مرآة الغرب
المظهر
مرآة الغرب
سلام عليها طفلة و فتيّة
كزهر الربى البسّام باكره القطر
كعاب تلاقى الحسن و الفضل عندها
كما يلتقي في الصفحة السّطر و السطر
لها صولة الأبطال إن حمس الوغى
و فيها حياء البكر عمّا به وزر
و فيها من الشيخ الحكيم وقارة
و فيها من الخود الملاحة و الطهر
ألا إنّ حسنا لا يرافقه النّهى
و إن دام يوما لا يدوم له قدر
هي الروض فيه النبت و الندّ و الندى
و فيه الشوادي المطرباتك و الزهر
هي الشمس تبدو كل يوم جديدة
يروح بها ليل و يأتي بها فجر
لكلّ فتاة خدرها و سوارها
و لكنّ هذي كلّ قلب لها خدر
يريد سناها الطيّ و النشر رونقا
و يخلق حتّى المصحف الطيّ و النشر
أنيس الفتى إن غاب عنه أنيسه
و أنجمه إن غابت الأنجم الزهر
و سفر تلذّ المرء محتوياته
إذا لم يكن في البيت ناس و لا سفر
إذا رضيت فالنور في كلماتها
و إن غضبت فهي الأسنّة و الجمر
و في كلّ حرب يعقد الحقّ فوقها
أكاليل نصر يشتهي مثلها البدر
و لا غرو إن عزّت وهان خصومها
فللحقّ مهما جعجع الباطل، النصر
فكم مرجف أغراه فيها سكوتها
فلمّا أهابت كاد يقتله الذعر
و كم كاشح غاو أراد بها الأذى
ثنى طرفه عنها و في نفسه الضرّ
لها في ربوع الشرق جيش عرمرم
و أعوانها في الغرب ليس لهم حصر
و لو كان في المرّيخ أرض و أمّة
لكان لها في أرضه عسكر مجر
لتسحب ذيول الفخر تيها فوحدها
يحقّ لها ما بين أترابها الفخر
و لا غرو إن أهدى لها الشعر وحيه
فيا طالما سارت و سار بها الشهر
و لا غرو إن صغنا لها النثر حلية
" ففي عنق الحسناء يستحسن الدرّ "
و إن يكن الأحرار من نصرائها
فكم نصر الأحرار صاحبها الحرّ
أديب عفيف قلبه و يراعه
بغيض إليه الطيش و الفيش و الهجر
ثمان و عشر و هو يخدم قومه
ألا حبّذا تلك الثّمانيّ و العشر
ففي العسر لم يجهر بشكوى لسانه
و في اليسر لم يلعب بأعطافه الكبر
وشرّ المزايا أن يصيبك حادث
و تجهر بالشكوى و في وسعك الصّبر
أهذا كمن يمسي و يضحي معربدا
و قدّمه طبل و من خلفه زمر؟
أهذا كمغتاب يروح و يغتدي
و في نطفة شرّ و في صمته شرّ؟
أهذا كمفطور على الشرّ و الأذى
أحاديثه نكر و أعماله نكر؟
أهذا كأفعى همّها نفث سمّها
و نهش الذي تلقى و لو أنّه صخر
أكمن إلى الوزر عامدا
و يضحك مختالا إذا مسّه الوزر؟
أهذا الذي قد حارب المكر جهده
كمن شاب فوداه و ديدنه المكر؟
إذا الدهر لم يعرف لكلّ مكانه
إذن قل لأهل الدهر قد فسد الدهر