نفديك بالأرواح والأجساد

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

نفديك بالأرواح والأجساد

​نفديك بالأرواح والأجساد​ المؤلف جبران خليل جبران


نفديك بالأرواح والأجساد
إن كان قول فاديا لبلاد
أما إذا استنجزت وعدك فاعذري
يا أم قل البر في الأولاد
جمعت عليك الحادثات جموعها
وبنوك ما شاء الشقاق بداد
إن الديار وهكذا مناعها
لغنيمة للمستبيح العادي
هذي حقيقة حالنا فتبينوا
من ذكر أدناها بعيد مرادي
أوجزت في وصفي وتحت أقله
بث إلى حد الأسى متمادي
إن تبصروا الغيم الرقيق ففيه ما
يخفى من الإبراق والإرعاد
أو تسموا نوح الحمام فدونه
آلام دامية من الأكباد
أني أثير شجونكم بشكايتي
ومرامكم أن تسمعوا إنشادي
ألذكر ينفعنا غداة نشاطنا
لنديل إصلاحا من الإفساد
يا يومنا إن كنت مفتتحا لما
نرجو فإنك أبهج الأعياد
هذى عزائمنا جلوناها وقد
خلصت من الشهوات والأحقاد
لاحت سواطع مرهفات كالظبى
برقت مجردة من الأغماد
أشفى الأماني التي وكلت بها
تقريبنا وتمزق الحساد
أنظل جمعا في الجموع مؤخرا
والفرد منا أول الأفراد
أيكون منا كل حر سائد
وسوادنا يبقى أذل سواد
أيفوتنا ضم القوى وبضمها
نعتد للدنيا أشد عتاد
مهد الرقي ديارنا ويسوءها
ألا تعز بطارف وتلاد
جادت فما بخلت بعافية ولا
بنهى ولا بشجاعة وسداد
تلك الديار أتذكرون جمالها
بين السهول الخضر والأطواد
أتردها أحلامكم أترودها
أوهامكم في يقظة ورقاد
أما أنا فعلى تقادم هجرتي
عنها ودادي لا يزال ودادي
لبنانها ودمشقها وبقاعها
وضياعها والبحر طي فؤادي