
وركب القصوى وجاء المشعرا
مازال واقفًا إلى أن أسفرا
وكان في موقفه مستقبلا
محمدلًا مكبرًا مهللا
وحينما أسفر جدًّا دفعا
قبل طلوع الشمس ثم أسرعا
حين أتى محسرًا وكان قد
أردف معه الفضل فافهم ماورد
ولحصى الرمي هناك قدّرا
مثل حصى الخذف لهم مفسّرا
وسلك النبي الطريق الوسطى
للجمرة الكبرى كما قد خطّا
ثم رمى بالحصيات السبع مع
كل حصاة منه تكبير وقع
من باطن الوادي يمينه منى
والبيت عن يساره تيقنا
وبعد أن رمى لبدنه نحر
ستين بعدها ثلاثًا وأمر
بنحر باقيها عليًّا وله
أشرك في الهدي وقد وكله
على اللحوم والجلال منها
تقسيمها كلا وليس منها
شيئًا لجزار وقد أعطاه
من عنده الأجرة أخرجاه
وكان قدر ذلك الهدي مائه
من إبل قد صح فاعلم نبأه
ومن جميعها ببضعة أمر
تطبخ كي يأكل منها في أثر
فأكلا منها وبعد نحره
حلق رأسه فنصف شعره
فرقه في الصحب مسلم روى
ذا وأبو طلحة نصفه حوى
وبعد ذاك لبس الثيابا
مستعملًا للطيب لا ارتيابا
ثم أفاض بعد ذا للكعبةِ
وطاف راكبا بدون مريةِ
ثم بماء زمزم تضلّعا
وفيه بين المروتين ما سعى
وهكذا من كان معه قارنا
أو مفردًا وكان بالهدي اعتنى
أما أولوا الفسخ ومن تمتعا
فإنه مع ذا الطواف قد سعى
ذا صح عن عائشة في مسلم
وفي البخاري ولديه فاعلم
عن ابن عباس حديث آخر
لما روت عائشة مفسر
والظهر صلاها بمكة على
رواية وفي منى الأخرى انجلا
كلاهما نص الصحيح قد تلا
من أجل ذاكان اختلاف من خلا
بين مرجح لإحدى تين
وقائل صلاة مرتين
وخطب النبي يوم النحر
وودع الأمَّة نصًّا فادر
وقال موقف جميع عرفه
كذاك جمع لا يخص موقفه
كذا منى صارت جميعًا منحرا
لا بمكان نحره منحصرا
وترك ترتيب لمن لم يشعر
لم يأت فيه حرج فاعتبر
كحالق والهدي لما ينحر
والنحر قبل الرمي بالجهل اعذر
هذا وقد بات النبي في منى
ليالي التشريق نصًّا بيّنا
يرمي الثلاث الجمرات كلها
في كل يوم للزوال فادرها
وعند أولاها ووسطاها وقف
يدعو طويلًا ولدى الأخرى انصرف
وأوسط الأيام من منى خطب
مذكرًا مودِّعًا بلا ريب
وقد روي بأن فيه نزلت
سورة نصر بالوفاة آذنت
واستأذن العباس أن يبيت في
مكة للسقي الذي به حفي
كذاك للرعاة قد رخص أن
يرموا ليومين بيوم فاعلمن
من بعد رميهم ليوم النحر
وبعد ذا يرمون يوم النفر
ولم يكن في نفره تعجلا
بل نفره ثالث يوم نقلا
والعصر قد صلاها بالمحصب
كذا العشاءين افهمنه تصب
وبات فيها ثم لما كان من
آخر ليلة أفاض فاستبن
للبيت فيه الصبح صلى وتلا
سورة ﴿والطور﴾ افهمن ما نقلا
وطوفت بالبيت أم سلمه
راكبة ورا الصفوف فاعلمه
وطاف بعد وأتى الملتزما
ثم دعا الله بما قد قسما
وكان مخرج النبي من كُدا
أسفل مكة بضم قد بدا
وخطب الناس بماء قد دعي
غدير خم عظة لهم فع
وبكتاب الله أوصى فاعتصم
وأهل بيته كذا أوصى بهم
وقال من مولاه كنت فعلي
مولى له فلا تكن بمعزل
وهذه الخطبة عنه اشتهرت
عن صحبه من طرق قد كثرت
ولم يكن فيها لشيعي غوي
من حجة قط على ما قد هوي

السنة الحادية عشرة من الهجرة

قد استهلت فادر بعدما استقر
بطيبة رحال سيد البشر
في صدرها بعث أسامة إلى
أرض فلسطين ولكن نزلا
أثناء ذاك بالرسول مانزل
فكان عند ذلك الخطب الجلل
أثنا ليال قد بقين من صفر
وقيل في صدر ربيع الأغر
وزار بالليل بقيع الغرقد
مستغفرًا لهم وفي الصبح ابتدي
به ومع ذا كان في زوجاته
يدور بالقسم على عاداته
وعندما اشتد به استأذنهن
في أنه يكون عند خيرهن
عائشة هي ابنة الصديق
وقد أذن فادر بالتحقيق
وكان في أيام شكواه يؤم
أصحابه بأمره صديقهم
حتى إذا ما كان خفة وجد
في الظهر عن يسار صديق قعد
ثم بهم صلى إمامًا في الأصح
عنه أبو بكر مبلغًا وضح
وذاك في يوم الخميس ثم لم
يخرج إليهم للذي به ألم
حتى إذا كان صلاة الصبح من
نهار الاثنين بنص لم يهن
بدا لهم بوجهه وقد أمر
لهم بإتمام الصلاة واستتر
وكان في تلك الضحى الوفاة
ومن وصية النبي الصلاة
ومُلك الايمان وألا يُتخذ
قبر الرسول مسجدا كما اتخذ
من قبلنا اليهود والنصارى
قبور أنبيائهم جهارا
ولا يقر في جزيرة العرب
دين سوى الإسلام فاحفظه تثب
وارتاب بعض الصحب في وفاته
وظل طامعًا بقا حياته
حتى أتى الصديق بالثبات
وصادق العزم والاستثبات
فقام في الناس خطيبًا لهمو
وكل مشكل أزاح عنهمو
وبايع الناس على الكتاب
وسنة النبي بلا ارتياب
وشرعوا بعد بتجهيز النبي
وأسند الأمر إلى الأقارب
وهم علي مع عمه العباس
والفضل مع قثم بلا التباس
كذا أسامة بن زيد الأمير
وصالح مولى نبينا النذير
ومعهم أوس من الأنصار
وكان بدريًّا بلا إنكار
ولم يجردوه بل في ثوبهِ
قد غسلوه يدلكونه بهِ
بالماء والسدر وجففوه
وبعد في الأكفان أدرجوه
كفن في ثلاثة أثواب
من كرسف بيض بلا ارتياب
بلا قميص لا ولا عمامه
على الأصح فالزم ائتمامه
وبعدها صلوا بلا إيهام
عليه أفرادًا بلا إمام
وفي مكان موته قد دفنا
ليلًا كذا اللّحد له تعينا
وفرشوا قطيفة حمراء له
ونصبوا اللبن بلا مجادله
وغاسلوه قبره قد نزلوا
لا قثم أسامة لم ينزلوا
وكان دفنه بلا مراء
فيما روي ليلة الأربعاء
وعمره ثلاث مع ستينا
إذ عاش قبل الوحي أربعينا
ثمَّ ثلاث بعدها يوحى إليه
من قبل أن يفرض تبليغ عليه
وقام بالتبليغ عشرين سنه
حتى أتمَّ دينه وأحسنه
ولم يورِّث درهمًا كلا ولا
دينارًا احفظ وافهمن ما نقلا
بل ورَّث الوحيين نورًا وضيا
كذاك علم الدِّين إرث الأنبيا
صلَّى عليهم ربُّنا وسلَّما
والآل والصحب وتابعٍ سما
وتمَّ بالإجمال نظم السيره
على اختصار قاصدًا تيسيره
وبعده يتلو بإذن الله
نظم شمائل النَّبي الأوَّاه
والله أرجو العون والتوفيقا
ودفعه المانع والتعويقا