مصاب مصر مصاب العالم العربي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مصاب مصر مصاب العالم العربي

​مصاب مصر مصاب العالم العربي​ المؤلف جبران خليل جبران


مصاب مصر مصاب العالم العربي
هل مدمع في ربوع الضاد لم يصب
أين الزعيمة كانت للفدى مثلا
بالجهد والمال أو بالنفس إن يجب
فقد تفردت بالأفعال باهرة
كما تفردت بالأقوال والخطب
إن حزت أعلى وسام للكمال ففي
كل القلوب لك العليا من الرتب
وفي اتحاد النساء العالمي أما
خلا لك الصدر عن حب وعن رغب
نفحت عن مصر في إبان ثورتها
ولم يروعك بأس الجحفل اللجب
وفي جهادك لم تألي مراعية
ما للعروبة من إصر ومن نسب
تؤيدين الذين استبسلوا فحموا
أوطانها برماح الخط والقضب
في كل مرحلة تابعت وثبتهم
والعون يتبع منك العون عن كثب
وهل فلسطين تنسى ما بذلت لها
فيما تعانيه من حرب ومن حرب
إلى نهاية ما في الجسم من رمق
كافحت في جلد عنها وفي دأب
غاليت فيما تقاضيت الحياة وما
شكوت من سأم يوما ولا نصب
وقد أبيت إذا داعي السلام دعا
إلا الشهادة والأعداء لم تغب
كائن جهدت لإنصاف الشعوب وكم
شهدت مؤتمرا في كل مغترب
سلاحك الحق إن ألقى أشعته
هوت أباطيلهم رأسا على عقب
وهل سلام إذا لم تنتصف أمم
أغلى مرافقها نهب لمنتهب
وهل يقال إخاء والسبيل دم
والصدق تغشاه ألوان من الكذب
أما رسالتك المثلى فما برحت
كما بدأت بها موصولة السبب
ماذا صنعت لإنصاف النساء وكم
دفعت عنهن من كيد ومن ريب
هل يسلم الشعب والشطر الولود به
من الإماء وهل ينجو من العطب
حررتهن برغم الكاشحين ومن
يسعى بعزمك لم يخفق ولم يخب
وكان خير اتحاد ما جمعت به
من نابهات الغواني نخبة النجب
مؤسساتك لو عدت ولو وصفت
لما انتهى عجب إلا إلى عجب
آيات عصر جديد للرقي يرى
مستقبل الشعب فيها كل مرتقب
بها تعد البنات الصالحات له
والأمهات لجيل عامل درب
ماذا صنعت ولم تخطئك مأثرة
للعلم والفن والأخلاق والأدب
ظلت رحابك دهرا لا يلم بها
راج على دهره نصرا ولم يجب
وكم أعنت صناعا في صناعته
وكم نشرت من الأسفار والكتب
يؤمها بالأماني العفاة وما
ينأى عن الخير منها كل مقترب
زعيمة النهضة الكبرى بلغت بها
ما عز قبلك أن يرجى من الأرب
لم تذخري دونها شيئا يضن به
من طيب عيش ومن جاه ومن نشب
فالقي ثوابك في الجنات ناعمة
من يقرض الله ما أقرضته يثب
محمد اسلم لقوم من مفاخرهم
إنجاب مثلك في الصيابة النجب
جل الذي أكمل الأخلاق فيك بما
زكا من النسب الوضاح والحسب
وأنت يا بثن دومي وليدم بكما
مجد إلى خير أم يعتزى وأب
صوني اتحادا تولته هدى فغدا
قطبا له شأنه في نهضة العرب
وما لمصر وللجارات من صلة
تعزها كنظام الشمس والشهب