مضى زمن الصبا فدع التصابي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مضى زمنُ الصبا فدعِ التصابي

​مضى زمنُ الصبا فدعِ التصابي​ المؤلف البرعي


مضى زمنُ الصبا فدعِ التصابي
قبيحٌ منكَ شبتَ وأنتَ صابيِ
تظلُّ تغازلُ الغزلانَ لهوا
و تكثرُ ذكرَ زينبَ والربابِ
و تلبسُ للبطالةِ كلَّ ثوبِ
و تنسى ما يسودُ فيِ الكتابِ
و قدْ بدلتَ بعدَ قواكَ ضعفاً
و دلَّ الشيبُ منكَ على الثبابِ
فخذْ زاداً يكونُ بهِ بلاغٌ
و تبْ فلعلَّ فوزكَ فيِ المتابِ
و أجمعْ للرحيلِ ولا تعولْ
على دارِ اغترارٍ واغترابِ
فخيرُ الناسِ عبدٌ قالَ صدقاً
و قدمَ صالحاً قبلَ الذهابِ
و راقبَ ربهُ وعصى هواهُ
و حاسبَ نفسهُ قبلَ الحسابِ
خليليَّ اربعاَ بربوعِ نجدٍ
نجددْ عهدَ معهدها الخرابِ
و تنزلْ منزلَ الخلانِ منها
و نروي منْ مناهلها العذابِ
مآثرَ جيرتي وديارَ أنسى
و مألفَ كلِّ عيشٍ مستطابِ
سقى شعبَ الأراكِ وما يليهِ
منَ الأقطارِ منسجمُ السحابِ
و روى روضةَ العلمينِ حتى
تناهى الريُّ مخضرَّ الروابيِ
يناغىِ الشمسَ منها درُّ ظلِّ
يريكَ النورَ يسفرُ بالتهابِ
كأنَّ فواتحَ الأزهارِ منها
خلائقَ سيدي عمرَ العرابيِ
إمامٌ نورهُ ملأ النواحي
وأوضحَ هديةُ سبلَ الصوابِ
يعزُّ مكانةً ويجلُّ قدراً
برفعةِ منصبٍ زاكىِ النصابِ
و يكبرُ أنْ يخاطبَ أو يسمى
بسرِّ السرِّ أو لبِّ اللبابِ
كراماتٌ لهُ ومكاشفاتٌ
فشتْ فيِ الكونِ بالعجبِ العجابِ
فراسةُ مؤمنٍ بحضورِ قلبٍ
يشاهدُ فيِ ابتعادٍ واقترابِ
و غوثٌ يستغاثُ بهِ وسيفٌ
يصولُ على النوائبِ غيرَ نابي
و بدرٌ يستضاءُ بهِ وبحرٌ
منَ الخيراتِ ملتطمُ العبابِ
و أمةُ أمةٍ عملاً وعلماً
نقىُّ العرضِ عنْ عارٍ وعابِ
نلوذُ بهِ إلى جبلٍ منيفٍ
جوانبهُ محصنةُ الهضابِ
و نستسقيِ الغمامَ إذا جدبنا
بدعوتهِ ونفتحُ كلَّ بابِ
و نستعدي بهِ وبتابعيهِ
على الأعداءِ في النوبِ الصعابِ
فإنَّ لسرهِ خضعتْ وذلتْ
رقابُ العجمِ والعربِ الصلابِ
و منْ شرفِ الولايةِ أنَّ هذا
لسانُ أولىِ الحقائقِ في الخطابِ
يخاصمُ خصمها ويجيبُ عنها
إذا افتقرَ السؤالُ إلى جوابِ
و يكسو المذهبَ السنيَّ حسناً
و ينشرُ ظلَّ رايتهِ العقابِ
و يبني دونَ دينِ اللهِ سوراً
بيوتُ علاهُ ساميةُ القبابِ
لقدْ شرفَ الزمانُ بهِ وأضحتْ
وجوهُ الخيرِ سافرةَ النقابِ
توافيهِ الوفودُ بحسنِ ظنٍ
فترجعُ غيرَ خائبةِ الركابِ
و ترعى ريفَ رأفتهِ البرايا
فتنعمُ فيِ خلائقهِ الرحابِ
و عزُّ حماهُ ملجأُ كلِّ راجٍ
و شعبُ نداهُ مجتمعُ الشعابِ
فيا مولايَ قربنيِ نجياً
و أكرمنيِ بأنعمكَ الرغابِ
فلمْ أسألكَ ديناراً وداراً
و لا ثوباً سوى ثوبِ الثوابِ
و فقدْ وافيتُ بحركَ وهوَ طامٍوجئتك زائرا بغريب مدح حواشيه أرق من العتاب
و غيري غرهُ لمعُ السرابِسقط ص
و أشهى منْ فكاهةِ بنتِ عشرٍ
و تقبيلِ المعسلةِ الرضابِ
تغادرُ أنفسَ الأحبارِ سكرى
بكاسِ المدحِ لا كأسِ الشرابِ
فصلْ حبليِ بحبلكَ واصطنعني
فكمْ لكَ منْ صنائعَ فيِ الرقابِ
و قلْ عبدُ الرحيمِ ومنْ يليهِ
معي يرجو غداً كرمَ المآبِ
و اقضِّ حوائجي فعساكَ تجزى
بمغفرةٍ وأجرٍ واحتسابِ
لأدركَ منكَ فيِ الدنيا والاخرى
نصيبي منْ دعاءٍ مستجابِ
بقيتَ لملةِ الإسلامِ نورا
و جيهَ الوجهِ محترمَ الجنابِ
و دمتَ مكرماً بعلوِّ قدرٍ
و بوركَ فيِ صحابكَ منْ صحابِ
و صلى اللهُ لمحةَ كلِّ طرفٍ
تخصُّ الدرَّ منْ صدفِ الترابِ
محمدَ الذي فضلَ البرايا
و فاقَ المرسلينَ بقربِ قابِ
و آلَ الهاشمي وتابعيهِ
غيوثَ رغائبٍ وليوثَ غابِ