انتقل إلى المحتوى

من الأعماق

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

من الأعماق

​من الأعماق​ المؤلف علي محمود طه


حيّتك في الشرق آمال و أحلام
و قبّلتك جراحات و آلام
و استقبلتك على الوادي و ضفّته
عروبة وثبت فرحى و إسلام
و حقبة من جهاد أشرقت و هفت
بها ليال من الذّكرى ة أيّام
تعانق العائد المنفيّ في بلد
حماه للحرّ إعزاز و إكرام
ديار فاروق من يلجأ لساحتها
فقد حمته من الأحداث آجام
يطيب للعربيّ المستجير بها
معاشه و يرقّ الماء و الجام
و يحطم القلم العاني بحومتها
أصفاده، و يفكّ القيد ضرغام
يا أيّها البطل الصّنديد جئت بما
تحدثت عنه أدهار و أقوام
هزّت فلسطين أنباء يطير بها
برق على جنبات الليل بسّام
عادت لها ذكريات الأمس و انبعثت
بها صحائف من نور و أقلام
و أنفس قرشيّات يطرّبها
صوت يرنّ به رمح و صمصام
نصّت على اللّيل آذانا تغازلها
من صوتك الجهوريّ العذب أنغام
قد أقسمت لا ينال الّدار مغتصب
حتّى و إن شرقت بالنار أعلام
في الله، في الحقّ، في الإسلام كلّ دم
يسيل فيها، و جرح ليس يلتام
ظنّوك أقصيت عنها فهي نائمة
و كيف! هل في ربوع القدس نوّام!
و تلك أطماعهم في كلّ ناحية
ألسيف منهنّ فوق الخلق قوّام
قالوا غدرت و لم أفهم لمنطقهم
حكما و لكنّما للقوم أحكام
أفي دفاعك عن أهل و عن وطن
غدر؟ إذن فجهاد الظّلم إجرام!
قالوا هو الحقّ ما نسعى لنصرته
يا بؤسه كم هوان أهله سامو
يا شرق يا شرق لا تخدعك دعوتهم
و اقبض يدا، فحديث الحقّ أوهام
أكان غير عيون الزّيت دافقة
من قلبك الغضّ يجريهنّ سجّام
و كان غير أنابيب يحوط بها
ضلوع صدرك قهّار و ظلاّم
قد قسّموك مطارات و ما عملوا
إلاّ لحرب لها في الكون إضرام
أكنت غير الفدى في غير تضحية
إن هم عليك بسرب للرّدى حاموا
يا شرق سل بالحسينيّ الذي صنعوا
واسمع لحفّك، لا يخدعك هدّام
سلهم عن الشّرف الموعود كم غدروا
به؟ كم اجترحت في السّلم آثام
و أنت أيّها الفادي عروبته
إسلم فديتك، لا غبن و لا ذام
جهادك الحقّ مظلوما و مغتربا
و حي لكلّ فتى حرّ و إلهام