نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان/ربيعة بن مكدم الكناني
بعض مشاهير شجعان الجاهلية
كان فارسَ العرب قاطبة وأشجعهم في الجاهلية ربيعةُ بن مُكَدَّم وهو من بني فراس بن غَنْم بن مالك بن كِنانة1 وكان يُعقر على قبره في الجاهلية ولم يعقر على قبر أحد غيره، قال حسان بن ثابت وقد مرَّ على قبره فنفرت ناقته:
وكان بنو فِراس رهطه أنجدَ العرب، الرجُل منهم يَعْدِل عشرة من غيرهم وفيهم يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأهل الكوفة: من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب أبدلكم الله بي مَن هو شرٌّ لكم وأبدلني بكم من هو خيرٌ منكم ودِدت والله أن لي بجميعكم وأنتم مائة ألف ثلاثمائة من بني فراس بن غنْم.
قال أبو عبيدة: خرج دُريْدُ بن الصِّمة في فوارس من بني جُشَم يريدون الغارة على بني كِنانة حتى إذا وصلوا واديًا لهم، وجدوا رجلًا في ناحية الوادي معه ظعينة لما نظره دُريد قال لفارس من أصحابه: صِحْ به خَلِّ عن الظعينة وأنج بنفسك فانتهى إليه الفارس وصاح به وألحَّ عليه فألقى زمام الناقة وقال للظعينة:
ثم حمل عليه فصرعه وأخذ فرسه فأعطاه الظعينة فبعث دُرَيْد فارسًا آخر لينظر ما صنع الأول فلما انتهى إليه ورأى ما صنع صاح به فتصامم عنه كأن لم يسمع فظن أنه لم يسمع فغشيه فألقى زمام الراحلة إلى الظعينة ثم أقبل إليه وهو يقول:
ثم حمل عليه فصرعه فلما أبطأ على دُرَيْد بعث فارسًا لينظر ما صنعا فوجدهما صريعين ونظر إليه يقود ظعينته ويجرُّ رمحه فقال للظعينة: اقصدي نحو البيوت ثم أقبل عليه فقال:
ثم حمل عليه وصرعه وانكسر رمحه وارتاب دريد فظن أنهم قد أخذوا الظعينة وقتلوا الرجل فلحق دريد ربيعة وقدَدنا من الحي ووجد أصحابه مقتولين، فقال له: أيها الفارس، إن مثلك لا يقتل، ولا أرى معك رمحًا والخيل ثائرة بأصحابك فدونك هذا الرمح؛ فإني منصرف إلى أصحابي ومثبِّطهم عنك فانصرف إلى أصحابه، وقال: إن فارس الظعينة قد حماها وقتل أصحابكم وانتزع رمحي ولا مطمع لكم فيه فانصرف القوم فقال دريد في ذلك: