انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 869/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 869/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 27 - 02 - 1950



حولية الثقافة العربية

السنة الأولى (1948 - 1949)

أصدرت الإدارة الثقافية (حولية الثقافة العربية - السنة الأولى 48 - 1949)، وهي من وضع وتصنيف العلامة الأستاذ ساطع الحصري بك، مستشار الإدارة ولا شك في أن هذا العمل هو الأول من نوعه في مضمار الثقافة العربية المصرية ويعتبر بحق، كما قال الأستاذ المؤلف في مقدمته (افتتاحا لسلسلة الحوليات التي ستنشرها الإدارة الثقافية للجامعة العربية عن شئون الثقافة العربية كل عام). ويقع الكتاب في 623 صفحة من القطع المتوسط. وينقسم إلى قسمين - الأول في المعاهد التعليمية والثاني في المعاهد الثقافية الأخرى.

وقد بدأ القسم الأول باستعراض تاريخي للنظم والمناهج الثقافية في الأقطار العربية قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها، وهذا العرض التاريخي ذو أهمية بالغة في شرح التطور التاريخي للمناهج الدراسية في العالم العربي. وعقدت الحولية، بعد ذلك مقارنات عامة، تناولت مدة الدراسة الابتدائية والثانوية، وأقسام المدارس الثانوية وفروعها وساعات الدراسة الأسبوعية ومناهج الدراسة الابتدائية والثانوية، ومناهج معاهد التعليم العالي ومناهج إعداد المعلمين والمعلمات ولغة التعليم في مختلف المدارس والتعليم المختلط. والطلاب العرب في مختلف الأقطار العربية.

وتناولت الحولية في الفصول التالية شرح مختلف مظاهر الحياة الثقافية في كل دولة من الدول العربية التالية: المملكة الأردنية الهاشمية، الجمهورية السورية، المملكة العراقية، الجمهورية اللبنانية، المملكة المصرية، مبتدأً بخلاصة إحصائية عن السنة الدراسية 47 - 1948 لكل منها، وموردة نبذة تاريخية وإحصاءات التطور الثقافي ثم متحدثه عن الأحكام التشريعية والنظم الإدارية، ومحصية المعاهد التعليمية، من مدارس أولية وابتدائية وثانوية وخاصة وعالية وجامعية وشعبية الخ. . .

وأما عن القسم الثاني فقد تناولنا الحديث عن المؤسسات العلمية والثقافية، مثل الإدارة الثقافية لجامعة الدول العربية، والمجامع العربية في دمشق وبغداد والقاهرة، والمؤتمرات العربية ودور الكتب. وللحولية تذييل اشتملعلى إحصاءات التعليم عن السنة الدراسية 48 - 1949 في الأقطار العربية.

ولا مشاحة في أن هذه الحولية تعتبر مرجعاً عاماً للباحثين والدارسين والمهتمين بتطور الشئون الثقافية والعلمية في البلاد العربية. ولقد تولت الإدارة الثقافية أمر توزيع نسخ منها على وزارات المعارف والجامعات والمكتبات العامة ومكتبات المعاهد العليا والمدارس الثانوية في الأقطار العربية المختلفة، كما وزعت منها نسخا على الصحف العربية والهيئات الدبلوماسية والقنصلية العربية في مختلف الأقطار والمؤسسات الثقافية من نوادر وجمعيات في البلاد الغربية وخصوصاً الأمريكية.

وفضلا عن ذلك، فإن الإدارة الثقافية معتزمة عرض عدد من نسخ هذه لحولية للبيع لمن يشاء من المهتمين بشؤون الثقافة وطلاب المعرفة، كما أنها ترحب بمن يشاء من الباحثين الذين يرغبون في الاطلاع على النسخ المعروضة للزبائن بمعنى الإدارة.

رأي تونسي في المخرج السينمائي المصري

نشرت مجلة الأسبوع التونسية مقلا للأستاذ سلومة عبد الرزاق في الإخراج السينمائي في مصر قال فيه:

ليس سراً إذا صرحنا بأن المخرج هو (روح الفلم) فهو الذي يسبغ على العمل متانة البناء وهو في نظر أبناء المهنة (المكبس)

والآن أين فن الإخراج في مصر؟ وكيف تطور هذا الفن في مدة العشرين سنة الأخيرة؟ وهل يمكن أن نقارنه بفن الإخراج في البلاد الأخرى؟

فإذا تكلمنا مثلاً عن السينما الإنكليزية أو الفرنسية أو الإيطالية أو الروسية أو الأمريكية تكلمنا حتما عن المخرجين في هذه البلاد المختلفة وفن الإخراج هو المرآة التي تتراءى فيها عادات كل بلد ومقدار ثقافته يقدمها هؤلاء الفنيون الذين نسميهم المخرجين.

فعندما يخرج المخرج رينيه كلير في لندرة مثلاً فإننا نحس في عمله بالروح الفرنسية. وكذلك عندما يخرج رينهارت فيلماً في هوليود فالصبغة الألمانية هي التي تسيطر على عمله. وعندما يخرج أنشتاين فيلماً في أي بلد غير وطنه فإنتاجه يكون طبيعياً ملوناً بالطابع الروسي وهذا ما نسميه بالمدرسة.

فالإنسان قد ينتقل إلى أي جهة من بقاع الأرض ولكنه يحمل دائماً روح وعادات وطنه.

ويرجع تاريخ الإنتاج السينمائي في مصر إلى نحو عشرين سنة ولنا الآن بضع مئات من الأفلام من إنتاج المصريين فيمكننا تحليل هذا الإنتاج على ضوء هذه الأفلام وما هو المشترك الأعظم الذي يدلنا على وجود السينما المصرية. إننا نحس في الأفلام الأخرى بسهولة الروح الفرنسية أو العادات الإنكليزية والرقة الإيطالية أو الطبائع الروسية أو البذخ الأميركي أو الفطرة الهندية فماذا نشعر به بعدما نشاهد فلما مصريا؟

في الحقيقة لا القصة ولا المناظر ولا تعبيرات الممثلين توحي بوجود فن سينمائي مستقل في مصر فلماذا ذلك، لأن المخرجين في مصر وهم الذين يختارون موضوع الفلم يتخيرون دائما القصص من الأدب الأجنبي أو المسرح الفرنسي أو مختلف الأفلام السينمائية الناجحة.

ويظهر أن (الحياء) هو الذي يمنع مخرجي مصر من إظهار عادات وحوادث مصر والمسائل التي تشغل الحياة الاجتماعية وأن السينما المصرية لا تكسب شيئاً من تمصير قصص بعض الأفلام الأجنبية (عندما يسقط الجسد) و (غادة الكامليا) و (عودة الأسير) و (روميو وجولييت) و (البؤساء) وغيرها وغيرها.

هذا بالنسبة إلى القصص المقتبسة أو الممصرة، أما بالنسبة إلى فن الإخراج فإنه لاشك قد تطور في ظرف العشرين سنة الماضية ولكن من الصعب أن نجد فناناً يرضى عن هذا التطور لأن من النادر جداً وجود أي فلم مصري يمكن مقارنته بفيلم أجنبي ولا نكون مغالين إذا اتهمنا الأكثرية من مخرجي مصر بالتهاون والإهمال في تحضير إخراج أفلامهم.

توجد عند المصريين عادة سيئة تقضي بأن المخرج وهو الحاكم بأمره في الأستوديو يرتب المناظر الفنية بل ويغير في السيناريو في اللحظة الأخيرة، وقبل بدء التصوير بدقائق، صحيح أن بعض المناظر يمكن إعدادها إعداد تاماً قبل بدء تصوير الفيلم بمدة كافية. أن كلمة (التقطيع) لها معنى واحد في جميع استوديوهات العالم إلا عند المصريين وجميع المخرجين في الخارج عندهم طريقة تخالف طريقة المخرجين المصريين.

يجب أن نتعلم فن الإخراج دراسة يصحبها جهد وتعب ويجب أن نفهم أنه إذا كنا نريد أن يدرك العالم أن هناك سينما مصرية على الجميع دراسة فن الإخراج دراسة وافية وإعداد المخرجين إعداداً فنياً كاملا قبل أن يعهد إليهم بالإخراج!

سلومة عبد الرزاق