من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
سَأعيشُ رَغْمَ الدَّاءِ والأَعْداءِ
|
|
كالنِّسْر فوقَ القِمَّة ِ الشَّمَّاءِ
|
أَرْنو إِلَى الشَّمْسِ المضِيئّة ِ..،هازِئاً
|
|
بالسُّحْبِ، والأمطارِ، والأَنواءِ
|
لا أرمقُ الظلَّ الكئيبَ..، ولا أَرى
|
|
ما في قرار الهَوّة ِ السوداءِ...
|
وأسيرُ في دُنيا المشاعِر، حَالماَ،
|
|
غرِداً- وتلكَ سعادة ُ الشعراءِ
|
أُصغِي لموسيقى الحياة ِ، وَوَحْيها
|
|
وأذيبُ روحَ الكونِ في إنْشائي
|
وأُصِيخُ للصّوتِ الإلهيِّ، الَّذي
|
|
يُحيي بقلبي مَيِّتَ الأصْداءِ
|
وأقول للقَدَرِ الذي لا يَنْثني
|
|
عن حرب آمالي بكل بلاءِ:
|
لا يطفىء اللهبَ المؤجَّجَ في دَمي
|
|
موجُ الأسى ، وعواصفُ الأرْزاءِ
|
فاهدمْ فؤادي ما استطعتَ، فإنَّهُ
|
|
سيكون مثلَ الصَّخْرة الصَّمَّاءِ
|
لا يعرفُ الشكْوى الذَّليلة َ والبُكا،
|
|
وضَراعَة َ الأَطْفالِ والضُّعَفَاء
|
ويعيشُ جبَّارا، يحدِّق دائماً
|
|
بالفَجْرِ..، بالفجرِ الجميلِ، النَّائي
|
واملأْ طريقي بالمخاوفِ، والدّجى ،
|
|
وزَوابعِ الاَشْواكِ، والحَصْباءِ
|
وانشُرْ عليْهِ الرُّعْبَ، وانثُرْ فَوْقَهُ
|
|
رُجُمَ الرّدى ، وصواعِقَ البأساءِ
|
سَأَظلُّ أمشي رغْمَ ذلك، عازفاً
|
|
قيثارتي، مترنِّما بغنائي
|
أمشي بروحٍ حالمٍ، متَوَهِّجٍ
|
|
في ظُلمة ِ الآلامِ والأدواءِ
|
النّور في قلبِي وبينَ جوانحي
|
|
فَعَلامَ أخشى السَّيرَ في الظلماءِ
|
إنّي أنا النّايُ الذي لا تنتهي
|
|
أنغامُهُ، ما دامَ في الأحياءِ
|
وأنا الخِضَمُّ الرحْبُ، ليس تزيدُهُ
|
|
إلا حياة ً سَطْوة ُ الأنواءِ
|
أمَّا إذا خمدَتْ حَياتي، وانْقَضَى
|
|
عُمُري، وأخرسَتِ المنيَّة ُ نائي
|
وخبا لهيبُ الكون في قلبي الذي
|
|
قدْ عاشَ مثلَ الشُّعْلة ِ الحمْراءِ
|
فأنا السَّعيدُ بأنني مُتَحوِّلٌ
|
|
عَنْ عَالمِ الآثامِ، والبغضاءِ
|
لأذوبَ في فجر الجمال السرمديِّ
|
|
وأَرْتوي منْ مَنْهَلِ الأَضْواءِ
|
وأقولُ للجَمْعِ الذينَ تجشَّموا
|
|
هَدْمي وودُّوا لو يخرُّ بنائي
|
ورأوْا على الأشواك ظلِّيَ هامِداً
|
|
فتخيّلوا أنِّي قَضَيْتُ ذَمائي
|
وغدوْا يَشُبُّون اللَّهيبَ بكلِّ ما
|
|
وجدوا..، ليشوُوا فوقَهُ أشلائي
|
ومضُوْا يمدُّونَ الخوانَ، ليأكُلوا
|
|
لحمي، ويرتشفوا عليه دِمائي
|
إنّي أقول ـ لَهُمْ ـ ووجهي مُشْرقٌ
|
|
وَعلى شِفاهي بَسْمة اسْتِهزاءِ-:
|
إنَّ المعاوِلَ لا تهدُّ مَناكِبي
|
|
والنَّارَ لا تَأتي عَلَى أعْضائي
|
فارموا إلى النَّار الحشائشَ..، والعبوا
|
|
يا مَعْشَرَ الأَطفالِ تحتَ سَمائي
|
وإذا تمرّدتِ العَواصفُ، وانتشى
|
|
بالهول قَلْبُ القبّة ِ الزَّرقاءِ
|
ورأيتموني طائراً، مترنِّماً
|
|
فوقَ الزّوابعِ، في الفَضاءِ النائي
|
فارموا على ظلّي الحجارة َ، واختفوا
|
|
خَوْفَ الرِّياحِ الْهوجِ والأَنواءِ..
|
وهُناك، في أمْنِ البُيوتِ،تَطارَحُوا
|
|
عثَّ الحديثِ، وميِّتَ الآراءِ
|
وترنَّموا ـ ما شئتمُ ـ بِشَتَائمي
|
|
وتجاهَرُوا ـ ما شئتمُ ـ بِعدائي
|
أما أنا فأجيبكم من فوقِكم
|
|
والشمسُ والشفقُ الجميلُ إزائي:
|
مَنْ جاشَ بِالوَحْيِ المقدَّسِ قلبُه
|
|
لم يحتفِلْ بفداحة الأعباءِ
|