مجلة الرسالة/العدد 717/الكتب

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة

مجلة الرسالة/العدد 717/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 31 - 03 - 1947



المشكلة الألمانية

(دراسة سياسية اقتصادية اجتماعية)

تأليف الأستاذ سامي عازر جبران المحامي

للأستاذ عبد الرحمن الرافعي بك

الأستاذ سامي عازر جبران محام شاب نابه لم يقصر نشاطه على المحاماة؛ بل له في الصحف والمجلات - وفي المجتمعات أحياناً - بحوث في المسائل السياسية والاجتماعية لها طابع خاص من الدرس والتمحيص. ولعله اقتبس هذه الميزة عن والده المحامي الكبير الأستاذ عازر جبران، فقد كانت أحاديثه ومناقشاته في مجلس الشيوخ متسمة باتساع في الأفق وإحاطة بدقائق الموضوعات التي يطرقها. ولقد زاملته وزاملني في هذا المجلس وقتاً ما. ووددت لو استمرت هذه الزمالة. ولكن الحكومة لم تجدد تعيينه بعد انتهاء مدة عضويته. وهو ثالث ثلاثة كان عدم تجديد تعيينهم حجة لي على الذين يرمون هذا الشعب بأنه لا يحسن اختيار الأكفاء لتمثيله في انتخابات حرة. وقلت لهؤلاء اللائمين أن يخففوا من غلوائهم في تجريح الشعب. وضبت لهم الأمثلة على اختيار الحكومة أمعن في الخطأ وعدم تقدير الكفايات من اختيار الشعب إذا تركت له حريته في الانتخاب. منهم الأستاذ عازر جبران وسلم اللائمون بأن حجتي مقبولة بالنسبة لهؤلاء الثلاثة.

(المشكلة الألمانية) دراسة منسقة مستفيضة للأستاذ سامي أخرجها في كتاب متوسط الحجم. عالج فيه مسألة من أهم المسائل العالمية التي تشغل أفكار الناس كافة. وهي الطريقة التي يحسن أن تعامل بها ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب الأخيرة. وقد طرق المؤلف هذا الموضوع من شتى نواحيه. وعرضه على القارئ عرضاً شائقاً، وقرن كل دراسة لفصوله بالرأي الذي يرتئيه. ويبدو لن يقرأ الكتاب أن مؤلفه درس المسائل التي عرض لها دراسة مستفيضة. وأحاط بالبحوث التي أخرجها علماء السياسة وأقطابها. فجاء كتابه ثمرة طيبة لدراسات وتأملات عميقة. وفي الحق أن القارئ لهذه الدراسات يسره أن يرى فيها وفي مثلها صورة من جهود الشباب في نشر الثقافة السياسية والاجتماعية بطريقة علمية تأليفية.

ولا يرى الأستاذ سامي أخذ ألمانيا بالشدة المتناهية في الانتقام وساق على ذلك أدلة مقنعة، أهمها إن المعاملة الصارمة التي عوملت بها عقب الحرب العالمية الأولى كانت من العناصر التي ولدت الحرب العالمية الثانية. وإن مسؤولية الحربين لا يمكن أن تحصر في سياسة ألمانيا وحدها. وإن نظرية تفرد شعب بالذات بصفة الاعتداء والوحشية نظرية تعسفية؛ لأن أصل شعوب الأرض واحد أياً كان ذلك الأصل. ولأن النازية (الوطنية الاشتراكية) هي سمة ألمانية الفاشية، والفاشية لا هي بالألمانية ولا هي بالإيطالية ولا هي باليابانية؛ وكلنها ظاهرة دولية انتشرت في مختلف بقاع العالم.

وساق الأستاذ سامي الأدلة على إن الشعب الألماني شعب مسالم بطبعه. لم يكن راغباً في الحرب بل كان يميل عنها وينفر منها. ولكن النازية هي التي دفعته إلى الحرب. فمن الإنصاف أن لا يؤخذ الشعب بجريرة النازية. وإن مهمة الديمقراطية المنتصرة ليست في تحطيم الشعب الألماني بل في تحطيم النازية وحدها. أما إذا هي عملت على تحطيم الشعب الألماني فإن هذا سيثير في نفسه روح البغض والكراهية مما يمهد في المستقبل إلى حرب عالمية أخرى. وإن الاحتلال العسكري الطويل في ألمانيا يعطل الثورة الاجتماعية المرتقبة فيها والتي تميل بها إلى الديمقراطية.

ومن آرائه الموافقة قوله إنه لا يمكن أن نتصور أن أية محكمة دولية أو أية حكومة أوربية يصح أن تكون أكثر من ستار شفاف لديكتاتورية يفرضونها على العالم، وإن التاريخ يعلمنا إنه من النادر أن استعمل القوي قوته استعمالاه محايداً للصالح العام، وأن الحل الوحيد الحاسم يتلخص في تحويل ملكية القوات الحربية من ملكية الدول منفردة إلى ملكية دولية عامة. لأنه طالما أن كل دولة تملك قواتها الحربية وأسلحتها فسيظل (توازن القوى) هو الشغل الشاغل للسياسة الدولية.

وقارن الأستاذ سامي بين موقف المنتصرين في أعقاب الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية، وموقفهم في مؤتمر فينا سنة 1814 - 1815 عقب سقوط نابليون وانتصار الحلفاء على فرنسا وقتئذ، وكيف عولمت فرنسا معاملة معتدلة فقبلت شروط الصلح ونفذتها راضية دون أن تفكر في الانقضاض عليها، فلم تنشب في أوربا حرب عالمية كبرى زهاء مائة عام. على عكس ما وقع في مؤتمر فرساي سنة 1919 فإن شروط المنتصرين القاسية مع ألمانيا جعلت الحرب العالمية الثانية تقوم قبل انقضاء ربع قرن على الحرب العالمية الأولى.

وبعد فإني أهنئ الأستاذ سامي عازر جبران بهذا الكتاب القيم. وبهذا الجهد الموقف في البحث والتفكير، والعرض والتحليل وحسن الأداء. وأرجو له المزيد في الإنتاج والتأليف.

عبد الرحمن الرافعي

معجم أدباء الأطباء

تأليف الأستاذ الباحث محمد الخليلي

موضوع هذا الكتاب يقتصر على طائفة خاصة من الأعلام هم أدباء الأطباء، والعلاقة بين الأدب والطب علاقة وثيقة، وكثيرون هم الذي نبغوا في الناحيتين وبرزوا في الصناعتين، وقد كان العرب يعتبرون الطب أحد فروع الأدب، وكانت الموسيقى وكل وسائل الطرب مما يستخدمه الأطباء في مهنتهم، ونظراً لأن آثار هؤلاء الأطباء الأدباء قد تبعثرت في بطون الكتب القديمة عني الأستاذ محمد الخليلي من علماء النجف الأشرف يجمع تراجمهم وآثارهم في مجمع شامل أخرج الجزء الأول منه، وهو الذي نقدمه اليوم إلى القراء.

وقد ترجم الباحث الفاضل في مجمعه هذا لسائر الأطباء الذين عرفوا بالأدب وكان لهم فيه أثر من شعر أو نثر، سواء في ذلك الذي نبغوا بالمشرق أو بالأندلس أو بشتى الأمصار والأقطار العربية وسواء في ذلك الذين ظهروا في الجاهلية أو في صدر الإسلام أو في العصر الحديث، فأنت تقرأ في هذا الجزء من المعجم مثلاً ترجمة أبن حذيم التيمي الطبيب العربي الجاهلي إلى جانب تراجم الدكاترة إبراهيم ناجي وأحمد زكي أبو شادي وشبلي شميل من أبناء هذا العصر.

والمؤلف يوجز في بعض التراجم ويفيض في بعضها، وذلك على حسب ما يقع له من المصادر، وهو يعني بإسناد كل رواية إلى صاحبها وكل ترجمة إلى مصادرها، وذلك مظهر من مظاهر الأمانة العلمية، وقد أورد التراجم على نسق الحروف الأبجدية، وقسم معجمه إلى جزئين، انتهى في الجزء الأول الذي بين أيدينا إلى حرف العين، على أن يستوفي البقية في الجزء الثاني، ونحن إذ نشكر للمؤلف النجفي الفاضل عمله الجليل، ونظري فكرته وجهد في إخراج هذا المعجم المفيد نرجو أن يوفق لإصدار الجزء الثاني في القريب.

بين العلم والأدب

تأليف الأستاذ قدري حافظ طوفان

إذا تناول القارئ هذا الكتاب وهو من تأليف الأستاذ الباحث قدري حافظ طوفان من أبناء فلسطين النابغين وجده حجة لأبناء الشرق العربي فيما كان لهم من مجد سالف وفيما أسدوا إلى المدنية والمعرفة من فضل سابغ، فإن القسم الكبير من هذا الكتاب إنما هو في بحث التراث العربي والمآثر العربية في العلم والمعرفة وإطلاع أبناء العروبة على ما خلف آباؤهم من آثار نافعة يجب أن تكون ضمن أسلحتهم في تحقيق رسالتهم القومية التي ينشدونها في هذه الأيام.

ففي هذا الكتاب أحاديث ومقالات عن التراث العربي والحاجة إلى إحيائه، والأدب والرياضات، والملاحة عند العرب، وأبن ماجد أسد البحر الهائج، وبيت الأميرة والممهدون للاكتشاف والاختراع، وإلى جانب هذا مقالات عن نيوتن والجمعيات العلمية في إنجلترا، وحول القنبلة الذرية إلى غير ذلك من المقالات والفصول المختلفة التي تتقارب في الموضوع والغرض. وسيق للأستاذ المؤلف أن نشر هذه المقالات وأذاع بعضها في أحاديث الإذاعة ولكنه أحسن إذ جمعها في سفر لتكون مرجعاً يسهل تناوله.

والواقع إننا في نهضتنا قد عنينا بالدراسات الأدبية عناية واسعة، ولكن عنايتنا بتراثنا العلمي وبالثقافة العلمية لا تزال ضئيلة فاتجاه الأستاذ قدري إلى هذه الناحية اتجاه محمود نرجو أن يتسع أثره ويعم نفعه.

محمد فهمي عبد اللطيف