مجلة المقتبس/العدد 30/كلمة معتبر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 30/كلمة معتبر

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 7 - 1908



أقوى مصيق القوم والمربع ... فالدار قفر بعدهم بلقع

سارت بنا الأرض إلى غاية ... لنا وللأرض هي المرجع

ونحن كالماء جرى نابعاً ... لكن علينا خفي المنبع

والعلم قد أنكر منها جنا ... ولم يبن أين هو المهيع

خرقت يا علم رداء لنا ... كنا ارتديناه فهل ترقع

فجعتنا يا علم في أمرنا ... أمعتب أنت إذا نجزع

لقد طغت حيرة أهل النهى ... هل فيك يا علم لها مردع

كم نشرب الظنّ فلا نرتوي ... ونأكل الحدس فلا نشبع

والناس ويل الناس في غفلة ... ترتع والموت بهم يرتع

والكون قد لاح بمرآته ... للعيش وجه شاحب أسفع

وإن في البدر لخطباً به ... في البدر لاحت بقع أربع

فالعين ما يورث حزناً ترى ... والأذن ما يزعجها تسمع

والأرض في منقلب بالورى ... والشمس من مشرقها تطلع

حتى إذا ما بلغت شوطها ... لاحت نجوم في الدجى تلمع

وهكذا الظلمة تتلو الضيا ... والضوء للظلمة يستتبع

ونحن في ذاك وفي هذه ... بالنوم واليقظة نستمتع

ما بين مسعود يميت الدجى ... نوماً ومنكود فلا يهجع

ومسرع يسبقه مبطيء ... ومبطيء يسبقه مسرع

وشامت يضحك من حادث ... حلّ بباك قلبه موجع

لو كان للقسوة عين وقد ... رأته كانت عينها تدمع

والكل في شغب لهم دائم ... لم يقلعوا عنه ولن يقلعوا

والماء يمسي وشلاً تارة ... وحوضه آونة مترع

والريح تجري وهي ريدانة ... حيناً وحيناً عاصف زعزع

وبعضهم تمرع وديانه ... وبعضهم واديه لا يمرع

قد يحسب الإنسان آماله ... والموت مصغ نحوه يس حتى إذا أكمل حسبانها ... وافاه ما ليس له مدفع

فخرّ للجنب صريعاً به ... وأي جنب ماله يصرع

وظلَّ فوق الأرض في حالة ... يزوّر عنها الحسب الأرفع

لا تعمل الأقلام في كفه ... وكان من قبل بها يصدع

ولم تعد تقطع أسيافه ... من بعد ما كان بها يقطع

فاستل مثل السيف من مطرف ... طرائق الوشي به تلمع

ولف في ثوب له واحد ... ليس له رقم ولا ميدع

واهاً له ثوب البلى إنه ... يبلى مع الجسم ولا ينزع

ودس حيث الأرض أمست له ... ملحودة ضاق بها المضجع

حيث البلى يرميه حتى إذا ... لم يبق في قوس البلى منزع

خالط التراب جثمانه ... مطحونة منها بها الأضلع

لله در الموت من خطة ... فيها استوى ذو العي والمصقع

يخون فيها القول منطيقه ... كما تخون البطل الأدرع

ما أقدر الموت فمن هوله ... لم ينج لا كسرى ولا تبع

يا رافع البنيان كم للردى ... من سلم يدرك ما ترفع

ويا طبيب القوم لا تؤذهم ... إن دواء الموت لا ينجع

لا بد للمغرور من مندم ... بالعض تدمى عنده الإصبع

وما عسى تغني وقد حشرجت ... ندامة ليست إذاً تنفع

يا برقع الخلقة واهاً لما ... فيك واهاً منك يا برقع

قد زاغت الأبصار فيما ترى ... إذ فات عنها سرك المودع

وليس في الإمكان عند النهى ... أبدع مما خلق المبدع

بغداد

معروف الرصافي