انتقل إلى المحتوى

مجلة الرسالة/العدد 737/خواطر مسجوعة:

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 737/خواطر مسجوعة:

ملاحظات: بتاريخ: 18 - 08 - 1947



الحب. . .

(إلى من آمن بالحب، ومن كفر به)

الحب كما عرفت، فإن لم تكن على حقيقته وقفت، فقد استرحت وأمنت، وخير لك أن تظل كما أنت. فإن قالوا لك إنه رتبة سامية، وحياة ثانية، فقل لهم إنه عنيف جبار، وشواظ من نار. وإن قالوا إنه أوحى وألهم، وعلم الإنسان ما لم يعلم، فقل إنه قرين القلق، وخدين الأرق، بل الشغل الشاغل، والداء القاتل!

فمن عرف الحب طاهراً قاهراً، بات حائراً ساهراً، يناجي من حبيبه روحاً دانياً، وشبحاً نائياً، قانعاً من الحب بروحه لا بذاته، ومن الحب بنيرانه لا بجناته، وربما زعم أن هذا لا يكفيه، فاستزاد به على ما هو فيه، فقال يا من خلقت قلبي رقيقاً، وأصليته حريقاً، أردتني صباً، فزدني حباً، وهبني جنوناً هو عندي الهدى، وفي غيره يضيع العمر سدى. . .

هكذا ترى الولهان متفلسفاً في خباطه، أو مسرفاً في اغتباطه، فإن خير بين سهاد الشجي، ورقاد الخلي، آثر الأول، كارهاً أن يتحول. ولو وهب أيامه للصبر، وصحب أوهامه إلى القبر، فإن ذهبت مذهبه، وأعجبك ما أعجبه، وآمنت بأن حياة الحب فناء في رضاه، فانشد إن شئت في ذلك الموت تلك الحياة. وإن شئت فاهزأ بالحب والمحبين، ودعهم في نارهم معذبين، وحسبك دنيا محدودة الأبعاد، تمرح فيها فارغ الفؤاد، ضاحكاً بملء شدقيك لا لك ولا عليك!

ولست بشارح لك حقيقة الحب، فالحب يعرفه من أحب. وإن قدر لك الحب ووقعت، عرفت ما من شرحه امتنعت!

حامد بد