نضر الله تراب الشافعي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

نضر الله تراب الشافعي

​نضر الله تراب الشافعي​ المؤلف محمد إقبال


نضر الله تراب الشافعي
سحر الألباب هذا الألمعي
فكره قد صاد نجما لامعا
حين سمي الوقت سيفا قاطعا
فات خوفا ورجاء صاحبه
كفه كف كليم ضاربه
تغدق الصخرة من ضربته
ويفيض البحر من صولته
كان هذا السيف في كف الكليم
فشأى التدبير بالعزم الصميم
شق صدر البحر لمع القبس
صير القلزم مثل اليبس
وبهذا السيف يوم الخطر
زبرلت خيبر كف الحيدر
ممكن إبصار دور الفلك
وتوالى نوره والحلك
يا أسير اليوم والأمس انظرا
انظرن في القلب كونا سترا
أنت في النفس بذرت الباطلا
وحسبت الوقت خطً طائلا
وذرعت الوقت طولا للشقاء
بذراع من صباح ومساء
وجعلت الخيط زنارا لكا
صرت للأصنام ندا ويلكا
صرت يا إكسير تربا سافلا
يا وليد الحق صرت الباطلا
اقطع الزنار حرا لا تهن
شمعة في محفل الأحرار كن
إيه يا غافل عن أصل الزمان
كيف تدري ما خلود الحيوان
يا أسير الصبح والمسى اعقلن
لي مع الله بها الوقت اعرفن
كل ما يظهر من تسياره
والحياة السر من أسراره
ما من الشمس أراه يوجد
إنها تفنى وهذا يخلد
وبه الشمس أضاءت والقمر
وبه في العيش ما ساء وسر
قد بسطت الوقت بسطا كالمكان
وفرقت اليوم من أمس الزمان
يا شذى قد فر من بستانه
وحبيس السجن من بنيانه
وقتنا بين الحنايا سافر
ليس فيه أول أو آخر
الحياة الدهر يا من عرفا
لا تسبوا الدهر قول المصطفى
نكتة كالدر خذها رائقة
بين حر ورقيق فارقه
حيرة العبد مسير الزمن
حيرة الأزمان قلب المؤمن
ينسج العبد عليه كفنا
من صباح ومساء مذعنا
وترى الحر من الطين نجا
نفسه حول الليالي نسجا
قفص العبد صباح ومساء
يحرم التحليق في جو السماء
وبصدر الحر ثار النفس
طائر الأيام فيه يحبس
فطرة العبد حصول الحاصل
ليس في تفكيره من طائل
في مقام من همود راكد
نوحه ليلا وصبحا واحد
ومن الحر جديد الخلقة
كل حين وحديث النغمة
قيد العبد صباح ومساء
وثوى في فمه لفظ القضاء
وأرى الحر مشيرا للقدر
صورت كفاه أحداث الدهر
عنده الماضي التقى والقابل
عاجل بين يديه الآجل
ضاق عن معناي حرف وصدى
عجز الإدراك في هذا المدى
قلت واللفظ من المعنى خجل
وشكا المعنى من اللفظ المحل
مات معنى في حروف يحبس
ناره يخمد منك النفس
سر غيب وحضور في القلوب
رمز وقت ومرور في القلوب
إن للوقت للحنا صامتا
وله في القلب سرا خافتا
أين أيام بها سيف الدهر
صرفته في أيادينا القدر
قد غرسنا الدين في أرض القلوب
وجلونا الحق في ستر الغيوب
ومن الدنيا حللنا العقدا
واستنار الترب منا سجدا
من دنان الحق صرفنا الرحيق
وهدمنا حانة العصر العتيق
يا مدير الراح في أضوائها
ومذيب الكأس من لألائها
من غرور واختيال تسكر
ومن الفقر لدينا تسخر
كأسنا كانت سراج المحفل
صدرنا كان لقلب مشعل
إن هذا العصر من آثارنا
من عجاج ثار في تسيارنا
روضة الحق ارتوت من دمنا
عز أهل الحق في الدنيا بنا
كبر العالم من تكبيرنا
كعبات شاد من تعميرنا
اقرأ الحق لنا قد علما
بيدينا رزقه قد قسما
لا تهون قدر حر أعدما
أن ترى التاج مضى والخاتما
إن نكن عندك أصحاب الخسار
قدماء الفكر أحلاف الصغار
فلدينا عزة من لا إلاه
نحن للكونين حراس أباه
قد تركنا غم أمس وغد
ووفينا لحبيب أوحد
نحن وراث هداة للبشر
نحن عند الحق سر مدخر
لا تزال الشمس تبدي نورنا
غيمنا فيه بروق وسنا