انتقل إلى المحتوى

مستبعد هيهات إعتاقه

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مستبعدٌ هيهات إعتاقُهُ

​مستبعدٌ هيهات إعتاقُهُ​ المؤلف ابن الرومي


مستبعدٌ هيهات إعتاقُهُ
مستأسَرٌ يعسر إطلاقُهُ
صبٌّ رقيقُ القلبِ خفَّاقُهُ
عنَّاه فظٌّ القلب خفّاقُهُ
محبًّبٌ قُلِّل إحسانُه
جداً وإن كُثِّر عُشاقُهُ
لدنٌ من الأغصانِ في روضةٍ
من نرجسٍ تنظر أحداقه
يحسنُ في التجريد إثمارهُ
وفي الشفوف الخضر إيراقُهُ
فاقتْ دجى الليل دجى فرعِهِ
وفاق ضوْءَ الصبح إشراقُه
أخلِق إذا جُرِّد رُمَّانُهُ
في العين أن يَكثر رُمَّاقه
وهو المنى إن زيد في حُسنه
حريرةُ الحرِّ وأعلاقُهُ
لاضرَّهُ ظُلْمي ولا نابَه
إقراحُهُ قلبي وإقلاقه
وإن غدا أظلم من قاسمٍ
ذاك الذي يجفو وأشتاقهُ
ياعجباً من ناظري إنه
أضحت تقذَّاني آماقُهُ
أعرض عني وجفا جانبي
تقديمُهُ البِر وإلحاقُهُ
والعذل شيءٌ منه منقاده
والفضلُ شيء منه مُنساقه
ما أقرب المعروفَ من كفِّه
فلِم أغبَّتني أفواقه
واغبرَّ في دولته جبي
وهو ربيعٌ عمَّ إغداقُهُ
وحسبهُ ذُكرى بإحسانه
فأيٌّ شيء منه يعتاقه
لا أشتكي البدر على بُعده
لقد أضاءتْ لي آفاقه
ليس بمكفورٍ ولا ضائعٍ
إيناسُهُ نفسي وإرفاقه
لي أملٌ فيه إذا أخلقتْ
آمالُ قوم راث إخلاقه
تحيا به نفسي وتلتذُّه
وقد دنا بل آن إحقاقه
فاعقد لسان اللوم عن قاسم
أو فليكن بالشكر إطلاقه
وكيف يلحى خادمٌ سيداً
إليه مَحياهُ وإنطاقه
لايُسرقنَّ الحقُّ من قاسمٍ
فليس يُخفي الحق سُرَّاقه
من قاسمٍ صيغت أماديحُهُ
ومن حمام الأيك أطواقه
لقاسمٍ في كلِّ حالاته
شمائل السيف وأخلاقه
مضاؤه إن أنت أعملْتَه
وقدُّه الحلو ورقراقُهُ
فتى يُقرُّ القلبَ إحسانُهُ
كما يقر العين إيناقُهُ
إن طُلِبَ الخيرُ فمفتاحُهُ
أو طُلب الشر فمغلاقُهُ
جرَّبتُهُ في وعده فاستوى
ميعادُهُ عندي وميثاقه
ماقيل في القاسم مدح له
إلا وفي القاسم مصداقه
بفعله لا بأقاويلنا
أربتْ على الأطلاق أطلاقه
سيَّان في ميزان تقديره
إفادةُ المال وإنفاقه
يوجد مسبوقُوه في فضله
تترى ولا يوجد سُبَّاقُه
وكيف لا يثمر أحلى الجنى
مَن وزراءُ الصدق أعراقُه
غيثٌ مغيثٌ عرْفُهُ ودْقُه
وبشرُهُ بالناس إبراقه
إذا تعاطى مغرقٌ مدْحه
أقصرَ والتقصيرُ إغراقُه
قد حمل اللَّه بحُملانه
من حملته نحوه ساقه
يابن سليمان الذي باسمه
تحيا لهذا الخلق أرماقُهُ
ياعُدَّةَ الملكِ وأملاكه
لحادثٍ ينباق مُنباقه
يامن له الكيدُ الذي لم يزل
يفْلق صُمَّ الصخر أفلاقُهُ
مامفزع العافي إذا شفَّه
حرمانه واشتدَّ إملاقه
يامعقل الجاني على نفسه
إذا جنى مافيه إيباقه
لردِّك المصر إلى أمنِهِ
رُدَّتْ إلى مِصْرِك أبَّاقُهُ
وبابنك المُرْخِص أموالَه
تُغُولي الحمدُ وأعلاقُهُ
لولا مكانَ الحمد من قاسمٍ
أوشك أن تكْسد أسواقُه
قيِّم مُلكٍ وابنُ قَوامه
فتّاقُ ما أعيا ورتَّاقُه
فالنُّجح ما يُنجح إمضاؤه
والحزم ما يُنتج إطراقُه
من أهل بيتٍ ساسةٍ راضةٍ
لديهمُ السمُّ ودرياقه
تجري على بُطنان أيديهم
نقائمُ اللَّه وأرزاقه
ذو العرف لا يُبعد متَّاحُهُ
والنُّكر لا تُدر أعماقه
كم جامحٍ أصبحَ إذ راضه
تَدْمى لطول الكبح أشداقه
شهابُ نورٍ ضامنٌ للهدى
وليس بالمأمون إحراقه
غيْثٌ مغيث ضامنٌ للحيا
وليس بالمأمون إصعاقه
يُضحي إلى بذل السدى والندى
وهو مشوقُ القلب مشتاقه
يستعبد الحرَّ له عُرفُه
وقصده في ذاك إعتاقه
قلتُ لمن جاراهُ لا يستوي
صهَّال مضمارٍ ونهاقه
حُقِّق للسيد تأميلُهُ
فيه ولا حُقِّق إشفاقه
وطال للحقِّ به عُمرهُ
ودام للباطل إزهاقه
واحتلَّ من عاداهُ في منزلٍ
حميمُه آنٍ وغسّاقه