نفحوا البوق ونادوا بالثبور
المظهر
نفحوا البوقَ ونادوا بالثُّبور
نفحوا البوقَ ونادوا بالثُّبور
وامتَطَت فرسانُنا الخَيلَ الجياد
فَتَعالي قبلَما تُرخَى الستور
زَوّديني قُبلَةً حَتّى المَعاد
واسمعي فالخَيلُ ضَجّت بالصّهيل
وَصَليلُ السيفِ إعلانُ النزال
وَدّعيني ربّما عَزّ السبيل
لِرُجوعي مِن ميَادين القِتَال
وإذا ما جَنّكِ الليلُ الطويل
أو تَرَاءَى لكِ في النّومِ الخيال
فاذكُريني عندَ هاتيكَ الصّخور
حيثُ كان الحبّ يا نعمَ الوساد
حيثما كُنّا وللدّنيا شُعور
نَبَعَثُ الطرفَ بهاتِيكَ الوهاد
هوذا الجيش تغنى بالنشيد
هاتفاً هيّا بنا حامي العلم
وأنا قطب الرجا بيت القصيد
إن تراخت همّتي الجيش انهزم
فدعيني أقحم الحرب سعي
وهبيني نظرة تنفي السأم
وإذا منّيَ وافتك سطور
ودواعي الحبِّ تستدعي المداد
فاذكريني عند هاتيك الصخور
إنما الذكرى لقلبي خير زاد
كفكفي الدمعَ فما هذا الشّحوب
في مُحَيّاً كان لا يدري السَّقام
لا تَفولي عَجَباً تَلقى الحرُوب
بِفُؤادٍ ما درَى غَيرَ الغَرَام
هيَ دنيا والشقَا فِيها ضروب
لَيسَ للدّنيَا ودادٌ وذِمام
لم يَفُر فيها سِوَى القلب الجسور
ذلكَ القلب الّذي نَالَ المُرَاد
فاذكريني عند هاتيك الصّخور
فأنا ماضٍ فَقَد نَادَى المُنَاد
عندما يُسمَعُ للرّعدِ هَدير
وببرقِ المَوتِ يَنشَقّ الغُبَار
حيثما الأبطالُ تمشي في سَعير
نار حربٍ والدُّجى يُمسي نهار
لكِ ذكرٌ في فُؤادي أستعِير
منه عَزماً قَصرَت عنهُ الشّفار
فابشري لا بد من يوم السرور
عند عودي مرجعاً ذاك الفؤاد
واذكريني عند هاتيكَ الصّخُور
كلّما هَبّت نُسَيماتٌ بِوَاد
أنا ماضٍ معَ أبطالٍ كُماة
كَأُسودٍ في الوَغَى نَلقَى العِدى
قَد خُلِقنَا لِظُهورِ الصّافنات
لا نهابُ المَوتَ أو نخشى الرّدى
فَعَلامَ العَبَراتُ الهاطِلات
خَفّفي الرّوعَ ومُدّي لي يَدا
واصبري فالصبرُ مفتاح الأمور
يُبلغ المَرءَ إِلى سُبلِ الرّشاد
واذكُريني عند هاتيكَ الصّخور
إن تمادى في لياليكِ السّها
واحفَظي الدَّمعَ إذا طالَ الغِيَاب
وَتَرَامَت بي صُرُوفُ الزّمَنِ
وانتَهَى الأمرُ وقَد عَزّ الإياب
فاعلمي أني شَهِيدُ الوَطَنِ
مَزّقَ الأعداءُ جسمي بالحِرَاب
وَمَشَت أسيَافُهُم في بَدَني
فاذكريني عند هاتيكَ الصّخُور
تحتَ ظِلٍّ فَوقَهُ غرسُ الوداد
واحسبيني صرتُ من أهلِ القبور
واندبيني والبسي ثوبَ الحِداد