مجلة الرسالة/العدد 894/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 894/البريد الأدبي
في أدب المحاضرة: (الله المصور)
دعينا إلى سماع المحاضرة (الحولية) التي يعدها في كل عام الأستاذ مصطفى شاهين برحبة نادي رمسيس الرياضي.
وكان الموضوع دقيق المأخذ، رقيق الملمس، يستدعي إحاطة شاملة بما اشتمل عليه هذا الكون من المشاهد (المصورة) بتصوير القدرة القادرة، فعانى المحاضر معاناة شديدة خشية أن ينأى به الرأي عن الروح الديني، وكان محتبس الأنفاس، تعيد الإحساس، يريد القول على سجيته؛ فيطويه في صدره، ثم يدينه من أحاسيس المتسمعين الذين يعزب عنهم ما يريد أن يتفرد به من اقتباس (المخلوق) المفتن كل ما أبدعه الفنان الأعظم!.
تحدث عن نظاهر الوجود كوحدة مرتبطة الأجزاء بينها الالتئام، والإنسجام، والتوافق ثم عدد هذه المظاهر، فأشار إلى أن الإبداع فيها متفق مع (البيئة) ومثل بروعة الجليد في سويسرا حينما يكون على أوضاع متباينة، وقال: أنه يظن أن (الجنة) ستكون في بقعة (لبنان) وأن الحياة في الريف المصري تمثل طابع النيل. مما يدل على أن الخالق يرسم على لوح الوجود رسماً يصور طبيعة الحياة!
واستطرد المحاضر يتابع (القمر) في حالاته - وهو في اكتماله -، ويوضح مدى جماله في كل حال، وأنه إذا استمر بدراً كل ليلة كان مدعاة إلى الملالة!؛ ثم استدنى عالم النبات؛ فأبان خصائص القدرة في كل نوع منه، في أسلوب أدبي، لا يخلو من صنعه الأداء اجتذاباً للأسماع.
واستمر يستعرض الصور المتعددة ويقرن بينها وبين تصوير المخلوق في اصطناعه عند إخراج صوره باعتماده على الظلال، وتوزيع الأضواء، وبراعة الإخراج ثم خلص إلى أن الفن مأخوذ عن (الطبيعة) المبتدعة بإبداع المصور الأول!
وكانت المحاضرة على دقتها، واستبهامها، وغموضها طريقة، تدل على استعداد طيب في التفرد بالرأي على الرغم مما يحيط به!.
أما لغة المحاضرة؛ فكان يغلب عليها الطابع الإنشائي في الأداء، والتعبير. مع التأنق، والاختيار، والتنابق.
وقد كرر الأستاذ مرات متعددة كلمة (وحدة) بكسر الواو والصواب الفتح، ولم يجئ لفظ (لوحة) إلا في الأسلوب الحديث، ونعتقد تذكيره (في لوح محفوظ. . . هذا وإن المحاضرة قد صورت مدى اعتمال وجدان المحاضر بالمشاهد الوجودية فصورها. ووجه الأبصار التي تحسها لكنها بعيدة عن إدراك أسرارها الرفيعة!.
بور سعيد:
أحمد عبد اللطيف بدر
حول مقال قديم للأستاذ لبيب السعيد:
كان الأستاذ لبيب السعيد قد نشر في الرسالة ع 10 يناير بحثاً عنوانه (من شؤون الموظفين في النظم الإسلامية) وهو بحث فيه كثير من الاستقصاء والاستقرار. وكما بلونا الأستاذ السعيد في بحوثه الإسلامية الخصبة رأيناه في كل موضع من هذا البحث نقل فيه أو اقتبس يشير إلى مراجعة في أوفى دقة. وهذا ما يتيح للدارس المآرب العلمية الدقيقة التي يعرفها من يعينهم التحقيق العلمي الصحيح.
وقد نشر الأستاذ محمد بك البنا في مجلة (لواء الإسلام) ع 16 يوليو 1950 مقالاً بعنوان (الموظفون في الإسلام) وهو مقال يتراءى فيه للقارئ بسهولة جهد الأستاذ لبيب السعيد ومنهجه وفي بعض المواضع صياغته.
نعم أن النصوص التي ردها البنا بك عن الأستاذ لبيب لا ملكية فيها ولكن تأليفها بنفسها على نحو مقارب جداً من تأليفها السابق وإيرادها عن نفس الذهنية واتحاد الكاتبين في جوهر الموضوع ومنحاه فضلاً عن الكثير من ظاهره كل أولئك يجعل للسابق فضلاً لا ينبغي أن يتره اللاحق.
ولئن كان للبنا بك تعقيبات على بعض الأصول التي نقلها عن مقال الرسالة فهي تعقيبات يلمح القارئ مثلها أيضاً في ذلك المقال. ولن يطامن من هذا المعنى أن البنا بك ترك قصداً الحديث عن موضوعات معينة تناولها بحث الأستاذ السعيد. . .
ولولا أن تضيق الرسالة عن نشر أغلب فقرات المقالين الطويلين لنشرنا ما يتوثق به القارئ من صحة ما أوضحنا والمقالان - على أية حال - بين يدي القارئ يرى فيهما رأيه.
ومادام البنا بك انكأ على بحث الأستاذ السعيد وقضى منه وطراً واستغنى به عن التنقيب في شتى المراجع فقد كنا نحب له أن يسمي صاحبه. وما في ذلك يأمر على البنا بك بل هو الإنصاف الذي هو أحق به وأهله.
وللكاتبين الفاضلين التحية والتقدير.
الإسكندرية
السعيد محمود الحداد
إلى معالي الدكتور (طه حسين بك)
لاشك في أن معالي (الوزير) حريص أشد الحرص على المساواة التامة بين كليتي دار العلوم واللغة العربية. لأن رسالة الكليتين واحدة وثقافتهما واحدة. ولما كان الوزير الأسبق قد أباح لطلبة (دار العلوم) جواز الالتحاق (بمعهد اللغات الشرقية) فينبغي أن تمنح كلية اللغة العربية هذا الحق. فيصرح لطلبتها بالالتحاق بهذا المعهد ما دامت ثقافة الطلبة في الكليتين متحدة في اللغات الشرقية. وفي ذلك تحقيق للمساواة المنشودة بين الكليتين. وليس ذلك بعزيز على معالي الدكتور الذي ننتظر منه أن يخطو خطوات حاسمة في سبيل توحيد الجهة التي تخرج مدرس اللغة العربية.
مدرس بالمدارس الأميرية