مجلة الرسالة/العدد 928/رسالة الشعر

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 928/رسالة الشعر

ملاحظات: بتاريخ: 16 - 04 - 1951



من الموشحات

(ما لتلك المعالم انطمست)

للأستاذ أبي الوفاء محمود رمزي نظيم

أتراه يحنو على الصبِ ... أهيف القدِ

أي وجد أثار في قلبي ... آه يا وجدي

من لوعة وجراحْ ... لو رآها لرق

أخذتني بالسحر صورته ... فأنا المضنى

لا تقولوا كالغصن قامته ... إن مشى غصنا

لا تقولوا كالبدر طلعته ... وجهه أسنى

لا تقولوا كالسحر نظرته ... نزهوا الحسنا

إن حسن الملاح ... مبعت للأرق

وصف من أهواه لا أرضاه ... أنا صب غيور

لم يزل حاضراً وعيني تراه ... فهو فيها النور

غاية الوهم هجره وجفاه ... لست بالمهجور

في فؤاد مثاله وسناه ... بدد الديجور

فحياتي صباح ... والظلام انمحق

كنت ميتاً والحب أحياني ... ياله من حياه

هو نور أضاء وجداني ... بشعاع سناه

وخلود للنفس روحاني ... عند من تهواه

نحن نبقى والهيكل الفاني ... في الثرى مثواه

قد قضى وارتاح ... كالهشيم احترق

لا تظنوا دنياكمو شيا ... إنها أوهام

حملتني همومها حيا ... وعذاب السقام وكوتني بنارها كيا ... دائب الآلام

وطوتني سنيها طيا ... يا لها أحلام

تخدع الأشباح ... حلمها ما صدق

والثرى يهضم الجسوم فلا ... يبقى منها شى

لجت كل من بها نزلا ... يبتلى بالعى

لا تثر في مآلنا جدلا ... لا يرح الحى

خل من لم يزل يجد أمل ... غافلا في الحى

لا هيا بالراح ... بين نفح العبق

أين أيامنا التي سلفت ... في قديم العصور

ما لتلك المعالم انطمست ... ولذاك النور

بالأرض بأهلها شقيت ... حكمة المقدور

مالها في خصبها نكبت ... خصبه المشهور

هل طوته الرياح ... ثم جفت الورق

وطن قام فيه (رمسيس) ... فأذل الأمم

أين (خوفو) وأين (احميس) ... وبناة الهرم

ذهبت بالكرام (منفيس) ... وأقام العدم

واستباح النفوس ابليس ... فأباد الشمم

وقضى واستباح ... وبغى وسرق

لم يعد من مجدنا باقي ... فأزل كربى

واملأ الكأس أيها الساقى ... وأرح قلبى

فخمور تذيب أشواقي ... بلسم الحب

ساء عيشي ما بين أوراقي ... ليس ذا ذنبى

فاملأ الأقداح ... من ورود الشفق

أيها النائمون في الشرق ... في ضلال الخمول

إن سيل الغرب لا يبقى ... ويبيد الأصول قد خدعتم بلمعة البرق ... يا لها من عقول

رضيت بالصغار والرق ... في حياة تزول

كلها أتراح ... كالشراب اندفق

وافترقتم في أرضكم شيعا ... سميت أحزاب

وكل قوم لحزبه تبعا ... ثم صاح الغراب

وحدة ركنها قد انصدعا ... فتح الأبواب

شكر الطامعون ما صنعا ... وشربنا العذاب

يزهق الأرواح ... ويزيد القلق

كل جهاد لنا يروح سدى ... ونحن في استعباد

وكيف يلقى أخو الجهاد هدى ... وقومه الحساد

لا تتبعوا غير قائد أبداً ... لكل قوم هاد

كل افتراق بين الشعوب بدا ... يمزق الأكباد

وتدوم الجراح ... ويتم الغرق

(منيل الروضه)

محمود رمزي نظيم