مجلة الرسالة/العدد 962/الرماد المعذب
مجلة الرسالة/العدد 962/الرماد المعذب
(مهداة إلى صديق الناقد الأستاذ أنور المعداوي)
للأستاذ علي الصياد
في عالم مكفن الضمير ... بعثت لا أعلم ما مصيري
معذب في زحمة الشرور ... وكل ذنبي رقة الشعور
مكحل بليله الضرير ... وفجر غيري نوره من نوري
أسقيته الحلال من عصيري ... ولم أجد منه سوى العسير
مشى بروضي مشية الأمير ... يقطف من وردي ومن زهوري
وينهل السلسال من غديري ... وينهب الألحان من طيوري
وفي ربا فردوسي النضير ... تعلم المنطق من خريري
ومن عجيب في تدميري ... وقد روي إحساسه غيري
مخدعه السندسي في القصور ... ومخدعي الشوك على الصخور
ويزدهي في الصوف والحرير ... وهيكلي ممزق الستور
سألته عن ماله الوفير ... من أين قال من دمي (المهدور)
سألته عن أصله الحقير ... أصدقني القول بلا تزوير
سألته عن ملكه الكبير ... أخالد قال إلى الثبور
سألته عن علمه الخطير ... قال كحفة من القشور
سألته عن دمعة الفقير ... قال كنجوى راهب في (الدير)
سألته حتى عن الحبور ... قال سراب خاطف العبور
فماله يختال في غرور ... واصله من الثرى الحقير
إني هنا في ليلى المنشور ... مبعثر المنى على الوعور
شيعت فيه مأتم السرور ... بين جلال الوحشة المثير
وصرت في ظلامه المضفور ... محترق الأنفاس والزفير
أبحث بالعينين عن سمير ... فلم أجد فيه سوى النسور
حاملة في بطشها المغير ... رسالة القهار للمقهو يا توأمي في البدء والنشور ... رفقا بروح شاعر مصهور
جدان في غياهب الديجور ... بفجره المفضض المنير
يغربل الأنام بالتفكير ... وكلهم نفاية القدور
أنا كتاب حالك السطور ... محجب البيان والتصوير
مزقه الناس بلا شعور ... في معبد من الأسى مهجور
وكفنوه في دجي التحقير ... وهو نتاج المبدع القدير
غدا يشع كالسنا الطهور ... مذهب الأسرار والتفسير
وسوف يبقى عبقري النور ... في ظلمة الأجيال والعصور
علي الصياد