مع حمار الحكيم - لأحمد رضا حوحو

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مع حمار الحكيم والزواج لـأحمد رضا حوحو
جاءني حمار الحكيم مبكرا هذا الصباح على خلاف عادته كل يوم، فتعجبت من ذلك، لأنني أعرفه دقيق المحافظة على النظام و المواقيت.
و ما كاد يجلس حتى ابتدرته:
- خير إن شاء الله، هذه الزيارة المبكرة ؟
قال: جئت أستشيرك في أمر مهم... ما رأيك في الزواج ؟
قلت: رأيي في الزواج هو رأي برنارد شو فهو كالجمعية السرية؛ الخارج عنها يجهل عنها كل شيء، و المنخرط فيها لا يستطيع أن يقول عنها شيئا.
قال: لم أعن هذا، و إنما أقصد زواجي، ما رأيك في زواجي أنا؟ فقد خطر ببالي أن لا أبقى عازبا ؟ فإن ذلك يجر الشبهات .... ثم لابد من خلف صالح يخلفني !
قلت:هل وقع اختيارك على صاحبة الحسب و النسب ؟
قال: إنك تعرفني أجنبيا في هذه الديار،لا أعرف فيها حمارا ولا أتانا.
قلت: خذ لك أية أتان تعثر عليها و السلام.
قال: لا تنس أني لست كبقية الحمير، فانا أتمتع ببعض الثقافة!
قلت: فاسلك إذن مسلك المثقفين.
قال: ماذا تعني ؟
قلت: أعني أن تتزوج بأتان أجنبية!
قال:ما هذا الهذيان؟ أأصبت في عقلك؟
قلت:أبدا، فإن الشائع في هذه الأيام هو زواج المثقفين بأجنبيات، وأي مانع في أن يتزوج حمارنا المثقف بأتان أجنبية تليق بمقامه المحترم ؟ !
قال:إنك لا تعي ما تقول!
قلت: لماذا؟
قال: أما يكفي هذا الانحلال الاجتماعي و الخلقي الذي جره زواج بعض رجالكم من الأجنبيات حتى أضيف إليه انحلالا آخر في فصيلة الحمير؟
قلت: كيف ذلك ؟
قال:زواجي من أتان أجنبية تخالفني في الجنس و العادات و التفكير، فيه خطورة كبيرة على أخلاقي و عاداتي و تفكيري.
قلت:يبدو أنك تهول الأمر...و لا تنس أنك أنت الذي ستتزوجها؟ وعليه، فأنت الذي ستفرض عليها عاداتك و أخلاقك وتصبها في قالبك.
قال: إني لم أر حتى الآن حمارا شرقيا تزوج بأتان غربية، و لكني أعرف كثيرا من الرجال الشرقيين تزوجوا من نساء أجنبيات، و لم ار بينهم من استطاع أن يعرب زوجته الغربية، و قليلون جدا الذين لم تفرنجهم أزواجهم !
فكرت مليا ثم قلت: و لكن ما هي الأسباب، يا ترى، حتى أعطي رأيي السديد في زواج حمار من أتان ؟ !
قال: هناك أسباب تتعلق بأخلاق المرأة من حيث هي امرأة: و أسباب خاصة تضاف إلى أخلاق المرأة ألأجنبية.
قلت: إنك ستتورط في فلسفة عميقة !
قال: الأمر بسيط جدا، و إليك بيانه....
قلت: هات.
قال: إن المرأة مع أنانيتها تشعر بضعف طبيعي غريزي فيها، فهي من الناحية النفسانية ترتاح إلى الرجل القوي الذي يبسط عليها سلطانه العارم، ويتسلط عليها فتستكين إليه، لأنها تشعر بحمايته و رعايته؛ فهي تريده ضعيفا و تبغض ضعفهن فهي تجد متعة في التغلب عليه؛ لكنها تجد حسرة في استسلامه إليها، لأنه بهذا الاستسلام ينهار في قلبها ذلك الحصن الذي كانت تتمتع بحمايته و ترتاح إلى قوته و جبروته.
قلت: ثم ماذا ؟
قال: هذه الأسباب العامة، و هي تتعلق بأخلاق المرأة من حيث هي، ويضاف إليها بالنسبة للأجنبية أنها ترى نفسها ابنة حاكم و هو ابن محكوم، سيدة و هو مسود، ترى في زواجها منه تنازلا منها لطبقته، فهي إذن تمن وتتدلل، و ما عليه إلا أن يرضى ويتذللن و إلا حدث الخلاف، و ساد الشقاق، وكان بعد الزواج الطلاق.
قلت: إن كلامك حق، لكني لا أتحمل مسؤوليته.
قال: دعنا من هذا، و لنعد للموضوع !
قلت: نصيحتي لك أن تصرف فكرك عن الزواج، فأنت حمار وديع، وإني أخشى عليك من تسلط الأنثى وسيطرتها عليك فيخسرك المجتمع الذي أخذ يعجب بك و بآرائك السديدة.

مأخوذة عن موقع http://www.infpe.edu.dz