مجلة الرسالة/العدد 967/الأدب والفن في أسبوع

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 967/الأدب والفن في أسبوع

ملاحظات: بتاريخ: 14 - 01 - 1952



للأستاذ عباس خضر

س وج اللغة الأجنبية الأولى:

قرأت بإنعام كلمتكم المنشورة في الرسالة الغراء تحت عنوان (أصبح الشعب حرا في اللغة الأجنبية الأولى) وقد بدا لي وأستبد بلفيف من المعجبين بكم أن تتقدم إليكم بالأسئلة الآتية راجين التفضيل بالإجابة مشكورين

(1) إن قرار حضره المعالي وزير المعارف فرض على الشعب أن يختار الفرنسية أو الإنكليزية لغة أصلية، وأن يختار إحدى اللغات الثلاث الباقيات لغة إضافية فهل أتاح هذا القرار فرصة للشعب في أن يكون حراً في اختيار اللغة التي يرضاها أصلية واللغة التي يريدها إضافية من غير فرض ولا تحديد؟

(2) إن القرار وضع اللغة الإنكليزية في الدرجة الأولى بين اللغات. وبحكم هذا الوضع يتعين بلا جدال أن اللغة الإنجليزية إن لم تكن فهي بلا مراء إضافية - فهل هذا ما قصد إليه القار؟

(3) نقول حضرتكم بأن هذا القار أتاح الفرصة للشعب نفسه أن يكون حراً في اختيار ما يريد. فماذا تقصدون بالشعب؟

أهو الكلية، أم أولياء أمورهم، أم الشعب ممثلاً في لجنة تشكيل لهذا الغرض، أم الشعب ممثلاً في البرلمان؟

(4) إن اللغة الأصلية يلاحظ فيها مدى مصلحة الشعب منها ثقافياً ومالياً وسياسياً. فأي لغة من هذه اللغات الأربع أحق بالتقدمة وأنفع للشعب في معترك الحياة؟

(5) إذا تركنا الشعب حراً في اختيار ما يشاء من اللغات فهل وزارة المعارف مستمدة لأن تفي كل المدارس حاجتها من المدرسين في كل لغة، أم أنها ستخصص مدارس لكل لغة وإذا كان كذلك فكيف يلتقي الشعب في ثقافة تربط بنفسه وتحدد أغراضه في حياته هذا ولحضرتكم منا أطيب تحية وأروع سلام.

اليماني أحمد السكر بكفر الشيخ فؤاد

ج 1 - قصدت بحرية الشعب في اختيار اللغة الأجنبية الأولى، أن اللغة الإنجليزية أصبحت غير مفروضة عليه، وبها تخلص من وضع الأوضاع الاستعمارية التي تعمل للتحرر منها، فالحقيقة التي لا شك فيها أننا ما كنا نحل اللغة الإنكليزية المحل الذي أخذته عندنا لولا أن الإنجليز احتلوا بلادنا. وذلك ما رميت إليه بما كتبت في هذا الموضوع، وحسبنا أن بلغناه وليكن بعد ذلك ما يكون من تحديد أو إطلاق.

ج 2 - القار وضع الإنجليزية في الدرجة الأولى حقاً ولكنه أتاح الفرصة لتركها أصلية أو إضافية، فأن الطالب عندنا يختار الفرنسية أصلية تصبح الإنجليزية بالنسبة إليه كالألمانية والإيطالية يختار من الثلاث ما يشاء.

ج 3 - الشعب المقصود هو الطلبة بالاشتراك مع أولياء أمورهم.

ج 4 - جواب هذا السؤال موضح في كلمتي الأولى (الرسالة عدد 957).

ج 5 - الشطر الأول من السؤال يتعلق بإجراءات التطبيق والتنفيذ. والمفروض أن تدبر الوزارة الأمر بما يتفق والفرض من القار. أما التقاء الشعب فهو في مجرى ثقافتنا الأصيل - الواقع أو المنشود - وما اللغات الأجنبية وثقافاتها إلا روافد.

أنا في مرآة قارئ:

تلقيت رسالة بتوقيع (سعد أبو سالم - قليوب البلد) تشمل على مسألتين، الأولى خاصة باستعمالي كلمة (مثل) إذ طلبت من الأستاذ بريري في موضوع (اللحن الفصيح) أن يأتي بمثل للطلب قبل فاء السببية المغاير للأمر والنهي وبقية الأشياء التي ذكرها. فقد أخذ على كاتب الرسالة استعمال لفظة (مثل) في هذا المعنى مفرقاً بينها وبين كلمة (مثال) وردى على ذلك أن مما يدل عليه لفظ (مثل) الوصف، وكذلك (مثال) فيقال مثل الشيء ومثاله، أي وصفه وصورته. والمقصود - على ذلك - من (مثل للطلب) جملة تبين حقيقته وهل هو شيء آخر غير الأشياء التي ذكرها.

أما المسألة الثانية فهي أنه وصفني بصفات لست أدري هل هي حقيقية أو هي مما يدل عليه وصف نفسه في ختام الرسالة بقوله: (وختاماً إليك مني تحية تلميذ أحمق. .) قال السيد سالم الذي أعتقد أنه (عاقل) على الرغم مما وصف به نفسه: (وأود أن أحدث الأستاذ عما أفهمه وأستسيغه حول كلمتي مثل ومثال، وله بعد ذلك أن يعدني غبياً أو جاهلاً كما هي عادته مع عشاق الأدب واللغة. . وإلاّ فما كان يقول رداً على الأستاذ البربري (ولكن ما حيلتي) والحق أنها يا سيدي طريقة طريفة لم نعهدها في النقاد من الأدباء، ولو كانت طريقة النقد هي الردع الزاجر لأصبح الأدباء في صراع جاف خاف حال من روح الأدب. . . الخ

والحق أنني سررت من هذه العبارات مما تضمنته رسالة السيد سعد أبو سالم. . سررت منها، لأني ألقيها مرآة تعكس صورة. . . إن تكمن تطابق منهجي في الكتابة فإني أقومه. . لأني لا أرضى لقلمي أن يخط صراعاً خالياً من روح الأدب!

وإن لم تكن الصورة مطابقة فلا شك أن المرآة من تلك المرايا التي كنا نراها في (لونا برك) تشوه الشحنات وتبعث الضحكات. . .

مصطلح طبي:

أشرت في الأسبوع الأسبق إلىمحاضرة الدكتور أحمد عمار بمؤتمر المجمع اللغوي عن اللغة العربية والمصطلحات الطبية، وأوردت نبذا منها تتضمن رأيه في وضع تلك المصطلحات وهو التوسط بين المحافظة والأقدام. وكنت أريد أن أورد نبذا أخرى تتضمن آراء له أخرى، ولكن الرسالة أحست صنعاً فنشرتها كلها في موضع آخر من هذا العدد

عباس خضر

بيان رابطة الكتاب السوريين:

نشر فريق من شباب الكتاب في سوريا بياناً يتألف رابطة لهم نقتطف منه هذه الفقرة التي تشرح الغاية من هذه الرابطة والطريق التي يسلكها المرتبطون لبلوغ هذه الغاية.

. . . كان يجب أن توجد هذه الرابطة للكتاب السوريين منذ أمد طويل، ولكنا لسنا هنا في مجال اللوم والندم، وإنما نحن في ميدان الإنشاء والعمل. إن هذه الرابطة لم توجد من قبل وكان يجب أن توجد، وها نحن أولاء نفعل (رابطة الكتاب السوريين) أسم بسيط يتألف من ثلاث كلمات، ولكنه ضخم كالقومية الكبيرة، لم نحاول فيه أن نفتش عن الرمز البراق بقدر ما أردنا أن نضع اللفظة نفسها نحن لا نمثل الكتاب السوريين أجمعين. هذه حقيقة لا ننكرها، ولكن لا يضر الإسم ألا بجمع الكل إذا استطاع أن يجمع البعض، فاتحاً الباب لمن يشاء من المنتجين المحسنين. نحن جماعة لنا في العيش مهن مختلفة، ولكن شيئاً وأحد يجمعنا، هو أننا نحمل قلماً لا نستطيع حبسه عن الورق، أو كما قال جبران: من هؤلاء الذين إذا لم يكتبوا ماتوا، كذلك نحن. مهما تنوعت أعمالنا في الحياة، فإن عملاً واحداً لا نستطيع التخلي عنه، يجمعنا ويقرب أيدينا بعضها من بعض. ولسنا نزعم أننا إذ نطلق على أنفسنا لفظة كتاب، أن الكتابة - شعراً كانت أم نثراً - قد أصبحت في أيدينا ناضجة كاملة كعناقيد العنب في أيلول. إن اتحادنا مدرسة بقدر ما هو رابطة، نتكاتف فيه ونتعلم في وقت واحد. وليس بعيداً أن يصبح الحصرم عنباً إذا ظل على أمة، ينمو في ضوء الشمس ويبهر العيون بجماله.

هؤلاء نحن. أما ماذا نريد. وكيف سنعمل؟ فتلك أشياء يجب أن نصوب نحوها الأشعة قليلاً، تاركين للعمل ذاته، فيما بعد، أن يشرح ويتكلم. .

أدخل ذات يوم مكتبة، في أي بلد سوري، واسأل صاحبها، أو استقرى فهارسها عن بضاعة الدكان، تجد أن سورية أفقر البلاد العربية إنتاجاً في ميادين الفكر والفن. ثم حاول أن تعد في ذهنك أسماء الشعراء أو لقاصين أو لكتاب آخرين، تجد أن رأسك كالصحراء الخاوية، إلا من بضع واحات. وقبضة من أشجار النخيل، بينما في لبنان، تتبادر لذهنك الأسماء على الفور كثيرة منتجة، وفي العراق نهضة مباركة، أما في مصر فإن إنتاجها يغمر أسواقنا، ترى ما هو السبب؟ ولكنه حديث طويل ذو شجون، فلنطو بساطه في هذه العجالة ولنحاول أن تكون عمليين، فنصل إلىالمشكلة فوراً ونبدأ حلها. . . . . . . . .

نحن كتاب تقدميون بكل ما في الكلمة من خصب، تقدميون أننا نستهدف أبداً أن نمشي إلىالأمام حيث يتلامح هدفنا أننا نؤمن بأمتنا، ونؤمن بأننا نستطيع خدمتها، وأننا لن نكون كتاباً إذا لم نحي حياة أمتنا. إن هدفنا هو أن نعمل للشعب لأننا منه، ولأن الفن الصحيح هو الذي ينبع من حياة المجموعة. إن الآثار العظيمة الباقية هي الآثار التي غيرت وجه الحياة فأغنها وأكسبتها أشياء صالحة جديدة. لم يعد هناك - كما يقول بعضهم - من فن للفن ولا من زهر للزهر. إن الفن هو للناس، كما أن الزهر هي للعيون التي تراها والأنوف التي تشمه. والزهرة لا تكون جميلة إلا إذا استطاعت أن تؤدي إلىشيئا ينصل بذاتي خدمة تحسن حياتي. نحن مع القارئين بأن الفن هو تعبير جميل عن الحياة، ولكن التعبير لا يكون جميلا إذا لم يعبر عن الحياة الحقة، حياة المجموعة. نحن لا نطالب أن يذوب الفرد في الجماعة، لأن مجموعة الصغار لا تساوي أكثر من صفر، وإنما نطالبه أن يعيش مجتمعه، ويشارك فيه، وينطلق بعد ذلك كما يشاء، فهو أن يضل وأن يبعد عنا كثيراً. الفرد الواحد المستقل عن المجموعة غير موجود. كذلك الواحدة المفردة غير موجودة، فإذا استطعت أن توجدها وأن تعبر عنها فأنت تصطنع الحياة، وبالتالي فأنت تصنع الفن. . . . . . . . .

تلك هي طريقتنا، أما وسائلنا فهي إنتاجنا الخاص ككتاب تقدميين، وعنايتنا بالنتاج الفكري العربي القديم الذي يتصل بقضايا الحرية والسلام، ونشره على الناس، كما نبرهن لهم أن هذه القضايا كانت تهم الإنسان من قبلنا بكثير من العهود. كما أننا سوف نعمل على أن نخرج من القوقعة التي نعيش فيها هنا، فلا تقرأ إلا نوعاً معيناً من الأدب، ولا نطلع إلا على زاوية واحدة من الثقافة. إن قضايا العالم الآن أصبحت قضية واحدة، ولن يستقر السلام في دولة واحدة إذا كانت الدول الأخرى يهددها غول الحرب. لذلك صارت كل محاولة لعزلنا عن التيارات الفكرية الحديثة في العالم محاولة دنيئة، يريدون بها أن يربطوا عيوننا بعصابة كي ندور في مكان واحد، والسوق الفكرية العربية أحوج ما تكون لأن تصبح ملتقى هذه التيارات، كي ندركها جمعاء، والبقاء بعدئذ للأصلح.

أما إنتاجنا فلن يظل بعد الآن مبعثراً في كل واد، إننا سنكتب، ولكن في الموضوعات التي نرغب، وبالأسلوب الذي نحبه، وفي الصفحة المخلصة الحرة.

ليان ديراني، مواهب الكبالي، شحاده الخوري، حنا مينه، سعيد حمرانية، غسان رفاعي، نبيه عاقل، أنطون حمصي، ممدوح فاخوري

حسيب الكيالي، شوقي بغدادي، صلاح ذهني - دمشق