مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى/المؤتمر السوري
المؤتمر السوري :
وبما أن الحكومات الكبيرة والرأي العام العالمي يجعل لآراء المجالس النيابية المقام الأول فقد اتفقنا مع سمو الأمير على دعوة « مؤتمر سوري عام ، يمثل سورية كلها ، الداخل والساحل ( لبنان ) ، وسورية الجنوبية ( فلسطين ) . ولما كان الوقت لا يتسع لاجراء الانتخابات ، ولاستحالة مثل ذلك في الساحل وفي فلسطين بسبب معارضة حكومتي الاحتلال فيها ، فقد تقرر أن تجري الانتخابات من قبل الناخبين الثانويين الذين انتخبوا آخر مرة نواباً عن البلاد في مجلس المبعوثان العثماني في استنبول . وقد مثلت خليل الرحمن في المؤتمر السوري اذ انني قضيت حداثتي في فلسطين والدي الذي كان مفتشا عاما للجيش فيها . فاجتمع نواب سورية الداخلية وبيروت وطرابلس واللاذقية وكل مدن فلسطين ، في دمشق ،وافتتح الأمير في ٧ حزيران سنة ١٩١٩ المؤتمر في النادي العربي وخطب فيه خطبة جامعة أهم ما جاء فيها أن واجب أعضاء المؤتمر الأساسي هو تمثيل البلاد أمام اللجنة الاميركية وعرض مطالبها وأمانيها عليها ثم سن القانون الأساسي مع ضرورة وضع نصوص صريحة فيه لحفظ حقوق الأقليات الدينية ·
وفي ١٠ حزيران وصلت لجنة الاستفتاء الاميركية الى فلسطين ونزلت في ميناء يافا ، وبدأت عملها بنشر البيان الرسمي الآتي : « ان الشعب الاميركي ليس له مطامع سياسية في أوروبا والشرق الأدنى ، بل يفضل على قدر الامكان تجنب كل ما له علاقة بالمشاكل في خارج بلاده ، ويرغب يسود السلام العالم وبهذه الروح يدنو من مشاكل الشرق الأدنى .
لقد عين مجلس الاربعة في مؤتمر الصلح لجنة دولية لدرس الحالة في المملكة التركية لعلاقتها بالوصايات فغاية القسم الاميركي الموجود الآن هي الوقوف جهد المستطاع على أحوال السكان ورغباتهم ليكون الرئيس ولسن والشعب الاميركي على بينة من الحقائق في كل سياسة يدعى الى السير عليها فيما يتعلق بمشاكل الشرق الأدنى سواء كان ذلك في مؤتمر الصلح أو في جمعية الامم » .
وقدمت الحكومة البريطانية كل مساعدة للجنة الاميركية وألحقت بها سكرتير اللورد آللنبي العسكري الكولونيل ولسن . وقد قررنا في دمشق ان لا يدلي أهل فلسطين بأي مطلب أمام اللجنة بل يحيلون أمرهم الى وكلائهم في المؤتمر السوري بدمشق الذي يمثلهم أصدق تمثيل ، ولا سيما فيما يتعلق بطلب المساعدة الفنية اذا ما احتاجتها البلاد . وقد حققوا هذه الخطة المرسومة حرفياً ی وقد جامل الموظفون البريطانيون اللجنة ، وسهلوا مهمتها ، وابلغوها أن نسبة السكان المسلمين العرب في فلسطين هي 5/4 مجموع السكان والجميع يطلبون الاستقلال والوحدة السورية ، رافضين كل الرفض الوصاية الفرنسية . أما المسيحيون وعددهم 10 بالمئة من مجموع السكان فقد طلب من كان يسكن منهم طبريا وحيفا والناصرة ما طلب مواطنوهم المسلمون وأما البقية منهم ، فالروم طلبوا استقلال سورية ووحدتها ناجزين مع المساعدة البريطانية والموارنة طلبوا المساعدة الفرنسية ولكنهم أقلية ضئيلة لا يعبأ بها . وكان اليهود يؤلفون 10 بالمئة من السكان كما تأكدت اللجنة ، وقد طلبوا أن تكون فلسطين وطناً قوميا لهم والسماح لابناء جنسهم في العالم بالهجرة الى فلسطين ، وأن تكون اللغة العبرانية رسمية والوصاية لبريطانيا دون سواها . وكان الظاهر من الحديث يرمون الى تشكيل حكومة يهودية في فلسطين ( . ولم يطل مكوث اللجنة في فلسطين أكثر من عشرة أيام فغادرتها قاصدة القسم الجنوبي من منطقة الاحتلال الغربية ( لبنان الحالي ) فزارت صور ومرجعيون والبترون حيث قضت يومين اثنين ، ثم قصدت الى أن لبنت في دمشق تسعة أيام غادرتها الى بعلبك ، ومنها بيروت قفلت راجعة مرة ثانية الى منطقة الاحتلال الغربية حيث استكملت استفتاء هناك قصدت الى سورية الشمالية عن طريق طرابلس - الاهلين ، ومن حماه - حلب . وكانت مطالب الاهلين في منطقة الاحتلال 1 6 و بعد معهم حمص الغربية منقسمة الى ثلاثة أقسام : الاول : ضم البقاع ومدينة بيروت الى لبنان الاصلي أي القديم . وطلب الكثير من السكان جعل لبنان لبناناً كبيراً مستقلاً تحت الوصاية الفرنسية . وكان معظم القائلين بهذا الموارنة الذين يسكنون جبل لبنان القديم الثاني : يطلب لبنان الكبير أيضا بدون أن يطلب الوصاية الفرنسية . ی والثالث : يطلب لبنان الكبير مستقلا استقلالاً اداريا ، ضمن بدون وصاية أو مساعدة . وكان معظم هؤلاء من ی ی الوحدة السورية المسلمين ، وخاصة سكان المناطق الساحلية التي لم تكن جزء من لبنان كصيدا وصور وطرابلس . هذا مع العلم بأن المنطقة الغربية كانت محتلة من قبل الجيش الفرنسي ، وحاكمها فرنسي . وقد بذل الفرنسيون جهوداً عظيمة ومبالغ جسيمة توصلا الى غاياتهم ، فلم يوفقوا في المنطقة الشرقية العربية ، وان نالوا توفيقاً جزئيا في المنطقة الغربية على يد الموارنة بنوع خاص . ولا يخفى أن بعثات التبشير الدينية الفرنسية كانت منتشرة منذ مدة طويلة في جميع أنحاء جبل لبنان . ومن طبيعة الادارة الفرنسية الضغط الشديد على الرأي ، ورغم ذلك كله لم يتمكن الفرنسيون من أن ينالوا الاكثرية في منطقة احتلالهم . وقد طلب دروز لبنان المساعدة البريطانية معلنين بصراحة : « اذا كان لبنان سيكون تحت الوصاية الفرنسية فانهم يطلبون الانفصال عن لبنان ، . وقد صوت في صيدا وصور وطرابلس الروم الارثوذكس والبروتستانت ضد الوصاية الفرنسية . وعلى الاثر غادرت اللجنة بيروت قاصدة دمشق حيث استقبلت استقبالاً حافلا . وكأن لسان حال الجميع يقول للجنة الاستفتاء : ان مستقبلنا C ١٢٤ بين يديك ، واعتمادنا على مبادىء الرئيس ولسن فهو لنا السند الأول في الحصول على حقنا وقد دعاها سمو أتي الامير مرتين لتناول الطعام على مائدته . وأذكر كنت ذات مرة مع الكابتن ياي الذي كنت ألازمه لمعرفته الافرنسية نسير على مقربة من مدرسة المارستان لتسهيل مقابلة اللجنة للهيئات الدينية الاسلامية ، فمررنا أمام دار سامي باشا مردم بك ، وكان بناته الصغيرات يلعبن منشدات الاناشيد الوطنية في البهو الخارجي ، فاغتنمت الفرصة ودعوته للدخول ، وترجمت له ما كن يقلنه وقد سألهن بالفرنسية عن الداعي لما ينشدنه ، فأجبنه بأنهن لا يرغبن بديلا بالاستقلال التام لبلادهن ، ويرفضن أي مساعدة فرنسية وهو يقول : إن هذا الوعي في سورية لمن دواعي فخرها ، أخشى ما أخشاه أن لا تتحقق فضحك مع مطالبكم رغم الجهد الوطني الذي قمتم به لتوحيد كلتكم ، فأميركا لم يعد بوسعها التدخل في شؤون بلاد خارجة عن حدودها . ولا أدري كيف يسعها تقديم المساعدات لكم ، وحتى المساعدة الفنية . اني أقول لك هذا كصديق ان واجبي لا يسمح لي بالافضاء کہذا فكان لما قاله لي ولتأييد المستر كراين ذلك تلميحاً تأثير كبير في قرار المؤتمر السوري العام . فقبل طلب المساعدة الفنية التي لا تمس الاستقلال التام من أميركا وان لم تقبل فمن بريطانيا رغم قرار الفتاة السابق . وفي 3 تموز 1919 قابل اللجنة رئيس المؤتمر السوري وكان معه وعشرون عضواً من مناطق سورية المختلفة انتخبهم المؤتمر ليشتركوا أحد معه في تلك المقابلة وسلموا اللجنة قرار المؤتمر ، وهذا نصه : ه اننا نحن الموقعين أدناه بإمضاءاتنا وأسمائنا ، أعضاء المؤتمر السوري 6 - ١٢٥ - 6 العام ، المنعقد في دمشق الشام ، والمؤلف من مندوبي جميع المناطق الثلاث الجنوبية والشرقية والغربية ، الحائزين على اعتمادات سكان مقاطعاتنا ، من مسلمين ومسيحيين وموسويين ، قد قررنا في جلستنا وتفويضاتهم المنعقدة في نهار الاربعاء المصادف لتاريخ ٢ تموز 1919 وضع هذه اللائحة المبينة لرغبات سكان البلاد الذين انتدبونا ، ورفعها الى الوفد الاميركي المحترم من اللجنة الدولية : 1 - اننا نطلب الاستقلال السياسي التام الناجز للبلاد السورية ، التي تحدها شمالاً جبال طوروس ، وجنوبا رفخ ، فالخط المار من جنوب الجوف الى جنوب العقبة الشامية والعقبة الحجازية ، وشرفا نهر الفرات فالخابور والخط الممتد شرقي أبي كمال الى شرقي الجوف ، وغرباً البحر المتوسط بدون حماية ولا وصاية . اننا نطلب أن تكون حكومة البلاد السورية ملكية مدنية تدار مقاطعاتها على طريقة اللامركزية الواسعة وتحفظ فيها نيابية حقوق الاقليات ، على أن يكون ملك هذه البلاد الامير فيصل الذي جاهد في سبيل تحرير هذه الامة جهاداً استحق به أن نضع تمام الثقة بشخصه ، وأن تجاهر بالاعتماد التام على سموه - ۲ ( حيث ان الشعب العربي الساكن في البلاد السورية شعب لا يقل رقيا من حيث الفطرة عن سائر الشعوب الراقية ، وليس هو في حالة أحط من حالات شعوب البلغار والصرب واليونان ورومانيا في مبدأ استقلالها ، فاننا نحتج على المادة (٢٢) الواردة في عهد جمعية الامم والقاضية بادخال بلادنا في عداد الأمم المتوسطة التي تحتاج الى دولة منتدبة . - ۳ - ١٢٦ - ع اذا لم يقبل مؤتمر الصلح هذا الاحتجاج العادل لاعتبارات لا نعلم كنهها فاننا بعدما أعلن الرئيس ولسن أن القصد من دخوله في الحرب هو القضاء على فكرة الفتح والاستعار ، نعتبر مسألة الانتداب الواردة في عهد جمعية الأمم عبارة عن مساعدة فنية واقتصادية لا تمس باستقلالنا السياسي التام . وحيث اننا لا نريد أن تقع بلادنا في أخطار الاستعمار ، وحيث اننا نعتقد أن الشعب الأميركي هو أبعد الشعوب عن فكرة الاستعار ، وأنه ليس له مطامع سياسية في بلادنا ، فاننـا تطلب هذه المساعدة الفنية والاقتصادية من الولايات المتحدة الاميركية على أن لا تمس هذه المساعدة استقلال البلاد السياسي التام ووحدتها ، وعلى أن لا يزيد أيد هذه المساعدة عن عشرين عاماً Ź اذا لم تتمكن الولايات المتحدة من قبول طلبنا هذه المساعدة منها ، فاننا نطلب أن تكون هذه المساعدة من دولة بريطانيا العظمى ، ی على أن لا تمس استقلال بلادنا السياسي التام ووحدتها ، وعلى أن لا يزيد المدة المذكورة في المادة الرابعة آمدها عن 6 ـ اننا لا نعترف بأي حق تدعيه الدولة الفرنسية في أي بقعة كانت من بلادنا السورية ، ونرفض أن يكون لها مساعدة ويد في بلادنا بأي حال من الاحوال Y ی اننا نرفض مطالب الصهيونيين بجعل القسم الجنوبي من البلاد السورية ، أي فلسطين ، وطناً قومياً الاسرائيليين ، ونرفض هجرتهم الى أي قسم من بلادنا ، لأنه ليس لهم فيها أدنى حق ، ولانهم خطر جداً على شعبنا من حيث الاقتصاديات والقومية والكيان السياسي شدید 1 - ۱۲۷ ---أما سكان البلاد الأصليون من اخواننا الموسويين فلهم مالنا وعليهم ما علينا اننا نطلب عدم فصل القسم الجنوبي من سورية المعروف بفلسطين والمنطقة الغربية الساحلية التي من جملتها لبنان عن القطر السوري ونطلب أن تكون وحدة البلاد مصونة لا تقبل التجزئة بأي حال كان - A ۹ – اننا نطلب الاستقلال التام للقطر العراقي المحرر ونطلب عدم ايجاد حواجز اقتصادية بين القطرين 10 ـ ان القاعدة الأساسية من قواعد الرئيس ولسن التي تقضي بالغاء المعاهدات السرية تجعلنا نحتج على كل معاهدة تقضي بتجزئة بلادنا السورية أو كل وعد خصوصي برمي الى تمكين الصهيونيين في القسم الجنوبي من بلادنا ، ونطلب أن تلغى تلك المعاهدات والوعود بأي حال كان . هذا وان المبادىء الشريفة التي صرح . بها الرئيس ولسن لتجعلنا واثقين كل الثقة في أن رغائبنا هذه الصادرة من أعماق القلوب ، ستكون هي الحكم القطعي في تقرير مصيرنا ، وان الرئيس ولسن والشعب الاميركي الحر سيكونون لنا عونا على تحقيقها ، فيثبتون للملاء صدق مبادئهم السامية وغايتهم الشريفة نحو البشرية بنوع عام ونحو شعبنا العربي بنوع خاص . وان لنا الثقة الكبرى في أن مؤتمر السلام يلاحظ أننا لم نثر على الدولة التركية التي كنا واياها شركاء في جميع الحقوق التمثيلية والمدنية والسياسية إلا لأنها تحاملت على حقوقنا القومية - ۱۲۸ – فيحقق لنا رغائبنا بتمامها ، فلا تكون حقوقنا قبل الحرب أقل منها ی بعد الحرب ، بعد ما أرقناه في سبيل الحرية والاستقلال ، ونطلب السماح لنا بإرسال وفد يمثلنا في مؤتمر السلام للدفاع عن حقوقنا الثابتة تحقيقاً لرغباتنا هذه والسلام » ( وكان الامير والفتاة لم يريا بدأ من الاتفاق مع المؤتمر السوري على كل ما جاء في هذا القرار . وقد صرف عزة دروزة جهوداً طيبة في هذا السبيل . وقضت اللجنة في دمشق ستة أيام في مقابلة الوفود والهيئات الرسمية وممثلي جميع الطبقات ، وتلقت وهي في سورية ما يقرب من ألفي عريضة تكاد تكون كلها مؤيدة لمطلب المؤتمر السوري ، وأعدت اللجنة رحلة للوقوف على آراء السكان في الارياف وأطراف الصحراء فكان 6 المدة التي قضتها في المنطقة الشرقية العربية تسعة أيام مجموع و بعدها توجهت لبعلبك لدرس ما جاء في بعض مطالب منطقة الاحتلال الغربية بتوسيع لبنان وبضم البقاع اليه مع ان ادارته كانت تابعة لدمشق . ولما كان أكثر من نصف سكان البقاع من غير الكاثوليك ، فانهم لم يؤيدوا هذا المطلب ، لا سيما وان اتصال دمشق معهم كان وثيقاً وبعد أن مكثت اللجنة يوماً واحداً في بعلبك ، أتمت استفتاء المنطقة الغربية ، ثم غادرتها بعد سفرها من دمشق بعشرة أيام قاصدة حمص عن طريق طرابلس ، فاطلعت على آراء الاهلين فيها وفي حماه وحلب . ولبثت كذلك ثلاثة أيام في عاصمة شمال سورية . ولم يكن أحد ليشذ عما قيل للجنة الاستفتاء في دمشق ، إلا انهم تشددوا في ی ا - ۱۲۹ - . المطالبة باستقلال العراق وان لا يكون بينه وبين سورية حواجز ما ، وكان الداعي لهذا أن حلب مركز من مراكز التجارة الهامة بين سورية والبحر الابيض المتوسط و بين الموصل والعراق وحصل الاقتناع للجنة من وحدة رغبات الشعب التي كانت أقرب ما يكون الى الاجماع ، ما عدا الساحل الذي كان تحت الضغط الفرنسي . وخلاصة القول أن مطلب المؤتمر السوري كان مطلب الأمة على سواء . وبعد أن أتمت اللجنة مهمتها في حلب قصدت أضنة فالاستانة ه وعادت الى باريس في العشر الثاني من ايلول 1919 لتقديم تقريرها . وكان الشعب الاميركي قد خذل الرئيس ولسن ، فواصلت سفرها الى واشنطن وقدمته الى وزارة الخارجية التي كتمته سنة ١٩٢٤ بعد الاستفتاء . . وقد عمد الامير بعد أن تم الاستفتاء الى الاستمرار في تنظيم شؤون البلاد . وكان رجالات العرب يعودون اليها من تركيا ، فوصل احسان الجابري ويوسف العظمة قبل وصول اللجنة الاميركية عدة غير طويلة ، فين الاول رئيساً لبلدية حلب ثم أمينا واختص الامير يوسف العظمة مرافقاً له ثم معتمداً عربيا في بيروت اذ كان ذا ثقافة عسكرية عالية ، ومن ضباط أركان الحرب المرموقين في الجيش التركي . وبعد التأكد اخلاصهما للعروبة أدخلا في جمعية الفتاة من . وكان ياسين الهاشمي رئيسا لمجلس الشورى العسكري « الحربي » ل ( وزارة الحربية ) . وتعذر عليه العمل بالصرامة التي يستلزمها الموقف لتأسيس جيش سوري قوي مدرب بعد الغاء الجيش الذي دخل سورية ، بسبب عودة الضباط السوريين الى مظفرا من الحجاز سورية من تركيا ومطالبتهم بتشكيل جيش جديد ، هذا وان الكثيرين الامير سمو ممن يرغبون في الوظائف من الشاميين بدأوا يتشكون من انهم أصبحوا غرباء في بلادهم . وعمل الافرنسيون كثيراً لدعم ونشر هذه النزعات ی ولما كنا نود حكومة عربية ، ولم يدر بخلدنا الاكتفاء بسورية ، فقد عانينا وعاني الأمير معنا كثيراً للوقوف بوجه هذه الموجة من الاستياء . على أن الفرنسيين راحوا يراقبون بدقة ما يجري في سورية واتجاهها السياسي خشية أن لا ينالوا منها ماربا ، ولم يكن واضحاً تماما بعـد موقف أميركا ، وكانوا الى ذلك يخشون كثيراً من نتيجة الاستفتاء في سورية ، فقرروا توسيع لبنان وجمل وضعهم فيه ثابتا . كما انهم قووا دعايتهم فيه واقنعوا مجلس ادارته بتقديم قرار في صالحهم يرفعونه الى مؤتمر الصلح . فأصدر مجلس ادارة جبل لبنان في 3 مايس 1919 قراراً جاء فيه : من لما كان جبل لبنان مستقلاً القديم بحدوده التاريخية والجغرافية والقطع التي فصلت عنه انما سلخت منه عنوة واغتصابا بأمر الدولة التركية ، ولما كانت الدولة الغاصبة قد تقلص ظلها واضمحلت سيطرتها عن هذه البلاد ، ولما كان لبنان لا يتسع له العيش والرخاء ما لم تعد اليه القطع المفصولة عنه . ولما كانت دول الحلفاء قد أعلنت انها تساعد تحرير الشعوب المظلومة واعادة الاراضي المنصوبة الى بلادها الأصلية وكانت القطع المغتصبة من لبنان تعد قسما منه ومعظم سكانها هم من ، فقد اجتمع هذا المجلس بصفته ممثلاً للشعب اللبناني اللبنانيين أصلا وأصدر القرار الآتي : 6 6 . أولا – المناداة باستقلال لبنان السياسي والاداري بحدوده التاريخية والجغرافية واعتبار البلاد المغصوبة منه بلادا لبنانية كما كانت قبل اسلحها عنه ·
ثانيا – جيل حكومة لبنان هذه ديموقراطية مؤسسة على الحرية والإخاء والمساواة حفظ حقوق الأقلية وحرية الأديان ·
ثالثا – ان الحكومة اللبنانية والحكومة الفرنسية متفقتان على تقرير العلائق الاقتصادية بين لبنان والحكومات المجاورة ·
رابعا – مباشرة درس و تنظیم القانون الأساسي بطرقه الأصولية .
خامسا – تقديم هذا القرار إلى مؤتمر الصلح ·
سادسا – اعلان هذا القرار في الجريدة الرسمية وغيرها .
وقد أبلغت فرنسا هذا القرار إلى مؤتمر الصلح . وكان هذا القرار في ظاهره لا يتنافى الاستقلال التام ، إلا أن ما جاء في مادته الثالثة من الاتفاق مع فرنسا هو كل ما ترمي اليه فرنسا ليتم لها الحصول على الانتداب عليه وعندها يصبح الاستقلال اسيا كما رأينا ذلك بالفعل ·
و بعد أن تم الإستفتاء وعلم الفرنسيون نتيجته في سورية، واستوثقوا من الصعوبات التي ستجابهم الحصول على ما يرمون اليه ، راجعوا الحكومة الانكليزية مطالبين بتنفيذ معاهدة سيكس – بيكو ، ونظموا حملة صحفية في جوائدهم غايتها تطبيق المعاهدات المعقودة بين فرنسا وانكلترا . وقد أيدهم كثير من الصحف الانكليزية حتى اضطر الانكار إرضاء للفرنسيين أن يبلغوا مؤتمر الصلح بأنهم لا يقبلون الانتداب على سورية ·