مجلة المقتبس/العدد 11/جوائز نوبل
مجلة المقتبس/العدد 11/جوائز نوبل
يردد كل سنة اسم نوبل في الصحف ولعل كثيراً من القراء لا يعرفون من هو وما هي جوائزه فنوبل رجل أسوجي عظيم من أهل القرن الماضي خدم الإنسانية في حياته وبعد مماته خدمة يدونها له التاريخ ولم يكن من كبار العلماء ولكنه كان من كبار العاملين والمخترعين من أرباب الصنائع. هو الفرد نوبل الكيماوي ولد في استوكهلم عاصمة السويد سنة 1833 ومات سنة 1896. ذهب مع والده وكان مهندساً إلى بلاد الروس لإقامة معمل للنسافات في ثغر كرونستاد واشترك مع أخيه في استثمار مناجم البترول في باكو ولئن أخفق والده في الأولى فقد أفلح أخوه في الثانية. ولكن الفرد لم يرقه هذا فعاد إلى عاصمة بلاده يدرس الكيمياء فدرسها في ثلاث سنين. وقد حاول إدخال النيتروغليسيرين في المواد المنفجرة فانفجر معمله كما انفجرت معامل أخرى عملت مثل عمله في ألمانيا وأميركا حتى إذا ارتأت الحكومات أن تمنع استعمال هذه المادة وقع في نفسه سنة 1867 أن يخفف من تأثيرها فمزجها بمادة أخرى السيليس أمورف أو الصوان المنتثر فتم له بذلك اختراع الديناميت وهي المادة المعروفة في نسف الصخور والمقالع وغيرها وحل الديناميت محل معظم المواد المنفجرة واستعيض به عن غيره في المناجم وإملاء القذائف وغيرها ولم يلبث أن صار للديناميت نحو عشرين معملاً في بلاد أوربا وأميركا الشمالية وله فيها اليوم مئات. واخترع الفرد نوبل البارود بلا دخان وأقام له عدة معامل في أوربا وقام بأعمال صناعية مهمة وأبحاث عملية نفعت العلم والصناعة.
هذا هو نوبل ونشأته على وجه الإيجاز ومن هنا جاءه المال ودرت عليه أخلاف السعادة وإذا كان سمحاً جواداً للغاية ولاسيما على ما فيه إنهاض شأن العلم العملي النافع دفع من ماله نصف ما اقتضى لحملة اندرى الرحالة الذي ذهب لاكتشاف القطب الشمالي. ولما حانت منيته أوصى بالقسم الأعظم من ثروته وقدرها خمسون مليون فرنك أن تجعل منها كل سنة خمس جوائز توزع على أهل العلم والصناعة وقدر كل جائزة ثلاثمائة ألف فرنك الثلاث الأولى لثلاثة رجال من أي الملل والنحل إحداهما لمن يكتشف أو يصلح أهم مسألة في الطبيعيات والثانية لمن يكتشف أحسن اكتشاف في الكيمياء والثالثة لمن يوفق لأحسن عمل أو اختراع في علم النفس أو فن الطب والرابعة تعطى لمن يؤلف أحسن كتاب في الآداب والخامسة لمن يعمل عملاً نافعاً لإلقاء بذور الإخاء بين أبناء البشر من مثل تنقيص عدد الجيوش العاملة أو فضها إن أمكن أو تأليف مؤتمرات للسلم. وقد عهد أن تتولى المجامع العلمية في بلاده توزيع الجوائز الأربع الأولى ووكل أمر الخامسة لمجلس نواب السويد لأنها سياسية أكثر منها علمية.
وقد نال هذه الجوائز حتى الآن كثيرون من رجال العلم والاختراع والآداب والسياسة من أمم الغرب وكانت هذه السنة من حظ المسيو هنري مواسان الفرنسي فإنه نال جائزة الكيمياء لأنه مخترع الأفران الكهربائية المستعملة في تسييح المعادن. ونال جائزة الطبيعيات المستر جون طومسون الإنكليزي المتوفر على درس الكهربائية التحليلية والحسابية والمكتشف لأسرار عظيمة فيها. ونال جائزة الطب كل من المسيو سانتياغورامون الإسباني والمسيو كاميل كولجي الإيطالي وهما من أعظم المشتغلين بالأمراض العصبية وقد ظهرت لهما حقائق كانت من قبل غير معروفة. ونال جائزة الآداب المسيو جاردوسي الإيطالي المتفاني في خدمة أمته من طريق التآلف الأدبية والقصصية. ونال جائزة السلام المستر روزفلت رئيس جمهورية الولايات المتحدة لأنه سعى فعقد الصلح بين الروس واليابانيين في السنة الماضية. فليتأمل أغنياؤنا ومن اعتادوا أن يوصلوا بعد موتهم في عمل نوبل ولينظر علماؤنا أن صح أن يسموا علماء.