نفسي الفداء للحظها من رام

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

نفسي الفداءُ للحظها من رام

​نفسي الفداءُ للحظها من رام​ المؤلف علي بن محمد التهامي


نفسي الفداءُ للحظها من رام
ولطرفها من أنصلٍ وسهام
ولثغرها من ضوء برق لامعٍ
لو أتبعتهُ لنا بصوب غمام
قالوا تأسَّ بجفنها في سقمهِ
شتان بين سَقامه وسقامي
سقم الجفون وإن تزايد صحةٌ
أبداً وسُقمي كل يوم نام
أتبعتهم يوم الرحيل بمهجتي
تبعَ الفلاءِ الخيل بعد فطام
وأقمتُ بعدُ وللزمان عجائبُ
منها ترحّل مهجتي ومقامي
رحلوا بمثل البدر إلا أنهُ
عند المحاق يكون بدرَ تمام
وجلون من خلل البراقع أوجهاً
كالورد بين أكنة الأكمام
وأرى خيال العامريّة أنهُ
وافٍ إذا غدرت بعقد ذمام
فلثمنني فجعلت ثمَّ تحرُّجاً
بيني وبين اللَّثم ثني لثامي
وهجرتُ رشفَ رُضابهن لأنه
خمرٌ ولست براشفٍ لمُدام
وهبوه غير الخمر لستُ بذائقٍ
في فعليَ الشبهات شبه حرام
عفُّ الظواهر والضمائر لم أزل
متنزهاً في يقظتي ومنامي
دع عنك ذكر العامرية إنه
وأبيك مغناطيس كلِّ غرام
أما فضائلها على أترابها
فكفضل حيدرةٍ على الحكام
خير القضاة على القضاء اختاره
بعد اختبار منه خير إمام
فقضى بحكم الجور في أمواله
وقضى بحكم الله في الأيتام
ألف اتباعَ العدل في أحكامه
حتى بتقسيم الطُّلى والهام
تتيقّن الأموالُ حين تحلُّ في
كفّيه أن ليست بدار مُقام
وإذا أتى مالٌ خزائنهُ بدا
بوداعه الخزّان قبل سلام
طلقُ الجبين مع اليمين مُوقرٌ
في الحالتين النقض والإبرام
ومهذّب الأقوال والأفعال وال
أخوال والآباء والأعمام
ومعين ماء الجود يشربُ وفده
فيه ويصدر وهو بحرٌ طام
وترى بوجه أبي الحسين بشاشةً
مثل الفرند بصفح كلِّ حسام
ويلوح منه على أسرّة وجهه
نور الهدى وسكينةُ الإسلام
فخر الفصاحة والسماحة والنُّهى
والبأس والآلاء والإنعام
يُخفي النوالَ إذا أتاه تكرماً
حتى كأنَّ الجود فعلُ أنام
تدنو سهامُ الوصف دون علائه
أو يصيب الشمس سهم الرامي
أعدى ندى كفيه صوروأهلها
والبدرُ يقلبُ طبع كلِّ ظلام
ولو أن صوراًجنةٌ ما استكثرت
وأبيك من غلمانه لغلام
يعفو فيفعل حلمهُ بعدوه
ما تفعل الأسيافُ بالأجسام
والحِلم في بعض المواطن نعمةٌ
تسطو بها أبداً على الأقوام
والليث أعبس ما بدا وجهاً إذا
أبصرته في صورة البسّام
وإذا تنمر مغضباً فانظر إلى
جيش على ظهر الجواد لهام
جيش لهُ ظهر الحصان معسكر
ذو يمنتين وساقةٍ وأمام
وكأنما جمع الأعادي جوهرٌ
وسنانهُ في الجمع سلك نظام
لبق الأنامل بالرّماح وطالما
أغنى عن الأرماح بالأقلام
ما قطَّ قطُّ إلى العدى قلماً له
إلا وناب به عن الصّمصام
قلم يقلّم ظُفر كلِّ مُلمةٍ
ويكفُّ كفَّ نوائب الأيام
وترى بحافته المنايا والمنى
ومقاتل الأعداء والأعدام
من آل حيدرة الذين شعارُهم
فيضُ النّدى الهامي وضرب الهام
قهروا بحار الأرض أجمع بالندى
وجبالها برجاحة الأحلام
يتسنمون من المعالي مرتقىً
عنهُ تزلّ مواطئ الأقدام
يتتابعونَ إلى العلاء تتابعاً
كتتابع الأقدام في الأقدام
يقعون من هذا الزمان وأهله
كمواقع الأعياد في الأيام
ألفيت منهم في طرابلس ندى
ترك الكرام لديّ غير كرام
القوم جسم أنت روحهم وهم
في الناس كالأرواح في الأجسام
لا زلتَ في نعَم يخلّد ملكها
كرم الإلهِ القادر العلاّم