مجلة الرسالة/العدد 777/من لندن:

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 777/من لندن:

ملاحظات: بتاريخ: 24 - 05 - 1948



معركة العروبة في فلسطين

أهدافها ووسائلها

للأستاذ إبراهيم زكي أباظه

قد لا يصل هذا العدد من الرسالة إلى أيدي القراء إلا بعد انتهاء الانتداب البريطاني المشئوم على فلسطين، ودخول الجيوش العربية إليها وسحق الأخطبوط الصهيوني الذي يبث الويل والدمار حيثما سار وحل. . . وفي حمأة هذه الحوادث وهذا الاختلاط في الوضع، تطيش رؤوس وتضيع حقائق هي أجدر ألا تغيب عن أنظار الباحث الحكيم والمخطط البعيد النظر. . . إذ بينما يسير انتباه العالم بكامله الآن نحو الطرفين الرئيسيين في القضية وهما العرب واليهود ليرى نتيجة صراعهما، نجد من النادر وجود امرئ يحدد مسئولية بريطانيا ويفيها حقها من اللوم على ما يجري في البلاد المقدسة من سفك دماء وتدمير. . .

إن كل عليم بتطورات القضية الفلسطينية ليدرك تمام الإدراك أن بريطانيا هي الجانية الأولى والأخيرة في كل ما وقع وسيقع؛ وإنه لمما يؤلم ضمير كل محب للعدالة، أن يجد في بريطانيا اليوم ممثلة لأعظم مهزلة، بل وإنه ليجد في سلوكها وتصرفاتها الحاضرة كل ما هو تدنيس للحقيقة وتدليس لحرمة التاريخ وقداسته ذلك أنها بعد أن خلقت المشاكل بمناصرتها للوطن القومي اليهودي وباستخدامها الحراب لحمايته ووضع أسسه، تجدها الآن وقد وقفت تندب حظها في أن العرب واليهود يصبون عليها اللوم والعقاب بلا مبرر على حد رأَيها، بل وإنك لتراها تتباكى بسبب ما نزل بأبنائها من قتل وشنق وهي في ذلك كله تتخذ موقف البريء المجني عليه، والنبيل العادل الذي افُترِى عليه. . . ولسان حالها يقول كالشيطان الذي قال بعد أن حبب الكفر إلى قلوب العباد. إني بريء مما تشركون. . إن العالم والتاريخ والعدالة لتخط اليوم لبريطانيا صفحة مذلة وعار وخزي بتمثيل هذا الدور الشائن والذي لم يقتصر على الادعاء بالبراءة بل تعداه إلى ترك بلاد مقدسة طوال الثلاثين عاماً الماضية تحت رحمة صهيونية آثمة، تتسلح علنا ولا من محتج، وتستعد للحرب والفتك بالأبرياء وليس من إدارة تحاسبها على ذلك في كثير أو قليل، وتعمد إلى إرهاب ينمو ويتسع وينتظم تحت سمعها وبصرها وليس من تحذير أو ردع، حتى بات العرب العزل يجابهون مجزرة بربرية في دير ياسين وغيرها لا تقل إجراماً وتعطشا للدماء عن مذبحة سانت باثلمبو أو مذابح سبتمبر. . . ومع ذلك لم تقدم انجلترا على عمل تتخذه لحماية الأرواح. . . هذه حقائق ما كان أجدر بنا أن نعلمها حق العلم ونحن نخوض هذه المعركة الحاسمة ضد عدو غادر أثيم كالصهيونية. . . بل وعند انسحاب البريطانيين انسحاب الجاني المتلبس بجريمته.

الصهيونية والشيوعية:

ليست علاقات الصهيونية بالشيوعية بالشيء الحديث، وليست بخافية على كل من له إلمام بسير التاريخ الحاضر، بل وليست من سوء الحظ بالشيء البسيط الوحيد الذي غفل عنه قادتنا ورجالاتنا. . . إذ من ينسى أن منشئ الشيوعية الأول هو ماركس اليهودي؟ وهل من الجائز أن تنسى البلشفية الحاضرة دينها له؟ هل تنسى اليهودية صلة النسب بهذا الرجل ومذهبه؟ وهل من الجائز أن ينسى ستالين وأعوانه ذلك وينسوا واجبهم في معاهدة التوسع الصهيوني؟ ثم من ينسى أن نظام الاستقرار والاستعمار الزراعي في فلسطين هو تطبيق نموذجي للأصول الشيوعية كما هي في روسيا قلبا وقالبا؟ ومن ينسى أن من بين المهاجرين اليهود الأولين لفلسطين، جماعات روسية ركزت نفسها في الزوايا والنقاط الحيوية في فلسطين حيث جعلت منها مراكز لخزن السلاح وتدريس أصول الإرهاب وبث التعاليم الفوضية؟ وعلى من يجهل ذلك أن يذهب إلى مستعمرات شمال شرق فلسطين ومرج ابن عامر ليجد ألوف النشرات المعنونة بـ (مبادئ القومية) و (وبدعة الديانة) التي جلبها معهم يهود شرق أوربا؟ وليجد هذه كلها مع الكميات الهائلة من الذخيرة والأسلحة. . . هذا منذ عام 1920 وكما يعترف به اليهود الروس آنئذ. . . ثم من يجهل أن يهود البلقان - تلك البلاد التي هي الموطن التقليدي للأرهاب المحترف في العصر الحاضر - يقيمون الآن في فلسطين في عدد هائل وكلهم متدرب فائق الخبرة بالفنون العسكرية التي اكتسبها أثناء الحرب الحاضرة في حركات المقاومة، وجميعهم يرحب بروسيا كحامية للبلقان، ويرحب بأن يكون لها العون والنصير لإيجاد قاعدة بل وقواعد نشاط في الشرق الأوسط بادئين بفلسطين؟ إن الشرق الأوسط كله الآن يعج بهذه القوى الخفية والوكلاء السريين، كما تعج بهم موانئ دول البلقان، وكلهم متلهف للعمل، تواق للفتك والمغامرة من أجل فلسطين والصهيونية، وروسيا راعيتها الأولى. . . فعلينا أن نذكر هذا ونفكر في عواقبه!!

مجموعة من الأخطار:

إن كل عليم بأصول الحضارة والتاريخ والعقلية اليهودية لابدّ أن يفطن إلى فكرة على جانب من الأهمية وهي (أن الروح التجارية صفة بارزة في الشخصية اليهودية أينما حلت ومهما بلغت من علم وثقافة، وهي المعيار الوحيد في نشاطهم الدنيوي والأخروي سواء أكان ذلك في شراء بيضة، أو إنجاز صفقة، أو أداء صلاة، أو الحصول على فلسطين) ولا يصد اليهودي عن نيل ما يبتغيه إلا أن يرى أن إهدار دمائه هو الثمن لما يرجو الحصول عليه؛ وعندئذ يردع خاسئاً مدحورا، ولكن ليعاود ذلك بوقاحة وتكرار، وبكل ما أوتيه من غدر واحتيال، لا يردعه عن ذلك رادع إنساني أو مثل أعلى. . . وكم يجدر بقادتنا أن يفهموا هذه الميزة البارزة في عقلية الصهاينة ونشاطهم في هذا الكون. . .

بالأمس طالبوا بوطن روحي في فلسطين، ثم ببضعة أفدنة يزرعونها، ثم ببيوت ومدن يبنونها، ثم بالحصون والقلاع يرفعون سمنها، ثم بالدولة يضعون أسسها. . ثم ماذا؟ مطالب أثر مطالب. إذا ما أفلحوا فيها - لا سمح الله - فسيطالبون باللقمة في فم العربي يسلبونها ومعها يسلبون دعامة الحياة والبقاء.

بالأمس عُلق البريطانيون على أعواد المشانق وبالأمس اغتيل قادتهم في القاهرة وروما وبريطانيا نفسها، بقنابل بريدية، ونسف البنايات ودك المعاقل. . . إلى آخر ما هنالك من وسائل لن تقف عند حد في وحشيتها كل ذلك لأن الصهيونية تخيلت أن هذا البريطاني أو ذلك كفر بمطالب الصهيونية، أو لأنه احتج على أمر نبا عنه ذوقه، أو لأنه أعرب عن رأي لم يوافق إنجيل الصهيونية ومطامحها الخطيرةـ فكان جزاؤه سفك الدم! ثم نما الخنجر الصهيوني فإذا به ذو حدين مرهفين، أخذ ثانيهما يفتك بالعدو الأصيل - العرب، فمن قرى تدمر، وأطفال ونساء حوامل تبقر بطونها، وتنهش لحومها، وذلك على مرأى من العالم المتمدين وعلى مرأى من الجيوش العربية. . .!! فأمام هذا البلاء وأما هذا الكابوس الذي فرضه الأرهاب الصهيوني على أعدائه السياسيين وعلى الرأي العام العالمي، من يجرؤ على القول أن المصير المشئوم الذي ناله الكثيرون، بعيد عن أن ينال ملوكنا في قصورهم، وقادتنا في بيوتهم، وأطفالنا في أحضان أمهاتهم، ومساجدنا وكنائسنا، وقبورنا وآثارنا، ومقدساتنا وحرماتنا!! ومن يضمن أن يترفع هذا الإرهاب الأثيم والغدر البربري عن تدمير كل ما شدناه من آثار وتاريخ وأمجاد وحضارة؟ إن سلامة الشرق الأوسط بأسره في كفه الميزان؛ فعلى الملوك والعواهل والوزراء أن يحزموا أمرهم ويجمعوا رأيهم لتقليم هذا الأخطبوط الصهيوني الخطر. . .! وإلا فليس من البعيد أن يقال في عهد الملك الفلاني، ضاعت فلسطين ثم بتفريطه في الدفاع عنها، حلت ببلاده هو النوائب والبلايا. . . وفي عهد القائد الفلاني فقدت فلسطين ومنها سارت جيوش الأعداء واحتلت بلاده. هذه أفكار ليس للتشاؤم دخل فيها، ولكن علينا أن نتأهب للأمر وألا نلدغ من جحر مرتين. . . لقد قللنا من خطر الصهيونية وخفي علينا ما في البلاد من أوكار ومكامن، ومن قوى وأخطار وجيوش انقلبت بين عشية وضحاها إلى قوى نظامية قادرة على صب الويلات، وإهراق الدماء بدون مقاومة تذكر.

منذ عشرين قرنا من الاضطهاد المزعوم الذي جلبه اليهود على أنفسهم، غليت قلوبهم بالحقد والضغينة على الإنسانية جمعاء، أخذ يتطور الآن بعد تكتلهم في فلسطين إلى حملة من الانتقام تهدف لتصفية الحساب مع كل فرد أو مجموعة سبق في زعمهم أن ساهموا في تعذيب اليهود واضطهادهم، وهذه ملفات الوكالة اليهودية حافلة بخطط الانتقام، ولم ينس الصهاينة حوادث العراق عام 1941، ولا حوادث الشعوب التي اعتدت أفرادها على أقلياتهم في بلادها، ومن بين هذه الشعوب الشعب البريطاني والشعب الألماني، ولكن في المقدمة سيأتي طبعاً كل ما يزعمونه ويختلقونه من اضطهاد حل بهم في البلاد العربية المجاورة، كما أن كل كلمة فاه بها أمير أو زعيم كلها مرقومة في سجلاتهم، وهم متعطشون لتسديد الحساب بلا رفق ولا هوادة، وكلما استقر بهم المقام في فلسطين وتمكن لهم الحال فيها تعاظمت الأخطار وهذبت الخطط لانتقام مروع دام يصبونه على العروبة ودولها.

أبرزت الحوادث العديدة في السنين العشر الماضية الصلة الوثيقة بين صهيوني فلسطين ويهود الأقطار العربية، والنشاط السري الواسع، والوكالات والمنظمات التي يدبرها هؤلاء الآخرون حتى ثبت الآن أن أفراد العصابات الإرهابية التي تفتك بالآمنين في فلسطين يتألف أغلبها من يهود عرب جُلبوا ودربوا تحت إشراف الخبراء اليهود الأوربيين، وبسبب معرفتهم العربية وملامحهم العربية سهل عليهم تنفيذ تلك المهمات الإجرامية التي عهدت إليهم. ولا يسعنا أن نغفل هنا ذكر سارة أرنسون وأفراد أسرتها التي اختصت بالتجسس في الشرق وبين القبائل في الصحراء السورية في الحرب العالمية الأولى. وأن لهذه الأسرة وكلاء لا يزالون يقومون بنفس المهمة، كما أن الخدمة السرية للوكالة اليهودية لها قلم خاص للاستخبارات في الشرق الأوسط العربي، وهو نشيط وله أساليب هدامة مريعة في تنفيذ خططه. وقد أثبت يهود اليمن وعدن ويهود حلب بصورة خاصة مهارة تذكر في هذا السبيل. . . إن يهود البلاد العربية جيوب غدر وأعوان هجوم، خطرها بالغ وسمها نقيع إذا ما اقترن غدرها بالتوجيه العصري والتنظيم الأخصائي تحت إرشاد الأخطبوط الصهيوني في فلسطين.

أما توزع اليهود في العالم فله ميزة بالغة استغلها اليهود كل الاستغلال وعصروا كل خبرات الأمم التي عاشوا بينها وجلبوها إلى فلسطين لا للاستقرار فحسب، بل للامتداد والتوسع. وإذا ما علمنا نتاج اليهود الاقتصادي وقوتهم المالية أدركنا الاحتمالات الأكيدة الناجمة عن ذلك فيما لو سمح لهم بالتركز في الأرض المقدسة، وليس إنشاء أسطول ضخم، وجيش عصري ومصرف دولي، وإذاعة قوية، وجامعات ومعاهد، وحصون وقلاع، وقواعد غزو، إلا نماذج من هذه التوسع العتيد الأكيد.

إن هذه مجموعة من الأخطار نقدمها هدية - قبل فوات الأوان - إلى أولئك الذين يتقلدون المناصب ويتحكمون في توجيه الرأي العام العربي، ويوجهون سياسته ويناصرون العروبة ويشدون أزرها، لا بدافع التشاؤم والوجل بل كصرخة يرسلها عالم متألم، يؤمن بأن الاعتراف بالحقيقة مهما كانت مُرة قاسية هي أولى الخطوات لتسديد الخطر، وحزم الأمر وخوض المعركة بصبر وبلاء يجدر بالصادقين الذين عاهدوا الله على النصر أو الفناء، دفاعاً عن العروبة وأمجادها وتراثها الغالي التليد.

مبررات دخول الجيوش العربية:

مضى على انفجار الغدر الصهيوني أكثر من شهرين، أريقت خلالها دماء، وأزهقت أرواح، واحتلت مدن، واقترفت جرائم هزت وعي الإنسانية، وروعت أحاسيس البشرية، وستبقى مذبحة دير ياسين الشاهد الدامي على جريمة فاقت بربرية النازيين، بل غطت على فظاعة القتل بالغاز والخنق وجرائم القرون الوسطى، وكل ذلك من جماعات متشردة أعدت ودربت للفتك وفرض دولة يهودية في الشرق، وليس لأحد منهم صلة أو حق بهذه الأرض العربية الصميمة. ومما لا شك فيه أن يهود العالم يمولون الاعتداء والجرائم الصهيونية في فلسطين، كما أن حركة التجنيد اليهودية على قدم وساق في كافة الأقطار وتحت أسماء مختلفة أغلبها تحت اسم (حركة الشباب العبري) ولهم معسكرات في كل مكان تعد الجند وتجمع القوى، كما صدرت نماذج التحاق بالجيش لكافة الشباب اليهودي العالمي للخدمة في ميادين فلسطين في الحال عندما يطلب إليهم ذلك، كما أخذ الكثير من هؤلاء يتسرب إلى فلسطين بكافة الطرق ومعهم تدريبهم العسكري الفائق، هذا وإن الأخصائيين الروسيين يقودون الآن الفرق اليهودية المرابطة في عشرات الموانيء في البلقان، وكلها عازمة على غزو عام مسلح للأراضي المقدسة.

وعلى العموم فكفة السلم في الشرق الأوسط الآن هي فريسة لتيارات عنيفة عسكرية وسياسية واقتصادية. وإذا ما علمنا أن دول الشرق فتية الاستقلال حديثة العهد، وجدنا لأنفسانا كل مبرر يمليه الحق والعدل والأمن والسلام. وكلها تفرض واجباً سريعاً حاسماً لدخول الجيوش العربية واجتثاث الصهيونية حتى لا تعود إلى شرورها وأخطارها الفادحة.

خطط وأهداف:

القضاء على الصهيونية كقوة عسكرية، وخنق انتشارها كعقيدة سياسية، وإدماج فلسطين كدولة عربية، كجزء في جامعتنا، وإيجاد إدارة مدنية شاملة لكافة الرعايا - هذه هي بالايجاز ما يجب أن تهدف له الجيوش العربية عند دخولها إلى فلسطين. . .

تقوم في تل أبيب الآن معاقل إرهاب ومستودعات أسلحة ومصانع تجعل من المدينة خطراً يهدد سلامة الشرق، وإذا رأى الإنجليز في تدمير برلين العمل الوحيد لصون السلم العالمي والقضاء على رأس الثعبان النازي، فدمار تل أبيب ونزعها، كنواة لدولة يهودية، من مخلية اليهود، علم ضروري لا مفر منه إذا أردنا ان نكون عمليين في أعمالنا وخططنا لحفظ السلم في الشرق. فهذا الوكر الذي يحتله ربع مليون إرهابي عنيد يجب أن يلقى نفس المصير الذي لقيته برلين وخاريحوف وهامبرج، ووجودها على قيد الحياة بكل ما يمكن فيها من أخطار سيكون برهانا - يوماً ما - على عقم تفكيرنا، وقصر نظرنا.

إن الصهيونية كالنازية في أهدافها ووسائلها؛ هي مذهب خالط الدم واللحم واختراقه إلى العظم في جسم كل يهودي، لذا أصبح من الواجب على القيادة العربية، إعداد منهج يحفظ لليهود حياتهم كأفراد خالين من شوائب الصهيونية، كمبدأ هدم وسيطرة، والاستعاضة عنها بثقافة سليمة أخوية تمكن لليهودي العيش بهدوء وأمن مع الجمهرة العربية في فلسطين. . . إن محق الصهيونية كمبدأ خفي هو إنقاذ لمستقبل الشرق. وكخطوة جوهرية في هذا، يجب على القيادة ألا تغفل عن فرض رقابة شريعة في الدقيقة التي تدخل جيوشها الأراضي المقدسة على الشواطئ وإيقاف الغزو الذي ستقوم به ألوف صهيونية عدة تنتظر الأوامر بالنزول إلى البر. . . إن كل صهيوني يقدم حديثاً إلى فلسطين، هو خبير عسكري مُنتدب لمهمة خاصة في الدولة الصهيونية المزعوم إنشاؤها. .

إن دخول الجيوش العربية حادث بالغ الأهمية في تاريخ العروبة؛ فهو أول عمل مشترك تقوم به الجامعة لحفظ حياتها، وسيشخص العالم بأبصاره ليرى كفاءتها وحنكتها في مراحل حياتها الأولى، وسيقبل حكمها وحلها لقضية فلسطين، حتى ولو فرض بالقوة كما يتطلب الموقف الآن، وسيكون حقيقة واقعة إذا ما اقترن ذلك بإيجاد إدارة مدنية ذات كفاءة وحنكة حتى ولو كانت عربية صميمة. إن الحنكة والشجاعة من القائد البارع تخضع لهما رقاب الأعداء ولو كان ظالماً. هذا درس تعلمته البشرية خلال تجارب عديدة برغم عدم اعترافها به. وإن كل هوادة، أو تراخ في هذه المرحلة الحاسمة معناها الانهزام أمام الإرهاب وانتحار الجامعة العربية، وتحطيم الأهداف والمبادئ والمطامح التي علقتها عليها ملايين الشباب في أطراف العالم العربي

هذا يوم تشخص فيه عيون الأيتام والأطفال والنساء، والمروعين حتى الطامحين إلى القتال، ولكن يعوزهم السلاح والدراية، بل وعيون العالم أجمع، لنرى جيوش العروبة تخوض معركة التحرير لإنقاذ فلسطين وإراحة العالم من قلق وخوف عجزت بريطانيا وهيئة الأمم المتحدة بسبب مطامحها وأنانيتها عن إيجاد الحل العادل لها.

إن هذا يوم له في تاريخ العروبة ما بعده، فاجعلوه مشهوداً أغر - وللعروبة نصر محتوم وظفر محقق.

(لندن) 1151948

إبراهيم زكي أباظه

المحامي