مجلة الرسالة/العدد 758/نقل الأديب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 758/نقل الأديب

ملاحظات: بتاريخ: 12 - 01 - 1948



للأستاذ محمد إسعاف النشاشيبي

957 - إنما سرقت مال ربي

في (رفع الإصر عن قضاة مصر) لابن حجر العسقلاني: حكي على بن سعيد في تاريخه أن رجلا سرق قنديلا من الجامع العتيق، فرفع للقاضي، فرفعه للحاكم، فقال له: ويلك! سرقت فضة الجامع؟

فقال: إنما سرقت ما ربي، وأنا فقير، ولي بنات جياع، والإنفاق عليهن أفضل من تعليق هذا في الجامع.

فدمعت عيناه، ورققه القاضي عليه، فأمره بإحضار بناته، فحضرن فأمر القاضي أن يجهزن بثلاثة آلاف دينار، ويزوجن وأعاد القنديل إلى الجامع.

958. . . فأمهلته إلى شوال

في (تتمة اليتيمة) لأبي منصور الثعالبي:

أنشدني الشيخ أبو بكر لأبي نصر كاتب أبن قحطان صاحب اليمن في محمد بن حوشب، ولم أسمع في معناه أظرف منه:

قيل لي: ما أفدت ممن إليه ... صرت تحدو قلائص الآمال؟

قلت: جئناه في شهور شراف ... وهو فيها بنسكه ذو اشتغال

والفتى لا يجود إلا على السكر ... فأمهلته إلى شوال

959 - الطبيعة إذا وجدت طريقا استغنت به عن طريق ثان

شرح النهج لابن أبي الحديد: أعلم أن الناس اختلفوا في ابتدأ خلق البشر كيف كان، فذهب أهل أملل من المسلمين واليهود والنصارى إلى أن مبدأ البشر هو أدم الأب الأول، وذهب طوائف من الناس إلى غير ذلك، أما الفلاسفة فزعموا أنه لا أول لنوع البشر ولا لغيرهم من الأنواع، وأما الهند فمن كان منهم على رأي الفلاسفة فقوله ما ذكرناه ومن لم يكن منهم على رأي الفلاسفة ويقول بحدوث الأجسام لا يثبت أدم، ويقول أن الله (تعالى) خلق الأفلاك وخلق فيها طباعا محركة لها بذاتها، فلما تحركت وحشوها أجسام لاستحالة الخلاء كانت تلك الأجسام على طبيعة واحدة، فاختلفت طبائعها بالحركة الفلكية، فكان القريب من الفلك المتحرك أسخن والطف، والبعيد أبرد واكشف. ثم اختلطت العناصر، وتكونت منها المركبات. ومما تكون منها نوع البشر كما يتكون الدود في الفاكهة واللحم، والبق في البطائح والمواضع العفنة، ثم تكون بعض البشر من بعض بالتوالد، وصار ذلك قانونا مستمرا، ونسى التخليق الأول الذي كان بالتولد. ومن الممكن أن يكون بعض البشر في بعض الأراضي القاصية مخلوقا بالتولد، وإنما أنقطع بالتوالد لأن الطبيعة إذا وجدت طريقا استغنت به عن طريق ثان.

960 - أبو العتاهية. . .

الأغاني: محمد بي أبي العتاهية: قال: لما قال أبي في عتبة:

كأن عُتابة من حسنها ... دمية قس فتنت قسها

يا رب، لو أنسيتنها بما ... في جنة الفردوس لم أنسها

شنع عليه منصور بن عمار بالزندقية وقال: يتهاون بالجنة، ويبتذل ذكرها في شعره بمثل هذا التهاون. وشنع عليه أيضا بقوله:

إن المليك رآكِ أحسن خلفه ورأى جمالك

فحذا بقدرة نفسه ... حور الجنان على مثالك

وقال أيضا: أيصور الحور على مثال امرأة آدمية! والله لا يحتاج إلى مثال، وأوقع له هذا على ألسنة العامة، فلقي منهم بلاء

961 - . . . . وإلا فالطفل مسلم

في (طبقات الشافية الكبرى) للسبكي: أبو عبيد بن حربونة كان يرى أن الطفل إذ أسلمت أمه دون أبيه لا يتبعها في الإسلام، وإنما يتبع الأب، وهو رأي شيخه أبي ثور، فأسلمت امرأة ذمية، ولها ولد طفل، ولم يسلم الأب، ومات، فدس على أبي عبيد من يساله، فتفطن إلى أنه أن فعل ذلك (أي أن حكم ببقاء كفر الطفل تبعا لأبيه) قامت عليه الغوغاء. ونصحه أبو بكر (الإمام الجليل أبن الحداد المصري) وقال له: لا تعمل بهذا وإياك والخروج فيه عن مذهب الشافعي، فانك أن فعلت ذلك وأنالك الأذى من الخاصة والعامة. وعلم أنه أن لم يفعل خرج عن معتقده. فلما جلس أبو عبيد في الجامع أجتمع الخلق بهذا السبب المبيت عليه بليل، وقام رجل على سبيل الاحتساب، وقال: أيد الله القاضي! هذه المرأة أسلمت ولها هذا الطفل، فيكون مسلما أو على دين أبيه؟ فقال: أين أبوه؟ - وقد كان علم أنه مات - فقالوا: مات، فقال: شاهدين يشهدان أنه مات نصرانيا وإلا فالطفل مسلم فكثر الدعاء له والضجيج من العامة، وستر علمه بفهمه. . . .

962 - من أحاديث الزهر

في (الفصول والغايات) لأبي العلاء:

قالت البهارة لصاحبتها: ودعيني، فالبارحة طللت ولم أنتعش، ما أقرب مني قدم واطئ أو كف جان!

قالت الوردة لأختها: ما أشوقني إلى الماء!

قالت: ورقك يهف، والنسيم راكد، ستروين ولو من أدمع كئيب. . .

963 - إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون

في (الموافقات) للشاطئ: حكى أبو عمر والداني في طبقات القراء له عن أبي الحسن بن المنتاب قال: كنت يوما عند القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن أسحاق، فقيل له: لم جاز التبديل على أهل التوراة، ولم يجز على أهل القران؟ فقال القاضي: قال الله (عز وجل) في أهل التوراة (بما أستحفظوا من كتاب الله) فوكل الحفظ إليهم، فجاز التبديل عليهم. وقال في القران: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فلم يجز التبديل عليهم. قال علي (أبو الحسن أبن المنتاب) فمضيت إلى أبي عبد الله المحاملي فذكرت له الحكاية، فقال: ما سمعت كلاما أحسن من هذا.

من أناشيد الحرية: