مستشفى تل شيحا

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مستشفى تل شيحا

​مستشفى تل شيحا​ المؤلف إيليا أبو ماضي


أباعثة المطايا من حديد
كأسراب القطا للعالمينا
ركائب في فجاج الأرض تسري
تقلّ الذاهبين الأيبينا
تقصّ على المدائن و القرايا
حكاية قومك المستنبطينا
و كيف العقل يخلق من زريّ
مهين لا زريّ و لا مهينا
و ينفخ في الجماد قوى وحسّا
فيركش تارة و يطير حينا
و يهتف بالقصائد و الأغاني
و قد ذهب الردى بالمنشدينا
لقد حسدتك أمّ الفنّ " روما "
كما حسدتك ضرّتها " أثينا "
فمجدك فوق مجدها علاء
و حسنك فوق حسنها فتونا
نزلنا في حماك فقرّبينا
و باركنا ثراك قباركينا
فما لطماعة بنضار " فورد "
و فضّته إليك اليوم جينا
فما هو في سماحته " كمعن "
و ليست نوقه للذابحينا
و لكن فيك إخوان هوينا
لأجلهم جميع الساكنينا
أحبّونا كأنّهم ذوونا
و أنسونا بلطفهم ذوينا
و عاهدناهم إذ عاهدونا
فلم ننكث و لا نكثوا يمينا
إذا غضبوا على الدنيا غضبنا
و إن رضوا على الدنيا رضينا
دعاهم للعلى و الخير داع
من " الوادي " فلبّوا أجمعينا
أيخذل " جارة الوادي " بنوها؟
معاذ الله هذا لن يكونا
فما لاقيت " زحليّا " جبانا
و لا لاقيت " زحليّا " ضنينا
تأمّل كيف أضحى " تلّ شيحا "
يحاكي في الجلالة " طورسينا "
فعن هذا تحدذرت الوصايا
و في هذا وجدنا المحسنينا
على جنباته و على ذراه
جمال يبهر المتأمّلينا
فلم مثله للخير دنيا
و لم أر مثله فتحا مبينا
فيا أشبال " لبنان " المفدّى
و يا إخواننا و بني أبينا
ترنّح عصركم فخرا و هشّت
لصنعكم عظام المائتينا
تبارى الناس في طلب المعالي
فكنتم في المجال السابقينا
بنى الأهرام " فرعون " فدامت
لتخبر كيف كان الظالمونا
و كم أشقى الجموع الفرد منهم
و كم طمس الألوف لكي يبينا
وشدتم معهدا في " تلّ شيحا "
سيبقى ملجأ للبائسينا
يطلّ الفجر مبتسما عليه
و يرجع مطمئنّا مستكينا
و يمضي يملأ الوادي ثناء
عليكم، و الأباطح و الحزونا
أرى غيثين يستبقان جودا
هما مطر السّما و الغائثونا
لئن حجب الغمام الشّمس عنّا
فلم يطمس ضياء الله فينا
و لم يستر سبيل الخير عنكم
و لم يقبض أكفّ الباذلينا
وجدت المرء حبّ الخير فيه
فإن يفقده صار المرء طينا
تكمّش في الحقول الشوك بخلا
فذلّ و عاش مكتئبا حزينا
و أسنى الورد، إذ أعطى شذاه
مكانته فكن في الواهبينا
سألت الشعر أن يثني عليكم
فقالت لي القوافي: قد عيينا
سيجزيهم عم البؤساء ربّ
يكافيء بالجميل المحسنينا