مغامرات حاجي بابا الإصفهاني/15

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

خطأ لوا في وحدة:Header على السطر 208: attempt to concatenate a nil value.

الفصل الخامس عشر. حاجي بابا يصل إلى طهران ويذهب إلى بيت الشاعر[عدل]

دخلت إلى طهران في الصباح الباكر من باب الشاه عبد العظيم حالما فتحوه، وعلى الفور عرضت حصاني للبيع في السوق الواقع قرب الباب، والذي تجري فيه تجارة الخيل كل يوم. لقد جربته فوجدت أنه دابة جيدة نظراً للسرعة التي سار بها منذ غادرت مستعجلاً الرسول؛ إلا أن تاجر الخيل الذي عرضته عليه شرح لي فوراً أن الحصان فيه عيوب كثيرة حتى أقنعني أنني محظوظ لو حصلت مقابله على أي مبلغ. فأولاً كان في أسفل أرجل الحصان لون أبيض، وهذا مكروه، وبقع حول أنفه وعينيه، كما أنه عجوز وأسنانه مهترئة، أي باختصار، اجتمعت فيه كل الخلل التي تعيب الخيل. ولذلك فوجئت حين عرض علي بعد ذلك خمسة تومانات بشرط أن أبيعه مع سرجه ولجامه؛ وبدا لي أنه فوجئ حين قبلت ما عرضه علي. ودفع لي نصف المبلغ وعرض علي حماراً يكاد يموت جوعاً مقابل النصف الثاني، إلا أنني رفضت هذه الصفقة، فوعدني أن يسدد لي الباقي نقداً بعد أن يبيع الحصان. كنت مستعجلاً ولا وقت لدي لمساومته طويلاً، فذهبت إلى السوق واشتريت قبعة سوداء وتركت قبعة الدوريش، ولبست لتبدو عليّ علامات السفر ثم استفهمت عن الطريق إلى دار الشاعر.

كانت الدار في حي جميل تحيط بها حدائق تنمو فيها أشجار الحور والرمان، في شارع يجري على طوله جدول ماء، وبمحاذاته رتل من أشجار الدلب. ولكن البيت نفسه كان يبدو عليه غياب صاحبه، فالباب كان نصف مغلق ولم يكن حوله حركة، وعندما دخلت إلى الباحة الأولى ما كدت أرى ما يدل على أنه مسكون، ففكرت أن هذا لا يبشر بالخير فيما يتعلق بمكافأتي. وأخيراً، وفي طريقي إلى الغرفة العلوية فوق الباب رأيت رجلاً في الخمسين من عمره يجلس على سجادة لباد يدخن غليونه، فسألته وعلمت أنه الناظر، وهو من كنت أبحث عنه.

فهتفت فوراً: «بشرى سارة! الخان قادم!»

فقال: «یعنی چه؟ (أي ماذا تقصد؟) أي خان؟ أين؟ متى؟»

وعندما شرحت له الأمر وقدمت له الرسالة الموجهة إليه بدا لي أنه وقع في خليط من الفرحة المصطنعة والشجن الصادق والذهول والقلق.

ثم سألني: «ولكن، هل أنت متأكد أن الخان حي يرزق؟»

فأجبته: «بكل تأكيد، وقبل أن يمضى يومان سيأتيك رسول آخر يروي لك تفاصيل أكثر عن سلامته، ومعه رسائل إلى الشاه والوزراء وغيرهم.»

فبدأ يطلق صيحات غير مترابطة: «شيء عجيب! ما هذا التراب الذي وقع على رؤوسنا؟ أين أذهب الآن؟ ماذا أفعل الآن؟»

وبعد أن تمالك نفسه قليلاً توسلت إليه أن يشرح لي سبب انفعالاته وأن يخبرني عن دواعي قلقه وكربه الظاهر تجاه ما يفترض ألا يدعو إلا للفرح. فلم أسمع منه إلا: «يجب أن يكون قد مات؛ الكل يقول أنه ميت؛ امرأته رأت في منامها أن ضرسها الذي كان يؤلمها قد سقط، وهذا يعني أن زوجها مات؛ ثم أن الشاه أعلن موته. لا يمكن أن يكون حياً! بل لا يجوز أن يكون حياً!»

فقلت: «طيب، إن كان ميتاً فليكن؛ ولا أستطيع أن أقول إلا أنه كان بين مؤمني استرآباد منذ أقل من أسبوع، وأنه سيثبت بنفسه أنه حي حين يقدم إلى طهران في غضون أسبوع آخر.»

وبعد أن قعد الناظر وفكر ملياً فترة من الوقت قال: «لن يدهشك ارتباكي بعد أن أحكي لك وضع الأمور هنا بعد إعلان وفاة سيدي. فأولاً، صادر الشاه كل ممتلكاته: وسلّم بيته وأثاثه وحلاله، بما في ذلك جواريه الجورجيات إلى أحد أبنائه خور علي ميرزا. وقرية سيدي صارت ملكاً للوزير، ومكانته سوف يحتلها الميرزا فضل، وفوق كل هذه الأشياء، زوجته تزوجت من معلم ابنه. قل لي، أليست هذه الأمور كافية لتربكني وتذهلني؟»

فوافقته في أن الأوضاع معقدة للغاية، ومن حقه أن يقلق ويرتبك، ثم سألته: «وماذا عن مكافأتي؟»

فأجاب: «لا تتوقع شيئاً مني، إذ لم تأتني بما يسرني. يمكنك أن تطلبها من سيدي متى عاد إن أردت؛ أما أنا فليس لدي ما أعطيك إياه.»

وعندئذ تركت الناظر يفكر في أمره وودعته، ووعدته أنني سأعود في الأيام القادمة وتركت البيت.