مجلة المقتبس/العدد 34/جيران الفراعنة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 34/جيران الفراعنة

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 11 - 1908



بقية ما في الجزء السالف

تقدم أن اكتشافات المستر ونكلر في بوغاز كوي كانت ذات شأن سام لعلاقتها بالتاريخ القديم لشعوب البحر المتوسط وها نحن أولاء نشرح نظريتنا من هذه الوجهة المهمة ونبينها على قدر الطاقة.

لما كان من المسلم أن عاصمة مملكة الهيتيين ليست كما ظن حتى الآن جرابيس في شمال الفرات الأوسط بل هي بوغاز كوي من أعمال كابادوسيا لم يبق صعوبة في أن نقول بأن ملك الهيتيين امتد سلطانه إلى ليديا. وهذا التغلب على الساحل الآسياوي من بحر إيجي ظاهر في نفسه لا يحتاج إلى شرح بعد أن عرف بأن كابادوسيا كانت متاخمة لإقليم ميونيا أو تكاد. وإذ ضاق ذرع الهيتيين من اتصال اعتداء الفراعنة على أملاكهم الجنوبية أجمعوا أمرهم بينهم على إشهار الحرب على مصر وطرد الفراعنة منها وإذ لم يتأت كتم استعدادهم للغارة في وسط بلادهم فقد أصبح هجومهم على الفراعنة بحراً ضربة لازب ليحولوا دون اعتداء الفينيقين وهم تابعون لمصر لئلا يكونوا السبب في إخفاقهم في غزوتهم. فبدلاً من أن يستخدموا ثغر تارس مرفأهم الحربي العظيم لإرسال أسطول ضخم اختاروا ثغر أزمير وهي تقع في وسط خليج مشيعين بأنهم رأوا من الضرورة أن يهاجروا لأن السكان نمو كثيراً فضاقت بهم البلاد. ولئن لم يكتب لثغر تارس أن يجتمع المحاربون فيه فإن بحارته وربابنته وفيهم وحدهم كالهيبينيين الثقة التامة تولوا أمرة الأساطيل وإبحارها. ومن هنا جاء اسم تورسها الذي أطلقوه على غارتهم على مصر. ولا شك أنهم بعد انكسارهم قصدوا إيطاليا لاستيطانها مع بقائهم مرتبطين ارتباطاً محكماً ببلادهم الأصلية وذلك لأن دخول السادرسيين والسيكوليين بعد قرن في اتحاد شعوب البحر يحمل على هذا الظن.

وليس التناسب الظاهر بين رواية هيرودتس وآثار الكرنك المزبورة هو من فعل الاتفاق. فقد قال هيرودتس أن عهد أتيس أو الأتيين قد تقدم عهد أرغون مؤسسة الدولة الهيراكلية وفي ذلك مجال إلى القول بأن استيلاء الهيبتيين سبق استيلاء الآشوريين على آسيا الصغرة وأهم نقطة جوهرية في رواية هيرودتس المؤرخ اليوناني هي الصفات المميزة للعمل الذي قام به تورسنوس في توليه زعامة الأسطةل الذي أقلع من أزمير فقد ورد في نصوص الآثار المصرية أن التورسهانيين كانوا عقدوا العزم على أخذ أساطيل شعوب البحر المتجمعة تحت حمايتهم.

وهنا ننتقل إلى الكلام على شعب آخر جعله بانتاور في شعره في مصاف الهيتيين على عهد رعمسيس الثاني. وهذا الشعب هو الدرداني الذي تنسب إليه كتابات الكرنك التقدم على جيرانه لأنه قبض على قياد الجيوش للالتحاق بملكهم الخاضعين له في سورية.

والظاهر أن هؤلاء الدردانيين الذين ورد ذكرهم في شعر هوميروس وجاء في تقليد صحيح منذ القدم بأنهم سكنوا شاطيء الدردنيل وأنهم كانوا من أصل تراسي.

ولا نكتم ما يخالج ضميرنا من التردد إذا أردنا أن نحيد عن هذه الوجهة عن تأثيرات التقاليد ولا سيما إذا جاءت متوافقة متناصرة. ومع ذلك فإن اعتقادنا بعدم قبول مثل هذا الأصل راسخ ولكن لا نستنكف من جعله قيد النظر والبحث على ضعف فيه.

وبعد فيظهر لنا أن دخول التراسيين أو الفرغانيين في أصل جميع الشعوب الصغيرة التي كانت تسكن إذ ذاك الشاطيء الآسياوي من بروبوتيد ناشيء كما قلناه من رغبة الآسياويين بالاتصال باليونان عندما أتوا لاستعمار هذا الجزء من آسيا الصغرى بعد حرب تروادة بمئة وأربعين سنة ومن هنا دخل في علم أصول سكان هذه البلاد وامتزاجهم تقليد أصبح له مع الزمن صبغة تاريخية وإن تطرق الشك إليه كثيراً.

نحن نرى أن الدردانيين ليسو تراسيين ولا كربتيين بيلاسجيين بل كانوا إيرانيين ودليلنا على ذلك ما رواه هيرودتس. وفي الحقيقة أن هذا المؤورخ لا يعرف إلا اسم مدينة واحدة باسم الدرداني كانت في عهده على الشاطيء الآسياوي من الدردنيل أما الدردانيون الصرف فقد ذكر أنهم في أودية جبال ماتين التي يجري فيها نهر جينديس الذي يصب في دجلة الوسطى وهو أهم مصب له. ويسوقنا هذا الموطن الأصلي للدردانيين إلى الجزم إلى الجزم بأنهم فرع من العنصر البروتو الأرمني. ويقول ماسبر أن الماتيين الذين ورد ذكرهم في الكتابات الأكادية أو الماتيين الذين ذكرهم هيرودوتس كانوا أنسباء الدردانيين سكنوا أولاً في جنوبي بحيرة أورومية بين أرمينية قديماً وميديا فحدا الميل إلى اقتحام المخاطر بالماتيين وجيرانهم إلى مغادرة جبالهم وأوديتهم منذ القدم وأن يضربوا في شواطئ قزل إيرمق حيث استوطنوا منذ ألفي سنة قبل المسيح. وإن ما يدعونا إلى أن نرتئي بأن تاريخ ذلك قديم هو أنه ورد في الكتابة التي ذكرت فيها نصرة توتيمس الثالث أحد الفراعنة فإنه بعد أن نكل بقبرص والآز أرعد أرض ماتان في مرافئها وأنحائها كما ورد في تلك الآثار. إذاً فأي معنى للفظ ماتان إن لم يكن الماتانيون من الذين ذكرهم هيرودتس. إذا صح هذا فيكون الماتيون منذ الزمن الأطول قد اجتازو نهر قزل إيرمق وضربوا إلى البحر المتوسط وذلك قبل أن ينشأ التراسيون حتى في أوروبا. وربما جاء من هناك خلط قدماء المؤلفين في دعواهم بوجود قرابة بين الفرغانيين والأرمن وهي قرابة ينفيها مؤرخ الأرمن موسى بن خورين لأنه يرى أن أصل الأرمن من تيراس لا من كومر. ومن المحتمل كثيراً أن تشابه النطق بتراس وتيراس قد أوقع في الخلط بهذا التفسير وبحسب العلم الحاضر تكون تيراس في إقليم طوروس لا في تراسيا.

ولقد أقمنا زمناً في أزمير كانت لنا في خلالها خلاصات دائمة مع الآباء الميخيتاريستين ولذلك ألفنا اللغة الأرمنية فلم نتبين في هذه اللغة تناسباً لغوياً بين اللسان الفرغاني الذي كتبت به المكتوبات الآسياوية واللغة الأرمنية. وإذا كان ثمة بعض الألفاظ سرت فمنشأوه من وحدة البلاد التي سكنوها بعد عهد نزول التراسيين إلى آسيا الصغرى بزمن طويل بيد أن المصانع الأرمنية كثيرة في أيامنا هذه في هذا الجزء من قارة آسيا وقد قيل أيضاً أن اللغة الأرمنية المدرسية الحديثة قد نشأت في القرن الخامس للميلاد وبذلك كان من المتعذر معرفة أي لغة يتكلم بها البوروتو الأرمن. وهناك خطأ آخر وهو أن اللغة الأرمنية ليست وحدها معروفة في القرن الخامس ب. م بل أن حروف هجائها واللغة الأرمنية متشابهة الأصوات بحيث يعسر أن تكتب بحروف أوروبية ولذلك واقتضى لها إيجاد حروف خاصة للاستعمال.

ومن المحقق أنه لا توجد كتابة صخرية يرد عهدها إلى العهد البورتو الأرمني وجميع الكتابات التي وجدت في مدينة وإن قد رسمت بالخط المسند ولما أراد مسروب في القرن الخامس أن يؤلف لأمته آداباً وطنية لم يجد المواد لتأليفها من أصولا حروف الهجاء الأوروبية كلغة الروم وآسيا الصغرى وإيطاليا بل وجد الأصول لتأليفها في فرع اللغة الآرامية مثل البهلوية والزندية والكرجية وإذ كانت هذه اللغات أيضاً غير كافية للتعبير عن الأصوات الأرمنية اضطر أن يزيد سبعة حروف صوتية وسبعة حروف ساكنة ليمثل بها الأصوات التي لا توجد في حروف الهجاء المعروفة من أصل آرامي وبذلك تبينت أن لا علاقة للغة الأرمنية مع اللغة الفرغانية لأن هذه لغة لم يكن لها غير تسعة عشر حرفاً وكانت غير كافية للإعراب عما فيها.

بقي علينا الآن أن نشرح الداعي إلى الاستعمار الإيراني لتروادة وعلاقة هذه مع الدولة التي حكمت في أليون وهي علاقة كانت السبب في تقدم ذاك الاستعمار على غيره من المستعمرات الكريتية البيلاسجية في هذا الجزء من آسيا الصغرى.

وليس غير الاستدلال نعمد إليه في بحثنا في هذا الماضي الذي لا تاريخ له ولا ندعي بأننا نضع نظرية لعرضها كأنها حقيقة أساسية لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها.

ويتيسر لنا الحكم على ذاك الماضي بما تدل عليه بقايا ما عثر عليه من الكتابات التي ورد فيها خبر الانتصارات في الكرنك وفي النصوص اليونانية والظاهر أن أهل الطبقة الحاكمة من الهيتيين كانت لا تنظر إلى تطبيق المبادئ السياسية بالحرف بل تتوخى تطبيقها مع الأحوال والزمن ولذا كان يسكن جزءاً من بلادهم شعب ضعيف كان في إخلاصه له نظر فأدى ذلك إلى خلع ربقة دولتهم الحاكمة وتسليم مقاليد الحكومة إلى دولة أخرى يتيسر الاعتماد على إخلاصها أكثر. ومن صعب مراسهم من الشعوب يطردونهم من بلادهم وهذه السياسة تشرح كيف تنقل الشعوب في بلاد الهيتيين من ناحية إلى أخرى من أنحاء مملكتهم. وبهذه الحجة دخل اللوكوسيريون إلى كابادوسيا لمعاضدة الدولة الهيتية الحاكمة التي هي من جنسهم ودخل الميونيون الذين ردهم الهيتيون على أعقابهم واستعاضوا عنهم بالعنصر السامي اللودي ومثلهم التركريانيون الذين طردوهم للاستعاضة عنهم بادردانيين للمحافظة على ممر الدردانيل ومنع أساطيل الأعداء والمزاحمين من الدخول في البحر الأسود وهو مركز تجارة كبرى لمنافسة الفينيقفيين. كل ذلك يحمل على الظن بأن قبيلة أولية اجتازت خليج الدردنيل على عهد الملك توسر لأن المؤرخ هيرودتس يؤكد أنه رأى في كولشوس مستعمرة مصرية حبشية كانت هناك منذ الزمن الأطول.

وإذا توسعنا في البحث في أصول الشعوب التي تبعث الجيش الهيتي إلى سورية مكن طريق البر نجد ثمة جماعات أخرى وإن كان قدومها آخر الآمر من كريت فليست على ما يظهر كالفيلستيين من أصل ليبي مصري. وهؤلاء الجماعات هم الكاريون والليسيون والكوكونيون الذين يظهر أن بينهم قرابة ونسباً. قال هيرودتس فيهم أن الكاريين والكوكونيين والليسيين غادروا الجزائر ليستوطنوا القارة الآسيوية وكانوا في القديم رعايا مينوس (ملك كريت) ولم يكونوا يدفعون خراجاً ولهم في ميلاسا معبد قديم للمشتري الكاري وهو بينهم مشترك لما بينهم من القرابة ولذلك كانوا مستأثرين بهذا المعبد وحدهم دون جيرانهم الذين ليسو وإياهم من أصل واحد. وكانت لهم عادة قلما توجد عند غيرهم من الناس وهو أنهم يدعون الأبناء إلى أمهاتهم لا إلى آبائهم وإذا سئل أحدهم عن نسبه ذكر والدته وسلسلة نسبها. وعندهم إذا تزوجت امرأة وطنية بعبد يجيء أولادها أحراراً أشرافاً وأما إذا تزوج وطني ولو كان سيد قومه من امرأة أجنبية أو من سبية فأولاده ساقطون لا شرف لهم وليسو أحراراً.

وقد ألف البارون دي كستين كتاباً مستوفى في الكاريين قديماً فبحث في أصل حكم المرأة في الأسرة وفي تأثيرها في المجتمع المدني ونفوذها في المملكة وأثبت بأن هذه العادة كانت مستحكمة عند الأمم الليبية القديمة وعند قسم عظيم من شعوب آسيا الصغرى وقد جمع بين هاته الشعوب ليرجعها إلى أصل واحد هو في رأيه الجنس الأسمر النازل في أوساط آسيا المعرف باسم العنصر الطوشي.

وقد كانت عبادة الكوشيين عبادة أرباب البحار كما كانت عبادة الفوتيين والإيبريين ونشأت هذه العبادة عغلى شواطئ المحيط الهندي وانتشرت في عامة أنحاء الخليج الفارسي وبلاد العرب الجنوبية ومن هناك انتقلت إلى بلاد الحبشة ومنها سرت إلى أطراف موريتانيا في المحيط الأطلانطيكي وانتقل مكار وهو معبود الليبيين والإيبريين إلى اليونان مع تعديل كثير فيه وكان حيثما انتشرت عبادته تؤوي المعابد المعمورة باسمه من يمر بها من البحارة.

ومن الصعب أن نصور كيف عمت عبادة مكار في البلاد ذات الأنهار والجزائر الواقعة في البحر المتوسط حتى بلغت جزائر مكار في المحيط الإطلانطيقي. فقد ترك الكاريون والماريون حيثما نزلوا بنايات متسعة صبرت على الدهر بمتانتها. فإذا سرنا من ليبيا نجتاز أولاً واحة عمون الذي سمي أولاً باسم مكارونيسواو جزيرة مكار. وقد كان في برقة نهر اسمه نهر مكار وفي خليج قابس بحيرة مكار وفي زوجيتانيا نهر آخر اسمه نهر مكار.

وعلى الشاطئ الإطلانطيقي في موريتانيا (شمالي مراكش وغربي الجزائر) نهر وبحيرة باسم مكار. وقد اكتشف هانون القرطاجني في تلك الأصقاع في القرن السابع قبل المسيح نهر لوكوس وخرائب مدينة أسوارها كارية ولا تزال هذه الأسوار موجودة إلى يومنا هذا وإذا تركنا وراء ليبيا ومررنا بأوروبا نجد في مدخل الأرخبيل اليوناني جزيرة لمكار. ونعني بها جزيرة كريت وربما جاء من هنا اسم كانتور أو جزيرة سيفين الكبرى على ما قال ذلك إيبرس الأثري الألماني وإذا تقد إلى الأمام نجد نهراً لمكار في إقليم تساليا وآخر في بيوسيا وثالثاً في بروبوتيدا. ويؤخذ من قول هوميروس أن لسبوس (جزيرة مدللي) كانت مقراً لمكار.

ولا يقف إنشاء عبادجة مكار وراء تخوم بلاد اليونان بل كانت شائعة في إقليم أومبريا بإيطاليا وساردينيا وإبيريا (الأندلس) ولا شك أن أسواء جزيرة تارتاسوس لم يستطع أهل صيدا أن يدكوها إلا باختراع المنجنيق وما تعاصت عليهم إلا لأنها بنيت معبداً لمكار.

وإذا سألت عن مكار هذا الذي يكاد يكون أثراً خالدجاً في كل مكان فهو بحسب الألواح الآشورية المحفوظة في المتحف البريطاني مكار أوانو ـ كما جاء في أحدها ـ سيد المياه ورب الأنهار وسلطان البحار وزعيم الأعماق وربها وحاكمها. وفي الأساطير البابلية أنه أحد الأرباب التي بدت في صورة أسماك يحرس منازله الرجال الذين خلقوا على هيئة أسماك ويتصل نسب مكار كما في الأساطير الهندية بفرع الكوشيين. وإذا عرفت هذا فلا يسوغ لك أن تخلط بين مكار بعد ما ذكرت لك من وصفه وبين بوسيدون وهو رب ليبي صرف رآه اليونان في جميع الحار واتخذوه وصبغوه بصبغتهم. وكان على الشاعر هوميروس أن يعرف تلك الأرباب القديمة التي كان تعبد في ليبيا لأنه كثيراً ما يذكر في الأوديسية اسم الحبشان الآسياويين والحبشان الأفريقيين.

ولغة الكاريين هي لغة البربر وهي لغة أحد الفروع القديمة للجنس البشري كان يطلق عليهم جيرانهم في آسيا وإفريقية بارباروئي. وهذا الاسم القديم (البربري) لم يطلقه على عمومه إلا اليونان واللاتين أما هوميروس فإنه يعني ببربر ذاك الفرع الليبي من الناس المعروف باسم بربر حتى اليوم. وبين بارباروئي كما أطلقه هوميروس بعض ألفاظ تقرب كل القرب من اللغات السامية حتى لقد قال أحد العلماء أنه إذا كان النحو اليوناين يدل على تراكيب تشبه النحو السنسكريتي واللاتيني والسلافي فإن معجمه وإن حوى مفردات كثيرة جداً ولاسيما في المصادر الصوتية وهي آرية بالطبع قد أطلعنا على قليل من المعاني الغريبة عن جميع اللغات الهندية الأوروبية والألفاظ السامية. وليست هذه التعابير مقصورة على الألفاظ الدالة على حيوانات ومعادن ونباتات بل أن منها ما يدل على المبادئ الضرورية للحياة المدنية والسياسية وفيها خالف اليونان وحدهم إجماع الأمم الأوروبية. أهـ

وقد تبين أن بين خط ميونيا وخط ليبيا القديم تناسباً وأن هذا الخط ليس له علاقة بالحروف الهيتية أو الحروف الفرغانية في آسيا الصغرى بل هو مشتق من الخط الهندي الحميري. والظاهر على ما قاله نورمان أن الخط الهندي الحميري جاء في الأصل من جنوبي بلاد العرب ومن هناك انتقل إلى أفريقية ـ حيث كان الخط الحبشي والليبي فرعاً خاصاً برأسه ـ مع الخط الحميري أو هجاء سكان اليمن القدماء.

وهذا التعريف الذي عرفه لنورمان من تعيينه سير هذه الحروف الهجائية هو مثل تعريف البارون دي كوستين للخط الكوشي في تنقله إلى أن بلغ البحر المتوسط فساغ لنا من ثم أن نقول أن اللغة الحميرية اشتقت منها الغسانية والغزية والليبية والكريتية والإمحرية والتيفنغية.