مجلة الرسالة/العدد 974/يا مهد الصبا أين الصدي
مجلة الرسالة/العدد 974/يا مهد الصبا أين الصدي
أم النسور، تفرسي وتأملي ... أعرفت وجه القادم المتهلل؟
هذا فتاك إلى متى نكرانه ... أو ليس في لبد سمات الأجدل
ما عابه الجسم المهيض تبدلت ... قسماته والقلب لم يتبدل
هو من بزاة العرب جشمه السرى ... وأحاله صرف الزمان الحول
شرع القوادم للجهاد أسنة ... عشرا، فإن يجهل عليه يجهل
ولوى الجناح على الخوافي عله ... يخفي ضآلة ريشه المتهدل
الله يا مهد الصبا، أين الصدى ... يحكى متى أعيت لهاة البلبل؟
غيري ذكرت وقوفه وبكاءه ... يا ليتني بين الدخول فحومل!
أغشى الحدائق أستميل غصونها ... فتميل عني كالرعيل المجفل
وأخالس الأزهار بعض طيورها ... فتصدني وتبنها في الشمأل
ذهلت عن الصب الذي رضع الهوى ... من ثديها، والصب لما يذهل
أعرضت عنها ثم جئت فأعرضت ... حاشاك يا وطني ترد السهم لي!
وأنا الذي قربت روحي للحمى ... وسجدت في محرابه والهيكل
بدم الشباب خضبت ورد رياضه ... ورجعت أغسلها بدمعي المسبل
ما زلت أستجديه حتى رق لي ... (بردى) ومد ذراعه في الجدول
غنى وثنى شاديا ومرحبا ... أيكون من خطباء هذا المحفل
لولاك يا نادي العروبة لم أقم ... من عثرة الآمال جد مؤمل
حييت فيك أحبتي فأجازني ... نثر (المقفع) بعد شعر (الأخطل)
فكأنني أبصرت وجه (أمية) ... وسمعت (معبد) منشدا و (الموصلي)
لامست في الأدب المخدر يقظة ... فتحت نواظره على المستقبل
بشرى لعشاق البيان أزفها ... نفض التراب عن التراث المهمل
وتحفزت (لغة الكتاب) لوثبة ... هدفت إلى النهج الجديد الأفضل
قد يصلح (العطار) من شعرائكم ... ما أفسدته سياسة المستعمل
ويقوم من علمائكم من يلتقي ... وهو الأخير في زمانه بالأول
إني دخلت على عكاظ تطفلا ... لولا قيام العذر لم أتطف شق التغرب في الفصاحة شقة ... بيني وبين الناطقين المثل
فإذا أردت الشعر يجمع بيننا ... أرسلته عيا فلم أسترسل
أمضي وقلبي في دمشق رهينة ... أودعتها قلب الثرى والجندل
لغفرت للأم الجراح لو أنها ... شفعت بأختي من قضاء منزل
في جيرة الشهداء حلت منزلا ... وأظنها أخذت تهيئ منزلي
جورج صيدح