مجلة الرسالة/العدد 797/أوراق مطبوعة:
مجلة الرسالة/العدد 797/أوراق مطبوعة:
عندما يأتي الربيع!
للأستاذ إبراهيم محمد نجا
قلت لليأس الذي خيم في قلبي العليل
فكساه وحشة الليل، وأحزان الأصيل
أيها اليأس تمهل، يا ضباب المستحيل
وترفق بشبابي، وتأهب للرحيل
وكفى أزهار عمري ما عراها من ذبول
فتمطت ظلمة اليأس، وقالت في ذهول:
عندما يأتي الربيع!
قلت للأحزان. . . أحزاني! وقد جاء الصباح
وترامى الضوء نشوان على صدر الأقاح:
أنت يا أحزان في قلبي دماء وجراح!
أنت في عمري دموع وأنين ونواح
فمتى تمضين عن قلبي الحزين المستباح؟
فأجابت في سكون: سوف أمضي كالرياح
عندما يأتي الربيع!
قلت للآمال إذ لاحت بآفاق الخيال
كعذارى عاريات، أو كأطياف الجمال:
عانقي قلبي؛ فقد رانت على قلبي الظلال
عانقي روحي؛ فقد خيم في روحي الملال
فمضت ترقص من حولي: وقالت في دلال:
عندما يأتي الربيع!
قلت للأفراح، والأفراح أزهار الحياه
أنت في عمري تسابيح، وفي روحي صلاه وأنا عمري عباب قد تناءى شاطئاه
وأنا روحي شراع ضلل الموج خطاه
فتعالى إنما قلبي غريق في أساه
فأجابت وهي تنأى: سوف آتى في الغداه
عندما يأتي الربيع!
وتحدثت إلى نفسي، وقد جاء المساء
قلت: يا نفسي غداً تمضي كآبات الشتاء
وغداً يأتي الربيع السمح نشوان الضياء
ويرف الزهر في عمري، ويشدو بالغناء
فإذا صوت عميق شق أجواز الفضاء
لست أدرى كيف وافى، لا، ولا من أين جاء
قال: يا شاعر يا مستلهما روح الخفاء
يا صدى الآلام في الدنيا، ويا رجع الشقاء
إنما تحيى على الدنيا حياة الشهداء
لا تؤمل في سراب هو من وهم الظماء
كل ما قيل خداع، فاستمع صوت القضاء:
لن يغيب اليأس والحزن، ولن تلقي الرجاء
عندما يأتي الربيع!