مجلة الرسالة/العدد 995/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 995/البريد الأدبي
1 - عقاب تذكر وتؤنث:
جاء في الصفحة (255) من كتاب (من أسرار اللغة) للدكتور إبراهيم أنيس ما يلي:
لعل شوقي حين قال:
أعقاب في عنان الجو لاح ... أم سحاب فر من وهج الرياح
ولم يؤنث الفعل (لاح) رغم أن (العقاب) مؤنثة كأن في ذهنه مثل هذه الظاهرة التي جاءت في شعر القدماء ويعني الدكتور قول الشاعر:
فإما تريف ولي لمة ... فإن الحوادث أودى بها
إشارة إلى تأنيث (الحوادث) وتذكير (أودى)
والحقيقة أن شوقي لم يخالف اللغة لأن العقاب كما في معاجم اللغة طائر يطلق على الذكر والأنثى. وهي من الأسماء التي يجوز فيها التذكير والتأنيث (كعقرب، وسلاح وسكين وقفا وقميص. . الخ. .) وجاء في الصفحة (516) من دائرة معارف القرن العشرين الطبعة الثالثة أن العقاب طائر من الجوارح يذكر ويؤنث ويجمع على أعقب وعقبان وعقبات. وقد عرف العرب هذا الطائر واشتهر لديهم فضربوا به المثل في العزة والمتعة فقالوا أمنع من عقاب الجو
قال الشاعر:
ما أنت إلا كالعقاب وأمه ... معروفة، وله أب مجهول
فمنهم من يذكر العقاب كشوقي وكقول شاعر مجهول الاسم حيث يقول:
لقد لج الخباء على جوار ... كأن عيونهن عيون عين
كأني بين خافقتي عقاب ... يريد حمامة في يوم غين
ومنهم من يؤنثها كقول المتنبي
يهز الجيش حولك جانبيه ... كما نفضت جناحيها العقاب
كما هو في الصفحة (155 من الجزء الأول من شرح ديوانه لعبد الرحمن البرقوقي. هذا ما أردت الإشارة إليه وعند علماء اللغة الفصل اليقين. .
2 - زيادة في الوزن: قرأت في العدد (989) من مجلة الرسالة الغراء قصيدة عامرة الأبيات للأستاذ الشاعر حسن كامل الصيرفي بعنوان (شعلة المجد) وجدت في البيت التالي منها خروجاً عن الوزن بزيادة (تفعيلة) واحدة في العجز وهي من بحر (الكامل)
الشاعر الحي الشعور نشيده ... من قلبه ذوب ومن إيمانه الإيحاء
فما هو قول شاعرنا الرقيق؟!
بغداد
عبد القادر رشيد الناصري
توحيد مناهج التاريخ في البلاد لعربية
من أهم ما تسعى إلى تحقيقه الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية هو تنشئة جيل عربي يعتز بقوميته العربية ويقدس تراثه المجيد. ورأت أن علم التاريخ هو أهم الوسائل التي تحقق هذه الأهداف، فدعت إلى تأليف لجنة من الخبراء في التاريخ لوضع قواعد عامة يسترشد بها في تأليف كتب التاريخ المدرسية في البلاد العربية وتقرير مناهج موحدة في هذه المادة في مرحلتي التعليم الابتدائي والثانوي، وقد تألفت هذه اللجنة برئاسة حضرة صاحب السعادة الأستاذ محمد شفيق غربال بك وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية المصرية وعضوية حضرات الملحقين الثقافيين بالمفوضيات العربية بالقاهرة وحضرات: صاحب العزة الدكتور محمد مصطفى زيادة بك، الدكتور إبراهيم نصحي بك، الدكتور أحمد بدوي، الدكتور أبو الفتوح رضوان، الأستاذ علي إبراهيم عبده
وقد عقدة عدة اجتماعات ناقشت فيها شتى المسائل المتعلقة بكتب التاريخ المدرسية كالنظام المتبع في تأليفها واختيارها، ومادة الكتاب المدرسي في علم التاريخ، ونسبة الموضوعات بعضها لبعض، ونصيب التاريخ القومي والتاريخ العربي والتاريخ العالمي في هذه الكتب، والروح التي تعالج بها المسائل التاريخية، والمصادر التي تستقى منها المعلومات وهكذا. وقد عالجت اللجنة هذه المسائل وغيرها من ناحيتين: الأولى ما يسير عليه العمل فعلا في الوقت الحاضر في البلاد العربية المختلفة، والثانية ما يجب أن يراعى في المستقبل عند تأليف كتب التاريخ لهذه البلاد الشقيقة.
ورأت اللجنة أن تقسيم البحث إلى شعبتين: الأولى خاصة بكتب التاريخ المدرسية في المدارس الابتدائية والثانوية. واستندت اللجنة في هذا إلى مختلف العوامل التي تحدد الكيفية التي يكتب بها كتاب مدرسي في التاريخ وإلى اختلاف هذه العوامل في حالة كل من التعليمين الابتدائي والثانوي. إذ لا شك في أن غرض كل من التعليمين يختلف عن الغرض من الآخر، وأن الخصائص السيكولوجية التي يتمتع بها الطفل في المدرسة الابتدائية هي غير الخصائص التي يخضع لها المراهق في المدرسة الثانوية. كما أن المادة وطرق علاجها ووسائل توضيحها وكيفية عرضها تختلف كثيرا باختلاف مراحل الدراسة، وهو اختلاف قائم على اعتبارات اجتماعية ودراسية وسيكولوجية مقررة.
ورأت اللجنة أنه لا مندوحة من إقامة بحثها وقراراتها على ضوء ما هو حاصل فعلا في هذا الميدان في البلاد العربية المختلفة. ولذا قررت أن تدرس أولا كتب التاريخ المدرسية المقررة في مختلف البلاد العربية دراسة فحص وتحليل وتقويم. فقسمت أعضائها بحسب تخصصهم وكلفت كل مجموعة بفحص الكتب المتعلقة بموضوع تخصصها وتقديم تقرير عنها. ثم ناقشت اللجنة مجتمعة كل هذه التقريرات مناقشة أدت إلى اتفاق الجميع على القواعد العامة والمناهج التي تقدمها اللجنة باسمها، وقررت اللجنة أن يكون المدار في تقويم الكتب المستعملة الآن وفي تقرير القواعد العامة والمناهج التي ستتقدم بها هو ذلك التقدير القيم الذي وضعته شعبة التاريخ في المؤتمر الثقافي العربي الأول الذي انعقد في لبنان في صيف سنة 1947، والذي أدرج ضمن (مقررات المؤتمر) الذي نشرته الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية في القاهرة في سنة 1948 فدرس أعضاء اللجنة فرادى ومجتمعين هذا التقرير القيم واسترشدوا به.
ورأت اللجنة أيضاً ضرورة الاسترشاد بتقرير لجنة الخبراء الدولية التي دعتها هيئة اليونسكو إلى الاجتماع بدار الهيئة بباريس في أكتوبر سنة 1950 لدراسة طرق تدريس التاريخ وكتبه المدرسية والوسائل المؤدية إلى استخدام ذلك في تحقيق التفاهم بين الشعوب.
وقد أستغل كل عضو من أعضاء اللجنة ما تحت يده من الموارد الخاصة ككتب التاريخ المدرسية المقررة في الأجزاء الأخرى من العالم كالولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا، وكتب الطرق الخاصة بتدريس التاريخ ومطبوعات هيئة اليونسكو.
وفوق هذا كله استفادت اللجنة بما يعرفه كل عضو من أعضائها من حاجات الدول العربية الشقيقة في هذه الحقبة الدقيقة من تاريخها وما تستلزمه هذه الحاجات من التعاون، ولا شك في أن التعاون الفكري والثقافي هو أساس كل تعاون سياسي واقتصادي، والدول العربية لها من وحدة ظروفها التاريخية ومقوماتها الروحية والثقافية واللغوية المشتركة ما يمكن أن يكون أساسا متينا للتعاون في غير ذلك من ميادين الحياة يندر أن يوجد في أي مجموعة أخرى من دول العالم. وعلم التاريخ هو جماع كل هذه العوامل المشتركة ومن ثم وجب أن يعتمد عليه قي هذه الأمم الشقيقة في توطيد أواصر المودة والتفاهم بين أجيالها الناشئة.
وقد انتهت هذه اللجنة من عملها وقدمت تقريرها إلى الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية توطئة لعرضه على اللجنة الثقافية للجامعة العربية في دورتها القادمة التي ستعقد في عمان في 16 أغسطس 1952لإقراره وتوصية حكومات الدول العربية بتنفيذ المقترحات الواردة به.