مجلة الرسالة/العدد 942/المنظار المسروق
مجلة الرسالة/العدد 942/المنظار المسروق
للأستاذ عبد المعطي حجازي
تنكر في غدره واستتر ... وراح ورائي يقفو الأثر
وفي زحمة العيد مال الغبي ... علي وظل يطيل النظر
وأحسن بي الظن من جهله ... فخال بأني كنز العمر
لقد سرق النذل نظارتي ... وعاد قريرا بهذا الظفر
ولو علم الخائب العبقري ... حقيقة مغنمة لانتحر
فليس بها من نفيس يباع ... إذا ما رجا طامع وانتظر
وفي السوق لا تشتري بالفلوس، ... ولو جن بائعها أو كفر
ولكنها لي شمس النهار ... وعطر الزهور ونور القمر
غذائي إما أضر الطوى ... وربي إما اللهيب استعر
ومؤنستي إذ يعز الأنيس ... وراويتي حين يحلو السمر
ومشكاة ليلى إذا مادجا ... ومرسى أماني وقت الخطر
أجوز بها كل عات عصى ... وأغزو بها كل صعب عسر
وأمشي بها في ظلام السطور ... فيسعفني نورها المدخر
وأعلو إلى وكنات النسور ... وأهوى إلى مستقر الدرر
وأعبر في محجريها الزمان ... وأطوي على كاهليها العصر
وانظر في معجزات الوجود ... وأقرأ في صفحات القدر
وفي كل فن، ومن كل روض ... أطوف وأجني شهى الثمر
فجعت بها فطواني الظلام ... وران على الدجى واعتكر
وأصبحت ألمح ظل السطور ... كأطلال بيت هوى واندثر
وترقص في عيني الكلمات ... كما يرقص الغصن وقت السحر
وأعثر في هضبات الحروف ... كأعرج يظلع فوق الحجر
وكنت رفيق المنى والكتاب ... فصرت رفيق الأسى والضجر
وما لذة العيش في روضة ... إذا أنت لم تر حسن الزه ففي ذمة الله نظارتي ... ذهبت شهيدة غدر البشر
وغفلة لص قليل الحياء ... رخيص الذكاء قصير النظر
ويا أيها اللص ما من أديب ... ثوى القرش في جيبه واستقر
ولكنه كخيالاته ... يجيء ويمضي كلمح البصر
فجل وأسرق الناس حتى الحفاة ... وخذ إن لقيت الأديب الحذر
ففي جيبه ليس غير الهواء ... وإن كان في الرأس أغلى الدرر
القاهرة
عبد المعطي حجازي