مجلة المقتبس/العدد 4/الذهب والفضة
مجلة المقتبس/العدد 4/الذهب والفضة
بلغ البحث والاستقراء بأرباب الإحصاءات إن صاروا يقدرون في بلاد الغرب كل دقيق وجليل من أحوال الاجتماع حتى أنك لو سألت بعضهم كم بيضة تأكل المملكة الفلانية في السنة لأجابك على سؤالك ولذلك لا نعجب إذا رأيناهم يحصون ما استخرج من الذهب والفضة. يقولون أنه لما نفد الذهب من أوربا في القرن السادس قام القوم يفتشون في مطاوي الأرض على الأفلاذ وفي معادنها على الركاز وهذا القول مما لا يعتد به كثيراً عند أرباب التحقيق والذي تبين لديهم أن الخمسين سنة الأخيرة كان لها النصيب الأوفر من استخراج هذين الحجرين وخصوصاً السنين الخمس المتأخرة فقد استخرج من سنة 1900 إلى سنة 1904 زهاء 13 مليار فرنك من فضة وذهب سبعة منها ذهب والباقي فضة. وقد زاد استخراج الذهب في الأربع عشرة سنة الأخيرة فبعد أن كان سنة 1870 ستمائة مليون ارتقى في السنة الماضية إلى مليار وثمانمائة وثلاثة عشر مليوناً من الفرنكات.
أما الفضة فعلى رخص أسعارها لم ينزل المستخرج منها كثيراً فقد كان سنة 1890، 671 مليوناً فصار سنة 904، 523 مليوناً هذا مع أن الريال مثلاً قد نزلت قيمته الحقيقية وهو معدن ومازال يساوي أكثر في العرف. وهكذا القول في معدني النيكل والنحاس فإن الناس يثقون بالحكومة بأخذها على علاتها وقلما ينظرون إلى المعدن وحقيقة قيمته.
هذا ما كان من أمر المستخرجات أما المضروبات فالخطب في إحصائها أسهل من ذلك فقد ضرب سنة 1890، 773 مليون فرنك ذهباً فبلغ المضروب سنة 904، 2095000000 فرنك أي أنه تضاعف وزاد على ما استخرج وذلك كل ما يضرب من النقود على اختلاف معادنها يضرب بعضه من سبائك أذيبت وحلي بطلت. وكما أخذت سبائك ودفعت إلى دور الضرب لتجعل سكة يتعامل بها فقد أخذ من الذهب سنة 1903 للاستعمال والزينة 395 مليوناً ومن الفضة 345 مليون فرنك وكان للولايات المتحدة القسم الأعظم من استعمال هذين المعدنين ثم إنكلترا ثم فرنسا ثم سائر الممالك وسببه الغنى والترف وكلما غنيت أمة زاد ميلها إلى اقتناء الأواني الذهبية والفضية والحلي وضروب الزينة. هذا ما تبين للإحصائيين وهو أصح إحصاء حديث عندهم وهو يعطي فكراً إجمالياً للمطالع لا قضية ثابتة وعدداً محدداً لا يزاد فيه ولا ينقص منه.