محلى ابن حزم - المجلد الأول/الصفحة العشرون

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
ابن حزم - المحلى المؤلف ابن حزم
الأشياء الموجبة غسل الجسد كله (مسألة 179 - 187)


كتاب الطهارة

باب الأشياء الموجبة غسل الجسد كله

179 - مسألة : وغسل يوم الجمعة إنما هو لليوم لا للصلاة ، فإن صلى الجمعة والعصر ثم اغتسل أجزأه ذلك ، وأول أوقات الغسل المذكور إثر طلوع الفجر من يوم الجمعة ، إلى أن يبقى من قرص الشمس مقدار ما يتم غسله قبل غروب آخره ، وأفضله أن يكون متصلا بالرواح إلى الجمعة ، وهو لازم للحائض والنفساء كلزومه لغيرهما . برهان ذلك ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا شعيب هو ابن أبي حمزة - عن الزهري ، قال طاوس : قلت لابن عباس : ذكروا أن النبي قال : { اغتسلوا يوم الجمعة وإن لم تكونوا جنبا وأصيبوا من الطيب } قال : أما الغسل فنعم ، وأما الطيب فلا أدري . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج حدثني محمد بن حاتم ثنا بهز ثنا وهيب هو ابن خالد - حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي قال { حق الله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ، يغسل رأسه وجسده } . حدثنا أحمد بن محمد الطلمنكي حدثنا محمد بن أحمد بن مفرج ثنا محمد بن أيوب الصموت ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار ثنا يحيى بن حبيب بن عربي ثنا روح بن عبادة ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن أبي هريرة رفعه قال { على كل مسلم في كل سبعة أيام غسل وهو يوم الجمعة } . وهكذا رويناه من طريق جابر والبراء مسندا ، فصح بهذا أنه لليوم لا للصلاة وروينا عن نافع عن ابن عمر : أنه كان يغتسل بعد طلوع الفجر يوم الجمعة فيجتزئ به من غسل الجمعة ، وعن شعبة - عن منصور بن المعتمر عن مجاهد قال : إذا اغتسل الرجل بعد طلوع الفجر أجزأه . وعن الحسن : إذا اغتسل يوم الجمعة بعد طلوع الفجر أجزأه للجمعة ، فإذن هو لليوم ، ففي أي وقت من اليوم اغتسل أجزأه ، وعن إبراهيم النخعي كذلك . فإن قال قائل : فإنكم قد رويتم من طريق شعبة عن الحكم عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله  : { إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل } . ورويتم من طريق الليث عن نافع عن ابن عمر عن النبي  : { إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل } وعن الليث عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه { عن رسول الله أنه قال وهو قائم على المنبر من جاء منكم الجمعة فليغتسل } . قلنا نعم ، وهذه - آثار صحاح ، وكلها لا خلاف فيها لما قلنا . أما قوله عليه السلام { من جاء منكم الجمعة فليغتسل } فهو نص قولنا ، وإنما فيه أمر لمن جاء الجمعة بالغسل ، وليس فيه أي وقت يغتسل ، لا بنص ولا بدليل ، وإنما فيه بعض ما في الأحاديث الأخر لأن في هذا إيجاب الغسل على كل من جاء إلى الجمعة ، فليس فيه إسقاط الغسل عمن لا يأتي الجمعة ، وفي الأحاديث الأخر التي من طريق ابن عمر وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وغيرهم إيجاب الغسل على كل مسلم وعلى كل محتلم ، فهي زائدة حكما على ما في حديث ابن عمر ، فالأخذ بها واجب . وأما قوله عليه السلام : { إذا أراد أحدكم أن يأتي الجمعة فليغتسل } فكذلك أيضا سواء سواء ، وقد يريد الرجل أن يأتي الجمعة من أول النهار ، وليس في هذا الخبر ولا في غيره إلزامه أن يكون إتيانه الجمعة لا من أول النهار ، وليس في هذا الخبر ولا في غيره إلزامه أن يكون أتى متصلا بإرادته لإتيانها ، بل جائز أن يكون بينهما ساعات ، فليس في هذا اللفظ أيضا دليل ولا نص يوجب أن يكون الغسل متصلا بالرواح . وأما قوله عليه السلام : { إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل } فظاهر هذا اللفظ أن الغسل بعد الرواح ، كما قال تعالى : { فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة } ومع الرواح كما قال تعالى : { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } أو قبل الرواح كما قال تعالى : { إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة } فلما كان كل ذلك ممكنا ، ولم يكن في هذا اللفظ نص ولا دليل على وجوب اتصال الغسل بالرواح أصلا صح قولنا ، والحمد لله رب العالمين . وأيضا فإننا إذا حققنا مقتضى ألفاظ حديث ابن عمر كان ذلك دالا على قولنا لأنه إنما فيها { إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل } { أو أراد أحدكم أن يأتي إلى الجمعة فليغتسل } . { من جاء منكم الجمعة فليغتسل } وهذه ألفاظ ليس يفهم منها إلا أن من كان من أهل الرواح إلى الجمعة ، وممن يجيء إلى الجمعة ، ومن أهل الإرادة للإتيان إلى الجمعة فعليه الغسل ، ولا مزيد ، وليس في شيء منها وقت الغسل ، فصارت ألفاظ خبر ابن عمر موافقة لقولنا . وعهدنا بخصومنا يقولون : إن من روى حديثا فهو أعرف بتأويله ، وهذا ابن عمر راوي هذا الخبر قد روينا عنه أنه كان يغتسل يوم الجمعة إثر طلوع الفجر من يومها . وقال مالك والأوزاعي : لا يجزئ غسل يوم الجمعة إلا متصلا بالرواح ، إلا أن الأوزاعي قال : إن اغتسل قبل الفجر ونهض إلى الجمعة أجزأه . وقال مالك : إن بال أو أحدث بعد الغسل لم ينتقض غسله ويتوضأ فقط ، فإن أكل أو نام انتقض غسله . قال أبو محمد : وهذا عجب جدا . وقال أبو حنيفة والليث وسفيان وعبد العزيز بن أبي سلمة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود كقولنا ، وقال طاوس والزهري وقتادة ويحيى بن أبي كثير : من اغتسل للجمعة ثم أحدث فيستحب أن يعيد غسله . قال علي : ما نعلم مثل قول مالك عن أحد من الصحابة التابعين ، ولا له حجة من قرآن ولا سنة ولا قياس ولا قول صاحب ، وكثيرا ما يقولون في مثل هذا بتشنيع خلاف قول الصاحب الذي لا يعرف له من الصحابة مخالف ، وهذا مكان خالفوا فيه ابن عمر ، وما يعلم له من الصحابة في ذلك مخالف . فإن قالوا : من قال قبلكم إن الغسل لليوم ؟ قلنا : كل من ذكرنا عنه في ذلك قولا من الصحابة رضي الله عنهم ، فهو ظاهر قولهم ، وهو قول أبي يوسف نصا وغيره ، وأعجب شيء أن يكونوا مبيحين للغسل يوم الجمعة في كل وقت ، ومبيحين لتركه في اليوم كله ، ثم ينكرون على من قال بالغسل في وقت هم يبيحونه فيه . وبالله تعالى التوفيق

180 - مسألة : وغسل كل ميت من المسلمين فرض ولا بد ، فإن دفن بغير غسل أخرج ولا بد ، ما دام يمكن أن يوجد منه شيء ويغسل إلا الشهيد الذي قتله المشركون في المعركة فمات فيها ، فإنه لا يلزم غسله . برهان ذلك ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا إسماعيل بن عبد الله هو ابن أبي أويس - حدثني مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية الأنصارية : { أن رسول الله دخل عليهن حين توفيت ابنته فقال : اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك } فأمر عليه السلام بالغسل ثلاثا ، وأمره فرض وخير في أكثر على الوتر ، وأما الشهيد فمذكور في الجنائز إن شاء الله عز وجل .


181 - مسألة : ومن غسل ميتا متوليا ذلك بنفسه - بصب أو عرك - فعليه أن يغتسل فرضا . برهان ذلك ما حدثناه عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن أبي فديك حدثني ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عمرو بن عمير عن أبي هريرة أن رسول الله قال : { من غسل الميت فليغتسل ، ومن حمله فليتوضأ } قال أبو داود : وحدثنا حامد بن يحيى عن سفيان بن عيينة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة عن النبي بمعناه . وحدثنا عبد الله بن ربيع ثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الأسدي ثنا أحمد بن خالد ثنا علي بن عبد العزيز ثنا الحجاج بن المنهال ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة { عن النبي قال من غسل ميتا فليغتسل ومن حملها فليتوضأ } قال أبو محمد : يعني من حمل الجنازة . وممن قال بهذا علي بن أبي طالب وغيره ، روينا ذلك من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن هشام الدستوائي عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن علي قال : من غسل ميتا فليغتسل ، ومن طريق وكيع عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن مكحول أن حذيفة سأله رجل مات أبوه ، فقال حذيفة : اغسله فإذا فرغت فاغتسل وعن أبي هريرة - من غسل ميتا فليغتسل ، ومن طريق حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال كان أصحاب علي يغتسلون منه . يعني من غسل الميت . قال علي : وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي وداود : لا يجب الغسل من غسل الميت ، واحتج أصحابنا في ذلك بالأثر الذي فيه { إنما الماء من الماء } . قال علي : وهذا لا حجة فيه لأن الأمر بالغسل من غسل الميت ومن الإيلاج وإن لم يكن إنزال - هما شرعان زائدان على خبر { الماء من الماء } والزيادة واردة من عند الله تعالى على لسان رسوله فرض الأخذ بها . واحتج غيرهم في ذلك بأثر رويناه من طريق ابن وهب قال : أخبرني من أثق به يرفع الحديث إلى رسول الله قال : { لا تتنجسوا من موتاكم } وكره ذلك لهم . وعن رجال من أهل العلم عن سعيد وجابر وابن مسعود وابن عباس وابن عمر أنه لا غسل من غسل الميت ، وبحديث رويناه من طريق مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أسماء بنت عميس غسلت أبا بكر الصديق ، فلما فرغت قالت لمن حضرها من المهاجرين إني صائمة وإن هذا يوم شديد البرد فهل علي من غسل ؟ قالوا : لا ، وعن إبراهيم النخعي : كان ابن مسعود وأصحابه لا يغتسلون من غسل الميت ، وبحديث رويناه من طريق شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة العدوية : سئلت عائشة رضي الله عنها : أيغتسل من غسل المتوفين ؟ قالت لا . قال أبو محمد : وكل هذا لا حجة لهم فيه ، أما الخبر عن رسول الله ففي غاية السقوط لأن ابن وهب لم يسم من أخبره ، والمسافة بين ابن وهب وبين رسول الله بعيدة جدا ، ثم لو صح بنقل الكافة ما كان لهم فيه متعلق ؛ لأنه ليس فيه إلا أن لا نتنجس من موتانا فقط ، وهذا نص قولنا ، ومعاذ الله أن نكون نتنجس من ميت مسلم ، أو أن يكون المسلم نجسا ، بل هو طاهر حيا وميتا ، وليس الغسل الواجب من غسل الميت لنجاسته أصلا ، لكن كغسل الميت الواجب عندنا وعندهم ، كما غسل رسول الله وهو أطهر ولد آدم حيا وميتا ، وغسل أصحابه رضي الله عنهم إذ ماتوا ، وهم الطاهرون الطيبون أحياء وأمواتا ، وكغسل الجمعة ، ولا نجاسة هنالك ، فبطل تمويههم بهذا الخبر . وأما حديث أسماء فإن عبد الله بن أبي بكر لم يكن ولد يوم مات أبو بكر الصديق نعم ولا أبوه أيضا ، ثم لو صح كل ما ذكروا عن الصحابة لكان قد عارضه ما رويناه من خلاف ذلك عن علي وحذيفة وأبي هريرة ، وإذا وقع التنازع وجب الرد إلى ما افترض الله تعالى الرد إليه ، من كلامه وكلام رسول الله والسنة قد ذكرناها بالإسناد الثابت بإيجاب الغسل من غسل الميت ، وكم قصة خالفوا فيها الجمهور من الصحابة لا يعرف منهم مخالف ، وقد أفردنا لذلك كتابا ضخما ، والعجب من احتجاجهم بقول عائشة وهم قد خالفوها في إيجاب الوضوء مما مست النار وخالفوا علي بن أبي طالب وابن عباس وابن الزبير في إيجاب الغسل على المستحاضة لكل صلاة أو للجمع بين صلاتين ، وعائشة في قولها : تغتسل كل يوم عند صلاة الظهر ، ولا مخالف يعرف لهؤلاء من الصحابة رضي الله عنهم ، ومثل هذا كثير جدا


182 - مسألة : ومن صب على مغتسل ونوى ذلك المغتسل الغسل أجزأه . برهان ذلك أن الغسل هو إمساس الماء البشرة بالقصد إلى تأدية ما افترض الله تعالى من ذلك ، فإذا نوى ذلك لمرء فقد فعل الغسل الذي أمر به ، ولم يأت نص ولا إجماع بأن يتولى هو ذلك بيده ، وبالله تعالى التوفيق


183 - مسألة : وانقطاع دم الحيض في مدة الحيض - ومن جملته دم النفاس - يوجب الغسل لجميع الجسد والرأس وهذا إجماع متيقن ، من خالفه كفر عن نصوص ثابتة ، وبالله تعالى نتأيد . وقد ذكرنا أن الحامل لا تحيض ، ودم النفاس هو الخارج إثر وضع المرأة آخر ولد في بطنها ؛ لأنه المتفق عليه ، وأما الخارج قبل ذلك فليست نفساء ، وليس دم نفاس ، ولا نص فيه ولا إجماع ، وسنذكر في الكلام في الحيض مدة الحيض ومدة النفاس إن شاء الله تعالى . /


184 - مسألة : والنفساء والحائض شيء واحد ، فأيتهما أرادت الحج أو العمرة ففرض عليها أن تغتسل ثم تهل . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج حدثني هناد بن السري وزهير بن حرب وعثمان بن أبي شيبة ، كلهم عن عبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين قالت { نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر الصديق بالشجرة ، فأمر رسول الله أبا بكر أن تغتسل وتهل } . وجاء في الخبر الصريح : { نفست أسماء بنت عميس بالشجرة بمحمد بن أبي بكر فذكر ذلك لرسول الله } { وحاضت عائشة وأم سلمة أما المؤمنين رضي الله عنهما ، فقال رسول الله لكل واحدة منهما : أنفست ؟ قالت نعم } . فصح أن الحيض يسمى نفاسا ، فصح أنهما شيء واحد وحكم واحد ولا فرق . وأمر عليه السلام التي ترى الدم الأسود بترك الصلاة ، وحكم بأنه حيض وأنها حائض ، وأن الدم الآخر ليس حيضا ولا هي به حائض ، وأخبر أن الحيض شيء كتبه الله تعالى على بنات آدم ، فكل دم أسود ظهر من فرج المرأة من مكان خروج الولد فهو حيض ، إلا ما ورد النص بإخراجه من هذه الجملة وهي الحامل والتي لا يتميز دمها ولا ينقطع ، وبالله تعالى التوفيق .

185 - مسألة : والمرأة تهل بعمرة ثم تحيض ففرض عليها أن تغتسل ثم تعمل في حجها ، ما سنذكره في الحج إن شاء الله تعالى . حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث هو ابن سعد - عن أبي الزبير عن جابر قال : { أقبلنا مع رسول الله مهلين بحج مفردا وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت } ثم ذكر الحديث وفيه { أن رسول الله دخل عليها فقالت : قد حضت وحل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت ، والناس يذهبون إلى الحج ، فقال لها رسول الله  : إن هذا كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج ففعلت } .

186 - مسألة : والمتصلة الدم الأسود الذي لا يتميز ولا تعرف أيامها فإن الغسل فرض عليها إن شاءت لكل صلاة فرض أو تطوع ، وإن شاءت إذا كان قرب آخر وقت الظهر اغتسلت وتوضأت وصلت الظهر بقدر ما تسلم منها بعد دخول وقت العصر ، ثم تتوضأ وتصلي العصر ، ثم إذا كان قبل غروب الشفق اغتسلت وتوضأت وصلت المغرب بقدر ما تفرغ منها بعد غروب الشفق ، ثم تتوضأ وتصلي العتمة ، ثم تغتسل وتتوضأ لصلاة الفجر ، وإن شاءت حينئذ أن تتنفل عند كل صلاة فرض وتتوضأ بعد الفريضة أو قبلها فلها ذلك ، وسنذكر البرهان على ذلك في كلامنا في الحيض إن شاء الله تعالى .

187 - مسألة : ولا يوجب الغسل شيء غير ما ذكرنا أصلا لأنه لم يأت في غير ذلك أثر يصح ألبتة ، وقد جاء أثر في الغسل من موارة الكافر ، فيه ناجية بن كعب وهو مجهول ، والشرائع لا تؤخذ إلا من كلام الله أو من كلام رسوله . وممن لا يرى الغسل من الإيلاج في حياء البهيمة إن لم يكن إنزال أبي حنيفة والشافعي . وقال مالك في الوطء في الدبر : لا غسل فيه إن لم يكن إنزال ، فمن قاس ذلك على الوطء في الفرج قيل له : بل هو معصية ، فقياسها على سائر المعاصي من القتل وترك الصلاة أولى ، ولا غسل في شيء من ذلك بإجماع ، فكيف والقياس كله باطل .

محلى ابن حزم - المجلد الأول/كتاب الطهارة
كتاب الطهارة (مسألة 110 - 120) | كتاب الطهارة (مسألة121 - 125) | كتاب الطهارة (مسألة 126 - 130) | كتاب الطهارة (مسألة 131 - 135) | كتاب الطهارة (مسألة 136) | كتاب الطهارة يتبع (مسألة 136) | كتاب الطهارة (مسألة 137 - 140) | كتاب الطهارة (مسألة 141 - 147) | كتاب الطهارة (مسألة 148 - 157) | كتاب الطهارة (مسألة 158 - 163) | كتاب الطهارة (مسألة 164 - 168) | كتاب الطهارة (مسألة 169) | كتاب الطهارة (مسألة 170 - 178) | كتاب الطهارة (مسألة 179 - 187) | كتاب الطهارة (مسألة 188 - 193) | كتاب الطهارة (مسألة 194 - 199) | كتاب الطهارة (مسألة 200 - 206) | كتاب الطهارة (مسألة 207 - 211) | كتاب الطهارة (مسألة 212 - 215) | كتاب الطهارة (مسألة 216 - 223) | كتاب الطهارة (مسألة 224 - 235) | كتاب الطهارة (مسألة 236 - 245) | كتاب الطهارة (مسألة 246 - 249) | كتاب الطهارة (مسألة 250 - 253) | كتاب الطهارة (مسألة 254 - 256) | كتاب الطهارة (مسألة 257 - 262) | كتاب الطهارة (مسألة 263 - 266) | كتاب الطهارة (مسألة 267 - 269) | كتاب الطهارة (مسألة 270 - 274)