مجلة الرسالة/العدد 748/البريد الأدبي

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 748/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 748
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 03 - 11 - 1947



تقدير كريم لكتاب قيم

من التقاريظ التي تفضل بها بعض من رفع لهم محمود بك

نصير كتابه أبطال الفتح الإسلامي من العرب والتركز كتاب

ورد له من حضرة صاحب العزة الكاتب الفاضل والأديب

الممتاز والإداري المصلح حسين بك رأفت مدير الدقهلية.

حضرة صاحب العزة العالم المؤرخ محمد نصير بك السلام عليكم ورحمة الله.

وبعد - في هذه الساعات الحاسمة من تاريخ الشرق، التي تنبه فيها وعيه ودبت فيها روح اليقظة والنهوض، في هذه الساعات التي هب فيها العرب - موحدة أهدافهم، متضافرة جهودهم - للعمل على استخلاص حقوقهم واسترداد أمجادهم.

في هذه الساعات فقد بدا المسلمون يشعرون بأسباب ضعفهم ومدى تخلفهم عن ركب الحياة ويلتمسون السبيل إلى عزتهم وقوتهم.

في هذه الساعات الحاسمة الحالكة ظهر سفرك القيم - أبطال الفتح الإسلامي من العرب والترك - فأضاء المهجة وهدى النجدين قدمت فيه للناس مثلاً عليا يقتدى بها في الهمة والشجاعة والإقدام، ونماذج حية تحتذى في إنكار الذات والإيثار والثناء في العقيدة وإعلاء كلمة الله.

بينت لهم إن علة تأخرهم أنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم - كما أعلنت لهم أنكم (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) - (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز).

ورسمت لهم كيف أن الرعيل الأول من الخلفاء والقادة والفئة القليلة من الجنود المؤمنين تمكنوا من بسط راية الإسلام على إمبراطورية مترامية الأطراف في أقل من قرن من الزمان فبهروا العالم وأتوا بالعجب العجاب.

وإني لأرجو أن تكون هذه الأمثال التي ضربتها للناس نبراساً لهم في ليل الحوادث - وأن يجعلهم الله من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. إنه هو الهادي ومنه المنة.

وأخصك بشكر عاطر على تفضلك بإهدائي نسخة من هذا الكتاب النافع وأزجي لك تحية كريمة مقرونة ببالغ التقدير والاحترام.

حسين رأفت

مدير الدقهلية

الدكتور قاسم غني سفير إيران في مصر:

قدم القاهرة منذ أسبوعين الدكتور قاسم غني سفير الدولة الإيرانية، فرحب به كثير من الناس على أنه سفير دولة إسلامية كبيرة بيننا وبينها كثير من صلات الماضي والحاضر ولكن قليلاً من الناس في مصر يعرفون أن الدكتور قاسم طبيب له في الطب مؤلفات وأدب كبير له في اللغة الفارسية كتب تقر بفضله وتشهد بمكانته بين الأدباء في إيران وكل الدارسين للأدب الفارسي خاصة، والآداب الإسلامية عامة، في أقطار الشرق والغرب.

وقد سمعت بلقائه حين قدم القاهرة منذ سنين فعرفت من حديثه اطلاعه الواسع، وتعمقه في الأدب الفارسي وحبه للأدب العربي وإلمامه بتاريخه.

ثم جاءت كتبه تترى معرفة بفضله، شاهدة بعلمه فلقيت اهتماماً وإعجاباً من القائمين على درس الآداب الشرقية في جامعتنا.

وكان الدكتور قاسم حين لقيته مهتماً بأحكام الأواصر بين مصر وإيران، راغباً في تبادل الأساتذة بين المملكتين وزيادة التعارف بين المثقفين في القطرين.

على أن الدكتور الفاضل نشأ طبيباً وتولى تدريس الطب في إيران وله في تاريخ الطب كتاب قيم. ولكن الأدب غلب عليه فكثر بحثه فيه وتأليفه.

وفيما يلي كلمة موجزة في سيرته وتأليفاته:

ولد الدكتور قاسم غني من أسرة علوية شريفة في مدينة سبردار من أعمال خراسان، وسبردار هي مدينة بيهن القديمة المعروفة في تاريخ الحضارة الإسلامية.

ثم رحل إلى طهران للدرس، ثم سافر إلى بيروت حيث لبث سبع سنوات حتى أكمل دراسة الطب في الجامعة الأمريكية، ثم أمضى أربع سنوات في فرنسا للاستزادة من العلوم الطبية.

ولما رجع إلى بلاده مارس الطب في خراسان سنين، ثم دخل المجلس النيابي نائباً عن مدينة مشهد، وبقي نائباً مدة طويلة.

وكان حين إقامته بطهران يدرس العلوم الطبية بكلية الطب، كما كان يدرس علم النفس في مدرسة سيهالار التي تسمى (كلية العقول والنقول).

وانتخب للمجمع اللغوي الإيراني حينئذ

قد اشترك في الوزارة الإيرانية منذ خمس سنوات فكان وزيراً للصحة ثم للمعارف وعام 1945 أوفدنه الحكومة الإيرانية ليمثلها في مؤتمر سان فرانسيسكو في أمريكا فبقى عامين ونصف عام يمثل إيران في الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة وفي لجنة حقوق افنسان واللجنة الطبية.

ثم عين وهو في أمريكا سفيراً لإيران في مصر فرجع إلى إيران ثم قدم مصر منذ أسبوعين. وقد لقيته منذ قدم مرتين فسمعت في أحاديثه ما عرفت من قبل من علم وأدب، واهتمام بالتقريب بين الأمم الشرقية وإخلاص في العمل لإسعادها وإعلاء شأنها ومن مؤلفاته

1 - رسالة عن ابن سينا وفلسفته وطبه وعلمه وهي الرسالة التي قبل بها عضواً في المجمع اللغوي الإيراني.

2 - تاريخ علم الطب، وفيه بحث مسهب عن الطب الإسلامي.

3 - حقوق الطبيب وواجباته (الأخلاق والطب).

4 - محاضرات في علم النفس.

5 - ترجمة بعض مؤلفات أناطول فرنس.

6 - مقالات من أناطول فرنس والمقارنة بينه وبين بعض أدباء إيران القدماء.

7 - عصر حافظ الشيرازي - وهو بحث واسع في أحوال إيران في القرن الثامن الهجري، القرن الذي عاش فيه هذا الشاعر الفارس العظيم.

8 - تاريخ التصوف في الإسلام وهو الجزء الثاني من كتابه عن حافظ الشيرازي بين فيه تاريخ التصوف ومذاهب الصوفية المسلمين إلى عصر حافظ. وهو كتاب جليل في هذا الموضوع ينبغي أن يترجم إلى العربية.

9 - واشترك مع الأديب الكبير العلامة محمد بن عبد الوهاب القزويني في نشر ديوان حافظ بعد تصحيحه ومقارنة بين نسخه، وكتابة مقدمة للديوان مفصلة وافية.

10 - واشترك مع الدكتور على أكبر فياض في نشر التاريخ المسعودي لأبي الفضل البيهقي.

وقد حدثني السفير الجليل برغبته في أن يجد بين الحين والحين فراغاً للانتفاع بخزائن الكتب في القاهرة ومواصلة بحثه في هذه المدينة العظيمة.

وإنا لنرحب بالسفير العالم الأديب الدكتور قاسم كل الترحيب أملين أن يجد في القاهرة أهلاً بأهل وأخواناً بإخوان، وأن تتاح له الفرص للبحث في مكتبات القاهرة ومواصلة سيرته الجليلة في الدرس والتأليف.

عبد الوهاب عزام

الكلمة الأخيرة:

كتب سكرتير الأزهر إلى عميد كلية الآداب الدكتور عزام يسأله عن حقيقة ما قيل عن رسالة (القصص الفني في القرآن) فأجاب العميد بكتاب نشر في الصحف، وأذيع في الناس، قال فيه: (وحقيقة الأمر أن طالباً قدم رسالة عن القصص في القراَن لينال بها درجة دكتور فردتها لجنة الفحص، فهي رسالة بين طالب وأستاذته عرض عليهم رأيه فعرفوه خطأه، كما يسأل التلميذ لأستاذه أو يعرض عليهم ما بدا له في مسألة مسترشداً. . .

(إلى أن قال) وكاتب الرسالة فيما أعرف عنه وكما يبدو من كتابته شاب مسلم قصد أن يدفع عن القراَن بعض شبه الملاحدة أو رجال الأديان الأخرى فجار به رأيه عن القصد وحاد به اجتهاده عن سواء السبيل.

(إلى أن قال) وأرى أن الأمر لا يعدو أن يكون غلطة تلميذ اجتهد وأحسن النية فرد عليه رأيه ولم يؤذن له أن ينشر هذا الرأي أو يتقدم بهذا الكتاب إلى الامتحان).

(قلت) جزى الله صديقنا الجليل الدكتور عزام خيراً، فقد هون الخطب علينا حين عرفنا أن صاحب الرسالة ليس إلا تلميذاً مخطئاً، وكنا قد سمعنا من قبل أنه مدرس في الكلية، فكبر علينا أن يكون في الجامعة التي نرسل إليها أبنائنا، يقطعون البر والبحر ليردوا معين علمها، مدرس غاية جهده مثل هذه الرسالة التي أمتزج فيها الدين المتين. . . بالمنطق السديد. . . بالعلم الفياض. . . بالبيان العذب. . . حتى كانت معجزة العصر، ونادرة الدهر!

ولكني أريد أن أسأل الدكتور عن قوله (وكاتب الرسالة فيما أعرف عنه، وكما يبدو من كتابته شاب مسلم) - هل قرأ كتابته في رسالته فرآه يبدو منها شاباً مسلماً؟ أما أنا فقد قرأت الرسالة، (وصلت إلي كما وصل إلي تقرير الأستاذ أحمد أمين الذي نشرته في الرسالة) ونقلت منها صفحات بحروفها.

وأنا أؤكد القول أن ما نقلته منها، لو قاله معتقداً به أبو بكر وعمر، لكفر به أبو بكر وعمر، وصار به أبا جهل وأبا لهب، وأنا قاض شرعي أدري إذا تكلمت عن الكفر والإيمان ماذا أقول، وأثبته بالدلائل وأؤيده بالنصوص وأناظر فيه من شاء من أهل العلم أن يناظرني؛ لست كالأستاذ توفيق الحكيم الذي لمس الجبة فجأة ولاث العمة، وتصدر للفتوى في. . . (أخبار اليوم! (

وعلى ذكر مقالة الأستاذ توفيق الحكيم هذه، أقول أني سألت الشيخين الجليلين عبد المجيد سليم ومحمود شلتوت عن صحة ما نسب إليهما في (أخبار اليوم) عن تبرئة الرسالة وصاحبها من الكفر، فقال لي الأستاذ الأكبر الشيخ عبد المجيد سليم حفظه الله (إنه ما اطلع على الرسالة، وإنما قرأ تقرير الأستاذ احمد أمين عنها، ولاشك عنده أن الأقوال التي عزها في التقرير إلى الرسالة كفر وأن معتقدها كافر) وأذن لي أن أنشر ذلك على لسانه.

وقال لي الأستاذ الشيخ محمود شلتوت أنه إنما سأل عن المكفرات ما هي فقال فيها ما قاله الفقهاء ولم يفت في الرسالة بشيء، ثم قرأت له بياناً في الصحف هذا معناه.

فما دام صاحب الرسالة ليس إلا تلميذاً مخطئاً لا مدرساً ولا معيداً، وما دامت الرسالة قد ردت وأسقطت، وعلماء الزهر وأساتذة الجامعة قد اتفقوا على القول بمخالفتها للإسلام، وإدارة الكلية منعت (كما قال العميد) نشرها، فلا داعي عندي لإعادة القول فيها، وتسخير صحف المجلات، وأقلام الكاتبين، وأذهان القارئين، لإجابة شهوة الشهرة، وحب الظهور، في نفس هذا التلميذ المخطئ.

ورأيي أن خبر دواء له الإعراض عن ذكره! علي الطنطاوي

إلى الأستاذ السهمي:

قرأت في العدد (745) من الرسالة الغراء تحت عنوان (فعلاء) كلمة للأستاذ الجليل (السهمي) عن جميع صيغتي (أفعل وفعلاء) على (فعل) مثل أحمر وحمر وحمراء وحمر، ونقل ذلك عن (عمرو) في (البحر) وكتب الأستاذ السهمي في الحاشية تعليقاً وتكميلاً للعبارة المنقولة ما لفظه: (وقال وأما الأصغر والأكبر فإنه يكسر على أفاعل، ألا ترى أنك لا تصف به كما تصف بأحمر نحوه. . . فلما لم يتمكن هذا في الصفة كتمكن أحمر أجرى مجرى أجدل وأنكل كما قالوا: الأباطح والأساود حيث استعمل استعمال الأسماء).

ومعنى ذلك أن (الأكبر والأصغر) إنما لم يجمعا تكسيراً على فعل كما يجمع (الأحمر) لأنهما لم يتمكنا في معنى الصفة بل يستعملان استعمال الأسماء فلذا جمعا على أفاعل فقيل فيهما أكابر وأصاغر كما يقال أباطح في جمع أبطح.

والذي أراه أن الأكبر والأصغر ليسا من الموضوع المبحوث فيه لأن الموضوع هو جمع أفعل الذي مؤثثه فعلاه فهو الذي يجمع على (فعل) كأحمر وحمر، فأما الأكبر والأصغر فهما في الأصل من قبيل أفعل التفضيل، وأنثاه فعلى على وزن (حبلى) فقياس جمعه في الأصل أفاعل نحو أكابر واصاغر وأفاضل وأكارم وأماجد وأعاظم في جمع أكبر وأصغر وأفضل وأكرم وأمجد وأعظم، وليس جمعه كذلك من قبيل الخروج على قاعدة (أحمر وحمر) لسبب استعماله استعمال الأسماء.

فما رأى الأستاذ السهمي في ذلك؟

مصطفى أحمد الزرقا

لفظة لازاربت:

قال الأستاذ الجاحظ في العدد الماضي من الرسالة إن بعض الغربيين زعم إن كلمة لازريت الفرنسية. (ومعناها المعتزل أو المحجر الصحي) مشتقة من كلمة (الأزهر) (لأن الأزهر في مصر ملجأ للعميان والشيوخ والمتقاعدين)

وبعدما أنحى الجاحظ باللائمة على أولئك المتعجلين من االباحثين لتورطهم في أخطاء الاشتقاق، وقال إن الأصل اللاتيني لكلمة لازاريت معناه المجذوم وأن الصلة بين الحجر الصحي والمجذوم اقري وأكثر جلاء منها بين لفظتي الأزهر ولازاريت

ويخيل غلي أن الاشتقاق - إذا كان هناك اشتقاق - مستمد من اسم (لعازر) وهو رجل فقير أخذت جميع الأمراض بتلابيبه - ومنها الجذام - وكان طريح الأرض عند باب ثري يريد أن يشبع بطنه الفتات الساقط من مائدة ذاك السري. وقد روى قصة هذا الفقير السيد المسيح كما جاء في إنجيل لوقا إصحاح 16 عدد 19 - وقال إن كلا من الفقير والغني مات فكان جزاء الأول أن ينعم في حضن إبراهيم وكان جزاء الثاني هاوية العذاب يشتهي حتى أن يبل لعازر طرف إصبعه بماء ويبرد به لسانه.

وأحسب أن هذه القصة بسبب كثرة تداولها وشيوعها بجميع اللغات ولا سيما اللاتينية واشتقاقاتها، كانت السبب الأول في أن يقترن اسم لعازار بالبلايا والأمراض والفقر وتلك هي عين المعاني التي ترمز إليها ترمز كلمة الفرنسية ومنها اشتقت كلمة لازاريت

هذا في ظني مصدر الاشتقاق، وإذا كان عند المليمين شيء فليطلعونا عليه للنفع العام.

وديع فلسطين

المحرر بالمقطم - القاهرة