انتقل إلى المحتوى

نوار في صواحبها نوار

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

نوارٌ في صواحبها نوارُ

​نوارٌ في صواحبها نوارُ​ المؤلف أبو تمام


نوارٌ في صواحبها نوارُ
كما فاجاكِ سربٌ أو صوارُ
تكَذَّبَ حاسِدٌ فنَأَتْ قُلُوبٌ
أطاعَتْ وَاشِياً وَنأَتْ دِيَارُ
قفا نعطِ المنازلِ منْ عيونٍ
لها في الشَّوْق أحسَاءٌ غِزَارُ
عفتْ آياتهنَ وأيِّ ربعٍ
يكون لَهُ على الزَّمنِ الْخِيارُ  !
أثَافٍ كالْخُدودِ لُطِمْنَ حُزناً
ونؤيٌ مثلما انفصمَ السوارُ
وكانتْ لوعةٌ ثمَّ اطمأنتْ
كذاكَ لكلِّ سائلِ قرارٌ
مَضَى الأملاكُ فانقرضُوا وأَمَسَتْ
سَرَاةُ مُلوكِنا وهُمُ تِجَارُ
وقوفٌ في ظلالِ الذمّ تحمى
دراهمها لا يحمى الذمارُ
فلو ذهبتْ سناتُ الدهرِ عنه
وألقيَ عنِ مناكبهِ الدثارُ
لَعدَّلَ قِسْمةَ الأَرْزاقِ فينا
ولكنْ دَهْرُنا هذا حِمَارُ!
سيبتعثُ الركابَ وراكبيها
فَتىً كالسَّيْفِ هَجْعَتُه غِرَارُ
أطلَّ على كلى الآفاق حتى
كأنَّ الأَرضَ في عَينَيْهِ دَارُ
يقُولُ الحَاسِدُونَ إذَا انصَرفْنَا
لقَدْ قَطَعوا طَرِيقاً أوأَغَارُوا
نؤمُّ أبا الحسينِ وكانَ قدماً
فَتىً أَعْمَارُ مَوعِدِه قِصَارُ
لهُ خلقٌ نهى القرآنُ عنهُ
وذَاكَ عَطاؤُهُ السَّرَفُ البِدَارُ
ولَمْ يَكُ منْكَ إضْرَارٌ وَلكنْ
تمادتْ في سجتها البحارُ
يطيبُ لجودهِ ثمرُ الأماني
وتروى عندهُ الهممُ الحرارُ
رفعتُ كواعبَ الأشعارِ فيهِ
كما رُفعتْ لِناظرها المنارُ
حليمٌ والحفيظةُ منه خيمٌ
وأيُّ النارِ ليسَ لها شرارُ؟
تحنُّ عداتهُ إثرَ التقاضي
وتُنْتَجُ مِثْلمَا نتِجَ العِشَارُ
أَرَى الدَّالِيَّتَين على جَفاءٍ
لَدَيْكَ وكُلُّ واحدةٍ نُضَارُ
إذا ما شعرُ قومٍ كانَ ليلاً
تَبلَّجَتا كَما انشَقَّ النَّهارُ
وإن كانَتْ قصَائِدُهُم جُدُوباً
تَلوَّنتَا كما ازدوَجَ البَهَارُ
أغرتهما وغيرهما محلىً
بِجُودِكَ والقَوافي قَدْ تَغارُ
وغَيْرُكَ يَلبَسُ المعروفَ خُلْفاً
ويأخُذُ، منْ مَواعدِهِ الصُّفَارُ
رأيتُ صنائعاً معكتْ فأمستْ
ذبائحَ والمطالُ لها شفارُ
وكان المطلُ في بدءٍ وعودٍ
دُخاناً للضَّنيعةِ وهي نَارُ
نسيبُ البخلِ مذ كانا وإلا
يَكُنْ نَسَبٌ فبْينهما جِوَارُ
لِذلِكَ قِيلَ بَعْضُ المَنْعِ أَدْنَى
إلى كرمٍ وبعضُ الجودِ عارُ
فَدَعْ ذِكْرَ الضيَاعِ فبي شِماسٌ
إذا ذُكِرَتْ وَبِي عنها نِفَارُ
ومالي ضَيْعَةٌ إلاَّ المَطَايَا
وشعرٌ لا يباعُ ولا يعارُ
وما أنا والعَقَارَ ولَسْتُ منه
على ثقةٍ وجودكَ لي عقارُ