مجلة المقتبس/العدد 79/أخبار وأفكار

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 79/أخبار وأفكار

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 9 - 1912



ثرثرة النساء

يقول احد علماء الإنكليز أن ما شاع عَلَى الألسن من أن في دم المرأة أن تكون ثرثارة أمر ثابت من طريق العلم أيضاً وناشئ حقيقة من تواد الدم إلى دماغها عَلَى صورة تخالف توارده إلى رأس الرجل فالمرأة يرد عليها أعظم كمية من الدم الشرياني واصلاً إلى نقرتها عَلَى حين يصل إلى الرجل أحسن دم وأغزره إلى الدماغ من جزئه الأعلى أو إلى الجبهة وعلى ذلك فيكون عمل الدم في الذكر والأنثى مختلفاً فالقسم الورائي من الدماغ هو مركز الحواس وهو محل حاستي النظر والسمع في حين أن القسم الأعلى يحتوي عَلَى مركز الإرادة والشهوات والرغبات الناشئة من الشعور الداخلي. فالتأثير المنبه الناشئ من غزارة الدم في كلا القسمين يدل إذا عَلَى السبب في رؤية المرأة الأشياء بسرعة ولماذا تتلو بسرعة أكبر وتتكلم أسرع من الرجل وتلتذ بكلامها وتهنأ أكثر من الرجل فإن لطف قواها في المدارك الحساسة وشدة ذكائها وتأثرها متنبه فيها أكثر من رفيقها الرجل ثم أن مجرى الدم في الرجل أغزر في الجزء الخارجي يهبه غرابة في ظواهره العالية من حيث الأعمال العقلية وحكماً أهدأ وإرادة أقوى ولذلك كانت المرأة ثرثارة أكثر من الرجل - قالته جريدة المايتن.

تفوق الرجال

نشرت الكاتبة المدونة صوفيا نادجدا في إحدى صحف لندن أبحاثاً جديدة بشأن اختلاف الإحساس في الحواس فقالت أن المرأة أسمى من الرجل في اللمس والرجل أسمى منها في الشم ويختلف الرجل والمرأة في الحكم عَلَى الطعم فالرجل يشعر بالمرارة أكثر من المرأة وهذه تشعر بالحلاوة أكثر وحاسة السمع في الرجل أقوى منها في المرأة وغلط رؤية الألوان عند المرأة أندر منه عند الرجال وبينا نرى من يغلطون في تمييز الأوان من الرجال عَلَى معدل واحد في كل 25 أو 30 نرى عدد النساء واحدة في كل 250 بل 1000 وهكذا في القابليات الأدبية في الجنسين فقد تبين بالاستقراء أن صفة الهدوء هي في الرجال عَلَى معدل 25 في المئة في حين أنها في النساء عَلَى معدل 20 وقد فرض عَلَى 25 طالباً و25 طالبة أن يكتبوا في آن واحد ومهلة حددت لهم ما يستطيعون كتابته من الكلمات فكان معدل ما كتبه الطلاب 1375 كلمة وما كتبته الطالبات 1128.

البقول الشافية

كتب طبيب في جريدة ألطان مبحثاً في البقول الشافية قال فيه أن الحروب في القديم لم تكن ضارة كل الضرر بل أتت بمنافع عادت عَلَى الفاتحين بالشيء الكثير فإن نساء مقدونية كن يسرن مع جيش الإسكندر ليهيئن لأزواجهن المحاربين طعامهم وبذلك عرفن البصل اليابس والبصل الطري والجرجير التي يتناولها المصريون ولو لم يداهم الإسكندر ابن فيلبس بلاد الهند لما استطاع العالم القديم أن يعرف الفاصولية واللوبيا. وأخذ أهل غاليا عن أهل فوسة اليونان الذين داهموا إقليم البروفانس الزيتون وصنع الخبز وعاد القرطاجنيون من حملتهم عَلَى سردينيا يحملون البقدونس ووجد أحد الإنكليز في فرجينيا البطاطا عَلَى عهد الملكة إليزابيث وبالجملة فإنا عرفنا معظم البقول المائية بالاختلاط كثيراً مع شعوب الشرق والغرب وهذه البقول البصل فقد عرف القدماء خواصه في إدرار البول ولطالما كان حساء البصل الدواء الحقيقي يورث الرجال قوة وقد رأى أحد كبار أطباء القرن الثامن عشر أن أربع بصلات تسحق في قليل من الخمر الأبيض تفتح الكلى وتسهل مجرى البول كما تسهل جميع العقاقير الحادة وقد عاد أحد أطباء بوردو منذ سنتين بعد أن نسي الاستشفاء بالبصل يسمح لأحد المصابين بالاستسقاء باستعماله مقلياً ومشوياً ومطبوخاً فبعد أن كان بطنه مملوءاً ماء أخذ يخف انتفاخه ويرجع إلى حالته الطبيعية وعللوا ذلك لما فيه من آزوت البوتاس الطبيعي الموجود بكثرة في لب البصل وقد استعمل الدكتور دلكاشه في باريز البصل علاجاً لإحدى البنات كانت قد أصيبت بالخناق ثم بالكلب وامتلأت ساقاها ماء وعسر عليها البول فلم تكد تستعمل البصل إلا وارتفع البول من 250 غراماً إلى لتر واحد وخف الورم وزال هذا ويلاحظ أن بعض المعد ترى البصل بطيئاً عَلَى الهضم. ولطالما استعمل الثوم في الشفاء من الطاعون والوباء ورائحته تتبخر من الجلد والرئتين والتنفس ولذلك حظر اليونان الدخول إلى المعبد عَلَى كل من تناوله فهو مضاد للتعفن أحسن من المواد غير الطبيعية التي نستعملها اليوم وكنا نشير عَلَى الناس بالإكثار من استعماله لولا أنه نمام تنم عليه روحه وأنفاسه.

ثم أن الرضي شوكي زمنً مسحوقاً للشفاء من الحميات المتقطعة ولبه إذا طبخ في الزبدة (القشطة) يكون لذيذاً للناقبين وينفع المصابين بالبول السكري ومثل ذلك يقال في الجزر والفاصولية وأحسن طريقة في الانتفاع من البقول أن لا تغلى كثيراً لتفقد خاصية ما فيها من الأملاح النافعة بل أن تطبخ عَلَى البخار كما يطبخها من حتموا عَلَى أنفسهم التغذي بالبقول أو عَلَى الطريقة الإنكليزية ويكف أن تجعل في سلة من المعدن تناط في القدر فوق ماءٍ غالٍ وبذلك تجمع إلى اللذاذة فائدة. ويحتوي الجزر عَلَى صبغة كيماوية وأملاح وفوسفات البوتاس وسكر وغير ذلك من الحجيرات والمواد النافعة في التداوي.

واختلف العلماء في الهليون فمن قائل بأنه دواء أكثر منه طعام ومن مدع أنه سم وقد قال الطبيب فريدريك في أوائل القرن الثامن عشر أن الشراب المعمول من جذوع الهليون يسكن الخفقان وهو أحسن مسكن للقلب والهليون أحد الجذوع الخمسة المدرة للبول وأحسنه البرى أما المزروع في الحدائق فقد فقد من خاصياته بقدر ما زاد في طعمه ولذاذته وتكثر مائيته فتكون 93 في المئة منه وإذ كان الهليون يهيج الكلى خصوصاً فيمن تجاوزوا الخمسين بحيث قد ينشأ عنه ضرر فالأولى لهم الابتعاد عنه أو يستشيرون طبيبهم في ذلك.

ولقد كان الخس مما يرغب فيه القدماء ومنهم من يستعمله عقيب الطعام ويرون أنه مرطب للون وفيه من المواد ما ينفع في تنقية الأحشاء من الفضلات ويدخل مع الكراث في حساء البقول. وهذا الحساء إذا أخذ بارداً عَلَى الريق يكون مصلاً نافعاً شافياً من اضطراب المعدة ومن الإمساك الشديد ومانعاً من التعفن ويمكن أن يتناول حاراً ممزوجاً بقليل من الشعرية والسميد وتحضيره سهل وهو أن يغلي لتر من الماء مع ملعقة صغيرة من الملح الأسمر وتلقى فيها كراثتان وجزرة ولفتة ونصف خسة وقليل من الهندباء المسحوقة وأن تغلى من عشرين إلى خمس وعشرين دقيقة لا أكثر وإلا فتصبح مرة والمقصد مزجها لا جعلها حساء.

وكان للملفوف أيضاً عند أجدادنا موقع مهم ولطالما وصفه كبار الأطباء الأقدمين لما فيه من الكبريت وقد أوصى كوبلر احد أطباء القرن التاسع عشر في استعماله لمراض الجلد وتحسين التنفس وإذا صعب هضمه فلا بأس أن يضاف إليه أثناء طبخه ملعقة من بيكربونات الصودا وكذلك السبانخ فإن فيه حديداً حياً بكمية وافرة ولذلك ينفع كثيراً أرباب فقر الدم وفساده وهو ملين يحتوي الكثير من المواد الغروية والكر والحسن لمن فيهم مغص أن يبتعدوا عن تناوله. ومثل ذلك يقال في القرع والجرجير والخردل الذي يهيج الأحشاء ويطهر الأمعاء ولا ينبغي الإكثار منه لفتح القابلية للطعان في البلاد الحارة فإنه يضر.

هذا وأن البطاطا فقد ارتأى أحد كبار أطبائنا أنها نافعة للمصابين بالبول السكري يتناولها المصاب به 1500 غراماً لما فيها من أملاح البوتاس الخاصة الغزيرة بحيث أن الكيلوغرام منها يحتوي من المواد القلوية التي لا تحويها معظم المياه المعدنية التي تستعمل في أمراض الكبد.

عظمة الجبان وشقاؤه

كتب بول غولتيه في الطان مقالة تحت هذا العنوان قال فيها أن من لم يدخل الجبن قلبه بعض الأحايين ينعي عَلَى نفسه أنها متوسطة في مداركها وقابلياتها وانها غير مستعدة للبلوغ والتفنن ومن لم يدخل في طور من الجبن ولو قليل في صباه يستحيل عليه أن يلبس لكل حالة لبوسها بدون تردد عَلَى العكس في الشبان الذين يجربون أنفسهم في مواطن الجبن والشجاعة فإنهم من أرباب العقول المبتذلة عَلَى أن الجبن في المرء ينبغي أن يكون محطة واحدة في حياته وصعب إذا تأصل الجبن بقليل من الخجل والخوف فهو نوع من الاضطراب لا يخلو منه امرؤ وأن وشفور زعيم الاشتراكيين ليصفر وجهه ويجبن قليلاً أمام الجمهور وكذلك المحامي بالي المشهور وكذلك كان شأن نابليون الأول وهو يقف أمام شعبه فيتماسك وكم أصيب بهذا الجبن رجال ولاسيما من الممثلين والمحاضرين والواعظين وكم من رجل يعد من كبار الخطباء فإذا جئت تقدم له رجلاً يحمر خجلاً وكم من آخر يخوفه ابنه ويحسب له ألف حساب ومن الوف يخشون باس نسائهم ومن آخرين يخشون بأس الرجال وكم من أستاذ يخاف من تلاميذه فيجبن أمامهم وكان وهو تلميذ لا يخاف بادرة أحد وكم من رجل كبير العقل واسع المدارك يجبن إذا التقى وأحمق لأنه يدرك هول الموقف فلا يتيسر أن يتفاهم واباه للفروق بينهما.

والجبناء هم الذين غرز الجبن فيهم بالفطرة بدون أن يجبنهم أحد فيجبنون لأنفسهم بدون أدنى سبب فيخفق قلبهم ويحمرون ويصفرون ويهتزون وتضيق أنفاسهم وقد يصابون بمغص وغشيان وكم من ممثلة كبيرة أصيبت قبل الدخول إلى المسرح بمثل هذه الأعراض وكم من امرئ أضاع صوابه فلم يعرف ماذا يقول وماذا يريد فسلبت منه حاسة القول وحاسة الإرادة وغاب فلم يع عَلَى نفسه يسكت فلا يحير جواباً ويغيب عن حضور ذهنه ومثل ذلك يصيب الطلبة في الفحوص وكم منهم من أخفق بسبب هذا الجبن. ولطالما شكا الفيلسوف جان جاك روسو المقنن مونتسيكيو من جبن ينالهما حتى قال الأخير عن نفسه أن الجبن كان آفة حياتي.

الجبان يضحك الناظرين منه فقد يرفع صوته في محل يجب خفضه ويخفضه في محل الرفع وتختل حركاته وقد يخرج من الغرفة ويقع من تعلق رجله بالبساط وربما حقر الكبير وكبر الصغير وربما ظنه الحضور أحمق أخرق لا عقل له ولا معرفة ولذلك لا ينجح في حياته وكم من واحد يدفعه حب المال أن يذهب إلى أقصى الأرض فيستفيد من ضعفه ويظهر كذلك وليس هو سعيداً في حبه وربما كان هو المحب الحقيقي بحيث أن كل إنسان مولع بالحب مهما بلغ من جسارته يصبح جباناً أمام محبوبه فلا يحب. والنساء لا يؤخذ بمجامع قلوبهن إلا الجسورون وليس للجبان حظ مع النساء وما أقسى الحكم عليه في ذلك لأنه لم يكن جباناً إلا طمعاً في العواطف.

وفي تلبك الحال يغير الجبن أخلاق المصابين إذا لم يستطيعوا التخلص منه ومن يتفوقون عليه يكونون في الغالب دونه عَلَى أن الجبان قد يختار العزلة عن الناس لئلا يناله منهم ما يضره في عزة نفسه وينزله عن كبريائه عَلَى أن الجبان لا يظل عَلَى جبنه إلا لضعف في إرادته وتضاؤل في امتلاك اضطراباته والدليل عَلَى ذلك أن الجبن يزيد وينقص بحسب الحالة الصحية والاحمرار يكون عَلَى أتمه فيكون فيهم يحمرون بسبب وبلا سبب فهم يشبهون راكب الدراجة يخاف السقوط فتخونه رجلاه فيسقط وكم منهم بقوا عازبين ولم يستمتعوا باللذائذ وكم منهم فكروا بالانتحار ليخلصوا مما هم فيه.

وأحسن دواء للخلاص من الجبن إن لم يكن سهلاً فهو ممكن أن يعمد إلى عمل كل ما يقوي المجموع العصبي وأكثر ما ينجع فيه التأني وتربية الإرادة. وبالجملة فإن الجبن محطة في الحياة يجب أن يقف فيها الشاب وهي جوهرية تنقذ الرجل الذي يتربى بان تكرهه عَلَى أن يحسن قياد نفسه وتعد لحياة داخلية دع أن الجبن في أكثر الأحيان هو نتيجة استعداد لأن يأبى صاحبه بالبدع والرغائب وقصارى القول ينبغي أن يتفاءل خيراً للجبان عَلَى شرط أن يداوي نفسه ومثله هو الذي يخاذله التوفيق لأن يكون رجلاً في هذه الحياة.

الأمم والحمامات

أرسل الدكتور كين أحد أطباء مانشستر بلاغاً من ألطف ما كتب إلى المجلس الصحي في يور ك من بلاد إنكلترا بشأن نظافة الجسم الإنساني والحمامات قال بعد البحث الدقيق أنه في كل عشرين نزيلاً في الفندق واحد فقط يستحم وفي مقدمة المستحمين الضباط ثم من اعتادوا الألعاب الرياضية أما رجال الدين فهم أقل الطبقات استحماماً وإذا وضعنا للأمم ترتيباً في الاستحمام فيكون رجال الإنكليز في المقدمة ثم الإيكوسيون ثم الأيرلانديون ثم نساء الأميركان ثم نساء الإنكليز ثم رجال أميركا ثم الفرنسيس والألمان وهؤلاء عَلَى مستوى واحد والسر في تفوق نساء الأميركان عَلَى نساء الإنكليز في النظافة هو أن نساء الأميركان لا يتحاشين الخروج بألبسة النوم في الفنادق أمام النزلاء بخلاف الإنكليزيات فإنهن يتحامين ذلك أدباً وتعففاً هذا ما قاله إنكليزي في حين كان من الأمور الثابت في أوربا أن أكثر أهلها نظافة هم الإنكليز والسر في نزافة الإنكليز أن الاستحمام في معظم فنادقهم مجاني في حين أن الاستحمام في الفنادق ولاسيما في البلاد التوتونية يكلف الفرنكين والثلاثة كل مرة أما في الشرق فمن العجيب أن تقل النظافة مع بذل الماء وتسهيل الوسائط عما كانت عليه في القرون الوسطى مثلاً.

اللؤلؤ

تشرت المجلة الفرنسوية بحثاً في اللؤلؤ آثرنا تحصيله فيما يلي: كان اللؤلؤ الذي يرغب فيه كل ذات ظرف اليوم مشهوراً عند المصريين والبابليين والآشوريين والصينيين ورد ذكره في العهد القديم والعهد الجديد ولطالما أولع بحبه الشرق ولا تكمل حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة إلا إذا كان فيها كلام عن اللؤلؤ ومازالت جميع بلاد الإسلام تبتاعه ويكتفون منه بما حضر مهما كان حجمه لأن أسبابهم المالية لا تساعدهم عَلَى ابتياع المدور منه ولا يستعملونه إلا مثقوباً يجعلونه في الأساور والعقود ويدخل في بعض العقاقير ولاسيما في بلاد الصين التي تستعمل مسحوق اللؤلؤ في كثير من الأدوية زعماً منهم أن مسحوقه يعيد إلى الشيخ نشاط الشباب في الخامسة والعشرين من عمره وهذا الاعتقاد في نفع اللؤلؤ قديم فقد قيل أن كيلوبطرا ملكة مصر تناولت لؤلؤ حلتها في الخل وكانت تعتقد بغناء هذا الدواء. وقد دخل استعمال اللؤلؤ إلى فرنسا عَلَى عهد هنري الثاني عَلَى يد كاترينا دي ميديسيس ولم يستعمله الناس كلهم إلا منذ نحو عشرين سنة بل كان خاصاً بالعظماء والعظيمات ولطالما أحبت إسبانيا وبولونيا وجزءاً من روسيا الشرقية اللؤلؤ وعدته من أنواع الزينة الوطنية ومنذ نحو عشرين سنة شاع استعماله في إنكلترا وإيطاليا شيوعه في فرنسا ثم اخذ ينتقل إلى جميع بلاد أوربا ويصل أميركا الشمالية والجنوبية والنساء يرغبن اليوم في اقتناء اللؤلؤ بحيث كادت الأثمان التي تبذل فيه تعد في فصل مالاً ينتج من رأس المال فأصبح مغاوص اللؤلؤ لا تقوم بما يطلب منها كل سنة حتى رأوا أن يبتاعوا القديم منه المستخرج من جمهوريات أميركا الوسطى وهو الذي يصاد في بنما وكوستاريكا فبلغت أثمانه عشرين ضعفاً مما كانت تساوي ويبتاع أهل إسبانيا وروسيا وبولونيا لؤلؤهم من الهند والصين فيرقبون أنلاس الراجات أو ملوك الهند بعض السنين ليخرجوا عن لؤلؤهم العظيم وإن كان يعوز عليهم ذلك كما يعز عَلَى الصينيين أن يبيعوا لؤلؤهم خصوصاً ما كان منه مدفوناً مع آبائهم وأجدادهم لأن العادة أن تدفن مع الميت جواهره وحليه ولا يلبث اللؤلؤ القديم أن يبتاع من المشرق فينقطع أثره وهذا السبب في غلاء ثمن اللؤلؤ فإن ما يعاد منه أصبح نادراً ولا يعاد اليوم إلا الصغير الحجم ففي سنة 1911 التي كانت من السنين الجيدة في صيد اللؤلؤ في الخليج الفارسي لم يستخرج سوى أربعين لؤلؤة تتجاوز الواحدة الخمسة والعشرين قمحة وهو أحسن موسم للؤلؤ في بحار العالم كله وتقدر قيمة ما يستخرج من الخليج الفارسي سنوياً من أربعين إلى ستين ملون فرنك ويختلف شكل اللؤلؤ بحسب أصدافها وقعر البحار التي تعيش فيها فإذا كان قعر البحر كلسياً جاء اللؤلؤ أبيض وإذا كان حديدياً جاء لؤلؤه ملوناً واللؤلؤ يستخرج وعن منطقة مستطيلة في بحار الأرض في خليج فارس إلى جزيرة مرغريتا إلى فنزويلا فمصايد أستراليا فمصوع وتاهيتي وبناما وكليفورنيا والجزائر الهولاندية وغير ذلك وخير الصدف ما استخرج من المصايد القديمة أما المصايد الحديثة فتنضب بسرعة ولا توازي العناء في الاستثمار.

قد يظن بعضهم أن من يصيدون اللؤلؤ أغنياء والحقيقة أن صائديه فقراء ويختلف عددهم بين ستين وثمانين ألفاً في شاطئ جزيرة العرب والمتجرون به من تجارهم الأغنياء لا يزيد عددهم عن خمسة عشر شخصاً ومصائد اللؤلؤ عَلَى 150 إلى 200 ميل من شاطئ بلاد العرب يقضون أعظم المشقات في صيده ويغوصون ثلاث دقائق في الغالب ومنهم من يهلك غرقاً أو أن تعضه سمكة ولا يستطيع أن يغوص أكثر من خمس سنين ثم يضعف. قال الكاتب ولما رأيت ما حل ببعض هؤلاء الغواصين ذكرت أوباش باريز فقلت في نفسي ليت الحكومة ترسلهم ليعملوا في صيد اللؤلؤ الأشغال الشاقة فإن هلاكهم واقع لا محالة والبلاد تنجو منهم وأعظم سوق تقام للؤلؤ في العالم مدينة بومباي يقصدها تجاره من بلاد العرب ومصوع وسيلان وجزائر جاوة وغيرها من مصائد المحيط الهندي وفيها تكون لسماسرة هذا الحسم الكريم شدة وعرامة وأهم تجاره إنكليز كما أن أهم مصائده بيد إنكلترا وقيمة المستخرج منه تقل سنة عن أخرى وربما جاء يوم استعيض عنه في الزينة بالأحجار الكريمة كالياقوت والزمرد والزبرجد عَلَى أن بعض معادن هذه آخذة في النقص أيضاً وتجارته اليوم تساوي مئات الملايين من الفرنكات وكم اغتنى منه من تجار الإنكليز والإيطاليين والألمان خصوصاً بعد أن كان يباع لثمن بخس ولم تكن الأنظار متجهة إليه أما اليوم فندر من يبيع بثلاثة أضعاف ما يشتري وفي الماضي كان ذلك من المألوف.

الإسراف في القهوة

يزيد غرام العالم اليوم بعد اليوم باستعمال القهوة فالفرنسوي يصرف في السنة كيلوغراماً ونصفاً من البن والألماني كيلوغرامين ونصفاً والأميركي ثلاثة ونصفاً والبلجيكي خمسة ونصفاً والعثماني ستة ونصفاً والبرازيلي سبعة والإنكليزي يكتفي بكيلو واحد. قالت المجلة رواية هذا النبأ وليت شعري هل اعتدال الإنكليز في القهوة نشأ عنه سكوته في عراك هذا العالم العصبي.

الألكحول والأمية

لاحظوا في ألمانيا أن لانتشار الألكحول علاقة بتعليم الشعب فالعملة الذين يطالعون أكثر من غيرهم ولاسيما الصحف أقل استعمالاً للألكحول ممن لا يطالعون ففي إقليم ورتمبرغ حيث تجد للسكان رغبة دائمة في المطالعة وتباع الصحف كثيراً يقل شاربو المسكرات أكثر من ولاية بورن الألمانية التي يرغب سكانها عن المطالعة وتقل صحفها وبذلك تسقط دعوى من قال أن العملة يزيد تعاطيهم المسكرات كلما قل عملهم وكثر فراغهم.

أكبر محطة

تعمر الآن في أميركا أكبر محطة من محطات السكة الحديدية في العالم وهي محطة سكة بنسلفانيا نيويورك وتنتهي سنة 1915 تكلف تسعمائة مليون فرنك وأهم ما فيها الشرفات التي تبنى لقبول الركاب وهم نازلون من القطار والخطوط الحديدية تعلو قليلاً عن سطح الأرض وتقام فوق المحطة عمارات ذات عشرين طبقة.

الحمى المعاودة

قالت الطان: إن للحمى المعاودة شدة خاصة بسبب انتشارها العفني وهي تكثر في أفريقية الشمالية وأفريقية الوسطى وينتقل ميكروبها الحلزوني بواسطة الحشرات الطفيلية ولاسيما القمل وقد أكد نيكول وبيلزو ونسل أن هذه الحشرات لا يمكن أن تنقل الميكروب إلى الأشخاص الذين ليس في جلدهم آفة أو جرح فبحث العلماء منذ ذلك العهد عن كيفية انتقال المرض فأثبتوا أن الميكروبات عندما تلحق بالحشرات تتبدل وتصبح مرئية بالمجهر وتدخل إلى الباطن فتنمو وتتكيف تكيفها الأول بعد ثمانية أيام وهكذا يمكن التوقي من الحمى المعاودة إذا اعتنى السكان بإهلاك حشراتهم بدون سحقها والظاهر أن الحميات المعاودة المنتشرة في بعض أقاليم روسيا وآسيا وإيرلاندة وكندا التي يسكنها أناس قلما يحفلون بالقواعد الصحية لها نفس هذه الوسائط في الانتقال والعدوى.

الصناعة في النمسا

وجدت الصناعة النمساوية لها مصرفاً عظيماً في بلادها إذ زادت في الجمهور القدرة عَلَى الابتياع بزيادة أجور العمال وسهولة استخدام العاملين لأيديهم وأبدانهم ويستدل عَلَى زيادة المصروف من البضائع وقلة الصادر منها بنمو عدد العمال في تلك الإمبراطورية فقد كان عددها سنة 1902 - 11954 مشروعاً لصنع الحاصلات الصناعية وتحويلها فأصبح عددها سنة 1901 - 14517 أي بزيادة 2563 منها 2639 معملاً للنسيج و2967 معملاً لصنع الحجر والفخار والخزف والزجاج و2225 معملاً للمواد المأكولة و1518 معملاً للمعادن و1467 معملاً للسلال و925 معملاً للحاصلات الكيماوية وقد كان يعمل 1723000 شخص سنة 1902 في هذه المعامل المختلفة والبيوت وعددها كلها 103114 وتبلغ أجورهم 105 ملايين كورون فأصبح عددهم سنة 1910 2666000 شخص وأجورهم 1890 مليون كورون يعملون في 23000 معملاً ومحلاً فزيادة عدد العملة 31 في المئة والأجور 57 في المئة يدل عَلَى أن قوة الاستهلاك في الناس قد نمت في النمسا عَلَى معدل واسع.

السكك الحديدية الهوائية

يراد بالسكك الحديدة الهوائية النقالات المحتوية عَلَى أدوات للجر وطرق للدفع مؤلفة من سلك أو أسلاك معروفة من القديم ولم تستخدم في الصناعة ببلاد الغرب إلا في سنة 1823 في حين كانت معروفة في نابولي ففي متحفها قطعة من السلك نحاس وجدت في خرائب بومبي وقد عرفت هذه النقالات الهوائية منذ زهاء ألف سنة في يابان والصين وجعلوا لها أسلاكاً من ألياف نباتية ليجتازوا عليها الأنهار والأودية العميقة ولكن أول وصف لسكة حديدية هوائية لم يجر إلا سنة 1411 كما شوهد مسطوراً في مخطوط محفوظ في مكتبة فينا ثم شاع استعمالها واخذ اللومبارديون يعمدون إليها في اجتياز الأنهار ونقل التراب لعمارة الحصون وفي كتاب لرجل ظهر في البندقية نحو سنة 1617 أول تخطيط لسكة حديد هوائية تستعمل لنقل الأشخاص وكانت ألمانيا في العهد الحديث أسبق الأمم إلى استخدامها فقد استعملوها سنة 1872 في بناء الحصون في متز ثم أولع بذلك الأميركان.

الحبوب النافعة

للفوسفور دخل كبير في قوام الجسم الإنساني كان البشر في أيامهم الأولى يحصلون عليه من ألبانهم ولحومهم ولما شرعوا يزرعون الحنطة ويمصرون الأمصار ويختطون القرى أخذوا يعمدون إلى البقول في الحصول عَلَى الفوسفور اللازم قال الدكتور هالم في الطان أن الأرز الذي هو أن الأرز هو أساس غذاء المشارقة يحتوي عَلَى 14 في المئة من الحامض الفوسفوري وفيه غذاء كاف حديدي ومطبوخه نافع في الشفاء من الإسهال أكثر من جميع الأحسية والعدس عَلَى ما يظهر من تاريخ عيسو كان له شأن عظيم في القديم وفي العدس 7 غرامات و55 في الألف من الفوسفات وهو نافع جداً للمصابين بالبول السكري. والحنطة كانت في كل قرن غذاء نافعاً تأتي بالفوسفات المطلوب في الأجسام وكان أجدادنا يتناولون الخبز أسمر بما فيه فنفعهم لأن فيه 77 في الألف من هذه المادة في حين لا يحتوي الأبيض أكثر من نحو واحد في الألف من الفوسفات ولذلك يفضل الأسمر عَلَى الأبيض في الصحة وقد قال أحد علماء الصحة أن انتشار داء ضعف المجموع العصبي (النوراستنيا) ناشئ من تناول الدقيق الأبيض في الخبز وأحسن الخبز ما كان وسطاً لا أبيض ولا أسود والأبيض منه قد كان منه مرض الزائدة الدودية المنتشرة في هذا العصر. وقد قال الدكتور أن الحب والرضاع يأخذان المرأة فوسفوراً كثيراً وكذلك يفقد المرء فوسفوراً كثيراً إذا كان مصاباً بإحدى الأمراض المعدية كالسل والقرمزية والحمى التيفوئيدية ومن أصيب بالهم والغم وإنهاك عقله بالأشغال الفكرية ومن استرسل في شهواته وفي بيض الدجاج معوض مهم عن الفوسفور لأن فيه 13 في الألف فأوصى المتعوبين والمعمرين أن يتناولوا في الصباح عند قيامهم من النوم صفار بيضة تمزج بسكر ناعم معنجان قهوة وتخلط بلطف في قهوة سوداء لا تكون غالية كثيراً.