مجلة المقتبس/العدد 9/مطبوعات ومخطوطات

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 9/مطبوعات ومخطوطات

مجلة المقتبس - العدد 9
مطبوعات ومخطوطات
ملاحظات: بتاريخ: 18 - 10 - 1906



كتاب المعجب

في الناس من يحكمون على الأشياء بظواهرها وعلى كليات الأمور بجزئياتها فيأخذون من الغلط صواباً ومن الباطل حقيقة ويا ليتهم ما استنتجوا ولا استنبطوا. عادة يكفي في وصف قبحها بأنها تخلط بين الحق والباطل والصدق والكذب. ولقد كنت استحلي من بعض أهل العلم تأففه من سماع الاستنباط في الأخبار علماً منه بأن صحة البرهان تكاد تكون مفقودة في الأمة فكان شأنه إذا قصَّ عليه أحد قصة أن يشير إليه بترك الاستنباط وأن يكتفي بذكر نبأه مجرداً عن الشروح والحواشي وحواشي الحواشي.

ومن سوء الاستنتاج أو الاستنباط دعوى بعضهم أن سوق الشعر لما راجت في الأندلس كانت السبب في زوالها وتبديد شمل أهلها لتشاغل القوم به عن الذود عن حياضهم. والظاهر أن القائل بهذا القول طالع بعض كتب التراجم وفيها شيءٌ من الشعر للمترجم بهم فظنَّ أن هذه العناية بالقريض سلبت من النفوس الاستقلال ونزعت منها قوة الإرادة وأغرقتها في بحور الترف والسرف وفاته أن الشعب في تلك البلاد كان في أخلاقه وعلمه وقت زوال ملكه أحسن من كثير من الشعوب الباقية اليوم وأن ملوكهم هم الذين يبوءون بالتبعة وأحق باللوم والتعنيف.

نعم كان للقوم غرام أيامئذ بالشعر والأدب لأنهما وسيلة إلى العلوم كافة حتى قيل عن المعتمد بالله بن عباد الأندلسي أنه كان لا يستوزر وزيراً إلا أن يكون أديباً شاعراً حسن الأدوات فاجتمع له من الوزراء الشعراء ما لم يجتمع لأحد قبله ولم يكن الشعر هو القاضي على تلك المملكة وإنما هو اختلاف كلمة المتغلبين ووجودهم وسط أعداء أشداء يسعون كل يوم إلى تأييد سلطانهم والنيل من عداتهم والأخذ بالقديم من ثاراتهم على حين كان أمراء الطوائف بالأندلس لاهين ساهين همة أحدهم كأس يشربها وقينة تسمعه ولهو يقطع به أيامه وبلغ من تخاذل ملوك الأندلس وتواكلهم إن كان ملوك النصارى يأخذون الإتاوة من ملوكها قاطبة يدفعونها إليهم في حين ضعفهم عن يد وهم صاغرون. ولما تمكن حب الأثرة من جوانحهم أخذ أحدهم يلتجئ إلى عدوه الإفرنجي ليعينه على أخيه وأبيه.

ولذا كان العقلاء يتنبأون بذهاب الأندلس عن حكم المسلمين قبل سقوطها بزهاء قرنين ومن هؤلاء الرجال عبد الرحمن بن خلدون شيخ فلاسفة العمران. على أن فتح الأندلس كان من الغلطات التي جرت على الأمة وبالاً كان في الوسع تحاميه. بيد أن الغلط في فتح هذه البلاد كان باعثاً على ظهور إبداع العرب وفضل ذكائهم في الغرب فحمل ذاك الشعب المبذعر البائد لجيرانه من الأوربيين نموذجاً من الحضارة والعلم.

وإني لأحمد الله على أن أرانا دوراً سقطت فيه كلمة الممخرقين والسفسطائيين فطبع من كتب الأسلاف ما سهل الوقوف على حقائقهم وأخبارهم ومن جملتها كتاب المعجب في تلخيص أخبار المغرب لمحيي الدين أبي محمد عبد الواحد بن علي المراكشي طبعه في ليدن أحد علماء المشرقيات العلامة دوزي الهولندي صاحب كتاب المسلمون في إسبانيا المكتوب باللغة الفرنسية وناشر كثير من مؤلفات الأندلسيين كما طبعه طبعة ثانية غيره من علماء المشرقيات.

لم أعثر لمؤلف المعجب على ترجمة وإنما قال عن نفسه في كلامه على مراكش وبهذه المدينة أعني مراكش مسقط رأسي وهي أول أرض مس جلدي ترابها وكان مولدي بها لسبع خلون من ربيع الآخر سنة 581 في أول أيام أبي يوسف يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن ابن علي ثم فصلت عنها وأنا ابن تسعة أعوام إلى مدينة فاس فلم أزل بها إلى أن قرأت القرآن وجودته ورويته عن جماعة كانوا هناك مبرزين في علم القرآن والنحو ثم عدت إلى مراكش فلم أزل متردداً بين هاتين المدينتين ثم عبرت إلى جزيرة الأندلس في أول سنة 603 فأدركت بها جماعة من الفضلاء من أهل كل شأن فلم أحصل بحمد الله من ذلك كله إلا معرفة أسمائهم وموالدهم ووفياتهم وعلومهم وانفردوا دوني بكل فضيلة ولا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع يختص برحمته من يشاء وهو ذو الفضل العظيم.

وهذا الكتاب هو كما وصفه مؤلفه: أوراق تشتمل على بعض أخبار المغرب وهيئته وحدود أقطاره وشيءٍ من سير ملوكه وخصوصاً ملوك المصامدة بني عبد المؤمن من لدن ابتداء دولتهم إلى سنة 621 ينضاف إلى ذلك نبذة من ذكر من لقيه المؤلف أو لقي من لقيه أو روى عنه بوجه ما من وجوه الرواية والشعر والعلماء وأنواع أهل الفضل ومن الوجوه التي ذكرها لمن قدم له كتابه عذر في غاية اللطف وإن كان في غنية عنه إلا وهو قوله ضعف عبارة المملوك وغلبة العي على طباعه فمهما وقع في هذا الإملاء من فتور لفظ أو إخلال بسرد فهو خليق بذلك على أن عبارة الكتاب في الغاية جزالة وبلاغة شأن معظم ما أثر عن الأندلسيين.

حدد المؤلف أولاً جزيرة الأندلس أجمل تحديد مندمج واضح وذكر خبر فتحها وأتى بأجمع تفصيل لأخبارها وسير ملوكها ومن كان فيها من الفضلاء وذكر هناك حديثاً ضعيفاً في فضل الأندلس وهو في معنى الأحاديث التي يرويها أهل كل بلد من بلاد الإسلام في فضل بلدهم وقال أن معظم ما يروى من هذا القبيل فيه نظر. وأحسن بأن عدَّ من جملة فضائل الأندلس أنه لم يذكر قط أحد على منابرها من السلف إلا بخير إشارة إلى أن بني مروان وإن استولوا على تلك البلاد بعد سقوط دولتهم في المشرق بأيدي العباسيين لم يعمدوا ثمت إلى لعن أحد على منابرها كما جروا مع الخليفة الرابع نحو ألف شهر.

أوجز المؤرخ في ذكر الأمويين لأنه لم يضع كتابه لذكر أخبارهم وإنما أورد طرفاً مجملاً منها حباً بتسلسل الحوادث وعني بذكر دولة المصامدة خاصة فلم يصف عبد الرحمن الداخل بأكثر من قوله: (فلم يزل مستتراً يتنقل في بلاد المرغب حتى دخل الأندلس ودخلها حين دخلها طريداً وحيداً لا أهل له ولا مال فلم يزل يصرف حيلته ويسمو بهمته والقدر مع ذلك يوافقه إلى أن احتوى على ملكها وملك بعض بلاد العدوة وكان أبو جعفر المنصور إذا ذكر عنده قال ذاك صقر قريش وكان عبد الرحمن بن معاوية من أهل العلم وعلى سيرة جميلة من العدل.

وبعد فلو اعتدل المترجمون في ذكر مترجميهم إلى هذا الحد لما احتاج المطالع في تمحيص الحقائق إلى روية زائدة ولسقط كثير ممن تلتمس بركاتهم ويترضى عنهم كلما ذكروا. وقال في هشام بن عبد الرحمن أنه كان حسن السيرة متحرياً للعدل يعود المرضى ويشهد الجنائز ويتصدق بالصدقات الكثيرة وربما كان يخرج في الليالي المظلمة الشديدة المطر ومعه صرر الدراهم يتحرى بها المساتير وذوي البيوتات من الضعفاء ولم يزل هذا مشهوراً من أمره وذكر ولده الحكم بن هشام الملقب بالمرضي بأنه طاغ مسرف وله آثار سوءٍ قبيحة قال (وفي أيامه أحدث الفقهاء إنشاد أشعار الزهد والحض على قيام الليل في الصوامع أعني صوامع المساجد وأمروا أن يخلطوا مع ذلك شيئاً من التعريض به مثل أن يقولوا يا أيها المسرف المتمادي في طغيانه المصر على كبره المتهاون بأمر ربه أفق من سكرتك وتنبه من غفلتك وما نحا هذا النحو فكان هذا من جملة ما هاجه وأوغر صدره عليهم وكان أشد الناس عليه في أمر هذه الفتنة الفقهاء وهم الذين كانوا يحرضون العامة ويشجعونهم إلى أن كان من أمرهم ما كان).

يقسم المعجب إلى قسمين طبيعيين ينتهي الأول بقيام محمد بن تومرت صاحب دولة الموحدين وينتهي القسم الثاني بسنة 621 ففي القسم الأول خلا التاريخ السياسي تراجم كثير من أهل السياسة والعلم والأدب. وتراجم المشاهير هي في الحقيقة تاريخ السياسة. فممن ذكرهم من أهل العلم أبو محمد بن حزم وأورد له قطعة من شعره ومما قاله في رجل تمام

أتمُّ من المرآة في كل ما درى ... وأقطع بين الناس من قضب الهند

كأن المنايا والزمان تعلماً ... تحيله في القطع بين ذوي الود

وذكر ابن عبدون وابن وهبون القائل

قلَّ الوفاءُ فما تلقاهُ في أحد ... ولا يمر لمخلوق على بال

وصار عندهم عنقاءُ مغربة ... أو مثل ما حدثوا عن ألف مثقال

وترجم ابن زيدون وابن عمار وقد أورد له من قصيدة بيتاً لم يسمع لمتقدم ولا لمتأخر بمثله وهو

السيف أفصح من زياد خطبة ... في الحرب إن كانت يمينك منبراً

وألمَّ بذكر ابن اللبانة الذي أكثر من رثاء المعتمد على الله وقد حبسه صاحب مراكش باغمات واستلب منه ملكه وقتل ولده

ومما قاله ابن اللبانة في المعتمد

والدهر في صبغة الحرباء منغمس ... ألوان حالاته فيها استحالات

ونحن من لعب الشطرنج في يده ... وربما قمرت بالبيدق الشاة

وأطال المؤلف في ترجمة ابن عمار وأجاد لأنها دالة على حالة سياسية وقد يورد من الأشعار أرقها وأعذبها ويعتذر بأنه خالف الغرض الذي فرضه على نفسه من الاختصار كل مرة بأسلوب. ولابن عمار لما حبسه المعتمد (قصائد لو توسل بها إلى الدهر لنزع عن جوره أو إلى الفلك لكف عن دوره فكانت رقىً لم تنجع ودعوات لم تسمع وتمائم لم تنفق) فمنها قوله:

سجاياك إن عافيت أندى وأسجح ... وعذرك إن عاقبت أجلى وأوضح

وإن كان بين الخطتين مزية ... فأنت إلى الأدنى من الله تجنح

حنانيك في أخذي برأيك لا تطع ... عداي ولو أثنوا عليك وأفصحوا

إلى أن يقول:

وماذا عسى الواشون أن يتزيدوا ... سوى أن ذنبي واضح متصحح

نعم لي ذنبٌ غير أن لحمله ... صفاة يزلُّ الذنب عنها فيسفح

عليك سلام كيف دار به الهوى ... إليّ فيدنو أو عليَّ فينزح

ويهنئه إن مت السلو فإنني ... أموتُ ولي شوق إليه مبرح

وبين ضلوعي من هواه تميمة ... ستنفع لو أن الحمام يجلحُ

وأطال صاحب المعجب أيضاً في نقل رسائل ابن عبدون وهي في الغاية جزالة ورشاقة وشعره الجيد المنسجم وهو صاحب القصيدة التي يقول في أولها

الدهر يفجع بعد العين بالأثر ... فما البكاءُ على الأشباح والصور

وكان ابن عبدون (أديب الأندلس وإمامها وسيدها في علم الآداب) ومن شعره

لاح المشيب على رأسي فقلت لهُ ... الشيب والعيب لا والله ما اجتمعا

يا ساقي الكأس لا تعدل إلي بها ... فقد هجرت الحميا والحميم معا

ومنه

إني نظرت إلى المرآة إذ جليت ... فأنكرت مقلتاي كل ما رأتا

رأيت فيها شييخاً لست أعرفه ... وكنت أعرف فيها قبل ذاك فتى

ومن لطيف الشعر ما رواه لأبي عمر القسطلي من شعراء الطبقة الثالثة في الأندلس - قال أبو منصور الثعالبي في اليتيمة القسطلي عندهم كأبي الطيب بصقع الشام - يمدح بها أبا علي القالي:

من حاكم بيني وبين عذولي ... الشجو شجوي والعويل عويلي

أقصر فما دين الهوى كفر ولا ... اعتد لومك لي من التنزيل

عجباً لقوم لم تكن أذهانهم ... لهوى ولا أجسادهم لنحول دقت معاني الحب عن إفهامهم ... فتأولوه أقبح التأويل

في أي حاجة أصون معذبي ... سلمت من التعذيب والتنكيل

إن قلت في عيني فثم مدامعي ... أو قلت في قلبي فثم غليلي

ومما ارتجله أبو عمر في بعض مجالسه

أجد الكلام إذا نطقت فإنما ... عقلُ الفتى في لفظه المسموع

كالمرءِ يختبر الإناَء بصوته ... فيرى الصحيح به من المصدوع

ولما ملك أمير المسلمين يوسف جزيرة الأندلس وكان صاحب المغرب الأقصى وضخم سلطانه واستحق اسم السلطنة وتسمى هو وأصحابه بالمرابطين وانقطع إليه (من الجزيرة من أهل كل علم فحوله حتى أشبهت حضرته حضرة بني العباس في صدر دولتهم واجتمع له ولابنه من أعيان الكتاب وفرسان البلاغة ما لم يتفق اجتماعه في عصر من الأعصار فممن كتب لأمير المسلمين كاتب المعتمد على الله أبو بكر المعروف بابن القصيرة) (كان على طريقة قدماء الكتاب من إتيان جزل الألفاظ وصحيح المعاني من غير التفات إلى الأسجاع التي أخذها متأخر والكتاب اللهم إلا ما جاء في رسائله من ذلك عفواً من غير استدعاء) وذكر غيره مثل ابن عبدون وأورد له بعض رسائله التي كتبها عنه وهي مسجعة منمقة كما كان أورد له طرفاً صالحاً من شعره. قال ولم يزل حال أمير المسلمين من أول إمارته يستدعي أعيان الكتاب من جزيرة الأندلس وصرف عنايته إلى ذلك حتى اجتمع له منهم ما لم يجتمع لملك كأبي القاسم بن الجد المعروف بأن القبطرنة وأبي عبد الله محمد بن أبي الخصال وأخيه أبي مروان وأبي محمد عبد المجيد بن عبدون المذكور آنفاً في جماعة يكثر ذكرهم وكان من أنبههم عنده وأكبرهم مكانة لديه أبو عبد الله محمد بن أبي الخصال) وهنا نقل المؤلف شيئاً من رسائل هذا وبها انتهى القسم الأول باختلال أحوال المرابطين واستبدادهم بالأمر حتى خرج عنهم.

يبتدئ القسم الثاني من هذا الكتاب بقيام محمد بن تومرت الذي قام بدعوى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سنة 515 وادعى المهدوية ولحقه جماعة في بلاد المغرب وأسس دولة المصامدة في الأندلس بممالأة عبد المؤمن بن علي. أفاض المؤلف في ترجمة هذا المهدي فكشف الغطاء عن حقيقته ولا عجب فإن ابن تومرت من أعاجيب الخلق ورجال العلم ثم ذكر خليفته من بعده عبد المؤمن وأولاده وأحفاده ووزراءهم وكتابهم وقضاتهم وأخلاقهم وصفاتهم وأخبارهم. ولما دانت أكثر بلاد الأندلس لعبد المؤمن وتشوفت إليه أعيانها سار حتى نزل سبتسة فعبر البحر ونزل الجبل المعروف بجبل طارق وسماه هو جبل الفتح فقام به أشهراً وابتنى به قصوراً عظيمة واجتمع له في مجلسه فيه من وجوه البلاد ورؤسائها وأعيانها وملوكها من العدوة والأندلس ما لم يجتمع لملك قبله واستدعى الشعراء في هذا اليوم ابتداءً ولم يكن يستدعيهم قبل ذلك إنما كانوا يستأذنونه فيؤذن لهم وكان على بابه منهم طائفة مجيدون فدخلوا فكان أول من أنشد أبو عبد الله محمد بن حبوس من أهل مدينة فاس وكانت طريقته في الشعر على نحو طريقة محمد بن هاني الأندلسي في قصد الألفاظ الرائعة والقعاقع المهولة وإيثار التقعير.

كرر المؤلف الثناء على عبد المؤمن ومما قاله فيه وقد كرر هذا المعنى مراراً (وكان محباً في الآداب مؤثراً لأهلها يهتز للشعر ويثيب عليه اجتمع له من وجوه الشعراء وأعيان الكتاب عصابة ما علمتها اجتمعت لملك منهم بعده) وأفاض ما شاء وشاء بيانه في وصف أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن وكان عالماً مفنناً مكرماً للعلماء والشعراء كثيراً ولم يزل (يبحث عن العلماء وخاصة أهل علم النظر إلى أن اجتمع له منهم ما لم يجتمع لملك قبله ممن ملك المغرب وكان ممن صحبه من العلماء والمتفننين أبو بكر محمد بن طفيل أحد فلاسفة المسلمين كان متحققاً بجميع أجزاء الفلسفة) (يأخذ الجامكية مع عدة أصناف من الخدمة من الأطباء والمهندسين والكتاب والشعراء والرماة والأجناد إلى غير هؤلاء من الطوائف وكان يقول لو نفق عليهم علم الموسيقى لأنفقته عمدهم وكان أمير المؤمنين أبو يعقوب شديد الشغف به والحب له بلغني أنه كان يقيم في القصر عنده أياماً ليلاً ونهاراً لا يظهر وكان أبو بكر هذا أحد حسنات الأندلس في ذاته وأدواته) (ولم يزل أبو بكر هذا يجلب إليه العلماء من جميع الأقطار وينبهه عليهم ويحضه على إكرامهم والتنويه بهم وهو الذي نبهه على أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد فمن حينئذ عرفوه ونبه قدره عندهم).

وابن الطفيل هو الذي استدعى ابن رشد يوماً وقال له: سمعت اليوم أمير المؤمنين يتشكى من قلق عبارة أرسطوطاليس أو عبارة المترجمين عنه ويذكر غموض أغراضه ويقول لو وقع لهذه الكتب من يلخصها ويقرب أغراضها بعد أن يفهمها فهماً جيداً لقرب مأخذها على الناس فأن كان فيك فضل قوة لذلك فافعل وإني لأرجو أن تفي به لما أعلمه من جودة ذهنك وصفاء قريحتك وقوة نزوعك إلى الصناعة وما يمنعني من ذلك إلا ما تعلمه من كبر سني واشتغالي بالخدمة وصرف عنايتي إلى ما هو أهم عندي منه قال أبو الوليد فكان هذا الذي حملني على تلخيص ما لخصته من كتب الحكيم أرسطوطاليس وابن الطفيل هو صاحب رسالة حي بن يقظان في أسرار الحكمة المشرقية التي استخلصها من كلام الرئيس أبي علي بن سينا.

وختم المؤلف ترجمة أبي يعقوب بقوله وهو شاهد على انطلاق في الفكر: (وفي الجملة لم يكن في بني عبد المؤمن في من تقدم منهم وتأخر ملك بالحقيقة غير أبي يعقوب هذا) ومما دل على حرية خاطره ما وقع له مع أستاذه أبي جعفر الحميري علم الأندلس في الآداب والعلم وقد نظم بيتين استحسنها وقال لابنه هذا والله الشعر لا ما تصدعني به طول نهارك فما كان من ابن أستاذه إلا أن عمل بيتين أخذ معنى بيتي المؤلف وأعدمهما رونقهما ومسخهما جملة قلما تلاها الحميري على تلميذه استحسنهما فقال: هذا والله أحسن من شعري فتغير له وقال: (يا بني دع عنك هذه العادة فإن أسوأ ما تخلق به الإنسان الملق وتزيين الباطل سيما إذا أصاف إلى ذلك الحلف الكاذب والله إنك لتعلم أن هذا ليس بشيءٍ وإلا فقد اختل ميزك وساء اختيارك وما أظن هذا هكذا).

وكتب المؤلف ثلاثاً وثلاثين صفحة في ترجمة أمير المؤمنين أبي يوسف وكان يخالف من تقدمه في مشربه تداخل في عقائد الناس وألزمهم بعقيدته وطلق الحرية بتاتاً واضطر اليهود أن يلبسوا ثياباً غير ثيابهم تمييزاً لهم وإهانة والغالب أن سوق الشعر لم ترج في أيامه كل الرواج كما كانت في أيام غيره من الملوك وكانت كلها حروباً وفتناً وسفكاً وبطشاً وعمارة قصر وأحياء مدينة.

ومما رواه حيلة لطيفة احتالها ابن عمار رجل الجزيرة على ملك الاسبانيول الأدفنش عندما خرج في جيوش ضخمة يقصد بلاد المعتمد طامعاً فيها (وذلك أنه أقام سفرة شطرنج في غاية الإتقان والإبداع لم يكن عند ملك مثلها جعل صورها في غاية الإتقان أظهرها بحيث بلغ أمرها ملك الأسبان وكان مولعاً بالشطرنج وكان ابن عمار طبقة عالية فيه فأراده الملك على أن يلعبا معاً فما كان إلا كلا ولا حتى غلب ابن عمار ملك الإفرنج غلبة ظاهرة لجميع الحاضرين لم يكن له فيها مطعن فقال له ابن عمار هل صح أن لي حكمي قال نعم. فما هو قال أن ترجع من هاهنا إلى بلادك فأسود وجه الملك وقام مقعد ورجع عن قصد الفتنة بعد أن أخذ إتاوة عامين بفضل ابن عمار. ومن نكت الكتاب ما رواه من أن أبا العلاء صاعد بن الحسن الربعي دخل على المنصور أبي عامر يوماً في مجلس أنسه وقد كان تقدم له أن اتخذ قميصاً من رقاع الخرائط التي كانت تصل إليه فيها الأموال منه فلبسه تحت ثيابه فلما خلا المجلس ووجد فرصة لما أراد تجرد وبقي في القميص المتخذ من الخرائط فقال له ما هذا يا أبا العلاء فقال هذه الخرائط التي وصلت إليّ منها صلات مولانا اتخذتها شعاراً وبكى واتبع ذلك من الشكر فصلاً كان رواه فاعجب ذلك المنصور وقال له لك عندي مزيد وكان كما قال.

وألف له أبو العلاء هذا كتباً فمنها كتاب سماه كتاب الفصوص على نحو كتاب النوادر لأبي علي القالي واتفق لهذا الكتاب من عجائب الاتفاق أن أبا العلاء دفعه حين كمل لغلام له يحمله بين يديه وعبر النهر نهر قرطبة فخانت الغلام رجله فسقط في النهر هو والكتاب فقال في ذلك بعض الشعراء وهو ابن عبد الله محمد بن يحيى المعروف بابن العريف بيتاً مطبوعاً بحضرة المنصور وهو

قد غاص في البحر كتاب الفصوص ... وهكذا كل ثقيل يغوص

فضحك المنصور والحاضرون فلم يرع ذلك صاعداً ولا هاله وقال مرتجلاً مجيباً لابن العريف

عاد إلى معدنه إنما ... توجد في قعر البحار الفصوص

ومما يستفاد من هذا الكتاب وهو حريٌّ بأهل هذا العصر أن يتدبروه ما ذكره لبعض الأولاد ممن لا يتجاوزون الخامسة عشرة من الشعر والنثر فمن ذلك قصيدة للرصافي الشاعر قالها في حضرة الخليفة في يوم الحفل ولم تكمل له عشرون سنة ورسالة أوردها لصبي بعث بها للمؤلف من مدينة سوس يخبره بفتح عظيم تم على يد السلطان وقطع دابر من كان نازعاً إلى الفتنة وهي من اللطافة بحيث يتعذر على كثير ممن يسمون العلماء الأفاضل لعهدنا أن يكتبوا مثلها أو دونها بدرجات.

وألم المؤلف في سير المصامدة وأخبارهم وقبائلهم وأحوالهم في ظعنهم وإقامتهم وذكر صفة إقامة الجمعة عندهم وذكر خطبتهم وكيفية دعائهم لملكهم وهو عندهم الإمام المعصوم والمهدي المعلوم. وهكذا تجد الكتاب من أوله إلى آخره على نسق واحد يتنقل فيه المطالع بين السياسة والتاريخ وتراجم الرجال وذكر العلماء ومفاوضاتهم والشعراء وشعرهم والوزراء وأخبارهم والكتاب ورسائلهم والفلاسفة وما جرى لهم. كل ذلك لم يخرج فيه عما قصده من التلخيص وذكر أقاليم المغرب وعين مدنه وحدد ما بينها من المراحل عدداً من لدن برقة إلى سوس الأقصى وذكر جزيرة الأندلس وما يملكه المسلمون من مدنها. عمل ذلك عملاً بإرادة الملك الذي صنف الكتاب باسمه وقال في الاعتذار عن ذلك وما أحلاه من اعتذار: فلم ير المملوك بداً من الجري على العادة في سرعة الإجابة وامتثال مرسوم الخدمة لوجوب ذلك عليه شرعاً وعرفاً هذا مع أن هذا الباب خارج عن مقصود هذا التصنيف وداخل في المسالك والممالك.

فجاء الكتاب كما ترى سفر جغرافية المغرب فيه ذكر معادنها وأنهارها ومدنها وتاريخ مختصر لها بل تاريخ للآداب والعلم والاجتماع فيها يطالعه المستفيد فيكاد لا يترك القلم من يده يقيد من شوارده وفوائده مع أن صفحات الكتاب لا تتجاوز 273 من القطع الوسط وهو على اختصاره يغني عن مطالعة المطولات لقلة الظفر بها. وما أخال عالماً في هذا القرن على جودة طرق التعليم في بلاد الإفرنج ووفرة أسباب العلم عندهم لو أراد أن يؤلف في موضوع هذا الكتاب أن يكتب أصغر منه جرماً وأكثر منه فائدة وإمتاعاً. وقد قيل أن الأسماء تدل على مسمياتها ولكل شيء من اسمه نصيب. وكتاب المعجب هو في الحقيقة مما وافق اسمه مسماه وطابق لفظه معناه لا يقرأه مستفيد إلا ويعجب به كل الإعجاب وقد أجاد طابعه في اتباعه بفهرست للأسماء الواردة في الكتاب وأسماء الكتب المذكورة فيه وذلك على عادة الغربيين في كل ما طبعوه من الكتب العربية جزاهم الله خيراً.

تاريخ التمدن الإسلامي

من الكتب النافعة التي عني بتأليفها تاريخ التمدن الإسلامي لرصيفنا المؤرخ الفاضل جرجي أفندي زيدان صاحب الهلال الأغر وهو يبحث في نشوء الدولة الإسلامية وتاريخ مصالحها الإدارية والسياسية والجندية وبيان ثروتها وتاريخ العلم والأدب والتجارة والصناعة فيها ونظام الهيئة الاجتماعية وآدابها والعادات والأخلاق. وقد تفرع عن كل مبحث مباحث وعن كل باب فصول تدل على مبلغ علم المؤلف فتم له هذه السنة الجزء الخامس منه وهو آخر الكتاب. وكان كل سنة يصدر جزءاً فيتحفنا بنسخة منه نطالعها بروية واستبصار. ومن يطالع فهرس الكتب العربية والإفرنجية التي رجع إليها أثابه الله في وضع مصنفه يتجلى له قدر التعب والمعاناة. أما وقد وضع الآن صديقنا المؤلف الخطوط المهمة من رسم هذا الموضوع الواسع فسيجيء يوم يستوفيه هو بنفسه فيزيد فيه أو ينقص منه أو يجيء غيره من متعاطي هذا الفن فيصلحون بعض ما وقع له منها مما لا نسميه هفوات بل اضطراريات لا مناص للواضع في فرع من فروع العلم من الوقوع فيها. والكتاب مطبوع طبعاً جيداً وهو يطلب من مكتبة الهلال بالفجالة بمصر فنهنئ المؤلف على هذا العمل النافع الذي جعله خلاصة علمه وزبدة ما وصل إليه اطلاعه على الفن الذي يمت به ونسأل الله أن يكثر فينا من أمثاله العاقلين الفضلاء.

المدونة الكبرى

صدر الجزء العاشر والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر من هذا الكتاب الجليل رواية الإمام سحنون عن الإمام عبد الرحمن بن القاسم عن الإمام مالك وبقي منه جزءان فيقع الكتاب بذلك في ستة عشر مجلداً وقد تبين لنا من تصفح هذه الأجزاء الأخيرة أن في بعض الأحكام المنقولة عن محدث المدينة أحكام وافقه فيها القانون الفرنسي ولذلك أصبح من الجدير بكل مشتغل بالحقوق المدنية كما هو حري بطالب العلوم الشرعية أن يقتني هذا الكتاب الممتع ليقابل بين القديم والحديث وليعلم أن الفقه الإسلامي لم ينقل عن الفقه الروماني بل أن مأخذه الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وإنا نثني في هذا المقام أطيب الثناء على طابعه الغيور الحاج محمد أفندي الساسي المغربي كما لا نزال نشكر له ما بذله من العناية في سبيل الحصول على النسخة الأصلية المقروءة على رجال هذا الشأن ليخرج للأمة هذا الكتاب المعدود من أمهات كتبها التي يرجع إليها ويعول في هذا الباب عليها.

منتخبات المؤيد

جمع سعادة الصحافي الفاضل الشيخ علي يوسف صاحب المؤيد الأغر وجريدته أقدم جريدة إسلامية كبرى تصدر في هذا القطر منذ ست عشرة سنة - منتخبات سنة جريدته الأولى جمعها في كتاب وقع في زهاء خمسمائة صفحة وقد أتحفنا بنسخة منه فقرأنا فيه لباب تاريخ تلك السنة السياسي والإداري والعلمي وكل ما يتصرف على ذلك من الأوامر والمنشورات والحوادث المهمة الخاصة بمصر والسودان والدولة العلية فجاء سفراً حافلاً بما يلذ ويفيد نرجو له التوفيق إلى إنجاز سائر السنين في أقرب وقت فإن في بعض الصحف اليومية من الأبحاث التي تقع لها في الغالب ما يجدر بأربابها أن يحرصوا على تخليدها لتنقل خلفاً عن سلف وتكون في القماطر يرجع إليها عند اللزوم. وحبذا لو جرى على مثال صاحب المؤيد الأغر غيره من أرباب الجرائد اليومية ممن يكتبون اليوم ويفقد ما تعبوا بإنشائه غداً. وهذه المنتخبات جيدة الطبع وثمن الجزء عشرون قرشاً مصرياً فنحض كل محب للاطلاع على اقتناء نسخة منها.

روح التسامح من القرآن

هو كتاب وضعه بالفرنسية حضرات الأفاضل قيصر أفندي ابن العطار والهادي أفندي السبعي وصديقنا السيد عبد العزيز الثعالبي التونسي ترجموا فيه الآيات والأحاديث النبوية الآمرة بالتسامح واحترام المخالفين وأفاضوا في حرية الاعتقاد في الإسلام ورفع شأن المرأة وبينوا فيه أن الإسلام دين عام لا خاص جاء للعرب فقط وأنه يأمر بتعليم الرجل كما يأمر بتعليم المرأة ويقضي باحترام كل صالح من أي نخلة كان وبينوا فيه ما كان من شأن الإسلام في خدمة الحضارة والمدنية ونعوا على المسلمين إغفالهم أصول دينهم والتمسك بخرافات وأضاليل من مثل تقديس الأئمة ومشايخ الطرق وغير ذلك وهو كتاب إصلاحي مفيد قدموه إلى المسيو فالي أحد أعضاء مجلس الشيوخ في فرنسا وناظر حقانيتها سابقاً فشكرهم على غيرتهم ونشاطهم. والكتاب طبع في باريس أحسن طبع ويطلب من مؤلفيه في تونس.

امالي الزجاجي

لبعض العلماء في القديم طريقة كانوا يملون فيها مسائل من علمهم يسمونها الامالي وممن اشتهروا بذلك ابن الشجري إمام الأدب والشعر وأيام العرب ألف اماليه فكان أحسن كتبه ومنهم أبو العباس ثعلب النحوي له امالٍ ولأبي علي القالي كتاب في الامالي عرف به ولأبي بكر محمد بن القاسم الأنباري امالٍ ولأبي القاسم الزجاجي النحوي المتوفى سنة 337هـ امالٍ أيضاً وقد طبعت هذه الأيام امالي الزجاجي بمصر وشرحها الفاضل الأديب الشيخ أحمد ابن الأمين الشنقيطي فجاءت في نحو 140 صفحة جيدة الورق والطبع فنثني على طابعيها الألباء أحمد أفندي ناجي الجمالي ومحمد أمين أفندي الخانجي الكتبي وأخيه وهي تطلب من مكتبة أمين أفندي المومأ إليه بالحلوجي وفيها فوائد لغوية وأدبية وتاريخية لا يستغني عنها متعاطي هذه الصناعة فنشكرهم على هذه التحفة.

سقوط نابليون الثالث

قلما ينشر بيننا من الروايات المفيد التصحيح الأسلوب والتراكيب النابي عن طور الخلاعة والرقاعة ولكن رواية سقوط نابليون التاريخية الاجتماعية الأدبية الغرامية العصرية جاءت وافية ببعض الغرض فهي بلا مراء من أحسن ما عرب لنا. ألفها الكاتب الفرنسي اميل جابوريو وعربها الشاعر الكاتب المجيد نقولا أفندي رزق الله ولم يقع المعرب في مثل ما وقع فيه غيره من كتاب الروايات من التراكيب الإفرنجية والألفاظ المبتذلة العامية والتراكيب الركيكة بل أنها على طولها نسق واحد في جودة عبارتها وتعبيرها مع انطباقها على الأصل في الغالب بحيث جاءت في ثلاث مجلدات تقرب من ألف صفحة. ويقيننا أنه لو رجع المعرب الفاضل على ما كتب لحذف بعض ما جاء على رأس قلمه عفواً من التجاوزات وبعض الألفاظ التي لا يكاد يسلم منها كاتب عربي في هذا العصر على أن ما كتبه غاية ما يمكن لكتاب الروايات أن يجيدوا فيه الآن فنثني على همته وأدبه كما نثني على طابعها الأديب عزتلو خليل بك صادق صاحب مجلة مسامرات الشعب وصاحب مكتبة الشعب ومطبعتها بمصر وهي تطلب من مكتبته وثمنها ثلاثون قرشاً صحيحاً.

ديوان الرافعي

صدر الجزء الثالث من هذا الديوان لناظمه الفاضل الأديب مصطفى أفندي صادق الرافعي وهو تمام ديوانه وقد صدره بباب التهذيب فالحكمة فالنسائيات فالوصف فالغزل والنسيب فالمديح والتقريظ فالأغراض والمقاطيع فالمراثي ويدخل في كل باب ضروب من الحكمة والدب تدخل السرور على قلب الكئيب وتحمل النور إلى عقل الأديب الأريب من ذلك قوله: قومي (ولا فخر) على حالة ... لا يعرف الإنسان إنسانا

فكلهم مأربه واحدٌ ... فيما أرى شيباً وشبانا

(وظيفة) تكتب تحت اسمه ... أو (رتبة) تذكر عنوانا

وقال في الطبيعة والناس

ضلت الناس لا الفقير ممنى ... بثراءٍ ولا الغني يبالي

خفض الدهر ثم أعلى فأمسى ... بعضهم سادة وبعض موالي

أخوة كالغصون ينبتها الجذ ... ع قصار تكون تحت طوال

أيهذي النفوس ملت عن الفط ... رة حتى بليت بالإذلال

الثرى ينبت الحبوب جزافاً ... والورى يقسمون بالمكيال

والشاعر على ما يعرفه القراء مطبوع في شعره مجيد في نثره فله منا الشكر على همته ونشاطه وقد وقع هذا الجزء في 150 صفحة جيدة الطبع والورق وهو يطلب من المكتبة الأزهرية في السكة الجديدة وثمنه خمسة قروش وأجرة البريد قرش واحد فنحث المتأدبين على مقتناه.

الرحلة الحجازية

هو كتاب في 228 صفحة من جمع الأديب الشيخ عبد الله القدومي فيه حوادث ومسائل علمية أثرت عن الشيخ عيسى القدومي النابلسي من علماء القرن الماضي وفيها مطالب دينية وبعضها مما لا يقره أهل التحقيق الراجعين إلى هدى الكتاب والسنة من أقوم طريق ممن ردوا مفتريات الحشوية وأهل التلفيق. وإنا إذا عذرنا المؤلف على ما وقع فيه لما عمت به البلوى من السخافات في عصره عصر التقهقر والجهالة فإنا لا نعذر الطابع اليوم وعصره عصر الارتقاء والعلم.

روايتان جديدتان

أهدانا الأديب إبراهيم أفندي فارس صاحب المكتبة الشرقية نسخة من رواية القبطان بول تعريب الأديب حبيب أفندي فهمي ونسخة من رواية حورية الفلك تعريب الأديبين توفيق أفندي حبيب وقسطنطين أفندي نوفل وهما تطلبان من مكتبته.

مجلات جديدة (الجامعة) هي المجلة التي اشتهرت بأبحاثها الأدبية والاجتماعية المعربة عن علماء الإفرنج وكتابهم وبعد أن صدرت أربع سنين في الثغر الإسكندري انتقلت منذ مدة إلى ثغر نيويورك فأصبحت تصدر هناك مرتين في الشهر وقد انتهت إلينا أعدادها الخمسة من سنتها الخامسة فألفيناها سارت سيرتها الماضية من التوسع في المطالب المشار إليها فنثني على منشئها الفاضل فرح أفندي أنطون ونحث الأدباء على مقتناها وقيمة الاشتراك بها ثلاثة ريالات في القطر المصري.

(الحياة) هي المجلة الإسلامية العمرانية الفلسفية التي أصدرها الفاضل محمد فريد بك وجدي ثمانية عشر شهراً ثم انقطع عن إصدارها وقد بدا له هذه الآونة إعادتها فصدرت شهرية جاعلة مذهبها في الإصلاح مواجهة أنصار القديم وزعماء الجديد وطائفة المعتدلين والسعي في إحداث حركة فكرية بينهم في أبواب قسم عليها أبواب المجلة فنثني على نشاط منشئها الفاضل ونتمنى له التوفيق إلى ما يقصد إليه وقيمة اشتراك المجلة 20 قرشاً في مصر وريال ونصف في البلاد العثمانية.

(النبراس) مجلة علمية أدبية تاريخية فكاهية تصدر في كل شهر مرة لصاحبها الأديب أحمد أفندي شاكر وهي في 16 صفحة وقيمة اشتراكها 15 قرشاً أميرياً وخمسة فرنكات ونصف في الخارج فنتمنى لها الثبات والبقاء.

(فتاة الشرق) صدر العدد الأول من هذه المجلة الأدبية التاريخية الروائية لصاحبتها الأديبة العقيلة لبيبة هاشم وهي مشهورة بإنشاء بعض الروايات والمقالات في الصحف سابقاً ولذلك يرجى أن تحسن الاضطلاع بأعباء هذا العمل ولا تتكل على أقلام الرجال في كتابة مجلة لربات الحجال وقيمة الاشتراك 50 قرشاً في القطر و13 فرنكاً و50 سنتيماً في الخارج.

أهديت إلينا بعض كتب كبيرة لم نتمكن بعد من النظر فيها فمعذرة إلى مرسليها وموعدنا الأجزاء التالية.