مجلة الرسالة/العدد 871/رسالة الشعر
مجلة الرسالة/العدد 871/رسالة الشعر
ضراعات!
للأستاذ إبراهيم محمد نجا
يا صبح تزهو بنور من محياها ... ويا نسيم الصبا تهفو برباها
كلاكما نال منها وهي هانئة ... ما يبتغيه، ولم أنعم بجدواها!
لم تعطني من نعيم الحب أيسره ... إن اليسير كثير من عطاياها
ما بالها منعتني ما أؤمله ... وما أؤمل شيئاً غير لقياها؟
وكيف ضنت على نفسي ببلسمها ... من دائها، وهي تدري سر بلواها؟
وكيف نادى بها قلبي لترحمه ... فما استجابت لقلبي حين ناداها؟
فقلت للقلب ينسى أنها ظلمت ... فما عصاني؛ لأن القلب يهواها
وكيف أرسل شكوى الروح في نغم ... يدمي القلوب ولا تصغي لشكواها؟
يا ليتها حين حينما ضنت على زمني ... بقربها، علمتني كيف أنساها!
وليتها تركت في القلب متسعاً ... لغيرها، عله يهوى فيسلاها
يا من أحن إليها وهي نائية ... ومن ترفرف روحي حول مغناها
يا من على الورد تقضي الليل نائمة ... ويسهر الليل فوق الشوك مضناها
ومن بعثت أغاريدي مولهة ... بحبها، فهداها الحب مسراها
ومن سكبت لها قلبي لتبصره ... دمعاً، فتعرف سر الدمع عيناها
ومن جعلت حياتي كلها نغماً ... من أجلها، فبكاني حين وافها
رحماك! ما أنا إلا نسمة خطرت ... على صباك، وحيته فحياها
رحماك! ما أنا إلا همسة عبرت ... إلى هواك، وناجته فناجاها
رحماك! ما أنا إلا حيرة نظرت ... إلى سناك، ونادته فغشاها
قضى الزمان على روحي بغربتها ... عن مهد حبي فأبكاني وأبكاها
هل تذكرين زماناً في الهوى ذهبت ... أيامه كالرؤى؟ آها لها آها!
إذ تبعثين بنجوى الروح باكية ... فيهجس القلب إذ يصغي لنجواها
وما التقينا سوى روحين رفرفتا ... على رسائل حب قد بعثناه تذكري كلمات في رسائلنا ... يمضي الزمان، ولا يمضي بمعناها
تذكري كم سهرنا الليل نكتبها ... ونسكب القلب دمعاً في ثناياها
حتى إذ انتهينا من قراءتها ... عدنا إليها كأنا ما قرأناها
تلك الرسائل ما زالت تؤرقني ... لأنها سر ليلات سهرناها
تلك الرسائل ما زالت تعذبني ... لأنها وحي أيام أضعناها
أضعتها، أنت! لكني وهبت لها ... قلبي ليحفظ في الأعماق ذكراها
أضعتها، فتركت الروح ضائعة ... تبكي، وقد فقدت في الحب مأواها
هلا تذكرت عهداً كنت أحسبه ... يبقى، فكان كأوهام بنيناها
أقسمت أنك لا تنسينني أبداً ... واليوم أسأل: من يا قلب أنساها؟
أواه منك ومن حب وهبت له ... أيام عمري، فأضناني وأضناها!
هواك يا جنتي نار مولهة ... تمشي على كبدي، أو في حناياها
هواك فاضت به نفسي فرحها ... والكأس تهتز إن فاضت حمياها
هواك يا أخت روحي حين أسعدها ... غنت، وناحت لديه حين أشقاها
وما على النفس من لوم إذا صرخت ... لما استقر بها سهم فأدماها!
هواك جمل أشعاري وحبها ... إلى قلوب ترى الأشعار دنياها
فكل قلب شقي الحب ناح بها ... وكل قلب سعيد الحب غناها
لولا الهوى ماتت الأشعار في خلدي ... ولم أكن لأذوق الحب لولاها
مهما صنعت فلن أنسى الهوى أبداً ... فالحب أمنية قلبي تمناها
إذا رعيت حياتي فهي يانعة ... على يديك، وعين الحب ترعاها
وإن أبيت، فآهاً كلما صرخت: ... ما كان اظلمها! ما اكن أقساها
إبراهيم محمد نجا