مجلة المقتبس/العدد 23/المطلقة

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة المقتبس/العدد 23/المطلقة

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 12 - 1907



بدت كالشمس يحضنها الغروب ... فتاة راع نضرتها الشحوب

منزهة عن الفحشاء خود ... من الخفرات آنسة عروب

نوارٌ تستجد بها المعالي ... وتبلى دون عفتها العيوب

صفا ماءُ الشباب بوجنتيها ... فحامت حول رونقه القلوب

ولكن الشوائب أدركته ... فعاد وصفوه مدر مشوب

ذوى منها الجمال الغض وجدا ... وكاد يجف ناعمه الرطيب

أصابت من شبيبتها الليالي ... ولم يدرك ذؤَابتها المشيب

وقد خلب العقول لها جبين ... تلوح على اسرته النكوب

إلا أن الجمال إذا علاه ... نقاب الحزنمنظره عجيب

حليلة طيب الاعراق زالت ... به عنها وعنه بها الكروب

رعى ورعت فلم تر قط منه ... ولم ير قط منها ما يريب

توثق حبل ودهما حضورا ... ولم ينكث توثقه المغيب

فغاضب زوجها الخلطاءُ يوما ... بأمر للخلاف به نشوب

فاقسم بالطلاق لهم يمييناً ... وتلك إليه خطأ وحوب

وطلقها على جهل ثلاثاً ... كذلك يجهل الرجل الغضوب

وافتي بالطلاق طلاق بت ... ذوو فتيا تعصبهم عصيب

فبانت عنه لم تأت النايا ... ولم يعلق بها الذام المعيب

فظلت وهي باميه تنادي ... بصوت منه ترتجف القلوب

لماذا يانجيب صرمت حبلي ... وهلق أذنبت عندك يا نجيب

ومالك قد جفوت جفاَء قالٍ ... وصرت إذا دعوتك لا تجيب

ابن ذنبي اليَّ فدتك نفسي ... فإني عنه بعدئذ اتوب

اما عاهدتني بالله أن لا ... يفرق بيننا الا شعوب

لئن فارقتني وصددت عني ... فقلبي لا يفارقه الوجيب

وما ادماه ترتع حول روضٍ ... ويرتع خلفها رشأ ربيب

فما لفتت إليه الجيد حتى ... تخطفيه بآزمتيه ذيب فراحت من تحرقها عليه ... بداءٍ مالها فيه طبيب

تشم الأرض تطلب منه ريحاً ... وتنحب والبغام هو النحيب

وتمزع في الفلاة لغير وجه ... وآونةٌ لمصرعه تؤُوب

يا جزع من فؤادي يوم قالوا ... برعم منك فارقك الحبيب

فاطرق رأسه خجلاً واغفى ... وقال ودمع عينيه سكوب

نجيبة اقصري عني فإني ... كفإني من لظى الندم اللهيب

وما والله هجرك باختياري ... ولكن هكذا جرت الخطوب

فليس يزول حبك من فؤادي ... وليس العيش دونك لي يطيب

ولا اسلو هواك وكيف اسلو ... هوى كالروح في له دبيب

سلي عني الكواكب وهي تسري ... يجنح الليل تطلع او تغيب

فكم غالبتها بهواك سهداً ... ونجم القطب مطلع رقيب

خذى من نور رنتجن شعاعاً ... به للعين تنكشف الغيوب

والقيه بصدري وانظريني ... ترى قلبي عليك به ندوب

وما المكبول القى في خضم ... به الأمواج تصعد او تصوب

فراح يغطه التيار غطاً ... إلى أن تم فيه له الرسوب

بأهلك يا ابنه الأمجاد مني ... إذا انا لم يعد بك لي نصيب

الا طل في الطلاق لموقعيه ... بما في الشرع ليش له وجوب

غلوتم في ديانتكم غلواً ... يضيف ببعضه في الشرع الرحيب

أراد الله تيسيراً وانتم ... من التعسير عندكم ضروب

وقد حلت بامتكم كروب ... لكم فيهن لا لهم الذنوب

وهي حبل الزواج ورق حتى ... يكاد إذا نفخت له يذوب

كخيط من لعاب الشمس ادلت ... له في الجو هاجرة حلوب

يمزقه من الأفواه نفث ... ويقطعه من النسم الهبوب

فدى ابن القيم الفقهاء كم قد ... دعأهم للصواب فلم يجيبوا

ففي (اعلامه) للناس رشد ... ومزدجر ملن هو مستريب نحا فيما اتاه طريق علم ... نحاها شيخه الحبر الاريب

وبين حكم دين الله لكن ... من الغالين لم تعه القلوب

لعل الله يحدث بعد اكراً ... لنا فنجيب منهم من يخيب